ارتفاع «حديد عز».. أسعار الحديد والأسمنت اليوم الإثنين 13 مايو 2024    الاحتلال يُجدد القصف على غزة.. هل أسفر عن ضحايا؟    كمال خرازي: إيران قد تغير عقيدتها في امتلاك السلاح النووي إذا تعرضت للتهديد    تامر عبد الحميد: خسارة الزمالك أمام نهضة بركان «فيلم رعب»..ربنا قدر ولطف    الأرصاد: اليوم حار نهارا مائل للبرودة ليلا.. والعظمى بالقاهرة 29    حقيقة زواج الفنان أحمد مجدي من ياسمين صبري    صابر الرباعي: أتطلع لمواكبة الأجيال الحديثة.. والنجاح لا يعتمد على الترند    هل يجوز التوسل بالرسول عند الدعاء.. الإفتاء تجيب    وزير التعليم: طلاب المدارس الفنية محجوزين للعمل قبل التخرج    14 قتيلا حصيلة ضحايا انهيار مبنى سكني في روسيا    اليوم، محاكمة 57 متهما بقضية اللجان النوعية للإخوان    بعد بيلوسوف.. أبرز تغييرات بوتين في القيادة العسكرية الروسية    رسميا.. سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم الإثنين 13 مايو بعد انخفاضه في 7 بنوك    وكيل «خارجية الشيوخ»: مصر داعية للسلام وعنصر متوازن في النزاعات الإقليمية    البيضاء تواصل انخفاضها.. أسعار الدواجن والبيض اليوم الإثنين 13 مايو في البورصة والأسواق    قرار عاجل من اتحاد الكرة بسبب أزمة الشحات والشيبي    بطولة العالم للاسكواش 2024.. مصر تشارك بسبع لاعبين في الدور الثالث    «اللاعبين كانوا مخضوضين».. أول تعليق من حسين لبيب على خسارة الزمالك أمام نهضة بركان    تدريبات خاصة للاعبي الزمالك البدلاء والمستبعدين أمام نهضة بركان    خطأين للحكم.. أول تعليق من «كاف» على ركلة جزاء نهضة بركان أمام الزمالك    بالصور.. نائب القاهرة للمنطقة الجنوبية تكشف تفاصيل تطوير مسجد السيدة زينب    استعداد المستثمرين لدعم رؤية الحكومة في زيادة أعداد السياح وتحفيز القطاع السياحي    10 معلومات عن السيارات الكهربائية.. مقرر طرحها للاستخدام خلال ساعات    حدث ليلا| زيادة كبيرة في أراضي الاستصلاح الزراعي.. وتشغيل مترو جامعة القاهرة قبل افتتاحه    تشديد عاجل من "التعليم" بشأن امتحانات الشهادة الإعدادية (تفاصيل)    أزهري يرد على تصريحات إسلام بحيري: أي دين يتحدثون عنه؟    وزير التعليم: هناك آلية لدى الوزارة لتعيين المعلمين الجدد    مدحت العدل: أنا مش محتكر نيللي كريم أو يسرا    افتتاح مسجد السيدة زينب.. لحظة تاريخية تجسد التراث الديني والثقافي في مصر    بعد تعيينها بقرار جمهوري.. تفاصيل توجيهات رئيس جامعة القاهرة لعميدة التمريض    لا أستطيع الوفاء بالنذر.. ماذا أفعل؟.. الإفتاء توضح الكفارة    دعاء في جوف الليل: اللهم إنا نسألك أن تستجيب دعواتنا وتحقق رغباتنا وتقضي حوائجنا    «من حقك تعرف».. هل المطلقة لها الحق في نفقة العدة قبل الدخول بها؟    منها تخفيف الغازات والانتفاخ.. فوائد مذهلة لمضغ القرنفل (تعرف عليها)    سر قرمشة ولون السمك الذهبي.. «هتعمليه زي المحلات»    سيرين خاص: مسلسل "مليحة" أظهر معاناة الشعب الفلسطيني والدعم المصري الكبير للقضية    قصواء الخلالي تدق ناقوس الخطر: ملف اللاجئين أصبح قضية وطن    أمير عزمي: نهضة بركان سيلجأ للدفاع بقوة أمام الزمالك في الإياب    «الإفتاء» تستعد لإعلان موعد عيد الأضحى 2024 ووقفة عرفات قريبًا    المصريين الأحرار يُشيد بموقف مصر الداعم للشعب الفلسطيني أمام محكمة العدل الدولية    العدو يحرق جباليا بالتزامن مع اجتياج رفح .. وتصد بعمليات نوعية للمقاومة    استثمار الذكاء الاصطناعي.. تحول العالم نحو المستقبل    كاميرون: نشر القوات البريطانية في غزة من أجل توزيع المساعدات ليس خطوة جيدة    وكيل صحة الإسماعيلية تتفقد مستشفى الحميات وتوجِّة باستكمال العيادات (صور)    مستقبل وطن بأشمون يكرم العمال في عيدهم | صور    أربع سيدات يطلقن أعيرة نارية على أفراد أسرة بقنا    رئيس مجلس الأعمال المصري الماليزي: مصر بها فرص واعدة للاستثمار    الكشف على 1328 شخصاً في قافلة طبية ضمن «حياة كريمة» بكفر الشيخ    نقابة الصحفيين: قرار منع تصوير الجنازات مخالف للدستور.. والشخصية العامة ملك للمجتمع    ليس الوداع الأفضل.. مبابي يسجل ويخسر مع باريس في آخر ليلة بحديقة الأمراء    وقوع حادث تصادم بين سيارتين ملاكي وأخرى ربع نقل بميدان الحصري في 6 أكتوبر    وفاة أول رجل خضع لعملية زراعة كلية من خنزير    حظك اليوم برج العذراء الاثنين 13-5-2024 مهنيا وعاطفيا.. لا تعاند رئيسك    رئيس جامعة المنوفية يعقد لقاءً مفتوحاً مع أعضاء هيئة التدريس    عمرو أديب يعلن مناظرة بين إسلام البحيري وعبدالله رشدي (فيديو)    وزيرة الهجرة تبحث استعدادات المؤتمرالخامس للمصريين بالخارج    الأعلى للصوفية: اهتمام الرئيس بمساجد آل البيت رسالة بأن مصر دولة وسطية    منها إطلاق مبادرة المدرب الوطني.. أجندة مزدحمة على طاولة «رياضة الشيوخ» اليوم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«محمد بن سلمان».. مهندس تدمير العلاقات المصرية-السعودية
نشر في الصباح يوم 25 - 12 - 2016

