استغل منصبه فى «هيرمس» ووجهها لشراء أسهم «البنك الوطنى» فحقق أرباحًا طائلة تسريبات Swiss leaks فضحت 1400 حساب تضم 3.5 مليار دولار فى بنك HSBC ل700 عميل مصرى أبرزهم الملوانى وخديجة الجمال أخفى حساباته وزوجته فى سويسرا عن تحقيقات قضية البورصة مع بداية شهر فبراير 2015، كان العالم على موعد مع الكشف عن الحسابات السرية، والتى استخدم بعضها فى عمليات غسيل أموال وتهرب من الضرائب، وهى تسريبات وثائق «بنك HSBC سويسرا الخاص» والمعروفة إعلاميًا «سويس ليكس» والتى بلغت ما يزيد على 60 ألف وثيقة تحتوى على بيانات أكثر من 100 ألف عميل من 211 دولة لدى فرع البنك فى سويسرا..جاءت مصر فى الترتيب رقم 20 بقائمة تضم أكثر من 1400 حساب لعدد 700 عميل، بإجمالى أرصدة وصلت إلى 3.5 مليار دولار. احتوت القائمة المصرية على بيانات أشخاص من بينهم وزراء سابقون ورجال أعمال وشخصيات عامة على رأسهم رشيد محمد رشيد وزير الصناعة والتجارة فى عهد الرئيس الأسبق حسنى مبارك، وخديجة الجمال زوجة جمال مبارك، وغيرهم، إلا أن اسمًا كان لافتًا للانتباه لارتباطه بالقضية المعروفة إعلاميًا ب «التلاعب بالبورصة» خاصة أنه لم يكن من المشاهير ولا يميل للظهور الإعلامى، غير أنه كان عضوًا بلجنة السياسات فى الحزب الوطنى المنحل، وهو «ياسر سليمان هشام الملوانى» وشهرته «ياسر الملوانى»، حيث أظهرت الوثائق امتلاكه هو وزوجته غادة طاهر لعدد أربعة حسابات لدى فرع البنك، وقاموا بفتحها فى 28 مايو 2004، وبلغت أرصدتها بين عامى 2006/2007، وهو وقت الحصول على المستندات ما يزيد على 760 ألف دولار. فمن هو «الملوانى» ولماذا أُدرج اسمه فى قائمة وثائق وحسابات تسريبات سويس ليكس؟.. سؤال تتبعه «معدا التحقيق» لثلاثة أشهر كاملة من البحث والتقصى، كشف الإمبراطورية الخاصة بالملوانى وشبكة علاقاته مع كبار رجال الأعمال، ودوره بقضية التلاعب بالبورصة المصرية. من هو الملوانى؟ ياسر الملوانى هو أحد الذين صدر بحقهم قرار بالتحفظ على أموالهم ضمن قضية «التلاعب فى البورصة»، وأشارت له النيابة ب«المتهم الثالث»، يبلغ من العمر 55 عامًا، تخرج فى كلية التجارة جامعة القاهرة عام 1981، عضو مجلس إدارة البنك الوطنى سابقًا ورئيس تنفيذى بشركة E.F.G هيرمس القابضة. «المتهم الثالث» «اسألوا ياسر الملوانى».. هكذا قال علاء مبارك نجل الرئيس الأسبق محمد حسنى مبارك للمستشار أحمد حسن المحامى العام الأول بالمكتب الفنى للنائب العام فى جلسة تحقيق بتاريخ 13 / 4 / 2011، عندما سأله حول وجود شركات عنقودية تم تكوينها تتعامل مع أصول الدولة بالبيع والشراء وتحصل على عمولة يتم تحويلها لشركة «هيرميس» فى الخارج، وذلك فى القضية التى حملت فيما بعد رقم 10427 لسنة 2012 وتضمن الاتهامات الخاصة بالتلاعب فى البورصة وصناديق الاستثمار، وسداد ديون مصر، وخصخصة شركات قطاع الأعمال، والاستيلاء على البنك الوطنى المصرى، حسبما اتهمته النيابة العامة آنذاك. الحسابات السرية تشير المستندات التى حصل «معدا التحقيق» عليها إلى وجود مبلغ يتجاوز 760 ألف دولار، بين عامى 2006/2007، فى أربعة حسابات سرية يمتلكها ياسر الملوانى فى بنك HSBC سويسرا