75%من المستثمرين فى القوائم السوداء.. و«المرشدى»: البنوك ليست «شئون اجتماعية» نقيب المستثمرين الصناعيين: سياسات البنوك يشوبها العوار.. وأغلب رجال الأعمال قطعوا علاقاتهم المصرفية معها شجع المصريين على الانضمام للبنوك بسبب «الفائدة».. ويدفع رجال الأعمال إلى العدول عن مشروعاتهم معركة حقيقية، بدأها المستثمرون ضد خطة «الشمول المالى»، التى اتبعها البنك المركزى مؤخرًا، بهدف تشجيع انضمام المواطنين إلى القطاع المصرفى عبر فتح حسابات بمختلف البنوك دون مصاريف، حيث تصطدم الخطة بتوجهات العديد من رجال الأعمال الذين يسعون إلى غلق حساباتهم فى البنوك، بسبب السياسات المصرفية الخاطئة، التى ما زالت تعتمد على نظرية «الموظف الحكومى»، وسط نظام بيروقراطى عقيم. مصادر مصرفية كشفت أن 75 فى المائة من المستثمرين المحليين، يضعهم البنك المركزى فى قائمته السوداء «الأيسكور»، متسائلين: «كيف ينظر المستثمر الأجنبى إلى السوق المصرية التى حكمت على مستثمريه بالإعدام؟، و«كيف تشجع المستثمرين على إقامة مشروعات، بينما ربحهم سيكون أكبر، إذا وضعوا أموالهم فى البنوك، وحصلوا على فوائدها»؟. رجل الأعمال محمد جنيدى نقيب المستثمرين الصناعيين ورئيس جمعية مستثمرى أكتوبر السابق، أكد أن المنظومة المصرفية تشهد العديد من السياسات الروتينية الخاطئة، أدت إلى تطفيش المستثمرين، حيث أنهى المئات من رجال الأعمال أغلب علاقاتهم المصرفية مع البنوك. وأشار إلى أن المنظومة المصرفية بالكامل يشوبها العوار، لدرجة أن أحد أصدقائه من رجال الأعمال الكبار، كان قد حصل على قرض من بنك التنمية الصناعية وسدده بالكامل، وبعد 3 سنوات تقدم للحصول على قرض آخر، ليجد نفسه فى القائمة السوداء للبنك المركزى، بسبب200 جنيه مديونية عليه منذ 3 سنوات! وتابع «جنيدى» قائلًا: «قصة أخرى فى منتهى الخطورة، جرت مع أحد أكبر رجال الصناعة فى مصر، والذى استقبل رجل أعمال سعودى فى مصنعه، للاتفاق على توسعات استثمارية بقيمة مليار دولار، وخلال عقد الاتفاق حضر ضباط تنفيذ الأحكام ليقبضوا على رجل الأعمال المصرى، ويضعوا الكلابشات فى يده أمام المستثمر السعودى وجميع عمال مصنعه، مما دفع الأخير للعودة إلى السعودية بلا رجعة، وفى النهاية اكتشف المقبوض عليه أن السبب كان غرامة قدرها 1200 حنيه لم يسددها». فيما وصف رجل أعمال شهير، ومن أكبر مصدرى الكويز فى مصر، التعامل مع البنوك ب«خراب الديار»، لأن البنك يهتم بالمستثمر الملتزم بسداد أقساطه الشهرية، فإذا حدثت أية ظروف خارجة عن إرادة رجل الأعمال، وطلب من البنك الوقوف بجانبه سيجد نفسه فى السجن! وأوضح أنه عقب ثورة 25 يناير، أغلقت آلاف المصانع أبوابها بسبب الأحداث والاضطرابات الأمنية، وما زال أصحابها يواجهون خطر السجن، حيث لم يعترف البنك بما حدث لهم من أزمات خارجة عن إرادتهم، مضيفًا: «كنت أتعامل مع 4 بنوك وأنهيت علاقتى مع اثنين منهم، ويتبقى لى اثنان، ولن يمر عام 2019 إلا بإنهائى علاقتى مع بقية البنوك، وسأقوم بتمويل كل توسعاتى بصورة ذاتية». أما عن روشتة رجال الأعمال لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، فتتلخص فى 5 مطالب، أهمها وضع خطة واضحة المعالم لإنقاذ المصانع المتعثرة التى توقفت منذ عام 2011 ويبلغ أعدادها بالآلاف، بالإضافة