لا تزال الأزمة فى السودان تلقى بظلالها على المجتمع الدولى، خاصة مع تأزم الوضع بين المجلس العسكرى الانتقالى وتجمع الحرية والتغيير أبرز قوة سياسية معارضة فى البلاد، إذا أعلنت عن عصيان مدنى شامل فى البلاد وذلك ردًا على الاعتداء على المحتجين أمام وزارة الدفاع السودانيةِ، وهو الاعتصام الممتد منذ الثورة على حكم الرئيس السابق عمر البشير، إذا اتهم التجمع المجلس العسكرى وقوى التدخل السريع بالاعتداء على المحتجين والقبض على الكثير منهم بالشكل الذى أدى إلى مقتل نحو 100 شخص. وانضمت الولاياتالمتحدة إلى الجهود الدولية الرامية إلى حل الأزمة السياسية فى السودان، حيث أوفدت دبلوماسييْن بارزيْن إلى الخرطوم لحث ممثلى المعارضة والمجلس العسكرى الانتقالى على استئناف الحوار. والتقى مساعد وزير الخارجية الأمريكية للشئون الإفريقية، تيبور ناغى، والمبعوث الأمريكى الجديد إلى السودان، دونالد بوث، يوم الأربعاء الماضى، مع وفد يمثل تحالف قوى إعلان الحرية والتغيير، الذى يقود حركة الاحتجاجات فى البلاد. كما اجتمع ناغى مع وكيلة وزارة الخارجية السودانية بالإنابة، إلهام إبراهيم محمد. ومن المقرر أن يلتقى بمسئولين بارزين آخرين خلال زيارته التى تستمر اليوم الخميس. وكانت وزارة الخارجية الأمريكية أوضحت أن الزيارة تهدف إلى حث الأطراف على العمل من أجل استئناف المفاوضات. وأعلن تحالف المعارضة الرئيسى عزمه المشاركة فى محادثات غير مباشرة مع المجلس العسكرى وفقًا لشروط جديدة. وتعثرت المفاوضات بين ممثلى المعارضة والمجلس العسكرى الانتقالى بعد مقتل العشرات عندما فضت قوات الأمن اعتصامًا أمام مقر قيادة الجيش فى الخرطوم فى الثالث من يوليو الحالى. لكن المبعوث الإثيوبى إلى السودان أعلن أن أطراف الأزمة وافقت على استئناف الحوار. وبحسب بيان صادر عن قوى إعلان الحرية والتغيير، عقب لقاء ناغى وبوث، فإن تحالف المعارضة «يحمل المجلس العسكرى المسئولية عن مجزرة فض الاعتصام». كما طالب التحالف بتشكيل «لجنة تحقيق مسنودة دوليًا لتقصى الحقائق وتقديم الجناة للعدالة». وكان عباس مدنى، وهو قيادى فى قوى المعارضة الرئيسية، أكد «رفض إجراء مفاوضات مباشرة مع المجلس العسكرى الانتقالى». وأضاف: «نقطة الخلاف بيننا واضحة وشروطنا واضحة؛ نحن نتحدث الآن عن قضايا الانتقال إلى الحكم المدنى وحقوق الشهداء». وأثار استخدام العنف وسقوط ضحايا من المدنيين قلق العالم بما فى ذلك الولاياتالمتحدة. وفى هذا السياق، أكدت خديجة أحمد، الناشطة فى تجمع الحرية والتغيير السودانى، رفضها لأى تدخلات خارجية فى سياق ثورة السودان الممتدة منذ شهور وتمكنت عبر الشعب السودانى من إزاحة نظام سياسى ممتد لأكثر من 30 عامًا، لكن الرفض واضح أيضًا لأى اعتداءات من قادة السلطة الحاليين وتعرضهم للاعتصامات المستمرة لتحقيق مطالب الثورة السودانية والتى لا يمكن القبول بالاعتداء على مكتسباتها. وأضافت أحمد ل«الصباح» أن الوجود الأمريكى فى المفاوضات أشبه بالوجود الإثيوبى، وقبل به المجلس العسكرى كما قبل به تجمع الحرية والتغيير، مشيرة إلى أنه يجب الإفراج عن كل المعتقلين السياسيين الذين تم القبض عليهم تحت حكم المجلس العسكرى الانتقالى، خاصة أنه من غير المقبول أن تكون هناك مفاوضات بين التجمع والمجلس فى الوقت الذى تمتلأ فيه السجون بمئات المتظاهرين الذين ليس لهم ذنب سوى العمل على وجود حياة كريمة وعادلة للشعب السودانى، وأتت بالمجلس العسكرى السودانى نفسه لمقدمة الحكم فى السودان. من جهته، أكد محمد نور الدين، الخبير فى الشان الأفريقى، أن الوجود الأمريكى فى السودان استغلال للوضع السياسى المتأزم والذى وصلت فيه الأمور إلى نقطة عدم الرجوع بين العسكرى الانتقالى والمتظاهرين، إلا أنه فى الوقت نفسه يجب على الجانب المصرى التدخل لإحداث موائمة بين الجانبين، وكسبهما معا وعدم ترك الساحة للجانب الإثويبى الذى دخل هو الآخر على الخط على غير رضا من جانب المجلس العسكرى السودانى والذى يرى آبى أحمد رئيس الوزراء الإثيوبى ميالا بشكل أكبر ناحية جانب المتظاهرين. وفى هذا السياق، كشفت منى عمر مساعد وزير الخارجية للشئون الإفريقية سابقًا، أن الولاياتالمتحدةالأمريكية غالبًا ما تكون طرفًا فى النزاعات الداخلية بين القوى السياسية فى البلدان، ووجودها يعنى انتهاء الأزمة أو اشتعالها، وهو الأمر الذى يحدث فى السودان مؤخرًا، إذا تدخلت الولاياتالمتحدةالأمريكية بعد إعلان المعارضة فرض العصيان المدنى، فيما تلكأ المجلس العسكرى الانتقالى فى تشكيل حكومة مدنية الأمر الذى أدى إلى وجوب تدخل خارجى لفك الأزمة.