شركات التنقيب صاحبة النصيب الأكبر فى الأرباح على حساب الشعوب تتجه أنظار العالم دائمًا نحو الثروات والخيرات والطاقات التى تذخر بها الدول، وغالبًا تبحث دول العالم المتقدمة عن الاستفادة من كل الخيرات التى أعطاها الله للدول الأخرى لتأمين مستقبل شعوبها، لذا فإن خيرات وموارد القارة السمراء دائمًا ما جلبت لها الأطماع، تحمل معها المتاعب سواء استعمار أو حروب أو نهب واستغلال لمواردها، ومن أكثر الثروات التى تطمع بها دول العالم الكبرى بالقارة الإفريقية، هو البترول أو الذهب الأسود كما يطلقون عليه. وقد عانت الكثير من دول القارة من صراعات سواء خارجية أو أهلية مدة طويلة بسبب وجود خام البترول لديها مثلما حدث فى نيجيريا وجنوب السودان وأنجولا وغيرها، حيث تعد القارة السمراء من أكثر قارات العالم إنتاجًا للبترول بواقع 21 دولة منتجة للنفط مقابل 19 دولة فى آسيا و19 فى أوروبا و10 فى كل من الأمريكتين الشمالية والجنوبية، حيث تنتج إفريقيا حاليًا نحو 11فى المائة من إجمالى النفط العالمى، ويقدر الاحتياطى النفطى بين 80 إلى 100 مليار برميل أى 10 فى المائة من الاحتياطى العالمى، يوزع بين دول منتجة بالفعل ودول لا تنتجه خوفًا من الأطماع حتى الآن مثلما فعلت رواندا. إذا ذكر النفط فى إفريقيا ففورًا تأتى نيجيريا فى مقدمة الدول المنتجة والغنية به، حيث يبلغ الاحتياطى بها 36 مليار برميل ويصل جملة إنتاجها منه 27 مليون برميل سنويًا، الأمر الذى كان سببًا فى نمو اقتصادها وتدعيمه وإعمارها على مدى السنوات الماضية، فالنفط يمثل 90 فى المائة من جملة عائداتها. وتأتى بعدها غينيا الاستوائية بإنتاج 60 ألف برميل يوميًا واحتياطى يقدر بمليار برميل وهناك خطط حتى عام 2020 لرفع إنتاجها إلى 740 ألف برميل لتصبح أكثر الدول نموًا بالقارة حتى ذلك العام، وتأتى بعدها الجابون التى تعد إحدى أقدم الدول المنتجة للنفط بالقارة ثم الكاميرون وساحل العاج وغانا. ويوجد بالقارة أيضًا بعض الدول الأخرى المنتجة بشكل قوى فى الماضى إلا أن الصراعات والحروب أدت إلى تهاوى الإنتاج حاليًا مثل ليبيا والجزائر ومصر والمغرب وتونس. كما تزخر دولة تشاد بالنفط الخام الذى كان سببًا فى صراعات وموجات عنف طمعًا فيه وحلمًا للثروة، الأمر نفسه الذى حدث أيضًا فى أنجولا والتى كانت تحتل المركز الثانى فى إنتاج النفط بإفريقيا بمعدل 25 مليار برميل، ولكن الحرب الأهلية والدمار الذى حدث لها حتى نهاية عام 2002 أخرها كثيرًا فى معدلات التنمية وحسن استغلال مواردها من الذهب الأسود. ويتميز النفط الإفريقى بالعديد من المميزات التى كانت سببًا لتكالب الدول الكبرى فى العالم لاستغلاله واستخدامه بكثرة منها أنه من النوع الخفيف وسهولة العمل على استخراجه وتكريره، كذلك وجود كميات كبيرة منه فى المياه أو المناطق البحرية الذى يسهل منها استخراجه وتعبئته ونقله عبر السفن إلى الولاياتالمتحدة ودول أوروبا. وقد كان ظهور النفط بالقارة سببًا فى أن تدخل الكثير من مناطقها فى موجات من الخراب والدمار والصراعات دامت كثيرًا ومنها ما هو مستمر حتى اليوم حيث عاد بالنفع على دول الغرب فقط ولم تخلق مناخًا فاعلًا للعمل أو الانتعاش فى إفريقيا كما كان متوقعًا منها حيث إن 5 فى المائة فقط من المليارات التى تم استثمارها فى المشروعات بالقارة هى التى تم إنفاقها بالقارة، وبالتالى مازالت هناك دول تعانى الفقر والصراعات رغم غناها بالموارد مثلما يحدث الآن فى نيجيريا التى تعانى الفقر رغم إنتاجها الضخم من البترول الذى يجعلها من السبع دول