على مدار سنوات طويلة شهدت منطقة القرن الإفريقى تنافسًا بين القوى الكبرى عبر العصور، بداية من القوى الاستعمارية، خاصة بريطانيا وإيطاليا وفرنسا، مرورًا بفترة الحرب الباردة التى قام الاتحاد السوفيتى خلالها بإنشاء قاعدة عسكرية فى بربرة فى الصومال، وأخيرًا أصبحت مركزًا للقواعد العسكرية. دول عربية وإيران أبرز دول المتصارعة بسبب حرب اليمن والموانئ ظهرت أهمية المنطقة بعد حرب أكتوبر 1973 ؛فقد كان لإغلاق باب المندب دور جوهرى فى التأثير على مجريات الحرب، وهو ما لفت الانتباه إلى أهمية ذلك المضيق والممر المائى فى التأثير على واقع دول المنطقة، التى تطل أيضًا على البحر الأحمر وخليج عدن، وتتحكم فى حركة التجارة العالمية، خاصة النفط. التنافس الآن أصبح فى إنشاء القواعد العسكرية؛ لتصبح هذه المنطقة من أكثر مناطق العالم احتواء للقواعد العسكرية «فرنسية، أمريكية، ألمانية، إيطالية، يابانية، صينية، تركية، وأخيرًا دول عربية منها السعودية والإمارات .» جيبوتى تتحول لساحة صراع بين أمريكاوالصين.. والنفط أبرز أسباب الخلافات تنافس إيرانى خليجى فى منطقة القرن الإفريقى حسب دراسات وأبحاث، فإن التطورات المتلاحقة التى يشهدها العالم العربى منذ عام 2010 م، وأيضًا حرب اليمن التى ما زالت قائمة بين قوات التحالف الحربى والحوثيين المدعومين من إيران، مما دفع العديد من الدول إلى الرغبة فى التواجد فى كل من جيبوتى وإريتريا من أجل الحصول على موطئ قدم لها على البحر الأحمر، وهو ما فعلته إيران، بينما عملت كل من دول خليجية على إنشاء قواعد عسكرية لهما والاستثمار فى موانئ كل من الصومال وجيبوتى وإريتريا. المنافسة امتدت أيضا إلى المساعدات المالية، حيث تعهدت السعودية بتقديم 50 مليون دولار مساعدة للصومال فور قطع علاقاتها مع إيران، وهو ما حدث بالفعل، ونتج عنه فى النهاية فشل إيران فى التواجد فى المنطقة، خاصة بعد إعلان كل من جيبوتى والسودان قطع علاقاتهم معها. ومن ناحية أخرى فقد عملت تركيا بقوة على دعم علاقاتها بدول شرق إفريقيا، وتمكنت من خلال سياستها الخارجية فى إفريقيا من إنشاء أول قاعدة عسكرية لها فى الصومال عام 2016 م، كما عقدت مع السودان اتفاقا يقضى بإدارتها لجزيرة سواكن القريبة من الحدود المصرية. الإمارات أولى الدول التى اتجهت لمنطقة القرن الإفريقى سعت الإمارات منذ نشأتها إلى بذل جهود كبيرة لتطوير استثماراتها، وفى أوائل عام2015 م اتجهت إلى تطوير شراكة مع الصومال لمكافحة الإرهاب؛ عن طريق فتح مركز تدريب فى مقديشو لتدريب وحدات القوات الصومالية، وفى نهاية عام 2015 م تعهدت بدفع رواتب قوات الأمن الحكومية الاتحادية الصومالية لمدة أربع سنوات، ثم تلا ذلك فى يونيو 2016 إرسال شحنتين من ناقلات الجنود المدرعة، والشاحنات الناقلة للمياه، والدراجات النارية لقوات الشرطة الصومالية. وفى أواخر عام2016 ، وقعت الإمارات مع حكومة جمهورية أرض الصومال اتفاقية من أجل التعاون الأمنى بينهما لإقامة قاعدة عسكرية فى بربرة مع