نفذنا 92 عملية قتالية.. ودمرنا خزانات الوقود الخاصة بإسرائيل فى حرب أكتوبر عبد الناصر زارنى فى مستشفى المعادى.. وأمر بعودتى للجبهة فى منزله الكائن بمنطقة مصر الجديدة، يجلس اللواء محيى نوح، قائد المجموعة 39 قتال، التى تشكلت من وحدات من الصاعقة المصرية، ووحدات الصاعقة البحرية، ومجموعة من المهندسين العسكريين آنذاك، نياشينه العسكرية التى حصل عليها طوال مدته مازالت تزين حوائط بيته. اللواء محيى نوح من أبناء محافظة الشرقية، وتولى قيادة المجموعة 39 بعد استشهاد مؤسسها إبراهيم الرفاعى، يروى فى حوار ل«الصباح» أن حرب أكتوبر 73 كسرت الحاجز النفسى بين الجندى المصرى والإسرائيلى، حيث كان يسمى الأخير نفسه بأنه الجندى الذى لا يقهر، لكن بعد النصر تلاشت كل هذه الادعاءات. وإلى نص الحوار: * فى البداية حدثنا عن مشاركتك فى حرب اليمن ؟ - حينما تخرجت فى الكلية الحربية، وأخذت فرقة صاعقة، عينت مدرسًا فى مدرسة الصاعقة لمدة عامين، بعدها اختارنى الرئيس الراحل جمال عبدالناصر للمشاركة فى حرب اليمن، ولم أتأخر لحظة فى ذلك، وهناك استفدت الكثير من هذه الحرب، لطبيعة الأراضى اليمنية الصعبة، وكنت لا أترك حق أى مصرى هناك من العسكريين ونقوم بعمليات قتالية للآخذ بالثأر. * هل ورط الرئيس عبدالناصر الجيش فى حرب اليمن ؟ - لا طبعًا، عبدالناصر كان زعيم الأمة العربية، وبالتالى لا يتأخر عن أى دولة عربية تريد مساعدتها فى التخلص من الاستبداد والظلم، وحاليًا فهناك قوات حفظ سلام تابعة للأمم المتحدة، يشارك فيها عدد كبير من الجنود من جنسيات مختلفة ومنها مصر، فهل ذلك توريط للجيش؟ * كيف عدت إلى مصر بعد حرب اليمن؟ - أصيبت فى حرب اليمن برصاصة فى زراعى، بعد أن نصب لى اليمنيون كمينًا، وصدرت الأوامر بالعودة لمصر، وتمركزت كتيبتنا فى شرم الشيخ، وبدأت علامات التوتر بين مصر وإسرائيل تظهر بغلق الرئيس جمال عبدالناصر خليج العقبة، وسحب مراقبى الأممالمتحدة من على الحدود فى مايو 1967، حيث كان هناك لواء مظلات بقيادة العقيد عبدالمنعم خليل، وبعد أن قامت إسرائيل بشن هجومها على مصر وضربها للمطارات العسكرية صدرت الأوامر بانسحاب الكتيبة لمدينة الإسماعيلية، خاصة أن أغلب قوات الجيش المصرى لم يحاربوا من الأساس، فنحن تلقينا الضربة الأولى من قوات العدو، ولم نرد عليها ثم صدرت أوامر الانسحاب. * وماذا حدث بعد ذلك؟ - وصلت الكتيبة إلى محافظة الإسماعيلية، وصدرت لنا أوامر بأن هناك لواء مدرع إسرائيلى على المحور الشمالى فى العريش والقنطرة، وعلينا إيقافه بأى ثمن، وكان المقدم إبراهيم الرفاعى معنا فى هذا التحرك، وتحركت الكتيبة على المحور الشمالى إلى أن تمركزت أمام اللواء المدرع الإسرائيلى، حين شاهد الكتيبه توقف، وبدأ يعيد حساباته بعد أن توهم أن الطريق إلى القناة أصبح مفتوحًا على مصراعيه، ولم يكن يتوقع أى مقاومة، فأرسل طائرات استطلاع فوقنا ووقتها حفرنا حفر برميلية فى الرمال ونزلنا فيها، وقمنا بتوسيع تشكيلات الكتيبة حتى يعرف الإسرائيلون بأن عددنا كبير. *وهل تمكنتم من وقف اللواء الإسرائيلى؟ - نجحنا فى خداع اللواء الإسرائيلى خاصة أن كتيبنا هى الوحيدة التى تمركزت فى هذه المنطقة لحماية قناة السويس، وانتشرنا فى عدة مناطق منها منطقة رأس العش، والكاب، والتينة، حيث وضعت بكل منها فصيلة للدفاع عنها، وبعدها بأيام تحركت قوة للعدو عبارة عن أربع عربات نصف جنزير ودبابتين تجاه مواقعنا، وكانت الأوامر الصادرة حينها بعدم الاشتباك مع العدو من دون أوامر عليا، وكان معى ضابط يسمى محمود حنفى فأعطيته مدفع 57 مم وأمرت الجنود بالاستعداد للاشتباك، وأخذت مجموعة من الجنود، وأخذت مكانًا بأعلى فنطاس مياه ومنعت الرد على اللاسلكى، وكانت إشارة الضرب هى أول طلقة أر بى جى -7 سأطلقها على العدو، وكان تدمير أول سيارة للعدو هى البداية. * كم عدد العمليات التى قامت بها المجموعة 39 قتال؟ - 92 عملية فدائية قامت بها الكتيبة، وأتذكر جيدًا، ووقتها كنا ننفذ عمليات ثأر لجنودنا الذين استشهدوا، نتيجة الهجمات الغادرة من قبل العدو الإسرائيلى، ومن أكثر العمليات التى أثرت فينا هى عملية الثأر للفريق عبدالمنعم رياض، الذى استشهد فى مارس 1969 عندما كان يزور الجبهة، ويمر بجنوده فى الخطوط الأمامية وفى آخر المرور دخل إلى نادى الشاطئ الخاص بهيئة قناة السويسبالإسماعيلية وكان فى مواجهة ذلك النادى فى الضفة الشرقية موقع للعدو يسمى لسان التمساح، وكان هذا الموقع دائمًا ما يوجه قذائف صاروخية وقذائف هاون على مدينة الإسماعيلية، دمرت عددًا كبيرًا من منازل المدينة بخلاف الضحايا من المدنيين، فأطلق قذائف الهاون والصواريخ، واستشهد الفريق عبدالمنعم رياض فورًا، وهذا ما أثر على الجنود خاصة وأن الفريق كان من أعظم الشخصيات العسكرية. صدرت التعليمات بالانتقام وأوكل ذلك للبطل إبراهيم الرفاعى، وبعد استشهاده بأربعين يومًا هجمنا على الموقع وكان هذا الموقع عبارة عن دشم فعبرنا القناة عن طريق القوارب المطاطية، وضربت قوات المدفعية المصرية الموقع، ثم نزلنا جنوب الموقع على بعد حوالى 100 متر، وكنت قائد مجموعة الاقتحام وإبراهيم الرفاعى قائد المجموعة 39 معنا، وأعطى أوامر للمدفعية بوقف الضرب وبدأنا باقتحام الموقع، واستخدمنا فى تلك العملية قنابل الدخان والقنابل اليدوية ثم الرشاشات والأسلحة البيضاء وقضينا على قوة الموقع كاملًا وأحرقنا كل ما كان فى الموقع من دبابات وسيارات وأحضرنا أسلحة من الموقع وأنزلنا العلم الإسرائيلى ورفعنا العلم المصرى، وسمع صراخ الجنود الإسرائيلى جميع قوات الجيش الإسرائيلى على وحدات اللاسكلى، وأصبت فى تلك العملية وتم نقلى إلى مستشفى القصاصين ثم مستشفى المعادى العسكرى. * هل التقيت الرئيس جمال عبد الناصر؟ بالفعل بعدما أصيبت فى معركة لسان التمساح انتقامًا لمقتل الفريق عبدالمنعم رياض، نقلت لمستشفى المعادى العسكرى، وهناك زارنى الرئيس عبدالناصر، واستمع لى ولتفاصيل العملية التى قمنا بها، وسألنى ماذا تريد، أخبرته أننا نريد أن نحصل على أسلحة متطورة وأن أعود مرة أخرى للجبهة لمشاركة زملائى فى العمليات التى يقومون بها فأمر أن أعود مرة أخرى إلى هناك، ومرت عدة سنوات، وتوفى عبدالناصر، والتقيت الرئيس السادات فى أحد الندوات بالقاهرة وطالبته بأن يتم الاستمرار فى العمليات القتالية التى نقوم بها بعد أن اشتكت إسرائيل من العمليات التى نقوم بها فضحك السادات وقال لى: لن نتوقف عن عملنا. * ماذا عن حياتك الشخصية وأسرتك؟ - أنا رجل شرقاوى، وعلمت بأن زوجتى فى المستشفى توضع، فأخذت إجازة وذهبت إلى هناك، فأخبرونى أن زوجتى وضعت بنتًا، فحزنت وعدت إلى الكتيبة، ووقتها أعلنت جولدا مائير رئيس وزراء إسرائيل أنها ستزور سيناء وتفتح مطار الطور من أجل رفع معنويات الجنود الإسرائيلين، فصدر لنا الأوامر بتدمير هذا المطار، ووقتها أخذنا القوارب المطاطية وأثناء ذهابنا إلى هناك، ارتطم القارب بموج البحر فسقطت تحته، وإذا بى تمسكت بالحبل وإذا تركته سيقسم ماتور القارب رأسى نصفين، وقتها جاءت صورة بنتى فى ذهنى تعاتبنى على تركى لها فطلبت منها أن تسامحنى، فإذا بمساعد القارب يفصل الماتور وأخرج من تحت القارب، ودمرنا المطار، وأجبرنا جولدا مائير على العودة مرة أخرى. * هل كنت تخفى عملياتك العسكرية عن أسرتك ؟ - طبعًا، فلم يسألنى يومًا أى من أسرتى عنها، خاصة أن هناك مهندسًا كان يأتى إلى الكتيبة، وبعدها فى إحدى العمليات التى قمنا بها أصيب عدد كبير منا، واكتشفنا فى النهاية أن الضابط الفقى الذى كان يعمل مع الموساد بمرافقة هبة سليم الجاسوسة وراء تسريبات بعض المعلومات إلى إسرائيل وأعدم من قبل ضباط الصاعقة. * ماذا كانت مهمتكم فى حرب أكتوبر؟ كنا ندمر مناطق الإمداد والتموين من الوقود فى منطقة بلاعيم بإسرائيل، وكبدناهم خسائر فادحة، وإذا عادى بى الزمن مرة أخرى وطالبتنى مصر بأن أحمل السلاح لا دافع عنها لا أتأخر.