ولى ولى العهد يدير ملف التصعيد والمكايدة ضد القاهرة بمعاونة أمير قطر ومصادر تؤكد وقوفه خلف بيان مجلس التعاون الخليجى

وضع شروطًا للتصالح مع مصر.. ويضغط للمصالحة بين الإخوان والنظام ليضمن مساعدة الجماعة فى اليمن وسوريا

طلب من «بن زايد» التوسط لدى السيسى لإقناعه بالدخول البرى فى اليمن.. والرئيس رفض.. فبدأ بن سلمان حربه على مصر

تقرير أمريكى: ولى ولى العهد لا يصلح للقيادة وقراراته طائشة

اتهامات للأمير الشاب بالتسبب فى اختفاء 600 مليار سعودى من خزائن المالية

سيد البيت الأبيض الجديد مستاء من سياسات المملكة ويحضر مفاجآت

المؤكد حتى هذه اللحظة أن الأسباب شبه المعلنة رسميًا للخلاف المصرى السعودى ما هى إلا توابع للسبب الحقيقى للخلاف، ما يعنى أن تصويت مصر لصالح القرار الروسى فى مجلس الأمن حول الأزمة السورية، ما هو إلا أحد توابع الأزمة الفعلية التى لم تعلن جوانبها حتى الآن، كما إنه لم يتم التطرق لهوية المفجر الحقيقى للأزمة والمسئول عن التوتر الملحوظ بين البلدين منذ شهور، وهو الأمير محمد بن سلمان ولى ولى العهد السعودى ووزير الدفاع.

