طالبة: سمونى «أم راسين» فى المدرسة وطفل يترك الدراسة فى المعادى رئيس المؤسسة العربية للدراسات الاستراتيجية: ظاهرة مسيئة دراسة: 75 % من التلاميذ الذين تعرضوا للتنمر يشعرون بالقلق زادت ظاهرة التنمر فى مصر خلال السنوات القليلة الماضية، خاصة ضد ذوى «الأفارقة» الذين يدرسون داخل الجامعات، تزامنًا مع رصد حالات تنمر داخل المدارس المصرية. وأحدث فيديو انتشر عبر مواقع التواصل الاجتماعى الطفل «جون منوت شول أجاك» الطالب بالصف الرابع الابتدائى والذى ترجع أصوله إلى جنوب السودان جدلًا فى الشارع الأفريقى، حيث أعرب المهتمون بهذا الشأن عن استيائهم مما يسمونه «إهانة» ذوى البشرة السمراء. ولم يصمت الرئيس عبد الفتاح السيسى، على واقعة التنمر الذى تعرض لها الطفل الإفريقى بل قام بدعوته إلى منتدى شباب العالم القادم المقام يومى 14 و15 ديسمبر المقبل فى أسوان. لم تكن حالة «جون» هى الحالة الأولى، فهناك أفارقة يدرسون بجامعات مصر ومدارسها، حيث تواصلت «الصباح» مع عدد من الشباب الذين طالتهم ظاهرة التنمر داخل الجامعات المصرية بسبب لون البشرة، وآخرين بسبب عيوب خلقية. ويقول «جارك رك» طالب بجامعة القاهرة من بجنوب السودان، إنه كان يجلس كعادته فى الجامعة مع أصدقائه وهو يدخنون «الشيشة»، وكانت تجلس فتاة وزميلاتها إلى جواره، فانحرف الدخان تجاه الفتاة فقامت وبدأت تصرخ فيه، فتركه الشباب المصريون وسبته بجنسيته، وعندما تدخل الشباب المصرى لحل المشكلة بدأت بإهانة «جاك» والتقليل من شأنه أمام زملائه وأمام من كان يجلس معهم علىالرغم من أنه لم يقم بالرد عليها، وأكد «جاك» شعوره بالإهانة ثم اكتفى بأن أخبر أمن الجامعة بما حدث. وتروى «أسما إدريس» طالبة بالمدرسة الإفريقية بالقاهرة، قصة تعرضها للتنمر من زميلاتها حيث عانت معاناة كبيرة فلم تكتف زميلاتها من ذوات البشرة البيضاء بالسخرية من لونها بل لقبوها ب«أم راسين» لأن رأسها كبيرة، غير أنها كانت تتجاهل ذلك رغم ما كان يسببه لها من أذى نفسى، ولتتفادى تطور الأمر، وكانت تبتعد كثيرًا حتى لا تصاب بمكروه نظرًا لعدد الفتيات الكبير مقارنة بها وحدها. وتسرب «جستن بلو» طالب من جنوب السودان بالصف الثالث الابتدائى من مدرسته بحى المعادى بعد شعوره بالإهانة خارج المدرسة، حيث يقول: «تعرضت للتنمر بسبب لون بشرتى وشعرى الكثيف الطويل، حتى أطلقوا على اسم صاحب شعر الخروف، استمعت لإهانة كثيرة بوصفى ب«الكلب البرى». وقرر عدم الذهاب إلى المدرسة أو المرور فى الشارع المجاور لها، إلا أن والده كان يقوم بتوصيله للمدرسة، وروى للمديرة ما يحدث خارج السور من انتهاكات لحقوق الأفارقة من سب وتنمر إلا أن المديرة لم تستطع فعل أى شىء. حالة «أوزيس منوت» تختلف كثيرًا، فقد ارتبط وجودها فى المكان «بالنحس» حيث تقول إن صديقاتها سموها «أم وش نحس»، فعندما يقمن بالذهاب إلى أحد الكافيهات وتذهب معهن ويحدث أى مشكلة يتوجهن إليها بجملة «وشك نحس»، وأحيانا ينادون عليها بلفظ «النور قطع». وتضيف أنه على الرغم من حبها لصديقاتها المصريات، وإصرارها على البقاء بجوارهن إلا أن كلماتهن التى تصف عيبًا بها ليس لها تدخل فيه، يجعلها تحزن، على الرغم من أن كل هذه الكلمات ينطقونها فى إطار «الهزار» حيث تصرح بأن المصريين معروفون ب«النكتة»، وهم كثيرًا لا يريدون سب الأفارقة ولكن يغلب «الهزار الجد». «التنمر» يؤدى للانتحار، وهذا ما حذرت منه دراسة بريطانية حديثة، أكدت أن نسبة 17فى المائة من الأطفال يفكرون فى الانتحار بسبب التنمر فى المدرسة، وهو ما يعنى أن هناك طفلاًا من بين كل 5 أطفال يفكرون فى الانتحار وفقًا لما نقلته صحيفة «الإندبندنت» البريطانية عن جمعية «جائزة ديانا» الخيرية لمكافحة التنمر.
