تستعد جمعيات المجتمع المدنى بتقديم قانون للأحوال الشخصية للأقباط يتضمن تطبيق مبادئ المساواة بين الذكر والأنثى فى المواريث، فى ظل تمسك الأبناء الذكور بالأسر القبطية بالاحتكام إلى الشريعة الإسلامية فى المواريث بإعطاء الرجل ضعف المرأة، بتطبيق قوانين المواريث (25 لسنة 1944، و1لسنة 2000» رغم وجود لائحة 1938 الخاصة بالأقباط الأرثوذكس. يحكم مواريث الأقباط أربعة أنظمة، وتطبق مبادئ الديانة المسيحية فقط حال اتفاق الأخوة بالمساواة بتدخل وساطات من قساوسة الكنيسة، أما النظام الثانى فهو العقد «الرضائى» ويتم تقسيمه بإعطاء الفرد الأكثر حاجة إلى المال النصيب الأكبر من الميراث، النظام الثالث هو الرضوة بإعطاء المرأة مبلغًا زهيدًا نظير التنازل عن ميراثها فى الصعيد، والرابع تطبيق الشريعة الإسلامية حال الاختلاف بين الإخوة فى تقسيم الميراث وهو النظام الأوسع تطبيقًا. يوجد خلاف بين الأقباط أنفسهم فى الاحتجاج بنصوص الكتاب المقدس فى المساواة بين الرجل والمرأة فى الميراث، فبعضهم يرى أنه اهتم فقط بالمسائل الدينية، والآخر يرى أن القياس على المساواة فى المسائل الدينية يؤدى إلى المساواة فى الميراث بحسب تصريحات القمص متى صليب ساويرس ل«الصباح». محمد أحمد، المحامى المتخصص فى قضايا الأحوال الشخصية، يروى أبعادًا أخرى لإشكاليات تطبيق الشريعة الإسلامية على الأقباط، وقال إن الأسرة المسيحية تتفق فى أغلب الأحوال على طريقة التقسيم فيما بينهم دون اللجوء للقضاء، لكن الأخ دائمًا ما يكون سبب الاعتراض ويطلب تطبيق الشريعة الإسلامية التى تعطيه الضعف، وطبقًا لكتاب الدكتور مأمون عبدالرشيد «الأحوال الشخصية لغير المسلمين» يجوز للمسيحيين أن يحتكموا إلى الإسلام ويطبقه عليهم القضاء إذا طلبوا ذلك بالتراضى. وقال إن المسألة تتعلق بالماديات «من سيملك كم» وبعض الأحيان حينما يشرع الأخ فى تطبيق الشريعة الإسلامية يتراجع إذا كان الأب على قيد الحياة حال كان المتوفى أحد الإخوة لأنه طبقًا للشريعة الإسلامية سيحجبه مثل الحالة السابقة. مينا جوزيف إسحاق، المحامى، أكد أن عدم تطرق الكتاب المقدس لقضايا الميراث أدى إلى تطبيق النظام العام للدولة، وهو الشريعة الإسلامية بإعطاء الأم الثمن والأبناء الذكر ضعف الأنثى، وهو النظام الأنسب ولا يعترض عليه أحد حال اللجوء للقضاء لأنه راعى اختلاف المسئوليات بين الرجل والمرأة، لافتًا إلى أن المسيحيين يخضعون لنظام الدولة فى الميراث بغض النظر عن مصدر التشريع سواء فى الدول الغربية أو مصر. وقال إن المساواة فى الأمور الدينية فقط لأن العهد القديم من الكتاب المقدس حرم المرأة فى بعض الآيات من الميراث، وتقسيمه بالتساوى يرجع إلى تدخل أحد قساوسة الكنيسة وإقناع الأسرة بعدم الاختلاف. الحكم الاستثنائى بالمساواة بين الرجل والمرأة فى الميراث كان من نصيب «وداد منقوريوس» من المطرية، تركت شقيقتها ميراثًا عبارة عن عقارات وأموال، وصدر حكم المحكمة عليها فى أول درجة بتطبيق الشريعة الإسلامية لكنه عدل فى الاستئناف. ويروى «جوزيف» نجل السيدة وداد، أن الأمور كانت مستقرة ولم يطالب أحد بالميراث حفاظًا على العلاقات الأسرية لكن بعد سوء الأحوال تم استغلال الميراث فى المكايدات ولجأ الأخ المهاجر إلى أمريكا للاحتكام إلى القضاء وطلب تطبيق الشريعة الإسلامية. يضيف: تخرجت فى كلية الحقوق، وأعرف القانون جيدًا قبل عملى الحالى واعتمدت مع المحامى على كتاب للأنبا رافائيل بأحكام المواريث فى المسيحية حيث يرى أن الكتاب المقدس ساوى فى الميراث بين الرجل والمرأة وهو ما استند إليه مع المحامى فى مذكرة الاستئناف. وأشار إلى أنه تواصل مع سكرتير البابا تواضروس لاعتماد الحكم فى الكنيسة وضم المواريث لقانون الأحوال الشخصية ومن المفترض تنظيم لقاء مع البابا. فكرى شنودة محامى الأسرة، الذى حصل على الحكم قال إن الأقباط لا يطبقون لائحة الأرثوذكس رغم إقرار الدستور الجديد بحجة عدم وجود قانون خاص بمواريث الأقباط فاللائحة ليست فى قوة القانون. وأوضح أن عدد قضايا الميراث الخاصة بالأقباط تصل إلى 20 ألف قضية بالمحاكم آخر ثلاث سنوات منذ عام 2014 تخضع جميعها لتطبيق الشريعة الإسلامية مشيرًا إلى أن عدم وجود محاكم ملية فى مصر سوى الدائرتين 157 و158 فى التجمع الخامس يؤدى إلى عدم تطبيق قوانين الأقباط بعد إلغاء الرئيس عبدالناصر القضاء الشرعى والملى فى مذبحة القضاء المعروفة. من جانبه أكد منصف سليمان مستشار الكنيسة الأرثوذكسية أن قانون الأحوال الشخصية للأقباط لا يتضمن نصوصًا خاصة بالمواريث ولم يتطرق إليها منذ أن تم صياغته بالمجمع المقدس مارس 2016. من جانبه قال الدكتور سليمان شفيق الكاتب والمفكر القبطى إن الأمر لا يتعلق بالديانة بقدر ما يتعلق بعادات المجتمع. وأكد شفيق أن الرجال فى المجتمع القبطى يختارون موقف الأزهر فى تطبيق قضايا الميراث التى تعطى الذكر مثل ضعف الأنثى فى الميراث، مشددًا على أن التغيير الثقافى يحتاج قوانين يتم تفعيلها وتطبيقها، وإلا فلن يتغير شىء فقانون دور العبادة رغم إقراره من مجلس النواب لم يتم تفعيله حتى الآن. وجزم بعدم تطبيق قانون المساواة فى الميراث فى تونس أيضًا لأنها ترتبط بشكل كبير بثقافة البحر المتوسط والشرق الأوسط حتى وإن كانت متقدمة إلى حد كبير فى مجال المعرفة والحريات، مطالبًا بضرورة إنشاء مفوضية عدم التمييز التى نص عليها الدستور لترسيخ مبادئ المواطنة بشكل مساوٍ بين المسلمين والمسيحيين وإقرار قانون موحد للأحوال الشخصية.