الخاص، والذى تشارك فى ملكيتهم زوجة الملوانى، غادة طاهر، وتم فتح الحسابات فى مايو 2004. وبعد حصول معدا التحقيق على وثائق الدعوى، تبين أنّه لم تتم الإشارة إلى هذه الحسابات أثناء التحقيقات المتعلقة بقضية التلاعب بالبورصة المصرية، خاصة وأن ياسر الملوانى كان يشغل منصب عضو مجلس إدارة البنك الوطنى فى الفترة من عامى 2006-2007 وهو ما يستلزم تقديم إقرار ذمة مالية بكل ما لديه هو وزوجته، كونه موظفًا عامًا، وفقًا للقانون المصرى. «ياسر الملوانى هو الرأس المدبرة، وهذا كله من تفكيره». كانت تلك العبارة هى إجابة العقيد طارق مرزوق الضابط بالإدارة العامة لمباحث الأموال العامة، ردًا على سؤال للمستشار، عاشور فرج، المحامى العام، وكان نصه: «ما هو دور ياسر الملوانى تحديدًا فى صفقة بيع البنك الوطنى؟»، وذلك فى محضر التحقيق بتاريخ 20 سبتمبر 2011 - والذى حصل معدا التحقيق على نسخه منه – حيث تم تعريف العقيد طارق مرزوق أنه مدير إدارة مكافحة جرائم الاختلاس والإضرار بالمال العام، بالإدارة العامة لمباحث الأموال العامة، وقت إجراء التحقيق. ويستكمل العقيد مرزوق حديثه عن ياسر الملوانى قائلًا: هو الذى عرض الفكرة التى تم الاتفاق عليها بينه وبين أيمن أحمد فتحى حسين (رئيس مجلس إدارة البنك الوطنى وقتها) وتنفيذها والاتفاق على حصة حاكمة ساعدت على دخول ياسر الملوانى، وأحمد نعيم بدر (العضو المنتدب لشركة النعيم القابضة) فى عضوية مجلس الإدارة (البنك الوطنى) كممثلين لتلك الحصة للاستفادة المادية بأكبر قدر ممكن للأسهم المالكين لها، وتم إجبار أحمد حسن قورة (مدير البنك الوطنى حينها) على تقديم استقالته نظير قيامهم بدفع إجمالى التعاقد معه كعضو منتدب، ثم قام ياسر الملوانى بتوجيه الشركات التابعة للشركة القابضة التى يشرف ويوجهها بمقتضى صفته كمدير تنفيذى للشركة القابضة (هيرمس) على الاستثمار فى هذا السهم، وإجراء عمليات بيع وشراء تؤدى إلى صنع سوق قوية لسهم البنك الوطنى والاتفاق مع مستثمر استراتيجى على شرائه محققين أرباحًا هائلة. تفاصيل القضية وطبقًا لأوراق القضية التى حصل عليها معدا التحقيق، فقد أسندت النيابة العامة عدة تهم لياسر الملوانى، منها - بحسب وثائق النيابة فى أمر الإحالة -: «كان المتهم السادس «جمال مبارك» قد اشترك مع المتهم الثالث بطريقى الاتفاق والمساعدة فى ارتكاب جريمة التربح موضوع التهمة الموصوفة بالبند رابعًا، بأن اتفق معه على تكوين حصة حاكمة من أسهم البنك الوطنى المصرى، وساعده بأن استغل صفته كمساهم استراتيجى بشركة بوليون - التى تساهم فى شركة هيرميس للاستثمار المباشر والتى تقوم على إدارة صندوق حورس 2 - فوجهها لشراء أسهم البنك الوطنى المصرى من خلال صندوق حورس2 للاستثمار، مما مكنه من الحصول لنفسه وللشركة التى يساهم فيها بغير حق على ربح ومنفعة مقدارها 414 مليونًا و407 آلاف و130 جنيهًا، فوقعت الجريمة بناء على ذلك الاتفاق وتلك المساعدة على النحو المبين بالتحقيقات». وجاء فى اتهام النيابة العامة: «اشترك -جمال مبارك- مع المتهم الثالث «ياسر الملوانى» بطريقى الاتفاق والمساعدة فى ارتكاب الجريمة الموصوفة بالبند ثالثًا، بأن اتفق معه على