وأوضحت الدراسة أن أكثر من 1000 تلميذ تتراوح أعمارهم ما بين 11 و16 عامًا، وخرجت إلى أن 57فى المائة منهم قالوا: «إنهم تعرضوا للتخويف فى مرحلة حياتهم المدرسية، ونسبة 18فى المائة منهم قالوا إنهم ذهبوا للتفكير فى الانتحار».
وأكدت أن أكثر من 75 فى المائة من التلاميذ الذين تعرضوا للتنمر فى المدارس يشعرون بالقلق، وبلغ أكثر من نصفهم لم يتنعموا من النوم ليلا نتيجة للمضايقة، كما اعترف 84 فى المائة منهم تعرضوا لمشاهدة شخص آخر للتنمر.
وقال «هانى هلال» خبير حقوق الطفل وأمين عام الائتلاف المصرى لحقوق الطفل، إن ظاهرة التنمر موجودة منذ سنوات طويلة ليست فقط من قبل طفل تجاه طفل بسبب اللون أو الحجم أو حتى الظرف الاجتماعى، ولكن شملت الإيذاء النفسى بسبب الأمراض، وهو يرى أن أغلب الأوقات تتعامل الأسر مع الطفل بطريقة خاطئة، فعندما يحدث شجار للطفل مع زملائه فى المدرسة تجبر الأسرة الطفل على أخذ حقه بيده، وهذا موجود بكثرة فى محافظات الصعيد وبخاصة تلك القرى ذات العصبيات والتى تثأر لأبنائها برفع السلاح فى بعض الأحيان، فيقوم كل منهما بالتعدى على الآخر، وهذا يحدث نتيجة لعدم وجود إشراف حقيقى من المدرسة، وعدم وجود رسائل تربوية يقدمها المعلم للطلاب. وأضاف: «لابد أن تكون المواجهة شاملة، فالقائمون على تربية الأطفال بحاجة للتوعية واستخدام بدائل للعقاب البدنى، واتباع أساليب التربية الصحيحة، والتى تقوم على التسامح وقبول الآخر، وأيضا لابد من ضرورة وجود وعى داخل المؤسسات التربوية لوقف العنف، وتفعيل دور الإخصائى الاجتماعى فى المدرسة». واستكمل: «أنه يتعدد عدد أشكال السلوك العدوانى بين مختلف الفئات والأعمار، مما يسبب آثارًا سلبية كثيرة على الفرد والمجتمع ككل، ويؤدى إلى ظهور سلوكيات غير مرضى عنها، ويعود هذا لأسباب وعوامل كثيرة يمر بها الفرد وتؤثر على شخصيته وطريقة تصرفه، ومن أهم أشكال هذا السلوك ما يُعرف بالتنمر الذى ينتشر كثيرًا بين الأطفال».
بدوره، أعرب اللواء سمير راغب، رئيس المؤسسة العربية للدراسات الاستراتيجية، عن مدى استيائه ممن يغذون ظاهرة التنمر على أصحاب البشرة السمراء. وقال: «الناس اللى بتقول حادثة التنمر على طفل أفريقى تمثيل وحركات وكلام، مواقع العالم نشرت الحادثة باعتبار أنها تنمر وإهانة لكل أفريقى لاجئ فى مصر، طبعًا المفروض التمثيل ونشر المحتوى يخضع لضوابط مهنية، إعلامية وقانونية». وأكد الفنان بطرس ماركو، الشهير ب«بيبو»، الممثل الأفريقى الذى شارك فى مسلسل «طايع» فى دور «اورياب» ل«الصباح»: «أثناء قبولى للدور كنت متحمسًا لإظهار مدى التنمر الذى يتحمله الأفارقة فى مصر، الشعب المصرى محب للسودان، وهذه الأفعال صبيانية صغيرة، من يفعلها لا يعلم شيئًا عن مدى العلاقة بين الشعبين»، مشددًا على أهمية الأعمال الفنية المشتركة التى تربى داخل الأطفال مدى حب الشعبين دون تفرقة بسبب اللون.