البابا يقيل مسئول إدارة القنوات المسيحية ويتساءل عن مصادر التمويل «زاخر»: نشأت «عشوائيًا».. والمهنية تغيب عن «الأرثوذكسية» وموجودة لدى الطوائف الأخرى قيادات قبطية: مطالبة مرصد الأزهر للكنيسة بضبط أداء «قنوات الفتن» دعوة خاطئة ومشبوهة وتدل على عدم فهم «فكرى»: نرفض قنوات الفتنة.. ووجود الميديا المسيحية دليل على المواطنة زاد الاعتماد على الإعلام فى السنوات الأخيرة، حتى بات كالسلاح ذى الحدين، يمكن استخدامه فى البناء والهدم على حد سواء. وبدت منطقة الشرق الأوسط هدفًا لإثارة الفتن الطائفية فى كل أرجائه، ومنذ سنوات ظهر على الأقمار الصناعية ما يطلق عليه «القنوات المسيحية»، وهى قنوات تبث من داخل مصر، تكون تحت رعاية وسيطرة الكنيسة، وقنوات تبث من الخارج تخرج عن سيطرة الكنيسة، بل وفى بعض الأحيان تهاجم الكنيسة نفسها. ومن أشهر الفضائيات المسيحية التى تبث من داخل مصر، قناة «مارمرقس» وقناة «أغابى»، وهناك قنوات يملكها رجال الإعلام مثل قناة «CTV»، وهى قناة تابعة لرجل الأعمال القبطى ثروت باسيلى الموجود خارج البلاد الآن. أما فضائية «لاجوس» فتبث برامجها من الخارج. وبسبب الضجة التى أثارتها هذه القنوات، قام البابا تواضروس الثانى مؤخرًا بتغيير المسئول عن ادارة القنوات الفضائية المسيحية، فسحب إدارتها من الأنبا أرميا ومنحها إلى الأنبا بيشوى، مطران دمياط، بعدما تساءل البابا عن مصدر تمويل هذه القنوات. المعارضون للبابا قالوا إنه يريد وضع القنوات المسيحية تحت قبضته وقبضة رجال الكنيسة الأقوياء، ما يعنى فرض الرقابة الشديدة على ما تبثه هذه القنوات، ودخول السباق الطائفى فى جذب الرعايا والحفاظ عليهم من الذهاب إلى الطوائف الأخرى. وإذا كان هذا الوضع فى القنوات المحسوبة على الكنيسة الأرثوذكسية، فإن هناك قنوات أخرى تابعة لطوائف أخرى، وتبث إرسالها من خارج مصر، مثل قناة «الحياة» التى تبث برامج ومواد إعلامية مثيرة للضجة، وتبث إرسالها من الخارج وتقارن فى برامجها بين الأديان. وكان مرصد الأزهر قد اعترض على أداء هذه القناة، خاصة أكثر برامجها إثارة الذى يقدمه «رشيد»، الذى يدعى أنه مغربى تحول من الإسلام إلى المسيحية، وينتقد فيه الديانة الإسلامية ويقارنها بالمسيحية. وأكدت الكنيسة عن طريق متحدثها أن قناة الحياة القبطية غير تابعة لها ولا سلطة لها عليها، وأن الكنيسة ترفض وسائل الإعلام التى تنشر العنف والتعصب وتحرض ضد الآخر. وكانت هناك قناة تسمى «الحقيقة» أغلقت مؤخرًا، وكان يديرها شخص يدعى أن اسمه أحمد أباظة، وأنه تحول أيضا إلى المسيحية، لكن سرعان ما تبين أن هدف القناة هو جمع التبرعات وتغيير العقلية القبطية وإدارتها عن طريق مقدم برامج القناة، وقام أباظة بسرقة أموال التبرعات واختفى فأغلقت القناة. وهناك قناة «الفادى»، التى يقودها القس المشلوح زكريا بطرس، ويقوم بتقديم برامج يطعن فيها فى الإسلام، ويرتدى خلالها ملابس الكهنوت، وهو غير خاضع للكنيسة وممنوع من الصلاة فيها. ودعا مرصد الأزهر قادة الكنيسة المصرية للعمل على توجيه وتصحيح مسار هذه القنوات التى من شأنها إثارة الأحقاد والضغائن وتهديد أمن المجتمع المصرى وزعزعة استقراره والتفرقة بين أبنائه حفاظًا على مصلحة الوطن العليا. ودائمًا ما تؤكد الكنيسة أنها ليس لها سلطان على القنوات المسيحية التى تبث إرسالها من خارج مصر بل إن بعض من الذين «تشلحهم» الكنيسة يقدمون برامج فى هذه القنوات. أما الكنيسة الإنجيلية فتمثلها قناة «سات 7»، بينما الطائفة الكاثوليكية تمثلها قناة «نور سات». وهناك الكثير من القنوات التى تبث من خارج مصر، وتعتمد على جمع التبرعات من الأقباط من أجل استمرار البث. فقناة «الطريق» القبطية التى تبث إرسالها من أمريكا تضع إعلانًا على شريطها تطالب فيه كل أسرة بالتبرع بمبلغ 30 دولارًا شهريًا بصفة دائمة من أجل استمرار بث القناة، بالإضافة إلى وضع رقم حساب بنكى على شاشة القناة للتبرع. وهناك قنوات تقدم برامج دينية وتنشط فى الأزمات الطائفية لأقصى درجة، ويزداد عدد مشاهديها عند وقوع الأحداث