(1)

مقربون من القصر الملكى بالرياض أكدوا أن بداية الخلاف الحقيقى لاحت فى الأفق أواخر العام الماضى، ومع بدايات 2016 وتحديدًا بعد 9 أشهر من التدخل السعودى فى اليمن فيما يعرف بعاصفة الحزم التى أعلنت الدولة المصرية المشاركة فيها ضمن تحالف دولى يضم 10 دول بقوات بحرية وجوية لحماية باب المندب دون التدخل البرى أو القصف الجوى لمواقع الحوثيين فى اليمن، وهذا ما قبلته السعودية فى بداية الأمر لكن بعد عدة شهور و بعد أن فشلت العاصفة فى تحقيق أهدافها وتورطت المملكة فى حرب لا قوة لها بها استنزفتها ماليًا وبشريًا وسياسيًا، لم تجد وقتها مهربًا من العودة لإقناع الإدارة المصرية بالتدخل البرى فى اليمن لإنقاذها من مستنقع الحرب التى فشلت فى تحمل تبعاته، وبالفعل تواصلت إدارة المملكة مع الإدارة المصرية أكثر من مرة وطلبت تدخلًا بريًا من القاهرة التى رفضت الأمر بشكل قاطع، لكن لم يعلن الجانبان أى تفاصيل تخص هذا الأمر، ولم يتحدث عنه بشكل واضح سوى وزير الخارجية المصرى السابق، نبيل فهمى، عندما أكد أن مصر رفضت طلبًا سعوديًا بإرسال قوات برية إلى اليمن.
لم تفقد المملكة الأمل وطلبت من الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولى عهد أبوظبى نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة التوسط لإقناع الرئيس السيسى بالتدخل البرى فى اليمن إلا أن السيسى رفض مجددًا التدخل، ومنذ هذه اللحظة خرج الخلاف السعودى المصرى للعلن بعد أن كان حبيسًا داخل الأروقة الدبلوماسية بين البلدين منذ أن اعتلى سلمان عرش المملكة فى أوائل عام 2015، وهو الذى جاء للحكم خلفًا للملك عبدالله محملًا بالكثير من الانتقادات والسلبيات تجاه مصر وثورتها على الإخوان المسلمين فى 30 يونيو 2013 طبقًا لما ذكرته وسائل إعلام سعودية فى بداية عهده.
فشل وساطة بن زايد لدى الرئيس السيسى ساهمت أولًا فى تصدع العلاقة بين محمد بن سلمان ولى عهد السعودية-والذى يتم تجهيزه لخلافة أبيه - من جانب وبين محمد بن زايد ولى عهد أبو ظبى من جانب آخر.
كما أنها تسبب أيضا فى أزمة كبيرة لدى الوريث المنتظر للعرش - الذي يسعى لإنقاذ سمعته السياسية من الفشل والتدهور- تجاه الإدارة المصرية المتمثلة فى الرئيس السيسى، والتى رفضت الزج بجنودها فى معركة لا ناقة لها بها ولا جمل ،و هو ما يتسق مع موقف مصر المعلن و المحدد منذ البداية بأن القوات المصرية المشاركة فى عاصفة الحزم ستعمل على حماية باب المندب فقط لأنه ضمن إطار المياه الإقليمية وأى توتر ستشهده هذه المنطقة سيضر الأمن القومى المصرى والمصالح الاقتصادية والسواحل المصرية فى الاتجاهات كافة.

