دعاوى قضائية تطالب بدفع مصاريف لآبائهم بعد سن الخمسين عم جمال: جاى اشتكى ولادى.. مش قادر أشتغل ولا أصرف على علاجى محام: لا يستطيع الأب رفع دعوى بالشهور المتأخرة قضايا النفقة المرفوعة ليست فقد ضد زوج، بخل على زوجته وأولاده، فهناك أيضًا «نفقة الأقارب»، التى يرفعها الآباء على أبنائهم، أو أولاد على عم أو جد أو أحد الأقارب. «جاى أشتكى ولادى»، خرجت بصوت متهدج، لا يكاد يُسمع، من عم جمال، ذو ال50 سنة، وهو يأخذ قسطًا من الراحة، بعدما أتعبته سلالم المحكمة، الجملة كانت رده على أحد موظفى المحكمة، وبعدما أنهكه الانتقال هو وزوجته بين طوابق المحكمة لا يدرى أين يذهب بشكواه وكيف يقدم الأوراق اللازمة لرفع قضية «نفقة أقارب» على أولاده الثلاثة، قال عم جمال ل«الصباح»: «بعد أن مر الزمن وثقلت قدماى، لم أعد قادرًا على العمل وليس لى معاش ولم أعد قادرًا أيضًا على تحمل مصاريف علاجى وعلاج زوجتى»، وأشار إلى أنه حاول أن يستعطفهم، بلا جدوى، فلجأ لتقديم دعوى بالمحكمة، سيتم النظر فيها خلال أيام. ويوضح المحامى عادل محمد عضو اتحاد المحامين العرب، أن «معظم قضايا نفقات الأقارب من الأب على الابن تكون غير حقيقية، فقد يستغلها الزوج فى تقليل نفقة زوجته وأولاده، إذا رفعت عليه الزوجة قضية نفقة، وقد يتفق الأب وابنه على القضية لكى تكون نفقة والديه حقًا قانونيًا من راتبه لا يستطيع منعه، إذا تبرمت زوجته من ذلك، وهناك 10فى المائة من هذه القضايا يكون هناك خلاف بين الطرفين، امتنع إثرها الابن عن الإنفاق على والديه». ويقول أخصائى نفسى بأحد مكاتب التسوية بمحكمة الأسرة -رفض ذكر اسمه- إن ما نستشفه ونلاحظه فى حال وجود خلاف بين الأب أو الأم، وبين الابن، أن وراء ذلك تربية قاسية تعرض لها الأبناء وهم صغار، أو أن تكون العلاقة بين الطرفين يسودها الجفاء، موضحًا أن الحالات التى يكون فيها اتفاق بين الآباء والأبناء على رفع دعوى لضمان حق الآباء، تكون جلسة التسوية فى نفس اليوم، أما حالات الخلاف فتحدد جلسة التسوية بعد رفع الدعوى بأسبوعين ويحدد مبلغ النفقة وفقًا للاتفاق، وأشار إلى أن هناك قضية أو اثنتين تقريبًا، لنفقة الأقارب، كل شهر، فى كل مكتب تسوية بأى محكمة أسرة، موضحًا أن المبلغ الذى يُحدد للآباء أو الأقارب، حال الخلاف، يحسب بالنظر لدخل القريب وأملاكه، وأيضًا عدد الأشخاص الذين سيتم الإنفاق عليهم، وأيضًا يؤخذ فى الاعتبار حد الكفاف الذى يضعه الجهاز المركزى للتعبئة والإحصاء وهو الحد الأدنى الذى يكفى لحياة الفرد، ويكون، من 300 إلى 400 جنيه. قضية أخرى من دفاتر نفقة الأقارب، هى حالة «مريم»، وهى أم لثلاث بنات وولد، أكبرهم فى الصف الثانى الثانوى والولد الصغير يبلغ ثلاث سنوات، تقول إن زوجها توفى منذ عام 2011، وليس له معاش، وتزوجت من آخر لديه طفلين وهو لا يستطيع أن ينفق على أولادها الأربعة، خصوصًا بعد ارتفاع تكلفة المعيشة وغلو الأسعار، فرفعت قضية نفقة أقارب، بدائرة عين شمس، على شقيق زوجها، عم الأولاد، وأشارت إلى أنه ميسور الحال وأن أهل الأولاد هم الأولى بالإنفاق عليهم. وأضافت «عم الأولاد يعمل بشركة بترول ولديه سيارتين أجرة، بجانب ورشة دهان للسيارات، وهو ووالده، جد الأولاد، لا يسألان عليهم ولا يهتمان بكيفية تدبير حالهم». ويقول المحامى محمد عثمان بالاستئناف: «قضايا نفقة الأقارب تستغرق ما بين ستة أشهر إلى سنة، بمجمل تكلفة (1500 إلى 2000) جنيه، ومن ضمن الأوراق المطلوبة بالقضية، شهادة وفاة الأب وقيد عائلى وشهادة وفاة الجد ومحضر بتركة الأب بأنه ليس لديه أى أملاك أو معاش، وذلك فى حالة رفع القضية على العم، بجانب تحريات عن دخل العم، أما إذا كان المدعى أبًا، ضد ابنه، فالأوراق تكون قيد عائلى ومحضر