رئيس الوزراء: "مشروع الضبعة النووي" أساس لتحقيق رؤية مصر 2030    بعد إبطال 19 دائرة.. عماد جاد ل الرئيس السيسي: نطالبكم بإصلاح جذري للحياة السياسية    غلق كلي لامتداد محور 26 يوليو أمام جامعة النيل الجمعة 21 نوفمبر لتنفيذ أعمال كوبري مشاة المونوريل    النيابة الإدارية تأمر بتشكيل لجنة لكشف ملابسات التحقيقات في واقعة التنمر على تلميذة الدقهلية    النيابة تكشف عن شبكة أسرية لسارة خليفة لتصعصابة سارة خليفةنيع وترويج المخدرات    اعتماد تعديل مشروع شركة إعمار مصر للتنمية في المقطم    أردوغان: صادراتنا السنوية بلغت في أكتوبر 270.2 مليار دولار    وزير الخارجية يبحث مع نظيره اليوناني تطورات الأوضاع في غزة والسودان    اتصال هاتفى بين وزير الخارجية ونظيره الايطالى    بيراميدز يعلن موعد المؤتمر الصحفي لفريق ريفرز يونايتد النيجيري    شوبير يكشف حقيقة تولي كولر تدريب منتخب مصر    الإسماعيلي ينفي شائعات طلب فتح القيد الاستثنائي مع الفيفا    وزير الإسكان يتابع جهود تنظيم وتنمية الإعلانات على الطرق والمحاور العامة    جامعة مصر للمعلوماتية تكشف عن برامج مبتكرة بالذكاء الاصطناعي في الأمن السيبراني والتعليم وعلوم البيانات    19 نوفمبر 2025.. استقرار البورصة في المنطقة الخضراء بارتفاع هامشي    الداخلية تكشف تفاصيل مشاجرة بين قائدى سيارتين ملاكى بالجيزة    محمد حفظي: العالمية تبدأ من المحلية والفيلم الأصيل هو اللي يوصلنا للعالم    أحمد المسلماني: برنامج الشركة المتحدة دولة التلاوة تعزيز للقوة الناعمة المصرية    محمد حفظي: العالمية تبدأ من الجمهور المحلي.. والمهرجانات وسيلة وليست هدفا    بعد أزمته الصحية.. حسام حبيب لتامر حسني: ربنا يطمن كل اللي بيحبوك عليك    خالد عبدالغفار: دول منظمة D-8 تعتمد «إعلان القاهرة» لتعزيز التعاون الصحي المشترك    الصحة: مصر خالية من الخفافيش المتسببة في فيروس ماربورج    الطقس غدا.. ارتفاع درجات الحرارة وظاهرة خطيرة صباحاً والعظمى بالقاهرة 29    إزالة تعديات وإسترداد أراضي أملاك دولة بمساحة 5 قيراط و12 سهما فى الأقصر    روسيا: أوكرانيا تستخدم صواريخ أتاكمز الأمريكية طويلة المدى مجددا    شقيق إبستين: كان لدى جيفري معلومات قذرة عن ترامب    انطلاق فعاليات المؤتمر السنوي العاشر لأدب الطفل تحت عنوان "روايات النشء واليافعين" بدار الكتب    الأهلي يحصل على موافقة أمنية لحضور 30 ألف مشجع في مواجهة شبيبة القبائل    أول رد فعل من مصطفى محمد على تصريحات حسام حسن    وصفات طبيعية لعلاج آلام البطن للأطفال، حلول آمنة وفعّالة من البيت    جامعة قناة السويس تدعم طالباتها المشاركات في أولمبياد الفتاة الجامعية    فرق الصيانة بالسكة الحديد تجرى أعمال الصيانة على القضبان بشبرا الخيمة    قصور ومكتبات الأقصر تحتفل بافتتاح المتحف المصرى الكبير.. صور    رئيس الأركان يعود إلى أرض الوطن عقب مشاركته بمعرض دبى الدولى للطيران 2025    أسطورة ليفربول يكشف مفاجأة عن عقد محمد صلاح مع الريدز    المصرية لدعم اللاجئين: وجود ما يزيد على مليون لاجئ وطالب لجوء