(2)

فى كل الأحوال ومنذ هذه اللحظة بات معروفًا للجميع أن محمد بن سلمان هو من يدير ملف التصعيد ضد القاهرة ومهندس الاستفزازات السعودية ضد مصر وشعبها طوال الفترة الماضية بداية من قطع الإمدادات البترولية عن القاهرة فى أكتوبر الماضى عن طريق شركة أرامكو الحكومية السعودية، والتى يرأس محمد بن سلمان مجلسها الأعلى مرورًا بفتح المملكة ملف التقارب الرسمى مع جماعة الإخوان المسلمين والمشاورات الجارية الآن لرفع اسم الجماعة من قوائم الإرهاب داخل المملكة وصولًا إلى الزيارة الكيدية لمستشار الملك سلمان لإثيوبيا وسد النهضة.
ما يؤكد أيضا أن محمد بن سلمان خلف ما يحدث من استفزازات ومكايدة للدولة المصرية هو صبيانية الأفعال الصادرة عن المملكة منذ الأزمة وما قبلها، فالوريث المنتظر قليل الخبرة وإمكانياته السياسية محدودة للغاية، ولا يجيد إدارة الأزمات السياسية بل يجيد صناعتها، ويتسبب طموحه البارز فى فقدان المملكة تماسكها وتوازنها فى ظل تغيرات دولية وإقليمية غير مسبوقة، وبسبب لهو الصبيان تهاوت الخطة السعودية فى سوريا والعراق واليمن ولبنان، بالإضافة إلى هزيمة منكرة لمعركتها النفطية مع إيران وتوتر علاقتها مؤخرًا بتركيا والولايات المتحدة الأمريكية.
دعنا نلقى نظرة على تقرير بحثى أمريكى نشر بداية ديسمبر يؤكد أن المملكة فى طريقها للانهيار إذا استمر بن سلمان فى رسم سياسات السعودية، التقرير أكد أن العلاقات الأمريكية السعودية تمر بأزمة كبرى قد تشهد تحولًا غير مسبوق فى استراتيجية وتاريخ العلاقة بين البلدين التى بدأت فى عام 1945، واستمرت حتى يومنا هذا.
مؤسسات صنع القرار الأمريكى (THINK THANK) تؤكد أن واشنطن ترى محمد بن سلمان سبب رئيسى فى هذا التدهور غير المسبوق فى العلاقات بين البلدين باعتباره الفاعل الحقيقى داخل أروقة الحكم بالسعودية ووصفت بن سلمان بأنه ليس هو الشخص الذى يصلح لقيادة الأمر فى الرياض، وأن قراراته منذ أن دس أنفه فى سياسات المملكة - وأبرزها الحرب على اليمن- هى قرارات طائشة ستصب اللهب على النفط القابع تحت أرض الخليج.
كما تؤكد أن الولايات المتحدة بصدد مراجعة علاقتها بالمملكة العربية السعودية على كل الأصعدة على رأسها الدعم العسكرى فقد اتخذت واشنطن بالفعل عددًا من القرارات لمنع توريد أسلحة بعينها للرياض، ومن ضمنها القنابل العنقودية، كما أن هناك دوائر مقربة من الرئيس الأمريكى القادم دونالد ترامب تؤكد أن سيد البيت الأبيض الجديد لا يمانع فى حدوث أى تحول من أى نوع لشكل نظام الحكم فى المملكة.
برنامج الزيارات المتبادل بين السعودية وأديس أبابا أيضًا صاغه محمد بن سلمان بيده طبقًا لما ورد إلينا من معلومات، بعد أن أقنع والده – كما أكدت مصادرنا داخل المملكة – بأن يضع ملف القاهرة كاملًا تحت تصرفه متعهدًا بإنهاء الأزمة بالشكل الذى ترضى عنه المملكة، وكانت من ضمن تحركات بن سلمان للتصعيد ضد القاهرة تعمد إجراء لقاءات متعددة بين مسئولين من المملكة وإثيوبيا خلال أقل من شهر، ففى 22 نوفمبر استقبل الملك سلمان رئيس الوزراء الإثيوبى لبحث التعاون بين البلدين، وقبل أسبوع أو أكثر وصل وزير الزراعة، عبد الرحمن بن عبدالمحسن الفضلى لأديس أبابا، ثم منذ أيام زيارة حمد الخطيب مستشار العاهل السعودى سلمان بن عبدالعزيز لسد النهضة الإثيوبى لبحث نفس سبل التعاون بين البلدين، والتى انتهت بابتسامة ود رائعة من مستشار الملك ردًا على طلب إثيوبيا الدعم المالى والسياسى من المملكة لسد النهضة.