تكوين حصة حاكمة من أسهم البنك الوطنى، وساعده بأن أسند لشركة هيرميس للاستثمار المباشر - القائمة على إدارة صندوق حورس 2 - تنفيذ عمليات شراء أسهم البنك سالف الذكر، فحقق لنفسه وللشركة التى يساهم فيها بغير حق ربحًا مقداره 493 مليونًا و628 ألفًا و646 جنيهات فوقعت الجريمة بناء على ذلك الاتفاق وتلك المساعدة على النحو المبين بالأوراق». أما المتهم السابع فى القضية، «علاء مبارك»، فقد اشترك مع المتهم الثالث بطريقى الاتفاق والمساعدة فى ارتكاب جريمة التربح موضوع التهمة الموصوفة بالبند رابعًا، بأن اتفق معه على أن يمكنه الأخير من الحصول بغير حق على ربح وأن يمده بالمعلومة الجوهرية، وهى إبرام اتفاق بين كبار المساهمين فى البنك الوطنى على بيعه لمستثمر استراتيجى، فقام «علاء مبارك» بشراء عدد 290 ألف سهم من أسهم البنك من خلال حساب لزوجته هيدى محمد مجدى راسخ - حسنة النية «أى أنها ليس لها دور فى الواقعة حسبما أسفرت التحريات» - فى تاريخ معاصر لإتمام الصفقة موضوع المعلومة الجوهرية، مما مكنه من تحقيق ربح مقداره 12 مليونًا و335 ألفًا و442 جنيهًا يمثل الفارق بين سعرى شراء الأسهم، وإعادة بيعها دون وجه حق والذى تم تحويله فى ذات التوقيت من حساب زوجته لحسابه الشخصى بالبنك الأهلى المصرى، فوقعت الجريمة بناء ذلك هذا الاتفاق وتلك المساعدة على النحو المبين بالأوراق. منع من السفر فى 5 فبراير/شباط 2011، أى بعد نحو 10 أيام على اندلاع ثورة 25 يناير وقبل الإطاحة بالرئيس الأسبق محمد حسنى مبارك ورموز نظامه، منعت سلطات الأمن بمطار القاهرة الدولى ياسر الملوانى من السفر، حيث توجه لمطار القاهرة للسفر على طائرة الخطوط الجوية الإماراتية المتجهة إلى دبى، وعند إنهاء اجراءات سفره فوجئ بوجود قرار من النائب العام المصرى حينها (المستشار عبدالمجيد محمود) بمنعه من السفر، بعد إدراج اسمه بقوائم الممنوعين من مغادرة البلاد، لكنه تمكن فى مارس 2012، من مغادرة مصر على طائرة خاصة بصحبة عائلته إلى مكان غير معلوم، وفى 31 مايو 2012 قرر النائب العام تحويل حسن هيكل (رجل أعمال مصرى وهو نجل الكاتب الصحفى الراحل محمد حسنين هيكل) وياسر الملوانى إلى محكمة الجنايات فى شبهة فساد متعلقة بصفقة بيع البنك الوطنى المصرى (الذى تساهم فيه الدولة والخاضعة أمواله لرقابة وإشراف البنك المركزى المصرى) تم خصخصته وبيعه – بحسب الاتهامات الموجهة لياسر الملوانى وآخرون بالاستيلاء على نحو 2 مليار و51 مليون جنيه. الإمبراطورية الغامضة وبالرغم من كشف قضية التلاعب بالبورصة - والتى لا تزال تنظر أمام المحاكم- عن الشراكة والتعاون بين ياسر الملوانى ونجلى الرئيس الأسبق حسنى مبارك، إلا أن ثلاثة شهور من البحث كشفت لنا شبكة واسعة من علاقات الملوانى بكبار رجال المال والأعمال داخل مصر وخارجها، تكاد تكون إمبراطورية شراكة مع رجال أعمال كبار وشركات شهيرة وصلت ل 10 شركات، جاء على رأسها شركة (ميلو يخت - MELLO YACHTS LIMITED)، التى يمتلكها الملوانى، وتقع فى إنجلترا، وتم تأسيسها فى نوفمبر من العام 2011. كذلك شركة (إس سى آى ميلو SCI MELLO)، وهى شركة مالية تقع فى فرنسا، منذ عام 2009 وتمتلكها