انتكاسة أخرى تعيشها الأوضاع الليبية فى الوقت الراهن، بعد التحركات الأخيرة على الأرض لعدد من الكتائب والميليشيات التى أطاحت ضمنيًا باتفاق باريس الذى نصر على إجراء الانتخابات الرئاسية نهاية العام الجارى. الهجوم الذى قامت به ميليشيا إبراهيم الجضران أمر حرس المنشآت النفطية السابق على المنطقة النفطية فى رأس لانوف بالهلال النفطية اعتبرته الأطراف السياسية فى ليبيا محاولة لإشعال الحرب بين الأطراف الليبية مرة أخرى. وقال صبرة عبدالكريم بغرفة عمر المختار إن الهجوم على الحقول والموانئ النفطية مخطط له من مخابرات دول لا تريد استقرار ليبيا. وأوضح أن بعض الدول التى تسعى لتخريب ليبيا قامت بتلك الترتيبات من أجل عدم تحقيق مخرجات اجتماع فرنسا، وما نتج عنه من تحديد موعد لانتخابات رئاسية وبرلمانية تخرج ليبيا من الأزمة الراهنة. وأكد أن كلا من قطروتركيا تدعمان ميليشيا الجضران، وأن بريطانيا هى الأخرى تقف بشكل مباشر وراء العمليات فى الهلال النفطى، وذلك لعرقلة الخطوات التى تقوم بها القوات المسلحة العربية الليبية فى درنة وغيرها. فى ذات الإطار قال مفتاح أبوخليل السياسى الليبى أن أولى العقبات التى ظهرت عقب اجتماع باريس هو استدعاء إيطاليا للمجلس الرئاسى وإجباره على توقيع مذكرة تفاهم لإرسال البوارج الإيطالية للسواحل الليبية، وهو الأمر الذى طرح علامة استفهام كبرى بشأن مهام البوارج والأسلحة التى حملتها، وتابع أن تركياوقطر طلبا من رئيس ما يسمى بالمجلس الاستشارى الأعلى للدولة غير الدستورى خالد المشرى التنصل من اتفاقات باريس، وأن كل هذه الأحداث قادتهم إلى إشعال المعركة فى الهلال النفطى خاصة أن إنتاج النفط شهد ارتفاعًا ملحوظًا فى ظل سيطرة القوات المسلحة وحمايتها للحقول والموانئ النفطية وتسليمها إلى المؤسسة الوطنية للنفط. وطالب القبائل الليبية العريقة التى ذكرها المجرم الجضران فى خطاباته بتوضيح موقفها من الهجوم وتفجير خزانات النفط التى قامت بها الجماعات الإرهابية المتحالفة معه. من ناحيته كشف ناصر الهوارى عن تحركات الكتائب والعناصر الموالية لجماعة الإخوان فى ليبيا، وذلك لوقف التحركات العسكرية لعملية تحرير درنة وما بعهدها، وكذلك وقف العمل باتفاق باريس، خاصة أن الجماعات المسلحة ترفض الدخول إلى عملية الانتخابات الرئاسية. وحسب مصادر مطلعة ومقربة من المجلس الأعلى للدولة فى ليبيا، فإن المجلس يسعى إلى رفض ترشح المشير خليفة حفتر للرئاسة، وتشكيل حكومة موسعة أو مجلس رئاسى من البرلمان بطبرق والمجلس الأعلى للدولة باعتبارهما الجسمين السياسيين فى الدولة، غير أن برلمان طبرق فى الشرق يرفض هذا الأمر، وسعى لإجراء الانتخابات نهاية العام الجارى. وأكدت المصادر أن الكتائب والميليشيات المدعومة من قطر تسعى لعرقلة أى اتفاق من شأنه إنهاء الأوضاع الراهنة، تخوفًا من حسمها لصالح الجيش الليبى والبرلمان فى الشرق. وشددت المصادر على أن الدور الإيطالى فى الأزمة لا يقل عن الدور القطرى، خاصة أن إيطاليا تعد خصما لفرنسا فيما يتعلق بالمصالح النفطية فى ليبيا وعملية الاستثمارات، وترغب فى عدم إتمام أية عملية توافقية من خلال فرنسا. يأتى ذلك فيما كشف محمد الدرناوى أحد سكان مدينة درنة عن العلاقة بين إبراهيم الجضران قائد المجموعات المهاجمة، وتنظيم شورى مجاهدى درنة الذى أخرجه الجيش الليبى من درنة بعد تحريرها، وأن التنظيم الذى انضمت عناصره لقوات الجضران لمهاجمة الهلال النفط يتلقى تعليماته وتمويلاته من المؤتمر الوطنى العام فى طرابلس، وهو الجسم السياسى لجماعة الإخوان المسلمين فى ليبيا، وأوضح أن اجتماعات دارت على مدار الأسبوع الماضى بين عناصر من المؤتمر الوطنى وقوات الجدران، وتم الاتفاق على مهاجمة منطقة الهلال النفطى بما يضمن تشتيت القوات، وعرقلة أية تحركات نحو عمليات التسوية السياسية. وأوضح أن الهدف هو تشتيت القوات المسلحة حتى تخرج من درنة لاستعادة الهلال النفطى، ومن ثم تعود عناصر شورى مجاهدى درنة لاحتلال المدينة مرة أخرى. وأكد أن رئيس المجلس الأعلى للدولة خالد المشرى المنتمى لجماعة الإخوان المسلمين فى ليبيا رفض فى وقت سابق عملية تحرير درنة، وقال إن من فيها ليسوا بإرهابيين، وأن مسعى رئاسى الليبى أيضا عرقلة الاتفاق السياسى حتى يضمن البقاء على رأس الدولة بالتشكيل الذى يرفضه مجلس النواب الليبى فى طبرق. وأكدت المؤسسة الليبية للنفط أن إغلاق منشآت النفط، والنزاع المسلح المستمر حول بعض الحقول والموانئ كلف ليبيا أكثر من 130 مليار دولار منذ أواخر عام 2013. لم تنتظر القوات العربية المسلحة الليبية سوى ساعات بعد سيطرة قوات الجضران على الهلال النفطى، حتى أعدت العدة وتمكنت من خلال عملية خاطفة استغرقت عدة ساعات الخميس الماضى، وتمكنت من قطع الطريق على الاجتماعات التى تمت خلال الساعات التى سبقت السيطرة، وكانت تهدف لطلب الحماية الدولية على منطقة الهلال النفطى، إلا أن الجيش الليبى استعاد المنطقة مساء الخميس الماضى 21 يونيو. «الصباح» تواصلت مع أحد القيادات العسكرية بالجيش الليبى، والذى أكد أن القوات المسلحة لن تقف عند تحرير درنة، واستعادة منطقة الهلال النفطى وأنها تتحرك، لطرد الميليشيات والكتائب من بعض المدن التى تسيطر عليها، وإعادتها ضمن منظومة الأمن التى ستشمل جميع المناطق الليبية تمهيدًا لإجراء الانتخابات الرئاسية نهاية هذا العام.