كيف تطلب العوض عن عمل هو متصدق به عليك، أم كيف تطلب الجزاء عن صدق هو مهديه إليك .. "ابن عطاء الله السكندري"
تاج الدين أبو الفضل أحمد بن محمد بن عبد الكريم بن عبد الرحمن بن عبد الله بن أحمد بن عيسى بن الحسين بن عطاء الله الجذامي، والمعروف ب "ابن عطاء الله السكندري"، ولد سنة 658 ه الموافق 1260م ، ولقب بالعديد من الألقاب منها "قطب العارفين" و"ترجمان الواصلين" و"مرشد السالكين". "لا مسافة بينك و بينه حتى تطويها رحلتك، و لا قطيعة بينك و بينه حتى تمحوها وصلتك"
لم يكن السكندري محباً للصوفية، وقال عن المتصوفين :" من قال أن هنالك علماً غير الذي بأيدينا فقد افترى على الله عز وجل"، ولكنه تعرف على الشيخ أبو العباس المرسي، وبعد أن أستمع له أحبه وأحب الصوفية، بل وأصبح من أوائل مريديه، وتحول إلى عارف بكلام أهل الحقائق وأرباب الطريق، وكان له ذوق ومعرفة بكلام الصوفية وآثار السلف، وكان ينتفع الناس بإشاراته، وله موقع في النفس وجلالة، وتراجع عن كلامة القديم الذي كان ينتقد فيه أهل الصوفية وقال : "كنت أضحك على نفسي في هذا الكلام". "جعلك في العالم المتوسط بين ملكه و ملكوته ليعلمك جلالة قدرك بين مخلوقاته، و أنك جوهرة تنكوي عليك أصداف مكوناته، وسعك الكون من حيث جثمانيتك، و لم يسعك من حيث ثبوت روحانيتك".
عندما اعتنق السكندري الصوفية قال له أبو العباس المرسي: "الزم، فو الله لئن لزمت لتكونن مفتياً في المذهبين"، يقصد مذهب أهل الشريعة ومذهب أهل الحقيقة، ثم قال: "والله لا يموت هذا الشاب حتى يكون داعياً إلى الله وموصلاً إلى الله والله ليكونن لك شأن عظيم والله ليكونن لك شأن عظيم والله ليكونن لك كذا وكذا" فكان كما أخبر. " لا يعلم قدر أنوار القلوب و الأسرار إلا في غيب الملكوت، كما لا تظهر أنوار السماء إلا في شهادة الملك"
كان السكندري فقيه مالكي وصوفي شاذلي الطريقة، بل أحد أركان الطريقة الشاذلية الصوفية، قال عنه الفقيه المالكي أحمد زروق: "كان جامعاً لأنواع العلوم من تفسير وحديث وفقه ونحو وأصول وغير ذلك كان متكلماً على طريق أهل التصوف واعظا انتفع به خلق كثير وسلكوا طريقه". "تارة تشرق شموس أوصافه على ليل وجودك، و تارة يقبض ذلك عنك فيردك إلى حدودك، فالنهار ليس منك إليه، و لكنه وارد عليك"
توفي الشيخ ابن عطاء الله، في القاهرة سنة 709 ه ودفن بمقبرة المقطم بسفح الجبل بزاويته التي كان يتعبد فيها، ولا يزال قَبره مَوجوداً إلى الآن بجبانة سيدي على أبو الوفاء تحت جبل المُقطمِ، من الجهةِ الْشرقية لجبَانة الإمام الليث، وقد أقيم على قبره مسجد في عام 1973. "رب عمر اتسعت آماده و قلت أمداده، و رب عمر قليلة آماده كثيرة إمداده، فمن بورك له في عمره أدرك في يسير من الزمن من منن الله تعالى ما لا يدخل تحت دوائر العبارة و لا تلحقه الإشارة".
أشهر قصائدة: مُرادى منك نسيانُ المراد إذا رُمْتَ السبيلَ إلى الرَّشادِ وأنْ تَدَعَ الوجود فلا تَراهُ وتُصبح مالكاً حَبْلَ اعتمادِ إلى كم غفلةٍ عنّى وإني على حِفظِ الرعاية والودادِ وَوُدّى فيك لو تدرى قديمٌ ويوم السبت يشهد بانفرادى وهل ربُّ سواى فتَرْتَجيه غداً يُنجيك من كربٍ شداد فوصف العَجز عمّ الكون طُرّاً فمفتقرٍ بمفتقر يُنادى وبى قد قامت الأكوانُ طُرّاً وأظهرتُ المظاهرَ مِنْ مُرداى أفى دارى وفى ملكى وفُلْكى تُوجّه للسِّوى وَجْهَ اعتماد وها خِلَعى عليكَ فلا تُزلْها وصن وجه الرجاء عن العباد ووصفَك فالزَمَنْهُ وكن ذليلاً تر منّى المنى طَوْع القياد وكن عبداً لنا والعبد يرضى بما تَقْصى الموالى من مُراد