التعاون الاقتصادى العسكرى مع أربع دول إفريقية يثمر نتائج مبشرة الاستثمار فى مجالات الطيران والمقاولات والثروة الحيوانية مع تشاد الزراعة والصحة والثروة الحيوانية والطاقة.. أهم مجالات الاستثمار فى إفريقيا أكدت زيارة الرئيس السيسى الأخيرة لإفريقيا، أن مصر هى قلب القارة السمراء النابض بالرغبة فى دعم الأشقاء الأفارقة والتعاون معهم فى كل المجالات. حيث كان لزيارة الرئيس عبدالفتاح السيسى، الأسبوع الماضى، لأربع دول إفريقية والتى بدأها بزيارته دولة تنزانيا. واختتمها بالتشاد صدى واسع بالأوساط العربية والإفريقية. كما أثمرت عن مناقشة العديد من الملفات والقضايا المهمة، كان أهمها التعاون العسكرى ومكافحة الإرهاب، خاصة مع كل من الجابون وتشاد وكذلك مجالات الاقتصاد وتبادل الثقافات والتجارة المشتركة بين البلدين. ولم يأت اختيار الدول الأربع على سبيل الصدفة فكل منها لها علاقات خاصة وتاريخية ارتبطت مع مصر منذ زمن بعيد. والبداية من دولة تنزانيا، إحدى دول حوض النيل الإحدى عشر التى ارتبطت مع مصر بعلاقات وثيقة. وكانت دومًا تمثل نموذجًا ناجحًا للتعاون البناء، وذلك منذ عهد الزعيمين الراحلين جمال عبد الناصر وجوليوس نيريرى اللذين انشغلا بفكرة واحدة وهى الوحدة الإفريقية والدفاع عن قضايا القارة السمراء فى مختلف المحافل الدولية. وقد أولى الرئيس السيسى اهتمامًاخاصًا بالقارة السمراء، منذ بداية فترة توليه لحكم مصر، وهذا ما أعاد مصر لدورها القيادى والرائد فى وسط القارة. وذلك بعد فترة انقطاع دامت لعشرات السنوات خلال فترة حكم الرئيس السابق مبارك. والذى أغلق الملف الإفريقى نهائيًا على مصر عقب تعرضه لمحاولة اغتيال فى العاصمة الإثيوبية أديس أبابا، وقد كانت زيارة الرئيس لتنزانيا مثمرة للغاية خاصة بعد الاتفاق على زيادة حجم التبادل التجارى وزيادة الاستثمارات المشتركة بين البلدين خاصة بين القطاع الخاص الذى زادت أنشطته بصورة ملحوظة خلال السنوات الماضية خاصة. وهناك صور مشرفة وناجحة لشركات مصرية عاملة فى تنزانيا خاصة فى مجال الإنشاءات والاستشارات الهندسية والبنية التحتية. وقد أثمرت الزيارة لهذه الدولة الواعدة عن تشجيع التبادل التجارى فى مجالات الزراعة والصناعات الدوائية والطاقة والثروة المعدنية، خاصة وأن هناك تعاونًا بالفعل تقوم به الحكومة المصرية ممثلة فى وزارة الموارد المائية والرى لحفر آبار المياه. وكذلك مشروعات أخرى لإنشاء المزارع المشتركة خاصة الأرز. وتعد دولة تنزانيا، أفضل دول القارة السمراء فى تنفيذ خطط مكافحة الفساد وتطوير الأداء الإدارى للدولة بالتعاون مع مصر التى تقوم بدور كبير فى هذا الشأن، والتى تتبنى إستراتيجية وطنية لمكافحة الفساد 2014/ 2018. وكان أهم ما طرح خلال زيارة الرئيس لدولة تنزانيا الشقيقة، هو تعزيز الأمن والسلم وقضية منطقة البحيرات العظمى وقضية الحوار الوطنى فى بوروندى واستيعاب اللاجئين من هناك جراء الأزمة التى تشهدها المنطقة حاليًا. وتولى دولة تنزانيا أهمية خاصة بالزيارة ونتائجها، حيث إنها تعد الأولى لرئيس مصرى منذ عام 1968 حيث تدعم مصر تنزانيا فى العديد من الإسهامات بمجالات الاقتصاد والتبادل التجارى وتشجيع الاستثمارات، كذلك السياحة والتصنيع الدوائى ومجالات الثروة الحيوانية لإنشاء مشروعات مستقبلية منها مجزر مصرى ضخم فى تنزانيا بهدف تلبية الاحتياجات المصرية من اللحوم والاستفادة من الثروة الحيوانية الكبيرة هناك، كذلك تقوم مصر بدعم شقيقتها بالقدرات الفنية لتحقيق التنمية خاصة نحو الاستفادة من نهر النيل لجميع دول حوض النيل دون الإضرار بمصالح مصر المائية. وكان للملف