مسجّلين في مصر حتى منتصف عام 2025    موعد مباراة بيراميدز القادمة.. والقنوات الناقلة    وزير الري يلتقي عددا من المسؤولين الفرنسيين وممثلي الشركات على هامش مؤتمر "طموح إفريقيا"    نجاح كبير لمعرض رمسيس وذهب الفراعنة فى طوكيو وتزايد مطالب المد    تعرف على أهم أحكام الصلاة على الكرسي في المسجد    السياحة العالمية تستعد لانتعاشة تاريخية: 2.1 تريليون دولار إيرادات متوقعة في 2025    هشام يكن: أطالب حسام حسن بضم عبد الله السعيد.. وغير مقتنع بمحمد هاني ظهير أيمن    الداخلية تضبط أكثر من 17 طن دقيق مخالف وتتصدى لتلاعب المخابز    إقبال واسع على قافلة جامعة قنا الطبية بالوحدة الصحية بسفاجا    بريطانيا تطلق استراتيجية جديدة لصحة الرجال ومواجهة الانتحار والإدمان    منال عوض تترأس الاجتماع ال23 لمجلس إدارة صندوق حماية البيئة    وزير التعليم العالي يبحث سبل تعزيز التعاون مع السفير السعودي بالقاهرة    ندوات تدريبية لتصحيح المفاهيم وحل المشكلات السلوكية للطلاب بمدارس سيناء    إطلاق أول برنامج دولي معتمد لتأهيل مسؤولي التسويق العقاري في مصر    بعد غد.. انطلاق تصويت المصريين بالخارج في المرحلة الثانية من انتخابات مجلس النواب    مواقيت الصلاه اليوم الأربعاء 19نوفمبر 2025 فى المنيا    شهر جمادي الثاني وسر تسميته بهذا الاسم.. تعرف عليه    اليوم، حفل جوائز الكاف 2025 ومفاجأة عن ضيوف الشرف    ماذا قالت إلهام شاهين لصناع فيلم «بنات الباشا» بعد عرضه بمهرجان القاهرة السينمائي؟    حبس المتهمين في واقعة إصابة طبيب بطلق ناري في قنا    العدد يصل إلى 39.. تعرف على المتأهلين إلى كأس العالم 2026 وموعد القرعة    داعية: حديث "اغتنم خمسًا قبل خمس" رسالة ربانية لإدارة العمر والوقت(فيديو)    مواقيت الصلاه اليوم الثلاثاء 18نوفمبر 2025 فى المنيا....اعرف صلاتك    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بالمستندات..تورط مسئولين فى تهريب حيوانات مصابة بالحمى القلاعية إلى مصر
نشر في الصباح يوم 20 - 02 - 2017

اللجان البيطرية سبوبة للترزق والبدلات والإكراميات بالدولار
الاستيراد يتم من البرازيل وأستراليا ودول إفريقية..والزراعة ترد:هناك رقابة مشددة
وزير الزراعة السابق: نبحث إلغاء اللجان البيطرية.. وطبيب بيطرى يرد: قرار كارثى
الخدمات البيطرية تسمح باستيراد تحصينات للحيوانات غير فعالة ضد العترات المصرية وأدخلت عترات جديدة
مسئول سابق: الحكومة سمحت بدخول شحنات ماشية من إثيوبيا دمرت 70 % من الثروة الحيوانية فى مصر
خبير بيطرى: هناك 7 عترات من مرض الحمى القلاعية.. والاستيراد العشوائى سمح بانتشارها فى مصر
على حواف الترع والمصارف وأرصفة الطرق، تنتشر بقايا مواشٍ نافقة، عظام وجلود ورائحة عفنة، تلك المشاهد حين يراها محمد سلام، الرجل ذو الأربعين عامًا، والذى يقطن إحدى قرى محافظة سوهاج، يمتلك 10 قراريط، يزرعهم ويعيش من حصادهم، يذكره الذى يراه بذلك اليوم الذى استعان بجاره الذى يملك محراثًا لحمل بقرته النافقة بسبب فيروس الحمى القلاعية ورميها على حافة إحدى الطرق المهجورة.
