«مدير الشارع» يسيطر على منطقة «وضع يد».. ويوزع أفرادًا لتحصيل مقابل «الركنة» التعريفة اليومية 10 جنيهات والأسبوع ب 100.. ومحامٍ: وضعهم «غير قانونى» «القاهرة»: مسموح بوجودهم فى أماكن بعينها ب «ترخيص».. وألغينا تعاقدهم بعد قرار «حظر الانتظار» إدارة المرور: 169محضراًس ل«حراس سيارات »أوضاعهم غيرمقننة «سُياس» يعترفون: «اللى ميدفعش نخبط عربيته».. وضحايا: «مجبرون على الدفع» محامٍ: الشرعيون حاصلون على اعتماد «الحى».. «الداخلية» تلاحقهم بمحاضر «عدم التقنين» و «البلطجة» لا تخلو منطقة منهم، هم مثل «الجراد»، إذا ما دخلوا شارعًا أفسدوه، تُفاجأ بهم ما أن تفكر أو تنوى «ركن» سيارتك، يأتيك الواحد منهم بابتسامة سمجة مرددًا: «تعالى يا بيه» أو «تعالى يا هانم»، يرشدك إلى مكان «الركنة» الذى لا تخطئه عين، ويمكنك الوصول إليه بكل سهولة، دون مساعدته، أو يطلب منك مفتاح سيارتك ليكمل المهمة بنفسه، وطبعًا فى الحالتين لا ينسى أن يطلب منك إبراز «المعلوم». الحديث عن دولة «السايس»، التى صنعها بنفسه، وبقانونه الخاص، حتى تحولت إلى مهنة تتبع «إجراءات صارمة»، ويتم فيها «تقسيم» المناطق فيما بينهم، حتى أن بعضهم يطالب الدولة ومالك السيارة بالاعتراف بتلك المهنة، وأنها أصبحت أمرًا واقعًا، ولِمَ لا؟، وهى تدر له مبالغ مالية ضخمة يوميًا حولته بفعل فاعل وغياب الرقابة إلى «البيه السايس» على طريقة رائعة المبدع أحمد زكى «البيه البواب». «الصباح» تحاول اختراق ذلك العالم، وتلك الدولة، والتى يعتبر «السايس» فيها نفسه «صاحب حق»، مع أن غالبيتهم «سوابق» ومدانون فى عدة قضايا وجنح، ويهددون السائقين ويبتزونهم ب«خبط» سياراتهم، أو سرقة أجزاء منها، حال رفض دفع مقابل «الركنة»، ما حولهم إلى بلطجية يعمل السائق لهم ألف اعتبار، دون أى رادع، أو عقاب أو إيقاف «عند الحد». البداية من منطقة «السيدة زينب»، حيث التقينا «حسن عبدالمغنى»، البالغ من العمر 44 عامًا، ويعمل «سايس» هناك. يقول ل«الصباح»: «أعمل هنا منذ 17 عامًا، وذلك منذ إنهاء عملى كسائق لأتوبيس إحدى مدارس الأطفال، بسبب إصابتى بمرض السكر»، مضيفًا: «بعد مرضى جلست دون عمل ودون تأمين، رغم أنى أعول 3 أبناء، أعمارهم ما بين 14 إلى 17 عامًا». وأشار إلى أنه يقيم بمنطقة الدرب الأحمر، وهناك اتجه إلى الشارع، وتعرف على «محمد برايز»، الذى يسمى نفسه «مدير الشارع»، واتفق معه على العمل ك «سايس» فى الشارع منذ ال 6 صباحًا، وحتى الخامسة مساءً»، موضحًا أنه لا يفرض على أحد دفع مبلغ بعينه، وفيما يدفع موظفو «بنك القاهرة» 100 جنيه أسبوعيًا له مقابل «الركنة» من الثامنة صباحًا وحتى الثالثة عصرًا، هناك زبائن أخرى لا يدفعون سوى 2 جنيه. حسبما قال. وأضاف «عبدالمغنى»: «رغم أن بجوارى مباشرة جراج الحكومة، ولا يفصل بينه وبين الجراج الخاص بى سوى رصيف، إلا أن هناك زبائن لا تركن إلا عندى»، موضحًا أن «الركنة» فى «جراج الحكومة» تكون بالساعات، ويبلغ سعر الساعة 15 جنيهًا، مؤكدًا أنه لا يجبر أحدًا على دفع تعريفة «الركنة» التى لا تتجاوز فى الغالب 10 جنيهات. وتابع: «عمرى ما اتخانقت مع حد». وعن عمله بجوار «قسم الشرطة»، أشار إلى أنه فى أول أيام عمله طلب رئيس المباحث بالحصول على بطاقة الرقم القومى الخاصة به، وأجرى له «فيش وتشبيه»، واستعلم عما إذا كانت هناك محاضر محررة ضده أم لا، مضيفًا: «بعدما تأكدوا أن لا سوابق علىّ، بدأت العمل بالجراج