سيدة تدعى فاطمة حامد، وأيضًا شركة (COMMERCIAL INTERNATIONAL INVESTMENT COMPANY S.A.E) وهى شركة تجارية للاستثمار تقع فى القاهرة، وشغل الملوانى منصب نائب رئيس الشركة، والتى يمتلكها «البنك الوطنى المصرى»، ومن ضمن الشركات التى ساهم فيها الملوانى أيضًا شركة بيكو الحديثة PICO MODERN COMPANY FOR AGRICULTURE SAE، وهى شركة صناعية ولها أعمال فى مجال الزراعة، والتى من أهم مالكيها توفيق صلاح الدين دياب والسيدة عنايات سعيد الطويل وهما ابن رجل الأعمال صلاح دياب وزوجته. كذلك يشارك ياسر الملوانى كعضو بمجلس إدارة شركة (جهينة - JUHAYNA FOOD INDUSTRIES SAE)، وهى شركة أغذية، يساهم فيها ويديرها رجل الأعمال صفوان ثابت. كما أن الملوانى شريك بشركة (حورس للأغذية - HORUS FOOD & AGRIBUSINESS MANAGEMENT LIMITED) والمسجلة بقبرص والتى تمتلكها شركة EFG - HERMES PRIVATE EQUITY LTD. وكذلك حصل معدا التحقيق على وثائق تكشف مشاركة وملكية ياسر الملوانى، بشركات موجودة فى مصر، هى Wings Imperial for Hotels ويشاركه بها رجل الأعمال نجيب ساويرس والأمير بندر بن محمد عبدالعزيز وتوفيق صلاح دياب وياسين لطفى منصور ومنى مكرم عبيد، وأيضًا شركة Palm Hills Development Company s.a.e ويشاركه فيها رجل الأعمال والوزير السابق للنقل محمد لطفى منصور وشهاب مظهر محمد الأمين وتم تدشينها عام 2006، وMaritime & Oil Services Co. MARIDIVE وهى شركة خدمات بترولية يشاركه فيها محمد نديم وسحر السلاب، ومقرها الإسكندرية وتم إنشاؤها عام 2001. كما تكشف الوثائق التى حصل عليها معدى التحقيق من السجل التجارى اللبنانى، أنّ الملوانى شريك فى عدة شركات فى لبنان، حيث يترأس مجلس إدارة شركة (هيرميس سى ال هولدنغ) مع حسن هيكل، وتم تسجيلها فى بداية أكتوبر من العام 2010 برقم 1901855، وهى عبارة عن أسهم فى المصارف والمؤسسات المالية اللبنانية والمشاركة فى إدارتها والقيام بعمليات الإيداع لديها، وكفالتها تجاه الغير، وإقراضها وفقًا لما هو مسموح ويترأس الملوانى مجلس ادارة تلك الشركة، كما أنه أحد المساهمين ورأس مالها يفوق 5 ونصف مليار دولار، وكذلك شراكته فى بنك الاعتماد اللبنانى CREDIT LIBANAIS SAL فى بيروت ورقم تسجيله 10742 فى يوليو 1961، ويبلغ رأس مال البنك 268 مليار دولار. تكشف هذه العلاقات المتشابكة بين رجال الأعمال ورجال السلطة مثالًا واضحًا على زواج السلطة والمال فى عهد مبارك، والذى ما زالت خفاياه لم تتكشف بالكامل حتى اليوم، لتأتى هذه التسريبات والوثائق التى لم تكن متاحة من قبل لتساهم فى إلقاء الضوء على هذا الجزء الغامض من تاريخ مصر. حاول «معدا التحقيق» التواصل بشكل رسمى وبأكثر من وسيلة مع السيد ياسر الملوانى ومحاميه طوال فترة إعداد التحقيق، ومن ضمنها مراسلتهم عبر رسالة مرسلة عبر شركة TNT وتم تتبع الطرد إلكترونيًا، والتأكد من استلامه من قبل أصحاب العلاقة، لمنحهم حق الرد على المستندات والمعلومات التى حصلنا عليها، لكن لم نتلق أى رد بعد مرور المهلة الممنوحة لهم. تم إنجاز هذا التحقيق بدعم من إعلاميين من أجل صحافة استقصائية عربية (أريج)، وإشراف الزميل حمود المحمود.