الطائفية فقط. ويقول القس رفعت فكرى، المتحدث الإعلامى باسم الكنيسة الإنجيلية ومقدم أحد البرامج على شاشة إحدى هذه القنوات: «القنوات الفضائية المسيحية تقوم على ترسيخ المبادىء والقيم المسيحية وأهدافها هى التعليم والتثقيف وحث الناس على المشاركة والإيجابية، وبعض القنوات تجمع التبرعات بغرض الاستمرار، لكن إذا تحول الأمر إلى هدف ستصبح القناة قد حادت عن هدفها». ونفى أن تكون هذه القنوات تكرس للطائفية، أو أنها تقوم على مهاجمة الآخر، وقال: «على العكس، إنها تحد من الطائفية لو كانت تقدم فكرًا محترمًا، ونحن نرفض القنوات التى تبث من خارج مصر، وتقوم على الهجوم على معتقدات الآخرين، لكن وجود الميديا المسيحية مهم جدًا لترسيخ مبدأ المواطنة». ويقول كمال زاخر، مؤسس التيار العلمانى بالكنيسة: «القنوات المسيحية نشأت بشكل عشوائى، والدليل على ذلك وجود ثلاث قنوات تتحدث باسم الكنيسة الأرثوذكسية، والمهنية تغيب عن القنوات الأرثوذكسية، وتتواجد فى قنوات الطوائف الأخرى». ويتساءل زاخر عن سبب إنشاء هذه القنوات، ويطالب بتشكيل لجنة تتبع المجمع المقدس تكون هذه القنوات خاضعة لها. ويقول إن جمع القنوات المسيحية للتبرعات نسق مستقر فى القنوات الخاصة عندما تكون خدمية، مكررًا رفضه للقنوات التى تنتقد عقائد الآخرين، «كما نرفض من ينتقد عقائدنا». ويقول الدكتور ميشيل فهمى، المحلل السياسيى القبطى: «الإعلام القبطى إعلام طفولى المهنة، بلا حرفية أو مهنية، إداراته فى يد غير متخصصين ولا حتى هواه، بل بعيدين كل البُعد عن الإعلام، فمن أساقفة إلى صيدلى وخدمتهم ومهنتهم لم تقترب حتى من الإعلام وآلياته، ولا يوجد ما يسمى الإعلام المسيحى، فما نراه حاليًا هو طقس الصلاة المسيحى بالتركيز على القداسات المتكررة والمعادة». أما عن دعوة مرصد الأزهر للكنيسة لضبط أداء القنوات التى تحرض على الفتنة يقول فهمى: «دعوة خاطئة ومشبوهة، وتدل على عدم فهم وخلط للأمور، بغرض إلصاق أى تهم للكنيسة المصرية العريقة فى الوطنية، لأنهم لو فكروا قليلًا لوجدوا أن الكنيسة المصرية لا علاقة لها بمثل هذه القنوات التى تثير الفتنة، لأنها ليست فى نطاق سيطرة الكنيسة المصرية الأرثوذكسية، لا مذهبيًا ولا جغرافيًا، والكنيسة المصرية مسئولة فقط عما يبث من قنواتها الفضائية التابعة لها، والتى تبث من داخل الوطن مثل قنوات (سى تى فى) و(مى سات) و(أغابى)، فعلى الأزهر التأنى والدراسة قبل أن يُطْلق دعواته، كما أن عليه هو مراجعة مواقفه فى صورة تصريحات بعض فقهائه». ويقول المهندس عزت بولس، رئيس تحرير موقع «أقباط متحدون»: «هذه القنوات تبث من خارج مصر وليس للكنيسة سلطان عليها، وبالتالى لا يمكن أن تمارس الكنيسة ضغطًا عليها إطلاقا، وإثارة هذه الدعاوى فى الصحف تعكر الجو الذى بدأ يتحسن كثيرًا بين المسلمين والمسيحيين بعد أن انحسر المد السلفى والإخوانى، فقبل أن يدعو الأزهر هذه الدعوات عليه دراسة البيانات قبل إصدارها». ويتساءل: «هل طلب أحد من الأزهر التصدى للقنوات الإسلامية التى كانت منتشرة أيام الإخوان وقبلها؟ وهل يمكن لأى جهة أن تسارع وتطلب السيطرة على القنوات الإخوانية التى تبث العداء لمصر». ويقول أرمانيوس المنياوى، إعلامى وقيادى بحزب مصر القومى: «أعتقد أن دعوة مرصد الأزهر ليست فى محلها لأن الأزهر الشريف، تلك المؤسسة الوسطية، تعلم تمامًا أن الكنيسة لاتملك التحكم فيما تبثه هذه القنوات، لأنها ليست تابعة للكنيسة من ناحية، ولأنه يستحيل الآن أن يتحكم أحد فيما تبثه القنوات فى العالم لأنه فى ظل السماوات المفتوحة لا يمكن أن يتحكم أحد فيما ينشر». وتقول الإعلامية مارى صادق بقناة «لوجوس» التى تبث إرسالها من الخارج: «الكنيسة غير مسئولة إلا عن القنوات التابعة لها فقط، وليس لها سلطان على أى قنوات أخرى تبث من الخارج أو حتى الداخل، وتتبع أشخاصًا أو هيئات، ولا يجب الالتفات كثيرًا لها والاهتمام بإظهار المحبة العملية بين المصريين ككل، والتخلص من صانعى الفتن فى الداخل أولًا لأن هذا هو المؤثر الأول فى سلامة الوطن وأمنه».