يغمض «سلام» عينيه، يتذكر بقرته التى كانت تعينه على نفقات تربية أبنائه الستة، من خلال در اللبن وصناعة الجبنة وبيعها للجيران، وكذلك بيع مولودها كل عام لتجهيز بناته للزواج، فيحكى «سلام» إن هذه البقرة كانت على وشك الولادة، لكن أصابتها حمى استمرت معها لمدة 15 يومًا أنفق عليها أموالًا طائلة لكن دون جدوى، وانتهى الأمر بنفوقها.
عشرات الحالات من نفوق الماشية فى أكثر من محافظة، خلال الشهر الأخير، بسبب مرض الحمى القلاعية، والذى تسبب فى خسائر طائلة لصغار المربين والمزارعين، لأسباب وفقًا للمزارعين تتعلق بعدم وجود متابعة من وحدات الطب البيطرى وعدم توافر التحصينات، وأسباب أخرى كشف عنها خبراء ومسئولون تتعلق بعمليات تهريب حيوانات مصابة بالحمى القلاعية من دول مجاورة، واستيراد أخرى بالاتفاق بين مسئولى المحاجر واللجان البيطرية المشرفة على عمليات الاستيراد، وبين المستوردين.
وكشفت مستندات حصلت عليها «الصباح»، عن أن هناك خللًا فى منظومة استيراد الحيوانات من دول أستراليا والبرازيل وأورجواى وباراجواى، وعدد من الدول الإفريقية، ويتمثل هذا الخلل فى عدم تشديد الرقابة على الحيوانات المستوردة وإصابة بعض هذه الحيوانات بعدد من الأمراض الممنوع استيرادها.
وأكدت المستندات وصول عدد من رؤوس الماشية إلى المجازر التابعة لوزارة الزراعة، وتم ذبح عدد منها، وإعدام عدد آخر لإصابته بعدة أمراض، منها إصابته بالحويصلات الدودية والسل الموضعى، وحويصلات دودية مائية، نتيجة لحقنها بمواد هرمونية لزيادة أوزانها، حيث كشفت المستندات عن تقدم شركة ميدى تريد للتجارة بذبح عدد من رؤوس البقر والعجول بمجزر الأدبية، وثبت أن هذه المواشى مصابة بعدد من الأمراض المذكورة سابقًا.
مجموعة من الوقائع، تكشف عن وجود عمليات استيراد حيوانات مصابة بالحمى القلاعية، ودخول شحنات وفقًا لمسئولين سابقين بالزراعة إلى مصر من دول مجاورة موبوءة بمرض الحمى القلاعية من «عترات» مختلفة عن «العترات» المصرية، بالإضافة إلى استيراد عشوائى للتحصينات والأمصال الخاصة بالفيروس، من خلال شركات ورجال أعمال متورطون بالتنسيق مع مسئولين بالطب البيطرى.
البداية كانت فى عام 2012، عندما سمحت وزارة الزراعة ممثلة فى الهيئة العامة للخدمات البيطرية بدخول شحنات من المواشى مستوردة من دولة إثيوبيا، مصابة بالحمى القلاعية بعترة جديدة غير العترات المنتشرة فى مصر، ما تسبب فى تدمير 70 فى المائة من المواشى فى مصر فى ذلك العام، لتحصين المواشى بتحصينات غير فعالة لعدم تناسبها مع العترة القادمة من إثيوبيا.
الواقعة الثانية، كانت فى يناير 2016، عندما نجحت مافيا الاستيراد، فى دخول شحنة مواشى تبلغ عددها 7200 رأس يشتبه فى إصابتها بالحمى القلاعية، على الرغم من أن منظمة الصحة العالمية، تؤكد حق كل دولة فى عدم استيراد مواشٍ من الدول التى يوجد بها أمراض وأوبئة تصيب الحيوانات، خاصة مرض «الحمى القلاعية».
