محاولات تشويه الفيلم أصابت الجمهور بالخوف..وكنت على يقين بأنه سيثير الجدل مقص هشام عبدالخالق أكثر قسوة من الرقابة..وانسحب من التوزيع قبل عرض الفيلم بأربعة أيام نيللى كريم ابتكرت شخصية السيدة فى سيارة الترحيلات واقترحت تقديمها فرحة عارمة سادت بين صناع السينما المصرية منذ لحظة الإعلان عن مشاركة فيلم «اشتباك» ضمن مسابقة «نظرة ما» بمهرجان «كان» السينمائى الدولى، حفاوة بالغة ظن البعض أنها ستستمر لما بعد عرض الفيلم فى المهرجان حتى عرضه جماهيريًا فى مصر، لكن فجأة وبدون مقدمات تحولت تلك الحالة من الحفاوة إلى حرب شرسة يخوضها صناع الفيلم ضد تعنت جهاز الرقابة على المصنفات الفنية وشركة التوزيع التى انسحبت من المشروع قبل عرض الفيلم بأيام قليلة، ليجد المخرج محمد دياب نفسه مضطرًا إلى الدفاع عن فيلمه بكل ما أوتى من قوة خاصة مع الاتهامات التى واجهها فيما بعد واتهامه بأنه خطر على الأمن القومى وهى التهمة التى نفاها المخرج الشاب عن نفسه مؤكدًا أن الفيلم ساهم بقوة فى تغيير صورة مصر لدى الغرب بدليل إشادة العديد من المجلات المتخصصة فى السينما بالفيلم وكذلك الإشادة التى حصل عليها من نجوم عالميين على رأسهم توم هانكس الذى أرسل له خطابًا موقعًا بشكل شخصى منه يعبر فيه عن إعجابه بالعمل، «الصباح» فى حوارها مع مخرج العمل المثير للجدل محمد دياب ناقشته فى الكثير من أسرار وكواليس الفيلم وكذلك الأزمات التى تعرض لها منذ لحظة الإعلان عن عرضه. ألم تخش من تقديم فكرة شائكة مثل تلك التى قدمتها فى «اشتباك» ؟ بعد الصراعات السياسية التى استمرت لما بعد عام 2013، قمنا على الفور بالتفكير فى هذا العمل السينمائى دون النظر لكونها ملائمة أو لا، وكنا على ثقة منذ البداية بأن الفكرة ستثير حالة من الجدل بمجرد الإعلان عنها لكن لم تشغلنى كل تلك الأمور لأن الفكرة تنحاز إلى الإنسانية وليس لأى فصيل سياسى. البعض يرى فى الفيلم هجومًا مباشرًا على الإخوان خاصة رصدك لمواقفهم المتغيرة ؟ - الفيلم يرصد الكثير من سلبيات الإخوان وكذلك يرصد سلبيات التعامل ضدهم والعنف منهم ومن غيرهم وهناك سلبيات وإيجابيات لكل فصيل لأنه حالة إنسانية ووضعنا كل عنصر فى شكله الإنسانى دون الإشارة لكون ما يفعلونه خطأ أم صواب وما حاولنا رصده هو حالة الصراع الموجود بينهم والناتج عن الاستقطاب الجنونى القادر على إهلاك الجميع . الغريب فى الأمر أن البعض الآخر اعتبره دعوة للتصالح مع الأخوان.. فما تعليقك؟ - العمل يحتاج لمشاهدته أكثر من مرة حتى تتمكن من فهمه بشكل صحيح، خاصة أنه فيلم محير وليس عملًا سينمائيًا سهلًا وهو ما قالته أيضًا الصحافة العالمية، فطوال أحداث الفيلم لا تعرف إلى أى فصيل ينتمى العمل، وهذا ما كنا نرغب به وحرصنا على أن نبعد شخصيتى وشخصية شقيقى عن الفيلم وكنا نرغب فى تقديم كل شخصية لنفسها ورصدنا مثلًا الانقسام الموجود داخل الإخوان وهو ما نعلمه جميعًا لكن ليس هذا هدفنا من الفيلم وكنا نتحدث فقط عن الهستريا سواء كانت إخوانًا أو شرطة أو مؤيدين للجيش أو ثوريًا أو البعيد تمامًا عن تلك الحالة، والشكل السياسى هو مجرد هيكل من أجل بناء الشخصيات ودخولها لسيارة الترحيلات . وكيف استطعت الفصل بين آرائك وتوجهاتك السياسية الشخصية وتوجهاتك كمخرج للفيلم ؟ - كان قرارًا قاطعًا منذ البداية أن ننحاز إلى الإنسانية ولم يكن هدفنا أن نشير إلى فصيل أو شخص أو فكر صحيح أو خطأ لكن الأهم أن ننحاز للإنسانية بعيدًا عن توجهاتنا وآرائنا السياسية ومن هنا جاءت القدرة على الفصل. وهل واجه الفيلم اعتراضات من الرقابة كما تردد على لسان البعض ومنهم المنتج والموزع هشام عبدالخالق ؟ - حقيقة الأمر أن فى مرحلة السيناريو لم يكن هناك اعتراض من جانب الرقابة على النسخة التى تم تقديمها بل حصل الفيلم على إشادة منهم قبل ذهابه للمهرجان، لكن بعد العودة والهجوم عليه من بعض المستقطبين أو من يودون إرسال رسالة للنظام بأن هناك خطرًا من الفيلم تم إضافة جملة لا أفضل الحديث عنها والتى تتحدث بشكل عام عن «الإخوان والانتقال السلمى للسلطة» واعترضت عليها كسينمائى واستمررت فى محاربتها لمدة شهرين لأنك تعطى إيحاء للانحياز لطرف على الآخر، خاصة أننى لم أرغب فى وضع ما يشير إلى أى رأى سياسى وأتجنب ذلك من قبل الفيلم بثلاث سنوات وأتهرب من النقاش السياسى، وللتوضيح اعتراضنا لم يكن صارخًا، لكن الحقيقة أن الفيلم لم يتم المساس به. إذن لماذا انسحب هشام عبدالخالق من التوزيع ؟ للأسف مقص هشام عبدالخالق كان أكثر قسوة من مقص الرقابة، لا أعلم سبب انسحابه، لكنه انسحب قبل عرض الفيلم بأربعة أيام ووجدنا هناك تباطؤًا فى طرحه بدور العرض، والاتجاه العام أن هناك إيحاء بعدم القدرة على وقف الفيلم حتى لا تكون هناك فضيحة دولية، فكان الهدف الظاهر هو قتل الفيلم عن طريق عدم وجود موزع لأنها كارثة خاصة أن التوزيع هو من يزيد من عمر العمل الفنى واعتبر ما حدث تشويهًا وحربًا علينا أصابت الجمهور بالخوف منه، كما أنه من الممكن أن تجد أشخاص تقوم بشراء الفيلم وتضعه حبيس الأدراج كما حدث مع مسلسل «أهل اسكندرية» لعمرو واكد. هل هذا بسبب ما قاله البعض بأنك أظهرت الشرطة معدومة الإنسانية فى أغلب الأوقات ؟ - بالعكس الشرطة لم تكن معدومة إنسانيًا والأفراد التى ظهرت تمثلهم فى العمل أعتبرها كانت تتمتع بقدر كبير من الإنسانية، وتعاملنا معهم على أنهم إنسان طبيعى تصدر عنه سلبيات وإيجابيات فى لحظات الغضب وهذا ما حاولنا فعله مع كل جهة فى العمل ونرصد الجوانب الإنسانية لكل شخصية فى ظل الهستريا التى نعيشها. وهل حقيقى أن نيللى كريم لم تكن موجودة فى الفيلم من الأساس ؟ - الفيلم لم يكن به شخصية امرأة، ونيللى هى صاحبة اقتراح وجود سيدة فى سيارة الترحيلات واقترحت تقديم هذه الشخصية، وما يهمنى هو مستوى التمثيل ووجود الفنانين الشباب أضاف واقعية أكثر للعمل. وما تعليقك على محاولات تشويه الفيلم حسبما تقول ؟ أنا رجل مسالم أطلب من الجميع مشاهدة الفيلم قبل الحديث عنه، ولا أعلم من الطرف الخفى الذى يضع الفيلم فى «دماغه» فهناك من يرغب فى تشويه الصورة والظهور مثل بعض الإعلاميين الذين قاموا من قبل بمهاجمة فيلم «الجزيرة» كونه يهاجم الإسلاميين ويعمل على تشويه الإسلام السياسى ليصبح فى «اشتباك» أننا مع الإسلام السياسى وهذه شخصيات تحاول كسب نقاط لدى النظام ليس أكثر. وماذا عن التعاون مع معز مسعود؟ تعاونى مع معز مسعود دليل يدل على أن اسمه يرتبط بأنه ضد الإسلام السياسى فهناك هجوم بدون تعقل مثلما حدث مع باسم يوسف وقيل عنه إخوانى وأى شخص نريد هدمه نقول عنه نفس الشىء مثلما حدث مع معز مسعود رغم أن أفكاره واضحة ومعز من الأشخاص الذين أضافوا لى فى بداية حياتى ووجوده ينفى فكرة الأخونة والاستعانة به أيضًا لأنه رجل علم مستنير دعمنى بمعلومات مهمة مثلما استعان الفيلم الأجنبى «انتر استلر» بعالم فضاء من أجل نجاح الفيلم.