تمركز القوات الإماراتية فى أرض الصومال، وأقر البرلمان الصومالى قرار إنشاء قاعدة عسكرية إماراتية فى مدينة بربرة شمال غرب الصومال بجمهورية أرض الصومال. هذه القاعدة ليست الأولى لإمارات فى منطقة القرن الإفريقى، فخلال عام 2016 حصلت شركة موانئ دبى على ترخيص لإدارة مرفأ بربرة لمدة 30 عامًا، ولم يقتصر الوجود الإماراتى على الصومال فقط، وإنما امتد ليشمل استئجار ميناء عصب الإريترى والمطار الرئيسى لمدة 30 عامًا أيضًا. وبذلك تكون الإمارات قد نجحت فى التواجد بقوة فى منطقة القرن الإفريقى؛ سواء من خلال القواعد العسكرية، أو من خلال إدارة الموانئ الحيوية فى واحدة من أهم مناطق التجارة العالمية. السعودية تسعى لبسط نفوذها صراع السعودية مع إيران، جعلها تسعى نحو اتخاذ خطوط دفاعية مع جيبوتى، من أجل التأثير على الحرب الدائرة مع الحوثيين فى اليمن، حيث كشفت جهات أمنية سعودية عن تدفق الأسلحة الإيرانية للميليشيات الحوثية فى اليمن يتم عبر جيبوتى، ما دفع السعودية لإقامة قاعدة عسكرية هناك،لمنع الإمدادات العسكرية الإيرانية لليمن، وفتح جبهة جديدة ضد الحوثيين بحيث يمكن الهجوم عليهم من أكثر من محور، وحماية النفط السعودى. ومن جهة أخرى، نجحت السعودية فى ضم جيبوتى إلى التحالف الإسلامى ضد الإرهاب، ورفضت جيبوتى إقامة قاعدة عسكرية روسية بها، بالإضافة إلى توقيع وزير الدفاع الجيبوتى وولى العهد السعودى محمد بن سلمان فى 26 إبريل2017 اتفاقية عسكرية ودفاعية بين البلدين؛ لمراقبة أى تدخل عسكرى أو تهريب للسلاح من جانب إيران إلى اليمن، حيث أشار وزير الدفاع الجيبوتى إلى أن خبراء سعوديين وصلوا إلى بلاده لتقييم التعاون العسكرى، وتفقد المنطقة التى يمكن إقامة قاعدة عسكرية بها. تنافس أمريكى صينى فى القرن الإفريقى الساحة كبيرة والمنافسون أكثر، تخطوا دول الخليج، إلى الدول العظمى، حيث الصراع بين أمريكاوالصين، فأمريكا تمتلك العديد من القواعد العسكرية حول العالم، وتسعى أيضًا إلى بسط نفوذها فى إفريقيا من خلال إقامة قاعدة عسكرية فى جيبوتى للسيطرة على أحد أهم مضيق بحرى والمتحكمة فى ثلث تجارة النفط العالمية، والتى تعد مركزًا لإطلاق الطائرات بدون طيار فى جميع أنحاء القارة لمهاجمة الجماعات المسلحة مثل حركة شباب المجاهدين فى الصومال، وبوكو حرام فى نيجيريا، وتنظيم القاعدة فى اليمن. لكن سياسة الصين العسكرية فى الخارج تختلف بعض الشىء، فهى تعتمد على إنشاء مراكز دعم لوجيستى، كالأساطيل البحرية الصينية فى خليج عدنوالصومال وجيبوتى وكينيا وعُمان والسعودية وباكستان، ومحطات التوقف، وقوات حفظ السلام الصينية، لكن على الرغم من ذلك بدأت فى إنشاء قواعد عسكرية، ففى أغسطس عام 2017 م أعلنت الصين عن أول قاعدة عسكرية لها فى العالم بدولة جيبوتى فى منطقة القرن الإفريقى. ويؤكد خبراء وباحثون، أن إفريقيا هى ملعب المنافسة والصراع بين كل القوى الدولية والإقليمية، فهى بمثابة حلبة صراع، الجميع يسعى لفرض نفوذه فيها، وهو ما يجرى بالفعل.