الرباعى العربى متمسك بشروطه ما لم تتراجع قطر أكد السفير جمال بيومى، مساعد وزير الخارجية الأسبق، وأمين عام اتحاد المستثمرين العرب أن الدول الصغرى دائمًا تبحث عن دور، وهو ما أوقع قطر فى دعمها للإرهاب. وأشار «بيومى إلى أن قطع العلاقات مع قطر فضيحة دبلوماسية على مستوى العالم، لأن قطع العلاقات يدين الدوحة، وهذا ما دفع الدول العربية الكبرى للتخلى عنها، مؤكدًا أن الدول الأربع ستظل متمسكة بسقف شروطها ما لم تفض الوساطات إلى الضغط على قطر لتنفيذ التزاماتها. * هل قرار قطع العلاقات مع قطر أثر اقتصاديًا؟ - قطع العلاقات بين الدول أقصى العقوبات، حيث يعنى سحب السفير ومغادرته البلاد وطاقم السفارة، وتنكيس العلم (عدم رفع علم الدولة بالسفارة)، إلى أن تقبل دولة صداقة مشتركة القيام بدور رعاية المصالح المشتركة، وفى هذه الحالة ترفع الدولة الصديقة علمها بالسفارة، وليس علم الدولة صاحبة السفارة. قرار قطع العلاقات ليس المقصود به معاقبتها اقتصاديًا حيث إن زبائنها من المستوردين للبترول، ليسوا عربًا، وبالتالى لن يتأثر هذا القطاع، لكن المشكلة فى الشئون القنصلية والسياسية، لأن منع الطيران من العبور فى الأراضى السعودية، أو الإماراتية، سيعوق حركة البشر إلى قطر، حيث يجعل من يرغب فى التوجه إليها يذهب إلى قبرص أو غيرها من الدول البعيدة، وقرار قطع العلاقات لم يؤثر على العلاقات الاستثمارية والتجارية والاقتصادية المصرية القطرية المشتركة، خاصة أن القمة العربية التى انعقدت فى عمان 1982، أوصت بتحييد العلاقات الاقتصادية العربية من أى تأثيرات تطورات سلبية فى العلاقات السياسية المشتركة، وعادة العرب لا يقطعون العلاقات الاقتصادية، ما لم يكن هناك قرار بذلك صادر عن جامعة الدول العربية، ولدينا مثال واضح على ذلك ما حدث مع مصر فى 1979 بمقاطعة الدول العربية لمصر على خلفية اتفاقية السلام مع إسرائيل، حيث زادت التجارة وقتها رغم المقاطعة. لكن ماذا عن الوضع الحالى مع قطر؟ قطر تحتل المرتبة الرابعة فى الاستثمارات العربية بمصر بعد السعودية والإمارات والكويت، والتأثير لن يكون بالدرجة التى يتوقعها البعض. * كيف ترى الدور الأمريكى فى حل الأزمة والسيناريو المتوقع؟ - أمريكا تستخدم دائمًا المعايير المزدوجة فى هذه القضايا، فهى من صنعت الصراع فى الشرق الأوسط، وساهمت فى رعاية تنظيم القاعدة الإرهابى، السيناريو المتوقع هو تعميم مبدأ المصالح المشتركة، فالدول العربية لا تريد أن تدخل فى صراع مع الولاياتالمتحدةالأمريكية، خاصة بعد زيارة ترامب الأخيرة إلى السعودية ومشاركته فى القمة الإسلامية الأمريكية لمكافحة الإرهاب، والجميع يعلم المصالح التى تربط الولاياتالمتحدةوقطر، فالأولى حريصة على قاعدتها العسكرية، ولذلك كان من المتوقع أن تقبل الدول العربية الجلوس على طاولة المفاوضات لإنهاء الأزمة واستغلال قرب أمريكا من قطر لإقناعها بقبول مطالب الدول الأربع، خاصة أن مذكرة التفاهم «القطرية - الأمريكية»، بشأن مكافحة الإرهاب، هدفها الالتفاف حول موقف الدول الأربع المقاطعة لقطر بسبب دعمها للجماعات الإرهابية، وبعد تلك المذكرة أصدرت الدول العربية الأربع الداعية لمكافحة الإرهاب بيانًا بشأن مذكرة التفاهم الأمريكيةالقطرية، والذى أكدت فيه أن توقيع مذكرة تفاهم لمكافحة تمويل الإرهاب بين الولاياتالمتحدةالأمريكية والسلطات القطرية، نتيجة للضغوط والمطالبات المتكررة طوال السنوات الماضية للسلطات القطرية من قِبَل الدول الأربع وشركائها بوقف دعمها للإرهاب. * رؤيتك للبيان الصادر عن الدول الأربع؟ - البيان جاء واضحًا، ومؤكدًا لموقف الدول الأربع من استمرار قطر فى تمويل الإرهاب، واحتضان العناصر الإرهابية، والتدخل فى الشئون الداخلية لدول الخليج، وأفسد المخطط القطرى الذى يهدف للالتفاف حول الأزمة عبر الوساطة الأمريكية، ولذلك أرى البيان متوازنًا، ولم يحمل أى تغيرات فى موقفها، ويتفاعل مع تطورات الموقف القطرى الأمريكى، ومتماسكًا وإيجابيًا، لكن المطلوب من الدول الداعية لمكافحة الإرهاب تبنى موقف خلال الساعات المقبلة، لأن الاتفاقية القطريةالأمريكية ليست بها التزامات للدوحة مع الدول الأربع، ولا توجد ضمانة على مكافحة الإرهاب، خاصة أن الولاياتالمتحدةالأمريكية قدمت طوق النجاة لقطر وحفظت ماء وجهها من تبعات ما يمكن أن يجرى من الدول الأربع، ومن المتوقع أن يكون هناك سيناريوهان يمكن أن يتبعا خلال الفترة المقبلة، وهو مشاركة الدول الأربع فى مذكرة تفاهم أمريكية - قطرية، وأن يتم تطوير التفاهم، ويكون موقف الدول المقاطعة قويًا ومتماسكًا دبلوماسيًا، السيناريو الثانى قبول الدول الأربع مذكرة تحت المظلة الأمريكية، ومن هنا تحدث المراوغات القطرية بحيث إن قطر لم تلتزم مع الدول الأربع بأى اتفاقية، وفى أقرب اختبار ستقول لست معنية بهذا، وأيضًا يمكن للإدارة الأمريكية تطوير الأمر بمحاولة تمرير صفقة منقوصة فيها بعض المطالب على حساب التفاوض مع الجانب القطرى. * هناك بعض الدول تعتبر المذكرة التى وقعتها قطر مع أمريكا تعبير عن نية حسنة؟ - كيف توقع قطر مذكرة تفاهم وهى لم تتوقف عن تمويل الإرهاب، ولم تطرد العناصر الإرهابية من أراضيها فما زالت تواصل دعمهم، وقيادات الإخوان ما زالوا يعيشون فى الدوحة، إن كانت هناك ذرة لنوايا حسنة، فهذه المذكرة ليست كافية، وعلى الدوحة الاستجابة للمطالب، وتجفيف منابع الإرهاب وتمويله وعدم التدخل فى شئون الدول، وللأسف الولاياتالمتحدة تكيل بمكيالين تجاه قطر، تارة تطلب منها عدم دعم الإرهاب وتارة تدافع عنها، فأمريكا تدير سياستها مع قطر وفقًا لمصالحها المرتبطة بقاعدتها العسكرية، وبالعديد من مصالح أمريكا النفطية مع الدوحة. * وما قراءتك لنتائج اللقاء الرباعى بوزير خارجية أمريكا؟ - وزير الخارجية طرح شواغل مصر حيال موقف قطر الداعم للإرهاب، وأكد تمسك مصر بالمطالب التى قدمتها الدول العربية الأربع لقطر، وأن التوصل إلى تسوية لهذه الأزمة يظل رهنًا بتفاعل قطر الإيجابى مع هذه المطالَب وتوقفها عن دعم الإرهاب والجماعات الإرهابية، وأن مشاركة مصر فى هذا الاجتماع إلى جانب الدول العربية الأخرى تأتى فى إطار العلاقات الخاصة التى تربط هذه الدول بالولاياتالمتحدة، لكن يجب أن ندرك أن ما مرت به الدول من إرهاب جعلها تغيرت بالشكل الذى لم تعد فيه الوعود تعنى شيئًا ما لم تتحول إلى أفعال، وأن هذه القناعة تحولت إلى نواة لموقف جماعى تحتكم إليه هذه الدول فى التعاطى مع مختلف الأزمات مع قطر وغيرها، وخاصة أن جذور الخلاف ترجع إلى غياب الثقة، وأى حل يجب أن يعالج «هواجس» الدول الأربع، وأن الدول الأربع ستظل متمسكة بسقف شروطها، ما لم تفض الوساطات إلى الضغط على قطر لتنفيذ التزاماتها، والدول الأربع جددت التأكيد لوزير الخارجية الأمريكى على ترك باب الحوار مفتوحًا أمام الوسطاء، لكنهم شددوا على أن المرونة لا تعنى القبول بالتزامات جزئية أو مجاراة مزاج الدوحة الذى يتوسل بالمظلومية ليهرب من أى التزام، وخاصة أن ممثلى الدول الأربع عبروا عن استعدادهم للقبول بأن يتحول توقيع الدوحة على تعهد لواشنطن بوقف تمويل المجموعات المتشددة إلى اتفاق ملزم إذا أضيفت له المطالب الثلاثة عشر للدول الأربع، بدل أن توقع على التزام مستقل بتلك المطالب، على أن تتولى لجنة خليجية أمريكية مشتركة مراقبة تنفيذ هذا الاتفاق، وإلزام قطر بتنفيذه وعدم المماطلة فى ذلك، خاصة أن هذا المقترح يهدف إلى تبديد مزاعم قطر كون إجراءات المقاطعة غير مبررة، وأن هدفها هو الانتقام، وهذا يصب فى أن الدول الأربع مع الحوار والمرونة، لكنها تتمسك بأن تفضى مختلف التحركات الدبلوماسية إلى إلزام الدوحة بقطع علاقاتها بالإرهاب، ووقف حملاتها الإعلامية على الدول العربية المعنية، والالتزام بقوانين المؤسسات الإقليمية التى هى عضو فيها مثل مجلس التعاون الخليجى وجامعة الدول العربية.