"أذا أنت أكرمت اللئيم تمردا".. كان له نعم الصديق والأخ، وعندما تيسر حاله وأنعم عليه الله بالرزق، قرر أن يشارك أبن خالته ورفيق دربه في "لقمة العيش"، نظرا لسوء حالته المادية، فوظفه في شركته الخاصة بتصدير الحاصلات الزراعية، ليعمل معه ويكون ذراعه الأيمن أمام التجار، لكنه لم يتوقع أن تكون تنتهي حياته بشكل مأساوي على يد من أكرمه وكان يأكل ويشرب معه في طبق واحد. "ابني مات شهيد على أيد خاين العيش والملح أبن خالته وحقه مجاش"، كلمات قالتها أم لم تتوقف دموعها طوال 8 أشهر منذ مقتل ابنها مذبوحاً أمامها، وذادت مأساتها بعد أن لحقه والده في اليوم التالي، حزناً عليه.
في احد شوارع كفر الدوار الهادئة، بمحافظة البحيرة، استيقظ أهالي المنطقة على دوي رصاص أطلقة عماد رجب البشتيلي، وهو يحاول الفرار بسيارة ابن خالته رجل الأعمال أحمد محمد علام عبد الهادي، بعد أن قام بذبح وطعنه في عدة مناطق متفرقة بجسده، مشهد لن يمحى من ذاكرة أبناء القتيل، وهم ينظرون إلى والدهم الملقى أمام المنزل جثة هامدة والدماء تسيل من عنقه المنحور.
والدة القتيل "ابني بتاع الغلابة": التقطت الصباح، بناعسة عبد اللطيف عبد الهادي، البالغة من العمر 73 عام،والدة القتيل، وبعيون أذبلها البكاء قالت "الإعدام مش طالبة غيره في أبن اختي الي قتل أبني"، وتابعت، السيدة وهي تحاول أن تلتقط أنفاسها، أحمد كان مثال الابن الصالح، "وبتاع الغلابة" بعد مقتله اكتشفت مساعدات قدمها لأهل المنطقة لم أكن أعلم عنها شيء من قبل، الجميع يدعوا له بالرحمة وجميعنا ننتظر القصاص.
وأضافت ناعسة، عماد نجل شقيقتي كان دائم التواجد في منزل أحمد البالغ 43 عام، تكفله في كل شيء نظرا للعلاقة القوية بين الأثنين منذ الطفولة، ولأن أحمد كان دائما يهتم بعماد بسبب الظروف المادية القاسية التي كان يمر بها، قرر أن يوظفه سائقا في شركته، ومنحه مبلغ مالي كبير مقابل أن يقوم بتشغيله على أن يرد بالفوائد، ولكن كلما سأل أحمد عن المبلغ كان رد عماد الدائم :"اصبر في مفاجأة محضرهالك"، واستمر الوضع على هذا الحال فترة كبيرة دون رد المال.
وأضافت الأم، زوجة أبني امرأة منقبة، كانت تعد العشاء الساعة 12 مساءا في انتظار زوجها وعماد، الذي اعتاد تناول الطعام معه، وتفاجأت بصراخ أطفالها بعدما شاهدوا والدهم من النافذة على الأرض وحوله الأهالي، لم تكن تتصور ما حدث.
وتابعت ناعسة، نزلنا مسرعين على سلالم المنزل كالمجانين دون أن نغطي رؤوسنا، لنجد أحمد مذبوحا وملقى على الأرض بعد أن هرب عماد بالسيارة، وقالت الأم :"أن شاء لله ما حد يشوف الي شوفته أبني كان مدبوح وسألته مين الي عمل فيك كدا لم يستطع أن يجيبني، واخبرني رجلان ممن شاهدوا الجريمة، يا حجه قال عماد أبن خالتي".
والد أحمد مات حزناً عليه: وأستطردت، بعد أن قمنا بدفن أحمد يوم الجمعة، عدت للمنزل مساءا لأجد زوجي جسد بلا روح، مشيرة إلى أنه كان يعاني من غيبوبة ناتجة عن مرض السكر، وبعد أن علم بموت أبنه لم يتحمل الصدمة فمات حزناً عليه. وأستكملت،:"عماد يَتم 5 أطفال رغم أن احمد لم يبخل عليه بأي شيء، جميع أهالي المنطقة يشهدون له بالكرم، وأنا باعتبره شهيد عند ربنا، لكن أنا طالبة إعدام والنيابة تاخد مجراها".
تهديدات بالقتل لشقيق القتيل: أكدت ناعسة أن ابنها الأكبر حمدي المغترب، يتلقى تهديدات بالقتل من أسرة القاتل باستمرار، إذا حاول العودة إلى مصر، مطالبين أن يتوقف عن التصعيد ضد ابنهم، مشيرة إلى أن نجلها رغم أنه في بلد أخر لم يتوقف عن إرسال الاستغاثات للمسئولين، للقصاص من عماد قبل هروبه بفعلته وبأموال شقيقة الوحيد.
