أعراض إدمان الفيديو جيم: رعشة وفقدان شهية ورسوب.. وعدوانية يعقبها اكتئاب يوسف سرق والديه.. ومحمد يتحول لوحش لو مُنع من اللعب.. وعلاء ورحمة رسبا فى المدرسة أحمد عكاشة: يجب المنع من ممارسة ألعاب الفيديو جيم لأكثر من ساعتين يوميًا إخصائية نفسية: يتخيلون أن اللعب هو مصدر المتعة الوحيد.. وإخصائى علاج إدمان: أكثرها لشباب آباؤهم منفصلون تركيز شديد مع اتساع فى حدقة العين مصاحبة لرعشة فى الأطراف وعزوف عن تناول الطعام، وإهمال للنظافة الشخصية، مع تدهور علمى ودراسى وفقدان ذاكرة وعدم تركيز، جميعها أعراض ذهب بها محمد سيد ووالدته للطبيب النفسى بعد أن عجزت الأسرة عن احتمال سوء تصرفات الابن، الذى تبين، بعد إخضاعه لعدة فحوصات، أنه مدمن للألعاب الإلكترونية والفيديو جيم. «يتحول لوحش لو حاولنا منعه عنها»، قالتها الأم بصوت حزين وهى تصف حال ابنها البالغ من العمر 22 سنة، طالب بالفرقة الثالثة بكلية التجارة، حيث أوضحت أن ابنها هو أكبر أربعة أخوة، يعمل والدهم فى الخارج، يلعب منذ أكثر من عام لعبة أونلاين مع شركاء غرباء على الإنترنت، هى لا تعرفهم، تقريبًا يقضى يومه كله أمام الإنترنت، حتى أنه تحول لوحش عندما انقطعت الكهرباء ذات يوم لمدة 3 ساعات، وهى المرة الأولى التى أشعر خلالها أن ابنى أصبح مدمنًا، فرأيته يحرك جسده كثيرًا ويعصف بالأشياء من أمامه، وما زاد الأمر صعوبة هو عدم وجود والده معنا نظرًا لطبيعة عمله، حتى وصل الأمر إلى تكسير المكتب الموجود عليه جهاز الحاسوب الخاص به. تضيف الأم: «حاولت أن أتجاوز كل هذه التصرفات المريبة، إلى أن رسب ابنى للمرة الثانية على التوالى فى امتحانات الفرقة الثالثة بالكلية المقيد بها، وبعد أن أخبرت والده بكل شىء، قرر العودة إلى مصر ليبحث معى عن حل للأزمة». حاول الأب والأم جاهدين أن يقنعا ابنهما أنه بحاجة لزيارة طبيب خاصة بعد تدهور الأمر، حيث أصبح محمد لا يهتم بنظافته الشخصية وأصيب برجفة، حتى صوته بات مرتعشًا كثيرًا، ولا يتحدث طوال فترة وجوده أمام اللعبة، وبالفعل اصطحباه لأحد المراكز المعنية بالأمر، وبعد إخضاعه لعدة فحوصات تبين أنه مصاب بإدمان الألعاب الإلكترونية فعليًا، واهتم الإخصائيون هناك بعلاج الرهاب الاجتماعى الذى شخصوه فى البداية على أنه نتيجة لهذا الإدمان، ثم مكث فى المركز الطبى 3 شهور متتالية، على الرغم من أنه خرج من المشفى، وقد تعافى تمامًا، إلا أنه ما زال يذهب إلى المركز، ويتواصل مع معالجيه مع زملاء له تلقوا نفس العلاج خلال فترة تواجده هناك، وهم يعانون من نفس الإدمان تقريبًا. سارق الأسرة لم يكن محمد هو الوحيد الذى وقع فى براثن الإدمان الإلكترونى، فهناك أيضًا يوسف سعيد، طالب بالصف الثانى الثانوى، أبوه مهندس معمارى، والدته ربة منزل، متفرغة تمامًا لتربيته هو وإخوته الاثنين، اللذين يصغرانه بعدة أعوام. لم يبخل أبوه وأمه عليه بأى شىء، كما أوضحت الأم، بل اعتبروه أهم فرد فى الأسرة، خاصة أنهم أنجبوه بعد عناء طويل وحرمان من بداية الجواز طيلة 7 سنوات لم ينجبوا خلالها، يوسف يدرس فى إحدى مدارس اللغات بحى المهندسين، لاحظت الأم عليه تغيرًا كبيرًا فى سلوكياته خلال الفترة الأخيرة، وتقول إنه يأخذ معظم دروسه فى أحد المراكز التعليمية الموجودة بالمنطقة ذاتها، ومدة الحصة الواحدة لا تتعدى ساعتين، إلا أنه بات يتغيب حوالى 5 أو 6 ساعات يوميًا بحجة أنه فى المركز التعليمى ويتلقى الدرس، وعليه يأخذ يوميًا مبالغ طائلة، خاصة أنه أخبر والديه أن المدرسين بصدد تكثيف المنهج لإنهائه. إلا أن الشك تسلل بهدوء لقلب الأم التى هلعت مسرعة نحو المركز عقب أن اتصلوا بها ليسألوا عن يوسف الذى لم يذهب لتلقى دروسه منذ أكثر