وعلى الرغم، من انتشار مرض الحمى القلاعية بالسودان، وفقا للدكتورة حنان يوسف مديرة إدارة الأوبئة بوزارة الثروة الحيوانية والسمكية والمراعى فى دولة السودان، والتى أكدت خلو وطنها من أمراض الحيوان يتم تدريجيًا وتم تحديد عام 2022 لإعلان المنطقة (أ)، والتى تشمل أربع ولايات بخلوها من مرض الحمى القلاعية، إلا أن مصر مستمرة فى استيراد كميات هائلة من الماشية السودانية.
فى البداية أعلنت وزارة الزراعة، أن شحنة الماشية السودانية البالغة 7200 رأس، مصابة بفيروس الحمى القلاعية ومنعتها من دخول البلاد، ثم أعلنت بعدها دخول الشحنة وخلوها من أى إصابات، حيث أكد مصدر بالوزارة أن هناك بعض الشركات ورجال الأعمال مارسوا ضغوطًا على الهيئة العامة للخدمات البيطرية؛ لإدخال الشحنة للبلاد لتحقيق أرباح من وراء ذلك، مشيرًا إلى فوز الضغوط على الهيئة والوزارة وانتصار إحدى الشركات المعروفة التى تعتبر نفسها مظلة المستوردين وتحصل «سمسرة» على كل عجل مستورد، حسب تعبير المصدر.
وأكد مسئول سابق بالوزارة -طلب عدم ذكر اسمه- أن طبيبًا فى لجنة وزارة الزراعة التى تم إرسالها إلى السودان للإشراف على عملية الاستيراد أرسل فاكسًا إلى وزارة الزراعة يؤكد فيها الاشتباه فى إصابة الشحنة بالحمى القلاعية، وأمر وزير الزراعة وقتها بإرسال وفد من الخدمات البيطرية، شمل كلًا من الدكتور سيد جاد المولى، رئيس إدارة الحجر البيطرى، والدكتور محمد عطية رئيس الطب الوقائى بالوزارة، اللذين شكلا لجنة علمية انتهت إلى ثلاثة قرارات؛ أولها وقف استيراد العجول السودانية المحجوزة بمحجر الكادرو بالسودان فى 27/1/2016، وثانيها رفض العجول الموجودة بالحجر البيطرى بالكادرو وعددها 7200 عجل، وثالثها إخلاء محجر الكادرو من العجول المحجورة به، وتطهير وتعقيم المحجر قبل إدخال أى عجول مجددًا لمدة 30 يومًا.
وتابع المصدر، أنه بعد الضغوط السودانية وزيارة الوفد السودانى وتصريحات وزير الثروة الحيوانية كمال الشيخ، وتحرك مافيا اللحوم فى خطوات دفاعية، رضخ المسئولون المصريون، وذهب نفس الوفد مرة أخرى إلى السودان وشكل لجنة علمية جديدة، وتحول رأيهم إلى قبول الشحنة، وأكدوا خلوها من أى أمراض، موضحًا أن مسئولى الخدمات البيطرية شكلوا لجنة علمية للتوصية بقبول العجول المرفوضة.
ومن جانبه يوضح الدكتور لطفى شاور الخبير البيطرى ومدير إدارة التفتيش على اللحوم لمجازر السويس سابقًا، أن مرض الحمى القلاعية هو مرض فيروسى شديد العدوى سريع الانتشار، والمرض الأول فى العالم العابر للحدود، ففى اليابسة ينتشر على مساحة 60 كيلومترًا مربعًا، ولمسافة 300 كيلو فى المياه إذا تم إلقاء حيوان نافق فى مصرف مائى، مستطردًا أن الإجراءات التى تتخذها الخدمات البيطرية لمنع انتشار المرض غير مجدية، لعدم وجود توقيت سليم لعملية التحصين.
وأشار «شاور» إلى أن ما لا تعرفه وزارة الزراعة والخدمات البيطرية والمربون، أن هناك 7 عترات لمرض الحمى القلاعية، وتتعامل مع المرض دون الوعى بذلك، وهذه العترات هى «a- o – b – sat 1 – sat 2- sat 3- ashia»، وأن كل عترة من هذه العترات لها تركيبة جينية خاصة بها ومختلفة، وبناء على ذلك فإن لكل عترة من هذه العترات لها تحصين خاص بها.
