المشرفون يأمرون الأطفال بمسح وتنظيف الدار بالقوة بدلً من العمال بلطجى يمارس الشذوذ مع أطفال دار الرعاية بالجيزة.. وبلاغ بتدخين الحشيش فى البوفيه «التضامن» ترد: إذا ثبت استمرار المشاكل بالدور بعد إرسال قوافل الحل سنحيل الفريق للتحقيق دار «الهدايا» غارقة بالصرف الصحى.. وموظفون يتساءلون: أين تذهب التبرعات؟ فى عز الشتاء القارس، والجميع يختبئ أسفل الملابس الثقيلة، ويتحصن بالمشروبات الدافئة، تجد صغارًا لا تتعدى أعمار بعضهم عدد أصابع اليد الواحدة، بملابس قصيرة رثة يجلسون على البلاط وبأيديهم أدوات تنظيف لا يذوقون النوم حتى يصبح المكان فى أتم استعداد لاستقبال الزوار فى اليوم التالى، وليس مهمًا بالطبع إذا ناموا على الأرض فى العراء فلن يختلف الأمر كثيرًا لأن السرائر لديهم عبارة عن مراتب على الأرض. هذا المشهد حال الصور التى حصلت عليها «الصباح» من داخل دار الرعاية بالجيزة، التابع للجمعية المصرية العامة للدفاع الاجتماعى، الواقع بجوار قسم شرطة بولاق، والتابعة لإشراف وزارة التضامن الاجتماعى، والتى تضم ما يقرب من 200 طفل تتراوح أعمارهم بين 10 سنوات و15 عامًا. «الصور» مفجعة وتكشف الإهمال، فقد أصيب عدد كبير من أطفال الدار بمرض جلدى معدى (لم يتم التعرف عليه حتى الآن)، لم يتم اكتشافه إلا صدفة عن طريق إحدى القوافل الطبية التابعة للمجلس العربى أثناء تفتيشها على المكان، وبناء عليه كان من المفترض أن يتم عزل الأطفال المصابين وعلاجهم بإشراف طبى، إلا أن هذا لم يحدث، فقد تم عزل البعض وطلب من الموظفين بالدار البيات مع المصابين فرفضوا لخوفهم من تعرضهم للعدوى. يقول محمد عبد الحميد، أحد الموظفين بالدار، أنه قدم العديد من الشكاوى بالمكتب الفنى لوزارة التضامن الاجتماعى التابعة لها الجمعية، والمسئولين، حتى يتم إنقاذ الأطفال من أياد الإهمال التى لا ترحم والرأفة بكونهم أيتام إلا أنه لم يتم حل المشكلة بل وتم تهديده بفصله من العمل وإحالته للتحقيق. ويضيف عبد الحميد أن الدار بدأت التخلص من الأطفال وتخليص أوراقها للتخلص من الرقابة عليها بسبب مرضهم، فبعد أن كان يقطن أحد أقسام الدار حوالى 52 طفلًا، تقلص العدد إلى أقل من نصفه، كما أن الحمامات غير آدمية ويضطرون للخروج إلى المسجد المقابل للدار من أجل الاغتسال أو قضاء حاجتهم، ولم يتم تغيير «النبطشى» المتسبب فى أغلب الفساد بالدار على الرغم من وعود الوزارة للعاملين بتغييره. كذلك يؤكد جابر إسماعيل، أحد العاملين السابقين بالدار، بأن هذا الدار عبارة عن كارثة حيث أنه أثناء عمله بالدار قدم شكاوى بنقص الأغذية المخصصة للأطفال دون أن يتم التحقيق فى هذا النقص، كما كانت هناك واقعة لشرب الحشيش بالبوفيه فى الدار من قبل شخص يدعى «خ. ف.»، وكان من الأطفال لكنه استمر فى الدار حتى بعد تخطيه السن القانونى، وكان يحرض الأطفال على شرب المخدرات، وتم اتهامه فى أكثر من واقعة بلطجة وسكر وممارسة شذوذ من أكثر من نزيل بالدار، بالإضافة إلى التعامل مع الموظفين المشتكين من كل ذلك الإهمال والمكان غير الآدمى بحسب وصفه، يتم إحالتهم للتحقيق وإعطائهم جزاءات، وعند إبلاغ الوزارة أرسلت فرقة التدخل السريع ولكن المشكلة لم تحل. وعلى الرغم من التخلص من النزلاء الذين تخطوا السن القانونى تبقى مشاكل الأمراض الجلدية وتسريحهم للتخلص من المسئولية بالإضافة إلى المشاكل مع المسئولين والموظفين عالقة دون حل. وهذا الدار لا يعد الدار الوحيد الذى امتلئ بكل هذا الإهمال، فقد رصدت «الصباح» ثلاثة دور أخرى بالإسكندرية تعانى الإهمال والحياة غير الآدمية ونقص فى البطاطين والغذاء والسرائر وغيرها، وهى دار التربية الاجتماعية، ودار الوحدة الاجتماعية، ودار مجمع الدفاع الاجتماعى، وتتراوح أعمارهم ما بين 