إلى خفض أسعار الفائدة لتحويل كل الأموال إلى الاستثمار بدلًا من الادخار، ووضع سياسة نقدية واضحة تتفق مع رؤية الحكومة فى سياساتها المالية ومنع التداخل بينهما، فضلًا عن تسهيل إجراءات الاقتراض للمستثمرين، وتوفير النقد الأجنبى لتلبية احتياجات المصانع من المواد الخام. رجل الأعمال حسين صبور الرئيس السابق لجمعية رجال الأعمال، يرى أنه يجب على البنوك وضع آليات من شأنها تسهيل إجراءات الاقتراض للمستثمرين، بدلًا من وضع شروط تعسفية وضمانات مبالغ فيها، تؤدى إلى تطفيش رجال الأعمال، موضحًا أن الحل الأمثل للتنمية الاقتصادية الحقيقية يتمثل فى مساعدة المشروعات الاستثمارية ومساندة القطاع الخاص بمنحه التمويل، بدلًا من لجوء البنوك للطريق السهل بإقراض الحكومة سواء فى سندات أو أذون خزانة أو المشروعات القومية. بينما أكد محمود حمدان المحلل الاقتصادى، أن أخطر قرارات البنك المركزى على الاستثمار فى مصر كان رفع أسعار الفائدة، بشكل أدى إلى رفع تكلفة التمويل الموجه للاستثمار مؤخرًا بنسبة 23فى المائة، نتيجة رفع أسعار الفائدة بنسبة 300 نقطة، بما يعادل 3 فى المائة تقريبًا، ليصل العائد الادخارى الجديد الذى طرحته البنوك مؤخرًا إلى 20 فى المائة، وهذا يمثل فرصة كبيرة للمستثمر بأن يضع أمواله بها، بدلًا من إقامة مصانع أو شركات، مما يقضى على العمليات التوسعية الاستثمارية لأى شركة. وأضاف «حمدان» قائلًا: «يمثل رفع أسعار الفائدة عبئًا كبيرًا على الاستثمار، حيث تبلغ تلك النسبة فى أغلب دول أوروبا وأمريكا0 فى المائة، ولا تتجاوز 1فى المائة فى بعض الدول، بما يشجع أى مستثمر أو حتى مواطن على استثمار أمواله، بدلًا من وضعها داخل البنوك». أما رجل الأعمال محمد سعد الدين نائب رئيس اتحاد المستثمرين، فأشار إلى أن القطاع المصرفى يتمتع بقدر كبير من البيروقراطية المدمرة لبيئة الأعمال والطاردة للاستثمار، خاصة أنه ما زال يعمل بسياسة الموظف الحكومى، الذى ليس له أية مصلحة سوى «راتبه آخر الشهر»، وهو ما يخالف سياسة الأجر مقابل الإنتاج التى تدفع المستثمرين فى بقية الدولة إلى التسابق فى التعامل مع البنوك. وأوضح أن هناك بنوكًا فى مصر تعتمد على نظرية «المدير»، فإذا كان ناجحًا فهو من حسن حظ المستثمر، وهم قليلون جدًا، متابعًا: «سأروى قصة خطيرة حدثت معى، لدى حسابات وودائع فى أحد البنوك، وخرج الموظف الذى كان يدير تعاملاتى فى البنك على المعاش، وعندما جاء موظف جديد عطل كل أعمالى لمدة شهر بشكل غير طبيعى، مما دفعنى إلى إعادة التفكير فى تعاملى مع البنوك مرة أخرى». ولفت «سعد الدين» إلى أن خطة الشمول المالى التى يقوم بها البنك المركزى حاليًا، تعد ضرورية لإعادة الانضباط إلى الأسواق مرة أخرى، والحد من ظاهرة التعاملات غير الرسمية، مشيرًا إلى ضرورة إعداد خطة موازية، لإصلاح النظام الروتينى داخل البنوك المحلية التى تتبع سياسات تطفيش المستثمرين. من جانبه، أكد محمد المرشدى عضو مجلس النواب ورئيس جمعية مستثمرى العبور، أن البنوك ليست «شئون اجتماعية» لكى تتحمل المستثمرين، خاصة أنها تلعب دور الوسيط بين المودعين وأصحاب القروض، موضحًا أن البنك يجب أن يبذل كل جهد من أجل حماية أموال المودعين، ويجب أن تعمل وفق نظرية «رأس المال جبان» لحماية أموالها من المتعثرين.