(3)

كل هذه الأزمات الإقليمية والدولية سببها الرئيسى هو تدخل ولى ولى العهد فى إدارة سياسات المملكة، ولم يكتف الوريث المنتظر بتوريط المملكة خارجيًا بل يتسبب أيضا فى أزمات كبرى داخل المملكة تهدد مصير الأسرة الحاكمة بأكملها، وآخرها فضيحة اختفاء الستمائة مليار ريال من خزائن وزارة المالية السعودية وهى القصة التى تتجاهلها وسائل إعلام عربية عديدة لأسباب مجهولة رغم أنها تتردد بقوة داخل المملكة.
قصة الستمائة مليار ريال بدأت عندما كشف المغرّد السعودى «مجتهد»- والمعروف فى الأوساط السعودية منذ سنوات بصحة تسريباته عن أسرار القصر الملكى- معلومات حول مصير أكثر من 600 مليار ريال اختفت من سجلات وزارة المالية فى المملكة أيام الملك الراحل عبدالله، فأشار إلى أن «رئيس الديوان الملكى السابق خالد التويجرى هو الوحيد الذى يعرف تفاصيلها»، مضيفًا أن «هذا كان أحد أسباب التحقيق مع التويجرى فى الشهور الأولى بعد وفاة الملك عبدالله حيث تعرض لضغط شديد من أجل الإفصاح عن وجهتها قبل أن يُسمح له بالسفر (بعد أن وُضع تحت الإقامة الجبرية)، وبعد جلسات طويلة أفصح عن مصير350 مليار وأخبر (وزير الدفاع وولى ولى العهد محمد بن سلمان) بطريقة استعادتها دون أن يفصح عن مكان ال 250 مليار الباقية».
وينقل مجتهد عن المطلعين على التفاصيل قولهم إن «ال 350 مليارًا لم تعد لخزينة الدولة وأنها حاليًا تحت تصرف محمد بن سلمان، بمعنى أنها صارت أو ستصير ملكه الشخصى».
كذلك ينقل عنهم أن «الباقى - أى ال250 مليارًا- وُضع فى حسابات واستثمارات تحت تصرف التويجرى ولم يضغط بن سلمان عليه كثيرًا مقابل تكتّمه على القصة».
عمومًا قصة المليارات الضائعة شأن سعودى لا دخل لنا به ولا نتبنى ما جاء بالقصة من معلومات قد تكون غير دقيقة، لكنها تعكس بشكل كبير ما يتردد حول محمد بن سلمان داخل المملكة، ويؤكد كارثية وضع ملف العلاقات السعودية المصرية تحت يده.
لن أتطرق هنا لما وصل إلينا من أحاديث غير لائقة رددها محمد بن سلمان عن مصر خلال الفترة الأخيرة داخل دوائر صنع القرار بالمملكة طالما لم يجرؤ هو على إعلانها بشكل رسمى وواضح، ولن أتطرق أيضًا لكواليس بيان مجلس التعاون الخليجى الذى انتقد الزج باسم قطر فى العملية الإرهابية التى شهدتها مصر منذ أيام بالكنيسة البطرسية بالقاهرة، وعلاقة بن سلمان بهذا البيان، ولن أخوض - الآن على الأقل- فى أى تفاصيل حول الاتصالات الدورية بين ولى ولى العهد السعودى وتميم بن حمد أمير دولة قطر لرسم خريطة التحركات الكيدية ضد مصر، لكن ما سأتطرق إليه هو الشروط التى وضعها بن سلمان بنفسه لتصفية الخلافات مع مصر، والتى تؤكد أن هذا الشاب قليل الخبرة يصر على تعميق الخلاف وليس حله.