العسكرى والتعاون لمكافحة الإرهاب اهتمام خاص خلال زيارة الرئيس للدول الأربع السمراء لمكافحة الإرهاب والحفاظ على أمن واستقرار المنطقة. وتعد المحطة الثانية للرئيس خلال زيارته التاريخية والهامة لإفريقيا هى رواندا والتى صنفتها الكوميسا هذا العام بأنها الأعلى تنمية. وذلك بفضل مكافحتها للفساد ونمو اقتصادها بسرعة مذهلة، وقد استطاعت أن تكون مثلًا يحتذى به العالم حيث بدأت من الصفر، وأثبتت نفسها عالميًا بين الدول فى أقل من عشرين عامًا بعد تعرضها لأبشع مجزرة فى التاريخ بين قبيلتى التوتسى والهوتو. وهو الصراع الذى راح ضحيته أكتر من مليون شخص فى أقل من مائة يوم. وتعد رواندا أولى دول القارة الإفريقية تنمية حيث فاز موخرًا رئيسها السابق بول كاجامى بفترة رئاسية جديدة، وذلك باختيار ساحق من قبل شعبه الذى يواليه طوعًا ودعمًا إيمانًا منه بمدى تقدم وتطور رواندا المذهل فى فترة قصيرة من الزمن خاصة بعد الإنجازات التى حققها خلال فترتى رئاسته وتحقيق تنمية اقتصادية واجتماعية وثقافية بشكل ملحوظ. وتعد رواندا إحدى دول حوض النيل الإحدى عشر التى لها أهمية خاصة لمصر والتى سعى الرئيس السيسى خلال زيارته لمزيد من التعاون الاستثمارى والاقتصادى والتبادل التجارى خاصة للقطاع الخاص، وفى مجالات الاتصالات والسياحة والزراعة والطاقة وأيضًا تبادل الخبرات فى مجالات التنمية خاصة من خلال البرامج والدورات والدعم الفنى التى تقدمها الوكالة المصرية للشراكة من أجل التنمية والمبادرة المصرية لتنمية دول حوض النيل. وأهم ما اتفق عليه أيضًا التعاون العسكرى لدحر خطر الإرهاب والجماعات الإسلامية المسلحة التى تلجأ إلى بعض بقاع فى القارة السمراء ومحاربة الفكر المتطرف لانتشار التنظيمات الإرهابية بما يستوجب تكثيف التعاون الدولى بفاعلية لمحاصرة التنظيمات وتجفيف مصادر الإرهاب. وتعد زيارة الرئيس لرواندا زيارة مهمة على المستويين، وتمتد تاريخيًا فى دعم رواندا حتى حصولها على الاستقلال، وكذلك حاليًا تنعم العلاقات بمزيد من الدعم والتعاون خاصة فى مجالات الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات وتطوير البنية التحتية والتدريب الفنى وبناء القدرات التى تدعم رواندا. ويأتى هدف الزيارة الأول لدعم قضية حوض النيل وضمان العلاقات المشتركة حفاظًا على حصة مصر من مياه النيل وذلك دعمًا لقمة دول حوض النيل التى عقدت مؤخرًا بعنتيبى، لتعتبر بداية لحوار بناء وفعال بين قادة دول حوض النيل من أجل تحقيق المصالح المشتركة والتنمية الشاملة مع الحفاظ على مصالح الشعب المصرى الذى يعتمد بشكل أساسى على نهر النيل لتوفير المياه كذلك نالت قضية إصلاح الاتحاد الإفريقى اهتمامًا خاصًا خلال المباحثات، وذلك لتحقيق الكفاءة اللازمة فى أعماله وكان لمكافحة الإرهاب أيضًا دور لمحاربة الأفكار المتطرفة الدينية التى تدمر ملايين الشباب وتستغل الفقر والجهل والاحتياج للترويج لأفكارها لحماية القارة من الهجمات الإرهابية التى يروح ضحيتها سنويًا مئات الآلاف من الأبرياء. أما المحطة الثالثة والهامة أيضًا فى هذه الزيارة هى دولة الجابون التى جاءت زيارتها متواكبة مع الاحتفالات بعيدها الوطنى. وقد أدت المباحثات فى الزيارة إلى طرح العديد من الملفات أهمها التعاون السياسى والاقتصادى والأمنى والعسكرى والتبادل التجارى من خلال إحياء اللجنة المشتركة التى كانت متوفقة منذ عام 2008. والتى ستنعقد خلال الشهور المقبلة فى الجابون وأيضًا اتفق الطرفان على زيادة حجم معدلات التبادل التجارى وتشجيع الاستثمارات المصرية الجابونية وتكثيف برامج التدريب التى تقدمها أيضًا الوكالة