من شهر كما أخبروه، فى بادئ الأمر حاولت الأم أن تتعامل مع الموضوع بهدوء وتروٍ، إلى أن جاءت الطامة الكبرى، عندما اختفى من دولاب نقودها 500 جنيه، وأخبرها ابنها الأصغر أن يوسف هو من أخذ المبلغ فى غيابها، وبعد مراقبة الابن تبين أنه يتردد على أحد محلات الفيديو جيم، حيث يلعب مع 4 آخرين من أصدقائه، الذين تعرفهم الأم جيدًا وتعرف أولياء أمورهم، وبعد أن تجمع أولياء أمور الطلاب الخمسة تبين أن أبناءهم يدمنون لعبة تسمى «فيروجى جيم» و«ليف أوف ليجيندز»، وكلاهما من ألعاب الفيديو جيم، التى يتم لعبها أونلاين، وهى غير منتشرة إلى حد كبير، يدفع الأبناء فيها مبالغ طائلة ليستمروا فى لعبها. قررت الأم وعدد من أولياء أمور باقى الأولاد أن يرسلوا أبناءهم لتلقى العلاج إلا أن هذا لم يحدث إلى الآن، وهم بصدد إقناع الأبناء أنهم مدمنون فعليًا ويحتاجون إلى مساعدة مختصين. أصدقاء السوء علاء ورحمة توأمان فى الصف الثالث الثانوى، يعيشان مع الأب بعد انفصاله عن الأم، لخلافات عديدة منذ أكثر من 3 سنوات، ينعمون بالتدليل المفرط، يتولى الجد والجدة رعايتهما بشكل كبير، حيث يعمل الأب طوال اليوم بإحدى الشركات الاستثمارية، ويقضى الأبناء معظم وقتهم مع أصدقائهم الذى وصفهم والدهم فيما بعد بأصدقاء السوء، فبعد أن رسبا بالمدرسة، علم أن ابنيه يعانيان من إدمان مفرط لألعاب الفيديو جيم، خصوصًا لعبة ليف أوف ليجيندز، وهى أكثر الألعاب التى يتداولها عدد كبير من الأبناء داخل صالات لعب الفيديو جيم، وفقًا لما قاله مدرس الحاسوب الخاص للأبناء بعد أن تبرع بإخبار الأب بأنواع ألعاب الفيديو جيم، حيث قال «هناك ألعاب أونلاين يتم لعبها عبر شبكات الإنترنت بدفع مبالغ مالية كبيرة، خاصة أن معظمها مستورد، وتقوم الشركات المصنعة لها بإدخال التعديلات عليها كل فترة بهدف التربح، وألعاب أخرى تكون مسجلة على الحاسوب الشخصى للفرد أو على هاتفه». وخضع علاء ورحمة للعلاج منذ عدة شهور، فى أحد المراكز لمدة 3 شهور، واستطاعا الرجوع لحياتهما الطبيعية. العدوانية فى الوقت ذاته، أكد أستاذ الطب النفسى أحمد عكاشة، فى تصريحات له، أن إدمان الأطفال لألعاب ال«فيديو جيم» من شأنه أن يولد لديهم العدوانية، من خلال محاولتهم تقليد مثل هذه الألعاب، التى غالبًا ما تتسم هى الأخرى بالعنف، مدللًا على ذلك بدراسة أمريكية أثبتت ضرورة عدم تعرض الأطفال لألعاب الفيديو لأكثر من ساعتين يوميًا، حتى لا ينعكس ذلك بالسلب على سلوكياتهم داخل المجتمع، موضحًا أن ظاهرة الإدمان لا تنحصر فقط فى تعاطى المخدرات، ولكنها تنسحب على أنواع أخرى مثل إدمان الإنترنت والمنبهات والطعام والرياضة والعمل وغيرها، ومؤكدًا أن بعض هذه الأنواع قد يكون أشد خطورة وأعمق فى التأثير السلبى على حياة الإنسان. فيما تقول منال سعيد أستاذ علم النفس «التفسير العلمى لهذا الأمر هو أن الإدمان فى حد ذاته نشوة تصيب الفرد وقت التمتع باللعب، فيتخيل وقتها أن هذه المتعة أو اللذة سببها الوحيد هو اللعب، فيرتبط فى ذهنه الشعور بالمتعة فقط فى لحظات اختلائه باللعب»، مضيفةً أنه فى معظم الحالات يتراجع التحصيل العلمى لدى المدمن، ويتخلى عن نشاطاته الاجتماعية، الرياضى، كما يزداد توتره عند مقابلة الناس، كما أن لو أجبره أحد على ترك اللعبة سيفاجئ الجميع بأفعال عدوانية، يتبعها حالة من الكآبة». الوقاية والعلاج وأفاد عصام الجمل أستاذ علاج الإدمان بمركز الأمل لعلاج الإدمان أن طرق الوقاية فى هذا الأمر أهم من طرق العلاج، ومن أهم طرق الوقاية احتضان الأب والأم لأبنائهما منذ الصغر، وإشراكهم فى جميع ألعابهم، بل وضرورة التدخل السريع فى حل مشكلاتهم، فمعظم هذه الحالات لأبناء آباء منفصلين.