نشر الكاتب الصحفي ياسر رزق، مقاله اليومي بالموقع الاخباري "الأخبار" التابع للمؤسسة الصحفية العريقة ، مقالا يسرد فيه رؤيته لتعامل الرئيس عبد الفتاح السيسي للأمور في إلي نص المقال.. وجاء الجزء الثالث: كلما زرت بلداً أفريقياً، أو حل رئيس أفريقي ضيفاً على مصر، سمعت اسم الزعيم الراحل عبدالناصر مقروناً بعبارات التقدير والإكبار. ففي عصر عبدالناصر، كانت مصر حاضنة لحركات التحرر الأفريقية ضد الاستعمار، وكانت داعمة لمشروعات البناء والتنمية البشرية في القارة، بالكوادر المصرية وبالتدريب للأشقاء الأفارقة وبإنشاء مشروعات بسيطة كالمستشفيات ومحطات المياه، في مختلف الدول الأفريقية. وخلال السنوات الخمسين الماضية، توارى البعد الأفريقي في أولويات السياسة الخارجية المصرية بالذات منذ محاولة اغتيال الرئيس الأسبق حسنى مبارك في أديس أبابا على أيدي التنظيمات الإسلامية المتطرفة عام 1995، ولم نعد نسمع حتى وقت قريب إلا عن مشروعات رمزية مصرية تقام في دول أفريقية، بينما تعالت الأصوات تحذر من تغلغل قوى إقليمية في القارة الأفريقية على حساب المصالح المصرية والأمن القومي المصري. اختلف الأمر.. منذ تولى الرئيس السيسي المسئولية في مصر، ووجدناه يحرص على حضور القمة الأفريقية السنوية بأديس أبابا ومعظم القمم التي تنعقد في منتصف كل عام بإحدى العواصم الأفريقية، وتعددت زيارات الرئيس إلى دول القارة، وعاد الرؤساء الأفارقة إلى التوافد على مصر. وبينما تولى الرئيس السيسي منصبه ومصر معزولة عن محيطها وعضويتها مجمدة في الاتحاد الأفريقي، استعادت مصر عضويتها بعد أسابيع معدودة من انتخاب الرئيس. وفي يناير المقبل، يتسلم الرئيس السيسي رئاسة الاتحاد الأفريقي من الرئيس الرواندي بول كاجامي، خلال الجلسة الافتتاحية للقمة الأفريقية الثانية والثلاثين التي ستعقد في العاصمة الإثيوبية. وهذه هى المرة الأولى التي تتولى فيها مصر رئاسة الاتحاد الأفريقي منذ 25 عاماً مضت، حين تركت رئاسة منظمة الوحدة الأفريقية عام 1993، بعدما تسلمتها دورتين متتاليتين.
وأعلم أن مؤسسة الرئاسة والدبلوماسية المصرية تعدان ملفاً شاملاً للتعامل الجاد الفعال مع القضايا الأفريقية خلال فترة تولى الرئيس السيسي رئاسة الاتحاد الأفريقي. لكنى أود أن أطرح أفكارا محدودة لها صفة الاستدامة والارتباط المباشر بالعلاقات المصرية الأفريقية، أثناء وبعد رئاسة مصر للاتحاد الأفريقي. أولاً: التوسع في مهرجان السينما الأفريقية الذي يقام سنوياً بالأقصر، دون ميزانية كافية ودعاية لائقة، وتحويله إلى مهرجان عالمي ضخم، مع إنشاء مهرجان آخر للأغنية الأفريقية أقترح أن يقام في أسوان كل شتاء، مصحوبا بمسابقات لفرق الفنون الشعبية بدول القارة. ثانياً: تنظيم قمة سنوية على أرض مصر بجانب قمتى الشتاء والصيف الأفريقيتين، تخصص للشباب الأفريقي، يتم الإعداد لها جيداً، وتخصص كل قمة لموضوع يتعلق بأولويات اهتمام الشباب، ولعل تلك القمة السنوية، تفرز قيادات أفريقية شابة، تتولى المسئولية في بلادها في المستقبل القريب. ثالثا: إحياء الإذاعات الموجهة لدول القارة باللغات الإفريقية، وإطلاق قناة ثقافية إخبارية موجهة باللغتين الإنجليزية والفرنسية إلى دول القارة، تبث برامج ثقافية وأفلاما تسجيلية ومسلسلات درامية مصرية مترجمة أو مدبلجة.رابعاً: إنشاء جائزة كبرى باسم جائزة السيسي الأفريقية، تقدم جوائزها في مجالات العلوم والفنون والآداب والسلام، على غرار جائزة نوبل، ويتم تمويلها من الحكومة المصرية وتبرعات المستثمرين المصريين في أفريقيا وغيرهم. وأظن هذه الجائزة سيكون لإطلاقها دوى كبير في أوساط النخبة العلمية والثقافية والسياسية الأفريقية، لاسيما وأن الأفارقة محرومون من جنة نوبل إلا قليلاً. ويمكن تشكيل مجلس أمناء لهذه الجوائز من كبار العلماء والمفكرين والفنانين الأفارقة، ولجان تحكيم لكل فرع، مع تنظيم حفل سنوي لتوزيع الجوائز ربما يكون من المناسب أن يقام في مكتبة الإسكندرية.