المتواجد أمام القسم». وأثناء حديثنا مع «عبدالمغنى» حضر «محمد برايز»، البالغ من العمر 45 عامًا، والذى يلقبونه ب«مدير الشارع»، متزوج وليست لديه أطفال، ويعمل بهذه المنطقة منذ 27 عامًا، وكان قدوته بحسب ما يقول «المعلم فارس مانع» الذى توفى منذ عام، ويقيم بمنطقة «الدرب الأحمر». يقول ل«الصباح»: «أنا معلم المنطقة، ومع ذلك أحصل على نصف الراتب الذى يحصل عليه من يعملون تحت إدارتى». وأشار إلى أنه يعمل من الخامسة مساءً حتى 12 منتصف الليل، مدعيًا أن «جراج الحكومة» القريب منهم ليس قانونيًا، بحسب وصفه، وقال: «استأجره أصحابه من الحكومة بشكل مخالف»، لافتًا إلى أنه المسئول الوحيد عن تلك المنطقة، ولا يستطيع غريب أن يقف فيها دون موافقته. وأوضح أنه يقوم أحيانًا بالنوم داخل «الجراج» للحفاظ على السيارات المقرر بقاؤها داخله لمدة أسبوع، لافتًا إلى أنه لا يحصل إلا 10 جنيهات فقط من صاحب السيارة، وإذا ما دفع مبلغًا أقل يتركه ولا يدخل معه فى أى مناقشات، وهو الأمر الذى يمكنه من «الحفاظ على سمعته وسط ملاك السيارات». وأشار إلى أن هناك منطقة أخرى تديرها «فاطمة الذئب» المشهورة ب «بطة»، والتى إذا ما أعطاها زبون أقل من 10 جنيهات، تقوم ب«خبط» سيارته بسيارة أخرى، أو سرقتها، أو الاستيلاء على قطع غيار منها. وهنا حضرت «فاطمة» المسئولة عن شارع «السد» بالمنطقة، لتروى حكايتها ل«الصباح»، وقالت: «جئت إلى هنا منذ 5 أعوام، كنت أشاهد والدتى تعمل بهذه المهنة، وورثتها عنها». واعترفت بأنها تواجه قضيتى تعدٍ، بعدما اعتدت على أحد المواطنين الذين رفضوا دفع التعريفة المقررة بهذه المنطقة، وقالت: «ضربته بعدما سبنى»، موضحة أن التعريفة المقررة لمنطقتها 5 جنيهات، و«الزبون الذى يدفع 10 جنيهات تشكره على ذوقه وأخلاقه»، مشيرة إلى أنه عقب الواحدة صباحًا، وعقب رحيل «سائسى» المنطقة، يفرض من يطلقون على أنفسهم «حراس مقام السيدة» 10 جنيهات ل«الركنة»، مؤكدة أنها اشتغلت بتلك المهنة عقب وفاة زوجها وإعالتها لبنتين مطلقتين. أما «فارس فالنه»، البالغ من العمر 44 عامًا، ويعمل بنهاية شارع «السد» بالسيدة زينب، فقال إنه يعمل «سايس» منذ 10 أعوام بالمنطقة التى تبدأ من بداية شارع «السد» حتى منتصفه، والباقى مسئولة عنه «فاطمة الذئب»، وبنهاية اليوم يقتسمان ما حصلا عليه من أموال، إلى جانب شريكهما الثالث «زينهم» المقبوض عليه بسبب مشاجرة. وأضاف: «لا نجبر أحدًا على دفع تعريفة الركنة، وجميع زبائننا عارفين السعر، وعشان كده بنعانى مع الغريب عن المنطقة فقط الذى لا يعلم قواعدها»، لافتًا إلى أن من يعترض على قوانين «سايس» المنطقة، يجد سيارته عندما يعود تم خبطها، أو سرقة متعلقات منها. واستكمل: «جاء فى إحدى المرات زبون، ورفض دفع التعريفة، فوجد سيارته تم خبطها، وعلى الفور ذهب إلى القسم، وحرر محضرًا ضدى، وحينها طلب ضابط المباحث تصليح سيارته على نفقتى الخاصة، وهو ما استجبت له على الفور». انتقلنا إلى منطقة «الجمالية»، وعندما حاولنا الاقتراب من «سايس» بالمنطقة، فر هاربًا إلى القهوة، واجهنا إياه بما قاله سكان المنطقة حول أنه «السايس» المسئول عنها، فنفى ذلك بشدة، إلا أنه عاد وأقر بذلك. اسمه «محمود عباس»، وهو سائق بهيئة النقل العام، وقال إنه يعمل مكان شخص يدعى «عطوة بودرة»، «سايس» المنطقة منذ 8 أعوام، والذى قبض عليه منذ أيام، موضحًا أنه خلال فترة اختفائه يتولى هو جمع مبالغ مقابل «الركنة»، مضيفًا: «التعريفة المقررة من قبل عطوة 10 جنيهات، ومن لا يدفع مقدمًا لا يقف بهذه المنطقة»، معتبرًا ذلك «قانون عطوة». انتقلنا للطرف الثانى المتمثل فى «الضحايا»، وتقول صفاء مسعود، التى تقوم ب«ركن» سيارتها فى شارع «السد» بالسيدة زينب، إنها تكون مضطرة لدفع تعريفة ال 10 جنيهات، مضيفة: «لو مدفعتش هيخبطوا العربية أو يسرقوا حاجة منها، وحدث ذلك الأمر كثيرًا مع زملائى بالعمل، ولهذا السبب أوافق على دفع ال 10 جنيهات دون تردد أو شجار»، مشيرة إلى أن «فاطمة الذئب» تعدت بالضرب على إحدى زميلاتها التى وصفتها ب«بلطجية تريد الحصول على الأموال دون وجه حق». وأضاف أحمد مطاوع، إنه يظل ما يقرب من ساعة ونصف تقريبًا يبحث على «ركنة» بمنطقة «الجمالية»، وهو ما يحدث عندما يرفض دفع التعريفة المقررة بهذه المنطقة، فحينها يرفضون «ركن» سيارته فى أى مكان هناك، وكأن المنطقة ملكية خاصة بهم، ولا يريدون من أحد التعدى عليها، وحينها يقوم على الفور مجبورًا بدفع التعريفة المقررة. وأشار إلى أن «السايس» يحدد عدد ساعات معينة ل«الركنة» وكأنه «جراج» حكومى، وليس ملك بلطجى لا نعلم شيئًا عن سوابقه. وفيما يتعلق بوضعهم القانونى، كشف اللواء محمد أيمن عبدالتواب، نائب محافظ القاهرة، أن هناك أماكن عددها قليل يتم السماح فيها بوجود «حراس السيارات» بهدف التنظيم، ودون مقابل، وقال: «لا نتقاضى أى قيمة مالية من حراس السيارات»، مشيرًا إلى أنه يتم السماح لهم بإدارة بعض الشوارع بهدف تنظيمى. وأوضح أنه فى حالة تعاقد المحافظة مع أحد «حراس السيارات» يخضع للرقابة المشددة، طبقًا للتعريفة المحددة من جانب المحافظة ودفتر البونات، والالتزام بالضوابط المتمثلة فى: «المكان المحدد واللوحات الإرشادية، واليونيفورم، والكارنيه»، لافتًا إلى أن ما تحصل عليه المحافظة هو قيمة «البونات» التى يتم توزيعها من الدفتر، بناء على القدرة الاستيعابية للمكان، وعدد السيارات، وأضاف: «بعد قرار حظر انتظار السيارات فى الشوارع تم إبلاغهم بالقرار، وأن وجودهم بالمكان أصبح بلا فائدة، وبالفعل بدأ دور السايس يتقلص». وشدد أن من يتم التعاقد معهم تتم مراقبتهم من خلال إدارة الساحات ومسئول الحى، ويتم تحديد المكان والتعريفة والطاقة الاستيعابية، لافتًا إلى أنه تتم محاسبة المخطئ منهم وفقًا للقانون، ونوه إلى أن الساحات القانونية بها علامات إرشادية ولوحات تحذيرية، مسجل عليها التعريفة الخاصة بالمكان، و«السايس» يكون لديه ما يثبت أنه تابع للمحافظة ويلتزم بالتعريفة، وما دون ذلك يواجه بالقانون. وفى إحصائية صادرة عن الإدارة العامة للمرور، تبين تحرير 169 محضرًا ل «حراس سيارات» أوضاعهم غير مقننة، بالإضافة إلى 47 محضر بلطجة لمن يجبرون سائقى السيارات على دفع «إتاوة»، كما أسفرت الحملات التى شنتها الإدارة فى تحرير 3 محاضر ل«حراس سيارات»، و14 محضر بلطجة. وقال المحامى أحمد جاد، محامى الاستئناف وهيئة قضايا الدولة بمحكمة الإسكندرية، إن وضع «السايس» فى مصر غير مقنن، وليس له قانون يحكمه، فهو بلطجى أخذ قطعة من أرض الحكومة، وأطلق عليها جراجه الخاص به، دون أن يقوم بدفع مبلغ إلى الدولة، وبدون أن يضع بنود اتفاقية بينه وبين الدولة، ولذلك فهم لا يطلق عليهم سواء أنهم بلطجية، فلابد من أن يعملوا فى «جراج» تابع للحى، أو يتقدمون بأوراق ويحصلون على راتب شهرى من قبل الدولة، لكن وقوفهم بالشارع بهذه العشوائية يضعهم موضع الاتهام.