أقوال الشهود على الجريمة: محمود عبد الحي، الشاهد الأول، يسكن في منزل مجاور لمنزل المجني عليه: "نزلت من البيت لقيت أحمد مضروب في رقبته وبطنه ورجليه، وكان عماد على كرسي السواق، سحبت أحمد من السيارة التي دفعه منها عماد، ثم حاولت إجبار القاتل على التوقف أثناء محاولته الهرب بالسيارة، وفي هذه اللحظة وضع السكين على رقبتي مهددا بقتلي فلم استطع التشبث وتركته.
وأضاف عبد الحي، عندما بدأ عدد من الأهالي بالإقتراب منه وهو يحاول الهرب، أطلق عماد عدة طلقات نارية في الهواء، لبث الرعب في قلوبهم وإجبارهم على الإبتعاد، وبالفعل استطاع الهروب.
قال أحمد السيد عمران، الشاهد الثاني في القضية، اعيش في المنزل المقابل لمنزل أحمد، خرجت مسرعاً من شرفت منزلي بعدما استمعت إلى استغاثته الصادرة من داخل سيارته أمام المنزل، وهو يردد "إلحقوني إلحقوني"، وتابع، هرولت مسرعاً إلى الشارع في اتجاه السيارة تفاجأت ب"عماد" وهو يمسك السكين، وكان هناك قطع في رقبة أحمد وعدة طعنات متفرقة في البطن والكف والكَتف، وتابع حاولت فتح باب السيارة لإنقاذه لكن القاتل ألقى به من السيارة وهرب.
وأضاف عمران، طالبنا أحمد أن يردد الشهادة عدة مرات، وبالفعل رددها، وعندما سألناه عن ما حدث قال "عماد أبن خالتي"، ثم سارعنا بتوصيلة إلى المسشفى، التي حاولت بشتى الطرق إنقاذه دون فائدة.
المحامي المسئول عن القضية: ومن جانبه قال الأستاذ كريم المحامي المسئول عن القضية،أنه نتيجة لسقوط الحبس الاحتياطي ولعدم متابعة المحامي المكلف سابقا بالمتابعة وإدارة الجناية سقط الحبس الاحتياطي لزوال مواعيده، كما أن تجديد حبس المتهم أمام محكمة جنح مستأنف كفر الدوار، بدلا من محكمه للجنايات قبل مرور خمسة أشهر سقط الحبس الاحتياطي، لأمر الذي جعل إخلاء سبيل المتهم وجوبي بقوة القانون ما لم يكن مطلوب على ذمة قضايا أخري.
وتابع المحامي،: تتوالى تحرير محاضر النصب ضد المتهم بأموال الورثة التي تقدر بحوالي 21 مليون جنية ،عندما كان على مقربه من العائلة قبيل واقعة القتل العمد وبعدها،إلا انه يخلى سبيله، مشيرا إلى أنه حاليا محبوس على ذمة قضيه نصب حتى 20/12/2018، لافتا إلى ان هناك تخوف من هروبه من البلاد في حالة إخلاء سبيلة.
تقرير الطب الشرعي: أكد تقرير الطب الشرعي أن أحمد عانى قبل موته من اضطراب بالوعي، بسبب جرح قطعي غائر في الرقبة طوله 10 سم، واشتباه قطع في القصبة الهوائية وجرح قطعي غائر في الساعد الأيسر وكسر في عظام الصدر واشتباه نزيف بالصدر، وجرح قطعي غائر بالصدر وتهتك بالعضلات وعدد 2 جرح غائر بالفخذ الأيسر.
تقدمت ناعسة والدة القتيل، بعدة استغاثات إلى رئاسة الجمهورية وللنائب العام ولمجلس الوزراء، كما تقدمت بعدد من الاستغاثات إلى وزارة الداخلية، ووزير العدل، للمطالبة بالقصاص من القاتل عماد عوض رجب محمد، في قضية قتل نجلها التي تحمل رقم 4673 لسنة 2018، جنح فسم كفر الدوار والمقيدة برقم 1095 كلى شمال، والذي تم حبسه احتياطيا على ذمة القضية الا انه ونتيجة لخطاء من النيابة العامة في مراعاة الحبس الاحتياطي، قد سقط الحبس وقررت المحكمة إخلاء سبيله وقد حرر له محضر آخر رقم 13845 لسنة 2018، جنح قسم جريمة سرقة ولكنه حصل على براءة بجلسة 24 نوفمبر 2018، امام جنح مستئناف كفر الدوار، حيث تتخوف والدة المجني عليه من هروب القاتل رغم اعترافه أمام النيابة بجريمة القتل مع سبق الاصرار والترصد.
ناشدت الأم المنكوبة المسئولين بمعاقبة القاتل والقصاص لدماء ابنها الذي قتل غدرا، على يد ابن خالته الذي ذبحه وسرق كل ماله، ولم يترك شيء يعيش منه أبنائه.