وأوضح أن العترات الموجودة فى مصر قبل 2012 كانت «a – o»، وكان المرض محدود الانتشار، حتى دخول شحنة عجول مستوردة من إثيوبيا مصابة بعترة جديدة من المرض وهى «sat2» ما تسبب فى دمار الثروة الحيوانية فى ذلك الوقت، لقيام الطب البيطرى بالتحصين ضد العترات الموجودة فى مصر، وعدم علمهم بدخول عترة جديدة، لعدم وجود تحليلات لعينات من الشحنات المستوردة بطريقة عشوائية.
واستكمل مدير مجازر السويس السابق، حديثه ل«الصباح» فقال إن معهد بحوث صحة الحيوان والخدمات البيطرية والزراعة، لم يعلنوا عن العترات الموجودة فى مصر، لتحديد التحصينات الخاصة بكل عترة، ومعرفة العترات الموجودة من الأساس، موضحًا ضرورة أخذ عينات من السوائل المرضية الخاصة بالحيوانات لمعرفة التركيبة الجينية للفيروس المسبب للنفوق، وتحديد التحصين المناسب له. مضيفًا أن بعض شركات الأمصال تستورد عترة شاملة ضد السبع عترات، ما يجعل هذه التحصينات سببًا فى دخول عترات جديدة بخلاف العترات الثلاث المتوطنة فى مصر، بالإضافة إلى وجود استيراد عشوائى للحيوانات من دول إفريقية يتوطن بها مرض الحمى القلاعية بعترات غير الموجودة فى مصر، كإثيوبيا والسودان، حيث إن إثيوبيا يوجد بها 6 عترات، والسودان 4 عترات».
وشدد على أن منظمة الصحة العالمية، تضع أسس وقواعد للدول التى تستورد بطريقة عشوائية كمصر، وأهمها ألا يتم استيراد مواشٍ من أى دولة يتوطن بها فيروس الحمى القلاعية، إلا بعد 6 أشهر من إعلان هذه الدولة التى يتوطن بها المرض الشفاء الكامل من المرض حتى آخر فرد ماشية، وهو الإجراء الذى لم تتبعه مصر، فدولة السودان أعلنت أن أول منطقة ستكون خالية من مرض الحمى القلاعية ستكون فى عام 2022 فى اتفاق وقعته مع منظمة «الفاو»، وعلى الرغم من ذلك تتخذها مصر المصدر الرئيسى لها لاستيراد الحيوانات، وآخر ذلك توقيع وزير التموين اتفاقية مع دولة السودان لتوريد 8 آلاف عجل خلال 3 سنوات.
مصدر مسئول بالهيئة العامة للخدمات البيطرية كشف ل«الصباح» أزمة أخرى، وهى عمليات المحسوبية والفساد فى تشكيل اللجان البيطرية المشرفة على استيراد الحيوانات من الخارج، والتى تسافر على حساب المستوردين من رجال الأعمال للكشف على الحيوانات المستوردة فى بلد المنشأ قبل استيرادها.
وقال المصدر: «هناك «نوتة» بأسماء أطباء بيطريين بعينهم من الهيئة دون غيرها للسفر للخارج لبلد المنشأ، وتهميش بقية الأطباء من مختلف الجهات»، مؤكدًا «هذه اللجان ما هى إلا «سبوبة للترزق» بدلات بالدولار وإكراميات من رجال الأعمال»، مشيرًا إلى أن من لا يعلق كثيرًا على الشحنات المستوردة أو يمارس عمله يكون هو من ضمن اللجان، مطالبًا بوجود فرص متكافئة للأطباء البيطريين على مستوى الدولة وتوزيع وتنسيق عادل للجان، التى تعد سببًا رئيسيًا فى الأزمة.
