تأتي الزيارة التي يقوم بها المهندس إبراهيم محلب إلى غينيا الإستوائية، للتأكيد على مدى التواجد المصري داخل العمق الإفريقي الذي تجاهلته الحكومات المصرية على مدى عقود عدة، ونتيجة لهذا الغياب العربي عامة والمصري على وجه الخصوص، ثبتت دول أخرى أقدامها في تلك القارة السمراء. فالعلاقات بين مصر وكينيا علاقات قديمة، حيث ساعدت مصر الدول الإفريقية لاسيما غينيا في حصولها على الاستقلال عام 1968، خلال فترة المد الثورى على الاستعمار الغربي، ومن جهتها قدرت غينيا هذا الموقف المصري وقامت بإطلاق اسم الرئيس الراحل، جمال عبد الناصر على أهم شوارعها، وإنشاء معهد ثانوى يحمل اسم «عبد الناصر». وتتويجًا لهذه العلاقات بين البلدين، قامت الدولة المصرية بافتتاح بعثتها الدبلوماسية فى مالابو، مارس 2008، على مستوى قائم بالأعمال، وعقب عامين قامت برفع التمثيل الدبلوماسي إلى أعلى درجة وهي درجة سفير. كما يتواجد 600 مواطن مصر بغينيا الإستوائية معظمهم يعملون فى شركة المقاولين العرب بالإضافة إلى عدد قليل من العاملين فى شركة السويدى للكابلات، وشركة Piccini الايطالية وبعض شركات البترول. ولعل من مصادر قوة مصر الناعمة الفاعلة في القارة الإفريقية، هي شركة المقاولون العرب، التي قامت بتنفيذ العديد من المشروعات في غينيا باستثمارات تقدر بمليار دولار في بناء الطرق والكباري والمباني، كان أخرها مشروع «فيش تاون» السكني، بالعاصمة مالابو، والذي يضم ألف وحدة سكنية، فضلاً عن إسناد إنشاء معسكر للجيش في غينيا الاستوائية إليها بقيمة 83 مليون دولار. وتعد غينيا الإستوائية الواقعة غرب القارة الإفريقية، إحدى البلدان عالية الدخل، إذ يبلغ نصيب الفرد من إجمالي الدخل القومي نحو 13.560 دولار أمريكي عام 2012، وهي نسبة مرتفعة جدًا إذا ما قورنت بعام 1994 والتي قدرت بنحو 330 دولار أمريكي. كما أنها من الدول التي تتمتع بالكثير من الموارد الطبيعية لعل من أهمها النفط إذ تنتج 318 ألف برميل يوميًا، الغاز الطبيعي إذ تنتج نحو 6.88 بليون متر مكعب عام 2011، الخشب، الذهب، التانتاليوم الماس، والرمل، الأمر الذي جعلها مسرحًا للتنافس الدولي لاسيما الولاياتالمتحدة والاتحاد الأوروبي، والصين. ويعد النفط أهم الصارات النفطية لهذه الدولة، وتعد الولاياتالمتحدة أكبر مستثمر في السوق الغيني يليه إيطاليا وفرنسا. ووفقًا للتقرير الذي أعدته إدارة التجارة الدولية في وزارة التجارة الأمريكية عام 2008، فإن واردات الولاياتالمتحدة من الدول المنتجة للنفط ارتفعت، حيث زادات واردتها من نيجيريا بنسبة 16%، من غينيا الاستوائية بنسبة 89%. ورفعت الولاياتالمتحدةغينيا الإستوائية من اللائحة الأمريكية السوداء للدول المنتهكة لحقوق الإنسان، نظرًا لتزايد انتاج غينيا من النفط الخام إلى 70% عام 2001، وقدر مخزونها النفطي 2 مليار برميل، وإعادة فتح السفارة الأمريكية بها عام 2003 عقب إغلاقها في عهد الرئيس الأمريكي الأسبق بيل كلينتون، ووقعت العديد من الاتفاقات الأمنية معها والتى أتاحت لواشنطن استخدام مطارات غينيا. بجانب الصين، التي عملت على زيادة واداتها النفطية من القارة الإفريقية لاسيما أنجولا, وغينيا الاستوائية, والكونغو، لتصل ل30% من إجمالي وارداتها بحلول العام 2011، ومن ثم يجب على مصر تطوير علاقاتها ليس فقط مع غينيا الإستوائية أو دول حوض النيل وقت الأزمات وإنما في جميع الظروف، لتحقيق المصالح المشتركة والمتبادلة بين الطرفين، ومن أجل استعادة مكانتها الإقليمية والدولية.