«أبو حلاوة يا تين».. كلمات ينادى بها محمود جابر، الطالب بكلية الهندسة على المارة لشراء «التين الشوكى» منه، فلم يخجل ابن محافظة أسيوط الذى جاء للمنوفية للعمل، من بيع التين للمارة لكسب رزقه وتوفير مصاريف دراسته وتخفيف الحمل عن كاهل أسرته. 18 عامًا، هى عدد سنوات عُمر محمود المقيم بمركز الغنايم فى أسيوط، وهو طالب بالفرقة الثانية بكلية الهندسة، قسم مدنى، متفوق فى دراسته، يعمل يوميًا من السابعة صباحًا وحتى الثالثة فجرًا بمعدل 20 ساعة، يظل يتجول فى الشوارع بعربته الخشبية الصغيرة وينادى على زبائنه بصوته العذب ليشجعهم على الشراء منه. «بفضل شهور رايح جاى من أسيوط للمنوفية عشان أبيع تين».. هكذا قال «محمود» ليبين حجم المشقة التى يعيشها لكسب رزقه، مضيفًا: «أعمل لادخار أموال للإنفاق على مصروفات الجامعة، فأبى موظف صغير ولا يستطيع توفير كل هذه المصاريف، فهو يعول أسرة مكونة من أربعة أولاد فى مراحل تعليمية مختلفة وبنتين فى عمر الزواج، فيقوم بتجهيزهما، ولا أريد أن أكون عبئًا على والدى، كما أننى أساعد أخى المقبل على الزواج قدر المستطاع». وأكد أن أكثر شىء يعانى منه هم بائعو الفاكهة الذين يقف بجوارهم لبيع التين، والذين يتسببون فى مضايقات له ويقومون بطرده وملاحقته، بالإضافة لشرطة المرافق التى تطارده بشكل مستمر فى الشوارع. وعن كثرة ساعات العمل وقلة الراحة.. قال «محمود» بصوت ممتزج بالحسرة: «هعمل إيه أكل العيش مر»، مشيرًا إلى أنه يستغل موسم بيع التين فى المنوفية خلال الصيف، وجاء هو ومجموعة من أصحابه للعمل وتوفير نفقات الدراسة. وأضاف أن لديه إرادة وعزيمة لتحقيق حلمه بأن يصبح مهندسًا ناجحًا ومتفوقًا، ويتذكر مواقف جميلة تبعث الأمل داخله عندما يأتى إليه زبائنه سعداء ليشتروا منه، ووجوههم مبتسمة ترتسم عليها الضحكة، ويقومون بتشجيعه على العمل واستكمال طريقه ودراسته حتى يصبح مهندسًا كما يتمنى.