وأوضح المصدر، أن بعضًا من مستوردى الماشية يطلبون أطباء بعينهم للإشراف على الشحنات التى يستوردونها من الخارج، مما يجعل هناك تضارب فى المصالح، متسائلًا «كيف لطبيب بيطرى أن يمنع شحنة لرجل أعمال يعطيه بدلات وإكراميات؟».
بينما قالت الدكتورة شيرين على زكى الطبيبة البيطرية والمسئولة بنقابة البيطريين، إن الكثيرين اتهموا المحاجر البيطرية بأنها سبب تفشى الحمى القلاعية فى مصر، لكن لا يوجد من يتحدث عن السبب الرئيسى لأنه «بيزنس» تستورد مصر عبره ومن خلاله بما يقدر ب 7 مليارات جنيه سنويًا، وهو «مافيا التحصينات».
وأضافت «زكى» أن «معهد بحوث الأمصال واللقاحات البيطرية بالعباسية ينتج تحصينات محلية تستهدف العترات الموجودة بالفعل من الفيروس، تلك التحصينات تم إثبات كفاءتها عبر قسم الفيرولوچى (علم دراسة الفيروسات) التابع لمعهد بحوث صحة الحيوان والذى أثبت أن اللقاح يستهدف العترات المحلية بكفاءة تامة».
ونوهت إلى أن الجهة التى تشترى اللقاح هى الهيئة العامة للخدمات البيطرية، والتى تشتريه بجنيهات زهيدة وتبيعه بجنيهات زهيدة عبر التحصين فى الوحدات البيطرية فى عموم الجمهورية، ويباع كل من تحصين حمى الوادى المتصدع بالإضافة إلى تحصين الحمى القلاعية سويًا ب 10 جنيهات، ويتم إعادة التحصين كل 6 أشهر، بينما اللقاح المستورد والذى غالبًا يكون لعترة أجنبية غريبة عن عترة الفيروس المحلية كانت الزجاجة ال 100 مللى تباع ب 600 جنيه وتضاعف سعرها كثيرًا بسبب تدهور سعر الجنيه أمام الدولار ليقفز ثمنها عدة أضعاف على الرغم من أن سعرها ثابت خارجيًا، حيث إنه يصل10 دولارات فقط لا غير».
وتساءلت «زكى»، لماذا تسمح الدولة باستيراد اللقاح الأجنبى ذى العترات غير المستهدفة محليًا ولا تكتفى الدولة بما ينتجه معهد العباسية من لقاحات؟، وكانت الإجابة وفقًا لها هى أن قدرة المعهد على إنتاج الأمصال أقل كثيرًا مما يحتاجه السوق بسبب ميزانية التحصينات التى أفردت لها الدولة مبلغ 10 ملايين جنيه منذ سنوات بعيدة ويتناقص ويتضاءل هذا المبلغ الذى لا يكفى لتوسعة وتطوير ذلك المعهد ودعم إنتاج الأمصال المحلية.
ولخصت «زكى»، أزمة انتشار مرض الحمى القلاعية من وجهة نظرها إلى 3 محاور؛ الأول معهد حكومى وهو بحوث صحة الحيوان ينتج أمصال فعّالة زهيدة الثمن وتستهدف عترات الفيروس الموجودة بالفعل، والمحور الثانى ميزانية زهيدة تفردها الدولة لتلك التحصينات، والمحور الثالث مافيا الاستيراد تستورد لقاحات تستهدف عترات فيروس غير موجود بالفعل، وبالتالى يصبح التحصين بمثابة إعطاء المرض مركزًا للحيوان فتحدث تلك الهجمة الشرسة والتحور الخطير للفيروس.
وأشارت المسئولة بنقابة الأطباء البيطريين، إلى أن هناك وحدات بيطرية تم إغلاقها بالكامل نتيجة عدم تعيين أطباء بيطريين وخروج العاملين بها على المعاش فأصبح الفلاح لا يجد التحصين الحكومى الزهيد فيلجأ إلى طبيب خاص يتعامل مع تحصين غالى الثمن لا يقدر الفلاح على ثمنه فيترك مواشيه بلا تحصينات.