بأن الأب ليس لديه أى أملاك أو معاش، وتحريات عن دخل الأبناء. وأشار إلى أن «الفرق بين نفقة الأقارب ونفقة الزوجية، أن الأخيرة تستطيع خلالها الزوجة، المطالبة بكل شهر لم يصرف عليها أو أولادها قبل صدور الحكم بالنفقة، ويحبس الزوج حال عدم دفع هذه النفقة، أما نفقة الأقارب فلا يحق لرافع الدعوة المطالبة بنفقة على الشهور التى لم يصرف القريب عليه، قبل صدور الحكم». ويقول المحامى بمجلس الدولة والحقوقى سيد رمضان، إن الأساس القانونى لنفقة الأقارب مثل وجوب نفقة الأب على ابنه الموسر، فتتمثل فى قول النبى -صلى الله عليه وسلم- (إن أطيب ما يأكل الرجل من كسبه، وإن ولده من كسبه، فكلوا من كسب أولادكم إذا احتجتم إليه بالمعروف)، وكذلك قوله (أنت ومالك لأبيك). ويضيف «استقر قضاء محكمة النقض على أن علة وجوب النفقة بالقرابة هو سد حاجة القريب ومنعه من السؤال، صلةً لرحمه، أما عن شروط نفقة الأقارب فإنه يجب على القريب نفقة أقاربه وكسوتهم بالمعروف كالوالدين، بشروط ثلاثة؛ أن يكونوا فقراء لا مال لهم ولا كسب، وأن يكون المنفق غنيًا، وأن يكون له صلة قرابة بهم، بحيث يرثهم إن ماتوا ويرثونه لو مات بفرض أو تعصيب. ويوضح رمضان «بعد لجوء الأب إلى مكتب التسوية وحصوله على التوصية من مكتب التسوية، يرفع الدعوى أمام محكمة الأسرة المختصة، بعد تحضير العريضة من خلال النموذج المعد أمام محكمة الأسرة، وبعد إعداد العريضة يتوجه إلى مكتب قيد الدعاوى بالمحكمة لتحديد جلسة، من خلالها تطلب المحكمة التحريات من مباحث القسم أو عن طريق جهة عمله عن دخل الابن، فإن كان موسرًا حكمت المحكمة لصالح الأب بوجوب النفقة المقدرة بالعريضة، أو وفقًا لما تقدره المحكمة، وتسقط نفقة الأقارب بموت المحكوم له أو المحكوم عليه»، مشيرًا إلى أن نفقة الأقارب ليس لها قانون يحددها فى قانون الأحوال الشخصية. ويقول حسن عبد الغنى أبو غدة، أستاذ الفقه المقارن، فى أحد بحوثه «النفقة حق للقريب المحتاج فى مال قريبه الغنى، وهى واجب دينى ذو مدلول اجتماعى، فإذا امتنع القريب الغنى من بذله طوعًا كان على القضاء أن ينفذه ويأخذه منه عنوة، قال الله تعالى (لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ، وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ، لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آتَاهَا، سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا).. واشترط فى النفقة، شرطين هما أن يكون القريب المطالب بالنفقة محتاجًا إليها فعلًا أو عجز القريب وعدم قدرته على الكسب، واستثنى العلماء من هذا الشرط أصول الإنسان كأبيه وأمه وجده وجدته، فإن عجز هؤلاء عن الكسب ليس شرطًا فى استحقاقهم النفقة، بل تجب النفقة للأب فى مال ابنه ما دام الأب محتاجًا ولو لم يكن عاجزًا عن الكسب». وينظم قانون نفقة الأقارب وفقا للمادة رقم ( 3/1) من مواد إصدار القانون رقم 1 لسنة 2000 المعدل، وبالرجوع إلى أرجح الأقوال يتضح أن الولد إما موسر أو فقير، فأما الموسر فتجب عليه نفقة أبيه وأمه وأجداده وجداته الفقراء، سواء كانوا مسلمين أو غير مسلمين، قادرين على الكسب أو عاجزين، ويجوز إدخال وزير المالية فى الخصومة، وفقًا للمادة 118 من قانون المرافعات، وتحقيق العدالة بأن يدخل فى الدعوى وزير المالية بصفته مديرًا ورئيسًا للخزانة العامة للدولة. ووفقًا لرئيس المجلس القومى للمرأة، السابق، فإن 80 فى المائة من دعاوى الأحوال الشخصية تكون دعاوى نفقة. ومن أشهر قضايا نفقة الأقارب مؤخرًا هى قضية دعوى النفقة المقامة من طليقة نجل الفنانة هالة فاخر ضدها، وضد نجلها ووالد طليقها أيمن حسين صدقى، والتى تطالبهم فيها بالإنفاق على ابنتها جاسمين، وأجلت للتحرى عن دخل الفنانة.