بعض البشر لا يجدون راحتهم من بنى الإنسان.. بحثوا عن الوفاء عند أصدقائهم فلم يجدوا غير الغدر .. عادة ما يبتعد هؤلاء عن الصحبة البشرية وينزوون فى قرى بعيدة أو وسط أشجار الغابات أو أعلى قمم الجبال. من هؤلاء المواطن الجزائرى «محمد العتوسى» الذى اعتزل البشر منذ عشرين عاما وسكن أعلى أحد الجبال الشامخة وهو جبل «سيدى أرغيس» بولاية أم البواقى التى تبعد عن البحر الأبيض المتوسط ب500 كم شمال الجزائر العاصمة. العتوسى استطاع ترويض خوفه ويعيش من أجل رعاية الضوارى التى تحيا هناك، مثل الذئاب والثعالب البرية والخنازير، ويتميز بأنه الوحيد دون جميع سكان أم البواقى الذى يستطيع التعامل مع هذه الضوارى. العتوسى يتحدث العربية والأمازيغية، ويقول إن العادات والتقاليد الأمازيغية تشبه عادات الصعايدة فى مصر، وأوضح: منذ صغرى كنت أذهب فى تلك الرحلات اليومية لأشاهد الحيوانات البرية التى كانت تهرب عندما تشاهد الإنسان، فبدأت أصعد الجبل ومعى بعض الأطعمة المناسبة لكى أكسب صداقتها، من هنا اقتربت من الحيوانات التى اعتادت ثلاث مرات فى اليوم أن أطعمها فيها وأرحل، لكن مع مرور الوقت وتطور العلاقة أصبحت أطلق صافرة معينة بفمى كى يحضر جميع الذئاب لتناول الطعام. أخبرنا العتوسى أنه ليس الوحيد الذى يعطف على الحيوانات، وقال: «لدينا قوانين مهمة لرعاية الحيوان، وتوجد مؤسسات تحت ذلك المسمى وهى مؤسسات المحميات الطبيعية للدفاع عن الحيوانات البرية ومنع صيدها، خاصة أن جبل سيدى رغيس يمنح هذه الحيوانات المأوى الطبيعى بمساحته الشاسعة ونباتاته البرية الجميلة. هذه الطبيعة تهديك أجمل ظروف لإقامة مخيم بدوى للاستمتاع بأوقات ممتعة»، لكنه نبه إلى أن ذلك متاح للرجال فقط، فالنساء محظور عليهن التواجد فى هذه الأماكن، خوفا من الحيوانات البرية التى يصادقها «رجل الذئاب». حدثنا العتوسى من خلال خبرته عن صفات الذئب العربى، وأنه حيوان صغير الحجم متأقلم مع العيش فى الصحراء، يبلغ ارتفاعه حوالى 26 بوصة عند الكتفين ويصل وزنه إلى 30 كيلو جراما، عمره يتراوح بين 8 و 15 عاما فقط، ويتميز بأنه متكيف على البيئة الحارة لكثرة الأوعية الدموية التى تقوم بتبريد جسده. كما يتميز الذئب بعيونة الصفراء، وفرائه القصيرخلال فصل الصيف، إلا أن شعر ظهره يبقى طويلا حتى خلال هذه الفترة، ويُعتقد أن هذا لتجنب الإصابة بحروق شمسية، وبالإضافة إلى هذا تختلف الذئاب العربية عن غيرها من سلالات الذئب الرمادى بأنها – مثل عاشقها العتوسى- لا تجب العيش فى قطعان كبيرة. ويحكى لنا عن موقف طريف حدث معه: عندما حضر أصدقائى لزيارتى فى المكان الذى أعيش به عند أعلى الجبل وجدونى نائما والذئب ينام على يدى. وصدم أصدقائى بالثقة والأمان الذى بينى وبين الذئب، العجيب أن الذئب هو الذى فر هاربا لأنه خاف فور شعوره بوجودهم! واختتم ماوكلى الجزائر بأنه استعاض بهذه الحياة البرية بجمالها وصدق حيواناتها عن تكوين أسرة ودخول حياة البشر المليئة بالخداع، وقال: «قد يعتبر البعض ذلك جنونا، لكنى استمتع باللعب آمنا مع الذئاب، وأخاف كثيرا مصادقة البشر».