وأكدت أن هناك تهميشًا لصناعة الأمصال المحلية لتزدهر تجارة الأمصال المستوردة، وتتحقق أرباح عالية لرجال الأعمال وتدخل عترات فيروس جديدة تقضى على الثروة الحيوانية وتساهم فى خراب بيوت الفلاحين والقضاء على مصدر رزقهم لتنشط تجارة أخرى رابحة ألا وهى مافيا استيراد اللحوم نتيجة عجز الثروة الحيوانية المحلية عن سد متطلبات السوق، وأخيرًا تزدهر تجارة استيراد الدواء البشرى الذى يحتاجه كل شخص تناول ألبانًا ولحومًا خاصة بحيوانات مصابة.
وكشف مصدر مسئول بوزارة الزراعة واستصلاح الأراضى، عن فتح الرقابة الإدارية تحقيقًا موسعًا عن التعاقدات التى أبرمتها الوزارة ممثلة فى الهيئة العامة للخدمات البيطرية، مع شركات استيراد التحصينات والأمصال من الخارج، مؤكدًا وجود مخالفات ووقائع فساد دفعت الرقابة الإدارية إلى فتح ملف التحصينات.
وأشار المصدر، الذى طلب عدم ذكر اسمه، فى تصريحات ل«الصباح»، إلى أن مجموعة من شركات استيراد التحصينات والأمصال، قدموا ملفًا كاملًا يثبت تورط مسئولين بالهيئة العامة للخدمات البيطرية، مع شركات خاصة فى تعاقدات مخالفة للقانون وتسهيلات لشركات بعينها يملكها كبار رجال الأعمال والمستوردين فى هذا المجال.
وقال المصدر، إن التحقيقات بدأت منذ الأسبوع الماضى، تحت اسم «فساد منظومة التحصينات» وتخطط للقبض على المتورطين من المسئولين والشركات، لافتًا إلى وجود 4 شركات كبيرة متورطة بمعاونة مسئولين بلجان السفر للخارج التى تشرف على عمليات التصنيع فى الخارج قبل الاستيراد، لتلقيهم «رشاوى» لتسهيل دخول هذه المنتجات وتوزيعها رغم مخالفتها للمواصفات، حسب تأكيدات المصدر.
وكان وزير الزراعة السابق، الدكتور عصام فايد وزير الزراعة واستصلاح الأراضى، قد أكد البحث عن بدائل للجان البيطرية التى تسافر لفحص اللحوم والحيوانات المستوردة من الخارج، موضحًا أن اللجان البيطرية تسافر على نفقة المستورد بشكل كامل، حيث يلجأ المستورد لإضافة تلك المصروفات على أسعار اللحوم والحيوانات المستوردة، مما يمثل تكلفة إضافية وعبئًا على المستهلك والمواطن البسيط، بسبب زيادة أسعار اللحوم، وهو ما رد عليه الدكتور لطفى شاور بأنه يمثل كارثة.
وقال شاور، إنه بدلًا من إلغاء اللجان يتم تشديد الرقابة على هذه اللجان، موضحًا أنه سبق إلغاء اللجان التى تسافر لدولة الهند، الأمر الذى تسبب فى تفاقم الأزمة ودخول شحنات من اللحوم والحيوانات المريضة والموبوءة، بالإضافة إلى التنوع فى اختيار المشاركين فى اللجان البيطرية.
ومن جهته نفى الدكتور حمدى عبد الدايم، المتحدث الرسمى لوزارة الزراعة، دخول أى شحنات مصابة من الخارج، مطالبًا أى مربٍ أو فلاح الاتصال والإبلاغ عن أى حالة إصابة لديه وسيتم التعامل معها، والتعاون مع الوحدات الصحية والذهاب بمواشيهم لتحصينها فى الوحدات البيطرية، مؤكدًا تشديد عمليات الرقابة والفحص والمتابعة بكافة المنافذ والمناطق الحجرية بمصر، والتى تعمل كصمام أمان للبلاد، وعدم السماح بدخول أى حيوانات مصابة بأى أمراض، أو لحوم غير صالحة للاستهلاك الآدمى قد تضر بالمواطنين.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.