(4)

لا يخفى على أحد أن الشروط التى وضعتها السعودية لإنهاء الخلاف مع مصر وضعها محمد بن سلمان بنفسه، وهو الذى يقود عملية رفض المصالحة مع مصر، وأنه وضع عددًا من الشروط «الصعبة» للعدول عن موقفه طبقًا لما ذكرته وسائل إعلام قطرية وسعودية، وشروط بن سلمان تنحصر فى تنفيذ اتفاق الجزيرتين (تيران و صنافير)، قبل اتخاذ أية خطوة نحو تصحيح العلاقات بين البلدين، وأن «بن سلمان» كان يراهن على تقديم نفسه للمجتمع السعودى، بشكل مختلف بعد تسلم الجزيرتين من مصر، واستغلالهما فى زيادة أسهمه.
كما أنه اشترط إقالة وزير الخارجية المصرى «سامح شكرى»، من منصبه، نظرًا لمواقفه المضادة للمملكة.
ومن ضمن الشروط الرئيسية موافقة مصر على التدخل البرى فى اليمن، وتغيير موقفها من الأزمة السورية ليتماشى مع موقف المملكة الرافض لأى حل سياسى يتضمن بقاء بشار الأسد، وأخيرًا فتح ملف التصالح بين النظام فى مصر وجماعة الإخوان فى أسرع وقت، وما توافر لدينا من معلومات أن الشرط الأخير الخاص بالتصالح مع الإخوان تبناه بن سلمان نظرًا لاحتياج المملكة إلى مساعدات الجماعة فى اليمن وسوريا، وأن أمير قطر أقنع بن سلمان بتبنى ملف المصالحة مقابل إقناع الجماعة ورموزها ببذل أقصى جهد لمساعدة المملكة فى حسم الصراع داخل اليمن وسوريا.
النظام المصرى حتى هذه اللحظة رفض جميع هذه الشروط للتصالح، وأكد أن ملف الجزيرتين أمام القضاء، ولن يتدخل فيه بأى صورة، كما أن النظام لا يزال متمسكًا برؤيته فيما يخص الملف السورى مع رفض قاطع لإرسال جنود مصريين للتدخل البرى فى اليمن.
شروط محمد بن سلمان للتصالح تؤكد أن الأمور أصبحت بشكل كبير فى يد ولى ولى العهد الذى يضرب بالمصالح السعودية المصرية عرض الحائط، وازداد الأمر خطورة بعد أن شكل بن سلمان تحالفًا واضحًا مع أمير قطر المعروف بمواقفه العدائية ضد الدولة المصرية منذ 30 يونيو 2013 للضغط على مصر بكل السبل للانسياق وراء رغبات المملكة والإمارة الصغيرة.
السؤال هنا، هل تستمر الإدارة المصرية فى رفضها لشروط الوريث المنتظر، والتى تشكل فى إجمالها تدخلًا سافرًا فى الشأن المصرى، أم تتغير مواقف الإدارة المصرية تجاه الأمر برمته خلال العام المقبل؟
تغير الموقف المصري من شروط بن سلمان وارد جدا و غير مستبعد، رغم أن المؤشرات الأولية تؤكد أننا نسير على الطريق السليم فيما يخص هذا الملف -حتى الأن على الأقل- و نتمسك بالرفض القاطع تجاه كافة الشروط، و في كل الأحوال ستعطينا الأحداث المقبلة إجابة أكثر وضوحا على هذا السؤال.
لذا لابد أن نحذر وبشدة من انسياق مصر خلف طموح (الطفل المدلل) لما يشكل ذلك من خطورة شديدة على مستقبل السياسة الخارجية للدولة المصرية، ونتمنى أن يستمر موقف الدولة المصرية الرافض لشروط بن سلمان على ما هو عليه حتى تنتفض المملكة وتسحب ملفاتها السياسية - الخارجية على الأقل- من يد محمد بن سلمان.


صفحة الكاتب على فيس بوك
الكاتب الصحفي / احمد شوقي العطار

إيميل الكاتب
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.