7 سنوات إلى 17 سنة يعانون أيضًا حياة غير آدمية ونقص فى الموارد. دار مسنين «الهدايا» الواضح أن الأمر لم يقتصر على دور الأطفال فقط، وأن بسبب الإهمال الواضح لم تقتصر تلك الأمراض الجلدية الناتجة عن الإهمال وقلة النظافة والرعاية على دور الأطفال فقط بل أن دور المسنين هى الأكثر عرضة لمثل تلك الأمراض. فدار الهدايا القابعة بمحافظة الإسكندرية بمنطقة الرأس السودة، أفضل مثال على ذلك فبمجرد أن تقف من الخارج أمام باب الدار ستجد يافطة الدار مكسورة، والجزء المتبقى منها مكتوب عليه «دخل الجنة» ولكن باب الدار كان على النقيض من العبارة، تمامًا مثل اسم الدار، فهو باب خشبى مكسور لم يمسسه تجديد منذ سنوات كثيرة. يوجد من الدار فرعين، فرع مخصص للسيدات وآخر للرجال، لكنهم فى الحالتين لم يسلموا فقد أصيب عدد كبير من نزلاء الدور بأمراض جلدية تجذب الحشرات للوقوف على جلودهم والنهش فيها، فالمجارى التى تغطى الدار منذ 3 سنوات لم يتم إصلاحها إلى الآن، بعد جهود من أعضاء الفريق الخدمى «إسكندرية لحظة بلحظة» بمخاطبة وكيل وزارة التضامن الاجتماعى بالإسكندرية نبيل عباس، وقام المتبرعون بإصلاح حوالى 30 فى المائة منها فقط وما تزال قابعة فى المجارى. وتؤكد إحدى نزيلات الدار «رفضت ذكر اسمها» أن إحدى موظفات الوزارة قامت بالاتصال لتخبرها أن الدار جاء لها قرار بالهدم. وتضيف أنهم يريدون خصخصة هذا الدار لصالح بعض رجال الأعمال، ويتم تشريدهم، كما أن معاملتهم جيدة بنسبة 60 فى المائة لكنها تعامل أسوأ معاملة من المديرات بسبب شكواها من وضع الدار، وأن الإشراف يحتاج إلى إشراف وأن مجلس الإدارة يرفض تواجدها بالدار. أما «عم محمد»، الذى يجلس على أريكة يلتف الذباب على يده وقدميه، مبلل الملابس شاحب الوجه، أصيب بمرض جلدى يستجدى نقله إلى إحدى المستشفيات المتخصصة ولكنه لا يزال متواجدًا بالدار كما هو مثل غيره من المسنين الذين لا حول لهم ولا قوة ولا أهل، يعانون ويلات الإهمال وعدم الاعتناء بنظافتهم الشخصية، ينامون على الأرض أو السرائر المكسورة ولا يوجد أى اهتمام من أى نوع بالدار فى غياب تام للرقابة. دور وزارة التضامن الاجتماعى «الصباح» واجهت مسئولى الوزارة لمعرفة ما تتخذه من إجراءات لمواجهة مثل تلك حالات الإهمال ومواجهتها بما رصدناه فيؤكد مسعد رضوان، مساعد وزيرة التضامن الاجتماعى، أنه تم إرسال قافلة طبية من وزارة التضامن الاجتماعى بالتعاون مع المجلس العربى، وتم تقديم العلاج اللازم لشفاء الأطفال بدار الرعاية القابع بالجيزة، وإرسال فرقة التدخل السريع المخصصة من الوزارة لمواجهة مثل تلك حالات الإهمال والتعدى على الأطفال بالدار، مضيفًا أن ما يروجه بعض الأخصائيين الاجتماعيين بالدار ما هو إلا شائعات، وأكد على أنهم بالفعل تم شفائهم وأنه فى حالة عدم شفائهم أو استمرار مشاكل الدار دون حل سيتم إحالة الفريق الذى كلف بحل المشاكل المرسل للتحقيق. وأضاف باسم السعيد، أحد أعضاء فرقة التدخل السريع بالوزارة، أنه تواجد بالدار حوالى 20 طفلًا مصابًا بأمراض جلدية وقامت القافلة بالفعل بتقديم الدواء اللازم وعزلهم عن الباقين حتى تم شفائهم الكامل. إلا أن الأطفال بحسب مشرفين الدار لا يزالون يعانون النوم على الأرض وعدم شفاء بعضهم بشكل كامل ونقص الغذاء، بل اتهموا إدارة الدار بإعادة بعضهم إلى أهلهم للتخلص من مسئوليتهم وخوفهم من عقاب ورقابة الوزارة، والبعض الآخر تم تسريحه. وقد قامت إدارة الجمعية بالتحقيق مع من قدموا شكاوى للوزارة وتم فصل نبيل سيد محمد ومحمد فيصل مختار مشرفين ليليين بقسم الشباب بالدار.. كما أنه لايزال التحقيق مستمرًا مع عبدالحميد وبعض العاملين فى الدار بتهمة إفشاء أسرار العمل بتقديم شكوى توضح مدى الإهمال والفساد فى الدار.