أحداث أفريقية متلاحقة هنا وهناك، ووفود شقيقة جاءت من أقصى القارة السمراء شمالًا وجنوبًا لمشاركة شقيقتها مصر فى عدد من المناسبات السياسية والاقتصادية والشبابية، كان أهمها إعلان الرئيس عبدالفتاح السيسى، الشهر الماضى خلال فعاليات منتدى شباب العالم، عن أهم توصيات المنتدى، بأن تكون مدينة أسوان عاصمة الشباب الأفريقى للعام المقبل 2019، وهذا ما جعل مصر تتزين لتكون على قدر الحدث، كما تستعد مصر أيضًا لرئاسة الاتحاد الأفريقى العام المقبل، استكمالًا لدورها الرائد فى القارة. وعلى مدار أعوام مضت، اهتمت مصر بالتوغل فى قلب القارة، خاصة بعدما أولى الرئيس السيسى اهتمامًا بالغًا بهذا الملف، منذ توليه سدة الحكم، حيث أعاد مصر ثانيًا لأحضان قارة عانت من إهمال وتهميش وصراعات، التهمت حضارتها وأنهكت شعوبها، حتى جاءت مصر بفكرها الجديد كالمنقذ لدول بأكملها تعهدت بالسعى للنهوض بها. وهذا ما فعله الرئيس، بإدارة أنظار العالم إلى القارة السمراء، لتكون شريكًا للتنمية مع الدول الكبرى، وليست قارة طبقة ثانية أو ملتقى مساعدات كما كان يتم تصنيفها من قبل. وقد كنت شاهدة عيان، حيث شعرت بالفخر والاعتزاز كونى جزءًا من قارة أفريقيا، عندما تحدثت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل بمؤتمر الاستثمار فى أفريقيا، الذى أقيم بالعاصمة برلين الشهر الماضى، وقالت إنه لابد أن يستمع الجميع لدول القارة السمراء ونحاورهم بندية، وليست كدول مانحة لدول عالم ثالث، بل هم شركاء لنا. وعلى خطى مصر وألمانيا، اهتم عدد من الدول بإطلاق مبادرات ومؤتمرات للنهوض بالقارة الأفريقية البكر، التى تحوى فى طياتها كنوزًا لم يمسسها بشر حتى هذه اللحظة، وربما تكون غدًا ملاذ العالم أجمع بالطاقة والغذاء والدواء والكساء، لتنتهى أسطورة القارة الأمريكية والأوروبية، ويبدأ عصر القارة السمراء التى عانت لعقود من استعمار وحروب وإهمال، جعل شعوبها يموتون آلاف المرات وهم أحياء، ولكن جاء الوقت لتحيا تلك الشعوب حياة تليق بثرواتها وخيراتها، التى نهبها جيرانها ونهل منها من ليس ذى حق، تحت مسمع ومشاهدة العالم أجمع دون رادع أو حساب. ولكن جاء الوقت لتكون القارة ملجأ لكل من يطلب الخير والحياة والثروات، حيث تسعى دول وتنظيمات بأكملها لمساعدتها، وها هى مصر تقف فى المنتصف لتقود أفريقيا بأمان ووعى نحو حياة أفضل لشعوبها، خاصة مع رئاسة مصر الاتحاد الأفريقى العام المقبل، ليكون 2019 عام أفريقيا، وها قد بدأ من أسوان وسيختتم هذا العام بشرم الشيخ، فى أهم حدث اقتصادى أفريقى برعاية مصر ومظلة الكوميسا، وهو مؤتمر الاستثمار الأفريقى 2018، الذى انطلق فى يوم الثامن من هذا الشهر، بحضور مميز لبعض رؤساء دول أفريقية، كرواندا والنيجر ونيجيريا وناميبيا، مع حضور أكثر من 800 شركة ومؤسسة عالمية مهتمة بأفريقيا، حيث كانت أهم محاور هذا المؤتمر هو تمكين المرأة الأفريقية، ودورها فى التنمية والنهوض بالقارة السمراء. وتعد المرأة كلمة السر لتغيير مجتمعات بأكملها، ليس فقط ذلك ولكن أيضًا ضمان مستقبل أفضل، وهذا ما نراه بالفعل فى أكثر من تجربة أفريقية كانت للمرأة الدور الأول لتغيير واقعها، ومحو ماضيها المؤلم، وها هى رواندا شاهد على ذلك، فقد اهتمت الدولة بالمرأة وإتاحة الفرصة لها فى القيادة سواء فى الوزارات المهمة أو البرلمان، حتى استطاعت أن تحقق أعلى تنمية فى العالم. وسارت إثيوبيا أيضًا على خطى رواندا، لتكون المرأة هى المحرك للتنمية والاستقرار، ولها أدوار رائدة فى الوعى والعمار، وهذا ما أبرزه المؤتمر، بجانب الكثير من المحاور التى تمت مناقشتها فى إطار رئاسة مصر للاتحاد الأفريقى، حيث إن أفريقيا لم تكن قارة ننتمى لها فقط، بل هو نخاع الحياة الذى يروى آدميتنا وحضارتنا. وأخيرًا، فإن مصر الأولى بالقارة السمراء، التى أولتها اهتمامًا ورعاية أكثر من غيرها، فنحن نرجع لأصولنا التى أهملناها عن عمد، ولكن الآن جاء دورنا لنتكامل مع قارة الخير والثروات، قارة خضراء سمراء بأرضها الطيبة وشعوبها البسيطة، لتكون أفضل القارات مستقبلًا، تحت رعاية وريادة مصرية تستطيع تغيير وجهة أفريقيا بالكامل، فى ظل رئاستها للاتحاد والعلاقات القوية والجذور العميقة، التى مدها الرئيس خلال فترة حكمه وحتى الآن، فساعد على استقرار دول والنهوض بدول أخرى، فنحن أفارقة أولًا وأخيرًا حتى النخاع.