بالأسماء والأرقام.. جمعيات زراعية بها بطاقات حيازات لأراضٍ وهمية خارج الزمام دفتر (2) زراعة خدمات، هو الدفتر تسجيل حيازات الأراضى، فى الجمعيات الزراعية، وبعد دفع رسوم 75 جنيهًا تكلفة بطاقة الحيازة، يُخاطب مدير الجمعية مكتب وزارة الزراعة التابع له، باستخراجها بعد التأكد من سلامة الإجراءات وعقود الملكية، بالإضافة للمعاينة الفعلية لقطعة الأرض، وبدوره يقوم مكتب الزراعة بالتأكد من صحة الإجراءات بمعرفته، وذلك وفقًا لقانون وزارة الزراعة رقم (53) لسنة 66 وتعديلاته. لإثبات بيانات الحيازة، التى يتم استخراجها، بتقديم عقود تثبت ملكيتها مباشرة، أو تنازل المالك الأصلى لقطعة الأرض أو إلى مدير مكتب الجمعية الزراعية بالقرية أو المركز التابع لمحافظة ما. إلا أن دفتر 2 تحول لباب خلفى للفساد والحصول على مستلزمات الزراعة بغير وجه حق، فيعانى الفلاحون للحصول على الحصة الموسمية من الأسمدة بمختلف أنواعها، ومستلزمات الإنتاج من المبيدات والبذور والتقاوى، فى حين أن آخرين غير مستحقين، يشاطرونهم حصصهم من السماد بحيازات، معروفة ب «الحيازات الوهمية». هناك مواطنون ومزارعون وشركات استصلاح زراعى، يتحايلون على القانون، بعملهم بطاقات حيازة زراعية «مضروبة»، لصرف الأسمدة ومسلتزمات الإنتاج المدعمة من الدولة من الجمعيات الزراعية، وكذلك صرفهم على حيازات لأراض غير منزرعة وغير موجودة على أرض الواقع، وسط غياب الأجهزة الرقابية المسئولة بالجمعيات الزراعية ووزارة الزراعة. فى جمعيات زراعية بوادى النطرون والنوبارية ودمياط والجيزة، ومعظم الجمعيات الزراعية فى المحافظات، رصدت «الصباح» وجود حيازات وهمية على نطاق واسع، يقوم أصحاب هذه الحيازات الوهمية بصرف الأسمدة والمبيدات والتقاوى وغيرها من مستلزمات الإنتاج المدعم من الدولة، ويتم بيعها بالسوق السوداء للمزارعين الفعليين، ما يعد إهدارًا للمال العام للدولة. حصلت «الصباح» على أرقام لحيازات فى عدة جمعيات فى دمياط والجيزة والإسكندرية، غير موجودة على أرض الواقع، ويتم الصرف بناء عليها، مع كشف طرق الحصول على حيازة «مغشوشة» من خلال مسئولين بالجمعيات الزراعية، وبيع الأسمدة وغيرها من المستلزمات المدعمة فى السوق السوداء. البداية مع جمعيات دمياط والشعراء والسلامية بمحافظة دمياط، والتى استطاعت «الصباح» الحصول على معلومات وبيانات تكشف عن التلاعب فى الحيازات، والتى أكدها عوض شلبى مدير جمعية الركابية بدمياط، أن هناك مئات الأفدنة مدونة فى سجلات الجمعيات غير موجود على أرض الواقع، لتحولها إلى نشاط آخر غير زراعى، لكنها مازالت مثبتة بجداول الجمعية ويتم التعامل عليها وصرف أسمدة، أو هى حيازات مكررة فى نفس المكان، أو هى حيازات لورثة قاموا بالتحييز عن طريق مصلحة الأملاك وليس عن طريق الجمعية وبقيت حيازة مورثهم لم تلغ أو هى حيازة وهمية مقصودة ليحصل من فعلها على قروض بنك التنمية بغير حق. كما وصل ل«الصباح» عدد من الحيازات الزراعية الوهمية المسجلة بدفتر الخدمات رقم (2)، وتصرف كل المستلزمات المدعمة وعلى رأسها الأسمدة، وأول هذه الحيازات الحيازة رقم (689) بمساحة 4 أفدنة و12 قيراطًا، غير موجودين على أرض الواقع، والحياة رقم (769) بمساحة 7 أفدنة و8 قراريط، والحيازة رقم (945) بمساحة 4 أفدنة، والحيازة رقم (1000) بمساحة فدان و10 قراريط، وغيرها من الحيازات الوهمية غير الموجودة على أرض الواقع فى جمعيات بمركز الصف بالجيزة ومحافظة دمياط». أيضًا فى جمعيات «سيدى غازى، دقميرة، المرابعين»، التابعة لمركز كفر الشيخ، كشفت هيئة الرقابة الإدارية ومديرية الزراعة، وجود مخالفات الحيازات الوهمية، التى بُوِّرَت، وإنشاء مبانٍ عليها، ومازال أصحابها يصرفون مستلزمات الإنتاج، ما يكلف الدولة آلاف الجنيهات، وذلك بعد مطابقة الأرقام الدفترية من خلال نموذج 2 خدمات للحيازات الزراعية، ومدى استحقاق أصحابها للدعم. يقول المهندس يوسف القصاص، رئيس جمعية زراعية، بالنوبارية بالإسكندرية، إن ما يحدث هو أن المزارع يتفق مع رئيس أو مندوب الجمعية الزراعية بالقرية، على استخراج حيازة ل10 أفدنة مثلًا، ويكون فى الحقيقة مالكًا ل3 فقط، مقابل مبلغ معين لمندوب الجمعية، تتراوح من 300 إلى 400 جنيه على