مؤتمر «لندن» البداية والأحزاب تغلى و«كينيا» تدخل على الخط بالتصعيد الدبلوماسى دائما ما نجد الدول الغربية تتصارع فيما بينها على أى دولة يظهر فيها نفط لكى تضع يدها عليه لتستفيد بهذا المصدر المهم والأغلى للطاقة فى العالم على الإطلاق، والنفط الصومالى «مستقبله واعد، تلك الكلمات خير وصف للنفط فى دولة الصومال، ومعها ظهر اهتمام الشركات الغربية بالنفط الصومالى والذى لم يكن عشوائيًّا. الصومال أرض جيدة للنفط، وذلك بعد البحوث الميدانية التى أعدتها جهات مختلفة منذ أكثر من قرن من الزمن؛ فقد ورد فى كتاب جيولوجيا الهند فى 1879م معلومات قيمة عن جيولوجيا شرق إفريقيا والصومال، وكان أحد مؤلفيه قد شارك فى حملة استكشافية أطلقت فى القرن الإفريقى.
وفى السابع من فبراير 2019 عقد مؤتمر عرضت فيها الحكومة الصومالية نتائج المسح السيزمى الذى أجرته شركة سبيكترام منذ 2015م فى المياه الإقليمية للصومال، حضره عدد من ممثلى الحكومة والبرلمان الصوماليين، وممثلى الشركات النفطية، بالإضافة إلى وكالات الأنباء العالمية. ورغم محاولات التشويه التى تعرَّض لها المؤتمر إلا أن الحكومة الصومالية أظهرت كفاءة وجدارة عاليتين فى لعب دورها فى المؤتمر، كما أنها أعلنت عن ضمانات معقولة يمكن أن تطمئن المتخوفين من وتيرة الأحداث. وأهم الملاحظات على مؤتمر لندن هى منح وزارة البترول صلاحية القيام بعرض المسوحات السيزمية، والأمر الذى رفض من قبل البعض بسبب أن عرض الثروة النفطية على العالم من اختصاص الهيئة الصومالية للنفط التى لم تتشكَّل بعد، وأن هناك قرارًا سابقًا أخطرت به حكومة الرئيس محمد عبدالله فرماجو بأن التنقيب والتمهيد له لن يتم إلا بعد إصدار قانون للنفط، وهو حاليًا معروض أمام البرلمان الصومالى. وفى الوقت نفسه ظهر الغليان فى الشارع، ووجهت أحزاب المعارضة انتقادات لاذعة لما جرى فى مؤتمر لندن، معتبرة ما حدث من الحكومة انتهاكًا صارخًا للدستور، متهمين الحكومة ببيع ثروة البلاد فى «مزاد علنى» لصالح شركات أجنبية. فيما أكد مسئول شركة سبيكترام فى إفريقيا والشرق الأوسط «غراهام ميهو» أن عقدها مع الحكومة الصومالية شمل الإقليم الصومالى فقط دون المنطقة التى تدعيها كينيا، فى رده على مزاعم كينيا بأن نشاط الشركة شمل المياه المتنازع عليها، مضيفًا أن اسبكترام حصلت على المعطيات السيزمية فى مساحة قدرها 20 ،185 كم2. وتصر الشركة على أن ما تم لم يكن بيعًا للكتل النفطية، بل خطوة لترويج النفط الصومالى بناء على البيانات التى جمعتها الشركة منذ أن بدأت العمل فى السواحل الصومالية فى 2015م. من جانبها رفضت الحكومة الصومالية تلك الاتهامات بشدة وقالت: إن المؤتمر يهدف إلى عرض الامتيازات النفطية فى البلاد، أمام شركات النفط العالمية بغرض استكشاف فرص تطويرها، كما ذكرت على لسان وزير البترول والثروة المعدنية أنها شرعت فى استكمال ما بدأته الحكومة السابقة. أما كينيا فدخلت على الخط، فور انتهاء مؤتمر لندن للنفط الصومالى، وأثارت أزمة دبلوماسيَّة محتجة بأن نتائج المسح السيزمى التى عرضتها شركة سبكترام بالوكالة عن الحكومة الصومالية شملت المياه المتنازَع عليها بين البلدين. وتطورت الأزمة بعد أن اتخذت كينيا خطوات لتضغط أكثر على الصومال، واستدعت سفيرها هناك للتشاور، بل وطلب مغادرة السفير الصومالى، وألقى المتحدث باسم الخارجية الكينية خطابًا شديد اللهجة واصفًا خطوة الصومال بأنها منافية للنوايا الحسنة.