كانت زيارتى الأخيرة إلى دولة إثيوبيا تحمل العديد من المفاجآت بالنسبة لى، فقد حصلت على العديد من المعلومات القيمة من قلب الواقع، عن القبائل الأثيوبية المنتشرة فى أطراف المدن، فالتقيت مع أغربها على الإطلاق وتسمى قبيلة «المرسى» حيث تنعم إثيوبيا بعدد كبير من القبائل تقدر بحوالى 80 قبيلة، وتضم تلك القبائل أكثر من 200 ألف شخص، ينتشرون فى المناطق النائية البعيدة عن التمدن والعصرية حول أطراف المدن والحدود الإثيوبية، ومن أشهر القبائل التى تدعوك للدهشة هى قبيلة المرسى حيث يعيشون عراة ويسكنون الكهوف المخيفة، ومن أشهر العادات هى أن نساء القبيلة تتزين بوضع لوح خشبى أو فخارى فى شفاههن عند بلوغ الفتاة 15 عامًا، ويتم وضع قطعة خشبية صغيرة حتى يلتئم الجرح ثم يتم تركيب قطع أكبر فأكبر على فترة زمنية حتى الوصول إلى الحجم المراد، وتتسابق النساء فى وضع ألواح أكبر حتى تحصل على الجمال المناسب، وتقدر أكبر قطعة بقطر يصل إلى 15 سنتيمترًا، فكلما كبر حجم اللوحة تكون الفتاة أجمل فى نظر شباب القبيلة، ويكون مهرها من البقر أكبر، وتكون بنت قبيلة المرسى مخيرة فى قطع أسفل الشفاه، وإن لم تحمل اللوح فسيكون مهرها قليلًا جدًا وتتم إزالة الأسنان الأمامية لتفادى الاحتكاك باللوح. وبجانب اللوح الخشبى أسفل شفاه المرأة، هناك بعض القلائد الحديدية الثقيلة التى تعلقها فى أذنيها، أما الرجال فيتزينون بالطين الملون ويضعون على رؤوسهم تيجانًا من الأغصان الخضراء ويستخدمون القوارب الخشبية فى الصيد وعبور النهر، حيث يستعرض الصغار مهاراتهم فى السباحة وسط التماسيح واللعب بالعقارب السامة. أما قبيلة «حمر» فهى من القبائل العجيبة التى تقدس العنف، حيث يقوم الحبيب بضرب فتاته أسفل ظهرها وكلما كانت الضربة قوية وتدمى، دل ذلك على الحب، حتى أن الدماء تسيل من ظهورهن، لكنها عادة مقبولة لديهم وهى قبيلة «حمر» التى تلقب نساؤها بأقوى نساء العالم حيث تتحمل الأحوال المعيشية الموحشة وتتميز بلون بشرتها البرتقالى واستخدام الشوك فى بشرتها للتزيين. أما الرجال فيتسابقون بالقفز من فوق الماشية لتكون ضرورة، تدل على تحول الصبى إلى رجل، فتقيم القبيلة احتفالية يقوم بها كل صبى بالقفز من فوق 15 بقرة كلها ملطخة بالروث لكى تصبح زلقة، وإن أخفق فلا يستطيع الزواج ويتم ضربه على يد السيدات اللاتى يشاهدن الاحتفالية. ويقوم سكان القبيلة من فترة إلى أخرى بدهن أجسامهم بمواد طبيعية ذات رائحة مميزة مشابهة لرائحة التعرق وممزوجة برائحة جلود الحيوانات وهذه المواد تحميهم من الحشرات والطفيليات.