ما بين الصين والهند اللتين يصل اجمالي عدد سكانهما إلي2.5 مليار نسمة, أي37 في المائة من اجمالي سكان العالم, سباق محموم في التوجه نحو افريقيا, ثاني اكبر قارة من حيث المساحة وعدد السكان. ويؤكد كتاب' طريق الحرير لإفريقيا: سوق اقتصادية جديدة للصين والهند' الذي اصدره البنك الدولي أن شركات صينية وهندية تقوم بزيادة أعمالها في إفريقيا, وأن اهتمامها بالقارة السمراء يتعدي مجرد تعقب الموارد الطبيعية. ويؤكد الكتاب أن الصادرات الإفريقية إلي آسيا زادت ثلاثة أمثالها في السنوات الخمس الماضية, لتجعل آسيا بذلك ثالث أكبر شريك تجاري(27 في المائة) بعد الاتحاد الأوروبي(32 في المائة) والولايات المتحدة(29 في المائة). ويقول هاري برودمان المستشار الاقتصادي بالبنك الدولي إن البيانات تشير إلي أن الشركات الآسيوية بدأت في تنويع أنشطتها بعيدا عن البترول والغاز الطبيعي لتشمل مجموعة واسعة التنوع من الصناعات, وهو اتجاه قد يؤدي إلي إنتاج سلع أكثر تقدما في إفريقيا ويساعد القارة السمراء علي زيادة مشاركتها في التجارة العالمية. وفي حين أن التجارة والاستثمارات الآسيوية المتنامية تمثلان مصدرا للتفاؤل, يحذر برودمان من وجود تباينات ضخمة في العلاقات الاقتصادية بين المنطقتين. وتمنع الرسوم الجمركية المرتفعة نسبيا التي تفرضها الصين والهند علي الصادرات الإفريقية الرئيسية, ذات القيمة الأعلي القارة السمراء من الاستفادة من هذه الأسواق استفادة كاملة. ولا تشكل صادرات إفريقيا سوي1.6 في المائة مما تتلقاه آسيا من الصادرات من مناطق العالم الأخري. وتستخدم الدولتان المتعطشتان لأسواق جديدة وموارد جديدة للطاقة, كل الوسائل الممكنة لتثبيت أوضاعهما في إفريقيا, وهو الامر الذي يتضح من زيارات كبار المسئولين الصينيين والهنود للقارة الافريقية. وتعتبر الصين الآن ثالث اكبر شريك تجاري مع القارة الإفريقية, حيث بلغت حجم تجارتها55 مليار دولار امريكي في2006, كما انها تستورد28 في المائة من احتياجاتها النفطية والغاز من الجزائر وأنجولا وتشاد والسودان, وتزيد نصيبها في كل من غينيا الاستوائية والجابون ونيجيريا. كما دخلت الصين قطاع استخراج النحاس في زامبيا وتسعي الي الحصول علي نصيب اساسي من احتياطي زيمبابوي الهائل من المواد التعدينية, ومقابل ذلك تبني الطرق والسكك الحديدية والموانئ ومحطات الطاقة واستادات كرة القدم! وتتنازل عن الديون, كما تعهدت بمضاعفة المساعدات للقارة بحلول عام2009, وتعهدت أيضا بتقديم20 مليار دولار لتمويل البنية الاساسية والتجارة في القارة الإفريقية في السنوات الثلاث المقبلة, وكانت الصين قد ألغت مجموعة من الديون قيمتها مليارا دولار ل31 دولة افريقية. إلا ان سجل الهند في مثل هذه النوعية من العلاقات الاقتصادية ضعيف للغاية. ففي أنجولا علي سبيل المثال, قدمت الهند20 مليون دولار لمشاريع اجتماعية, وقد تفوقت عليها الصين التي قدمت ملياري دولار. وفي سيراليون بعثت الهند بقوات حفظ السلام, الا ان الصين ستشيد منتجعا سياحيا في هذا البلد الذي دمرته الحرب تصل تكلفته الي250 مليون دولار. وبالرغم من ان الصين تفوقت علي الهند في سباق تعزيز النفوذ في افريقيا, فإن الهند بدأت في تطبيق استراتيجية مساعدات مقابل البترول. فقد عرضت الهند في الآونة الاخيرة مليار دولار لاستخدامها في مشاريع البنية الاساسية مقابل حقوق استكشافات وامدادات البترول في مجالات في عديد من دول غرب افريقيا. وفي عام2005, اعلنت شركة ميتال ستيل اكبر شركة صلب في العالم وشركة القطاع العام الهنديةONGC استثمارات قيمتها6 مليارات دولار لإنشاء مصفاة ومحطة للطاقة وشبكة سكك حديدية في نيجيريا مقابل الحصول علي البترول. ويوجد للصين900 مشروع في إفريقيا وتعمل اكثر من800 شركة صينية في القارة الافريقية, وبعثت بأكثر من16 الفا يعملون في حقل الطب الي القارة وقدمت منحا دراسية الي اكثر من20 الف طالب, ودربت17 ألف مهني إفريقي. كما وسعت الصين وجودها العسكري في المنطقة, وهو ما يتبين في إرسال قوات حفظ سلام في ليبيريا في ديسمبر2003.