الفدان الواحد، بالإضافة إلى أن كثيرًا من المزارعين لا يملكون سهمًا واحدًا من الأرض ومعهم حيازات زراعية، فقط بالتراضى مع موظف الجمعية. ويشير إلى أن الاستفادة من الحيازة الوهمية، يتمثل فى الحصول على دعم لأرض لا يملكها، من كيماوى ومبيدات زراعية أو قروض من بنك التنمية الزراعية وحتى رخصة السلاح، فمثلًا الفدان الواحد من محصول القصب له 14 شيكارة سماد، سعر الواحدة 103 جنيهات فى الجمعية، فى حين أنها فى السوق السوداء تتخطى 150 جنيهًا، وهو ما يعتبر بداية حقيقية لفساد منظومة بالكامل. وأكد «القصاص»، حصل أصحاب الحيازات الوهمية على كميات كبيرة من مستلزمات الإنتاج والأسمدة المدعمة، ثم بيعها فى السوق السوداء، حمل الدولة خسائر تقدر بنحو 4 مليارات جنيه، مضيفًا أن ذلك يخلق طلبًا غير حقيقى على الأسمدة، ما يؤدى إلى حدوث عجز فى الكميات المفروض تسليمها للفلاحين. حماد الدرويشى، مزارع بمحافظة الإسماعيلية، يقول إن الجمعية الزراعية بقريته التابعة لمركز القصاصين بمحافظة الإسماعيلية، تقوم باستخراج حيازة زراعية وهمية لكل من لا يملك أرضًا، يُطلق عليها حيازة أرض خارج الزمام، وهى عبارة عن أرض فى حيز القرية لم تصدر الدولة أى قرارات بتمليكها للأشخاص حتى الآن، ولها نفس الدعم المقدمة للحيازة العادية، مقابل نسبة معينة لموظفى الجمعية الزراعية، من قيمة بيع السماد المدعم فى السوق السوداء. «لسه التراضى شغال»، يستكمل «الدرويشى» الذى أكد أنه على الرغم من بدء مشروع استخراج الحيازات الذكية لاستلام السماد، إلا أن ما زال الفساد يطول بعض الحيازات لغير المالكين لأى أراض، واستخرج لها حيازة ذكية بالتراضى مع العاملين فى الجمعيات الزراعية، موضحًا أن السبب فى أزمات الأسمدة هى المقررات الوهمية لحيازات غير موجودة على أرض الواقع، موضحًا أن ملايين الأطنان من الأسمدة، ومستلزمات الزراعة، تصرف لغير المستحقين، بسبب تقصير لجان التفتيش التى تحركها وزارة الزراعة للمرور على أصحاب الأراضى، للتعرف على مساحة الأرض، وتحديد الحيازة الخاصة بهم». لكن أحد المسئولين السابقين فى وزارة الزراعة، قال إن مافيا الحيازات الوهمية، تصب نشاطها فى الجمعيات غير المحددة الزمام ويوجد كذلك بكثرة فى الأراضى الصحراوية ويتم بمساعدة مديرى الجمعيات ومسئولى مديريات الزراعة، وهذا الفعل يتم الحصول من خلاله على تقديم الخدمات إلى هذه الأراضى غير الموجودة أصلًا فى خريطة القرية ويتم ذلك بمساعدة مسئولى الجمعيات أو مديريات الزراعة. وأكمل المصدر أن مزارع كبار رجال الأعمال فى الظهير الصحراوى، سجلت حيازات وهمية، بغرض إدخال مواد زراعية أو مستلزمات إنتاج لهذه الأراضى بالمخالفة للقانون، ويلجأ بعضهم أيضًا إلى إدخال شحنات من القمح المستورد على أنه مزروع فى مصر وفى هذه الأراضى فى الجمعيات غير محددة الزمام، وجمعيات وضع اليد، أو قطعة أرض يتم التعامل بها مع مؤسسات الدولة بأكثر من بطاقة حيازة وأكثر من فرد. تقرير لجنة تقصى الحقائق، التى شكلها مجلس النواب للتحقيق فى واقعة فساد صوامع وشون تخزين القمح فى العام الماضى، أوصى بضرورة تصويب منظومة الحيازات الزراعية، وذكر التحقيق أن عدة معوقات تحول دون وصول الدعم النقدى لمحصول القمح لمستحقيه، أهمها عدم وجود تصوير جوى دقيق لجميع مساحات الأراضى الزراعية فى مصر، ما سبب وجود حيازات غير حقيقية وكشوف حصر وهمية للحيازات الزراعية. فيما أعلنت وزارة الزراعة واستصلاح الأراضى، إدخال بيانات 3.5 مليون «حائز»، على تطبيق مشروع الحيازة الإلكترونية التى يُطْلَق عليها «كارت الفلاح المصرى»، واستخراج بطاقات الكارت لتفعيل المنظومة، أن ذلك يأتى بعد مراجعة الاستمارات وتدقيق البيانات، واستيفاء الرقم القومى للحائز، على أن يتم إطلاق «كارت الفلاح» رسميًا للاستخدام العملى آخر يوليو الحالى للقضاء على الحيازات الوهمية ووصول الدعم لمستحقيه. تسلم الوزارة بطاقات «كارت الفلاح» من خلال جهتين، هما منافذ البنك الزراعى البالغة 1210 فروع على مستوى الجمهورية، أو من خلال منافذ هيئة البريد بمختلف المحافظات، على أن يتم تفعيل واستلام «الكارت» بعد دفع رسوم الإصدار البالغة 50 جنيهًا، ويتم حسابها كرصيد فى بطاقة الحيازة الإلكترونية.