أخيرا نجحت الثورة، واجتاز الشعب مرحلة عصيبة فى تاريخه ونضاله الطويل بعد معاناة مع الأمية والهوس الدينى، وأخيرا نجح أول رئيس علمانى فى البلاد منتخب شرعيا، جاءت به صناديق الاقتراع بفارق قليل عن منافسه «ممثل التيار الدينى» بنسبة 51% . الرئيس ترك كل شىء فى البلاد على حاله المعتاد : «مشكلة الخبز، الكهرباء، المياه، البطالة، العشوائيات، الطائفية»، والتفت لشىء واحد فقط هو إلغاء مظاهر التدين، ومع اقتراب عيد الأضحى المبارك انتهز الرئيس وجماعته العلمانية سيطرتهم على كل مؤسسات الدولة: الجيش والقضاء والشرطة، والدستور، وألغى عيد الأضحى المبارك».
ما هذه المأساة! العيد يتم إلغاؤه بقرار رئاسى ! وأطفالنا بماذا سنبهجهم، وقد ثقبوا كل البلونات فى الأسواق، أتذكر كلما نفختُ فى بلونة لإسعاد طفلى (الماسونى الصغير) اتقطع نفسى من النفخ على الفاضى، وجزارونا لماذا سنّوا سواطيرهم، وخرفاننا لماذا كنا نعلفهم إذن بأجود أنواع الخبز المدعم (خمس قروش) والبرسيم الخالى من الكيماوى والكوليسترول! أمن كثرة أعلافنا وغلاتنا، أم من محبتنا لحقوق الحيوان ورفاهيته والرفق به بعدما تجاوزنا مرحلة حقوق الإنسان.
نعم إنها المأساة لا عيد لا بهجة لا بالونات (لأن مخابرات الرئيس العلمانى ثقبت كل البالونات للتنكيد على الشعب المؤمن) ولا بمب ولا ديناميت فى القفا، لكن هذا الشعب بعدما تجاوز محنته وأسقط ديكتاتورية مبارك قادر الآن على استعادة كل حقوقه كاملة: الديمقراطية وسيادة القانون واستعادة الخروف.
الدعوات فى كل مكان لإسقاط هذه المهزلة التى جاءت بها العلمانية «إلغاء العيد»، صحف المعارضة، منشورات توزع على المقاهى، الفيس بوك تضامن مع الشعب المصرى وتحول لونه إلى الأخضر البرسيمى بدلا من الأزرق المعتاد، و على الفور استجاب الشعب لدعوة الثوار.
الميادين امتلأت عن آخرها وأعداد المتظاهرين فى تزايد مستمر، لكن سيارات الأمن الماسونى ( الأمن المركزى سابقا) الذراع اليمنى للرئيس العلمانى تطوق الميدان، و تغلق كل الطرق المؤدية له فى محاولة فاشلة منها للحد من أعداد المتظاهرين المطالبين بعودة عيد الأضحى والتضييق على الرئيس العلمانى فى أول قرارته.
مستشار الرئيس على التليفزيون الحكومى يعلنها : « نعم لقد ألغينا العيد لأننا شعب يحب العمل ولا حاجة لنا لإجازة خمسة أيام تعطل عجلة الإنتاج، نعم ألغينا ذبح الخروف احتراما لحقوق الحيوان، نعم ثقبنا كل البالونات التى فى الأسواق خوفا على أنفاسكم، فبدلا من أن يخرج زفيركم فى بالونة عليه أن يخرج فى طاقة للرياح تدير طواحين الهواء التى أنشأناها خصيصًا كطاقة نظيفة لزيادة الكهرباء، انفخوا فى طواحين الهواء لتأتيكم طاقة كهربائية إضافية و نظيفة، وانفخوا، الطواحين خير من البلالين أحيانا.
لم تفلح مداخلة كبير مستشاري الرئيس العلمانى فى إخماد الثورة، والمتظاهرون يرتدون «فروة خروف» بعدما وقعت اشتباكات عنيفة بينهم وبين الأمن الماسونى واستطاع المتظاهرون إبعاد الأمن عن محيط الميدان والشوارع المؤدية إليه باستخدام بومب العيد و ديناميته الصينى بدلا من قنابل المولوتوف، الميدان امتلأ بملايين الثوار رجالا نساء أطفالا وشيوخا كلهم يطالبون بعودة العيد والهتاف يجلجل المكان : « ارحل ارحل يا ماسونى، الشعب يريد نفخ البلالين، الشعب يريد عودة الخروف»