المصرية للشراكة من أجل التنمية فى المجالات المدنية والعسكرية لتحقيق الاستقرار فى إفريقيا الوسطى فى ضوء جهود الرئيس الجابونى على بونجو أثناء رئاسته الحاليّة للجماعة الاقتصادية لوسط إفريقيا لإصلاح الهيكل المؤسسى لهذا المجتمع ليصبح المظلة الجامعة لأطر المشترك فى وسط إفريقيا. وقد اتفق الجانبان على التعاون فى إطار الاتحاد الإفريقى والأمم المتحدة وأجهزتها المختلفة لصالح القارة السمراء. وكان من المهم خلال هذه الزيارة أيضًا تفعيل الاتفاقات التى تم التوقيع عليها بين البلدين خلال زيارة الرئيس الجابونى لمصر العام الماضى، وتفعيل التعاون فى مختلف المجالات خاصة القطاع الخاص والشركات المصرية المتميزة وزيارة التعاون الصحى فى ضوء مستشفى مصرى فى الجابون يقدم الخدمات الطبية للشعب الجابونى، وكذلك التعاون الاقتصادى والأمنى والعسكرى. وكذلك الملف البيئى فى ضوء اهتمام الرئيس بتنسيق أعمال لجنة رؤساء الدول والحكومات الأفارقة حول التغيير المناخى خلفًا للرئيس السيسى وكذلك دعم قضايا تغيير المناخ بالقارة الإفريقية. ولعل من أكثر الملفات اهتمامًا وأهمية هو ملف التعاون الأمنى والعسكرى لمواجهة الإرهاب الذى بات يشكل خطرًا كبيرًا على القارة السمراء والعالم والاتفاق كذلك على عقد اللجنة المشتركة بين الدولتين قبل نهاية العام الجارى فى الجابون بهدف تفعيل التعاون على كل الأصعدة. كما اتفق الطرفان على مزيد من التبادل التجارى خاصة فى مجال تصنيع الأخشاب عالية الجودة التى تشتهر بها الجابون لتوفير احتياجات السوق المصرى من الأخشاب فى ضوء تنفيذ مشروع مدينة الأثاث فى دمياط والمدن الجديدة الجارى إنشاؤها فى كل أنحاء مصر. وعن زيارة السيسى إلى آخر محطة خلال جولته الإفريقية وهى دولة تشاد وتعد الرابعة والأخيرة فى هذه الجولة. والتى تتميز بعلاقات تاريخية ووثيقة مع مصر منذ استقلالها حيث تعد تلك الزيارة هى الأولى لرئيس مصرى وللرئيس السيسى أيضًا لدعم دولة تشاد وفتح مزيد من التعاون والاستثمار ومساعدة تشاد فى تبادل تجارى أفضل للطرفين لتسهيل الحركة بين مصر وتشاد. وكذلك دعم مصر للرئيس التشادى لتجمع الساحل والصحراء الذى يعد ثانى أكبر تجمع فى إفريقيا بعد الاتحاد الإفريقى رغم الصعوبات التى تواجه تشاد فى حفظ السلام والأمن والتصدى للإرهاب والتطرّف فى منطقة الساحل الإفريقى لمواجهة الإرهاب عسكريًا. ومن أهم ثمار المباحثات بين الرئيسين ونتائج الزيارات المثمرة هى إعفاء رجال الأعمال المصريين من الحصول على تأشيرات دخول لتشاد فى إطار حرص الدولة التشادية على جذب المستثمرين المصريين وتوفير التسهيلات اللازمة لهم. خاصة فى مجالات البناء والمقاولات خاصة شركتى المقاولون العرب ومصر للطيران. وقد اتفق الرئيسان أيضًا على مزيد من التعاون الزراعى. والصحى وفى مجالات التعليم والثروة الحيوانية والرى والبنية التحتية والطاقة ومكافحة الإرهاب الذى انتشر بالقارة خلال الفترة السابقة، وكان آخرها حادث بوركينا فاسو الإرهابى وضرورة مواجهة التنظيمات الإرهابية وجماعات الجريمة المنظمة. كما سيتم قريبًا تفعيل لجنة مشتركة بين البلدين خلال نهاية العام الجارى بهدف دفع مجالات التعاون بين البلدين على مختلف الأصعدة. وفى نهاية الزيارة للدول الأربع وجه الرئيس الدعوة لكل رؤساء الدول الأربع إلى حضور مؤتمر منتدى شباب العالم فى نوفمبر المقبل، ومؤتمر إفريقيا فى ديسمبر المقبل فى شرم الشيخ، وكذلك دعوة كل شباب الدول الإفريقية الواعدة. والتى تعد مصر شريكة لها فى التنمية ولها دور واعد وقوى فى دعم الدول الإفريقية والتى تعد مستقبل العالم خلال الفترة المقبلة.