الأكبر إنتاجًا للنفط فى العالم. ولكن الفساد والصراعات العرقية والانقلابات العسكرية وغيرها من العوامل أدت إلى عدم استفادتها من إنتاجها الضخم أو حصولها على مستويات تنمية أو إعمار كما كان مخططًا لها سابقًا، وكذلك الجابون وأنجولا وغينيا الاستوائية التى دمرها فساد الحكام وأدى إلى دخولها فى فقر مدقع رغم غناها بالموارد المعدنية والنفطية والخيرات التى لا حصر لها، ورغم ذلك فإنها تعانى من الجهل والتخلف وسوء التغذية وانتشار للعشوائيات التى لا تليق بالحياة الآدمية. ومن أكثر الدول غنى بالنفط فى القارة هى الجزائر، وكذلك ليبيا وتسعى دول العالم الكبرى للسيطرة على البترول الإفريقى والاستحواذ عليه بالكامل ومثال ذلك دول غينيا وليبيريا ونيجيريا والتى تلتزم بأن تمد الولاياتالمتحدةالأمريكية خلال الفترة المقبلة بحوالى 15 فى المائة من احتياجاتها النفطية نظرًا لسعى كل من أمريكا وفرنسا وبريطانيا لتقليل الاعتماد على البدائل النفطية الأخرى واستبدالها بالنفط الإفريقى، فيما تعمل الصين أيضًا على توفير احتياجاتها من دول إفريقيا والتى توفر لها 30 فى المائة مما تحتاجه سنويًا وخاصة من غينيا وأنجولا وغينيا الاستوائية والسودان، وتستعد أيضًا الهند للسير على الخطى الصينية. ومن المفارقات العجيبة وغير المفهومة حتى الآن وجود بعض الدول الإفريقية مثل بنين، وكوت ديفوار ومالى والسنغال وغانا فى قائمة الدول المستوردة للنفط على الرغم مما تزخر أراضيها منه بكميات هائلة وغير مستغلة حتى الآن. ومن المتوقع بحلول عام 2036 أن يتم استثمار 2 تريليون دولار بالقطاع النفطى بالقارة السمراء خاصة من دول أوروبا وأمريكاوالصين التى تعتمد بشكل كبير على سد احتياجاتها النفطية على القارة الإفريقية. وتعد الصين ثانى أكبر مستهلك فى العالم للنفط، حيث إنه من المتوقع أن تصبح أكبر مستهلك فى العالم بحلول عام 2030، وتشير التقديرات إلى أن البلاد ستستورد أكثر من 66 فى المائة من إجمالى النفط بها بحلول عام 2020 و72 فى المائة بحلول عام 2040، ولأن إفريقيا تعتبر أكبر مصدر للنفط الخام للصين لذا فمن مصلحة بكين توطيد العلاقة بإفريقيا لسد حاجاتها من النفط، والتى أصبحت موارده نادرة فى العالم أجمع ولأن احتياطات النفط الكبيرة المكتشفة أخيرًا موجودة فى إفريقيا فقد منحها ذلك أهمية متزايدة بالنسبة للدول الكبرى بهدف استغلال مواردها الهائلة. وهناك سبب آخر للتكالب على النفط الإفريقى، وهو أنه أكثر أمانًا لابتعاده عن التوترات بالشرق الأوسط كما الاكتشافات الأخيرة أغرت شركات التنقيب فثلث الاكتشافات النفطية الجديدة فى العالم منذ عام 2000 قد جرت فى إفريقيا، كما أن القارة السمراء قامت منذ بداية الألفية الثانية بدور أكبر فى أمن الطاقة للعالم، لاسيما بين الولاياتالمتحدةوالصين وفرنسا. وبجانب التنافس الأمريكى الصينى الأوروبى، تتنا فس على النفط الإفريقى دولة الهند، والتى تعتمد أيضًا على أكثر من 16 فى المائة من وارداتها النفطية من منطقة خليج غانا. ومن المتوقع أن يستمر اعتماد هذه القوى على النفط الإفريقى مستقبلًا، وأن تشتعل حدة المنافسة بين الشركات الأوروبية والآسيوية على حقول النفط والغاز فى إفريقيا إلا أن الشركات العاملة على التنقيب عن النفط وإنتاجه وتصديره هى التى تستأثر بالنصيب الأكبر من عائداته، فطبقًا لنظام توزيع الأرباح النفطية فى إفريقيا فإن للدولة التى يستخرج منها البترول أن تحصل على 30 فى المائة إلى 35 فى المائة من إجمالى الأرباح فى حين يعود الباقى على الشركات صاحبة الامتياز.