"أين الرقابة ؟" .. تساؤل ملح تردد فى محيط الرأى العام تعليقا على وقائع تعذيب وضرب أطفال دار مكةالمكرمة لرعاية الأيتام بالهرم وماكشفته جمعيات حقوقية بعدها من مخالفات وانتهاكات اخرى فى جمعية بوسط القاهرة واخرى بالسويس خاصة أنها ليست المرة الأولى .. فمنذ 3أشهر فقط، ،تفجرت قضية تعرض أطفال دار أيتام بالسيدة زينب للتعذيب على أيدى مشرفيهم، فأغلقت وزارة التضامن الاجتماعي الدار ونقلت الأطفال إلى دار الأورمان، ومنذ 4أعوام ، حدثت واقعة مشابهة حيث قامت مشرفتان بجمعية بالمعادي بتعذيب 6أطفال عن طريق "اللسع بالسكين "، وبررتا الواقعة أمام النيابة بحجة تهذيب الأطفال الذين يبلغون من العمر 9سنوات فقط . بل إن نشطاء "الفيس بوك " كشفوا بالصور والفيديو مظاهر الإهمال والتدني في معاملة النزلاء بإحدي دور رعاية كبار السن وناشدوا وزير التضامن الإجتماعي بالتدخل السريع علي غرار ما تم مع واقعة "دار مكة" . موقع أخبار مصر طرح القضية للنقاش بين عدد من المشرفين بهذه الدور والمتخصصين والخبراء بحثا عن آليات فاعلة لحماية حقوق الأطفال اليتامى وكبار السن المقيمين فى دور المفترض أن ترعى شئونهم وتحميهم ..فماذا قالوا ؟ : كواليس دور الرعاية رضا جمعة مشرفة بإحدى دوراليتيمات بوسط القاهرة قالت للموقع إن الانضباط يرجع أولا وأخيرا إلى الضميرالحى والوعى ومراقبة الله لأن الدارعبارة عن بيت مغلق لايعلم أحد ماذا يحدث داخله وهؤلاء الأطفال أو المسنين لاحول لهم ولاقوة ؟. وأكدت أن هناك تفتيشا دوريا من جانب مسئولى مديرية التضامن وزيارات تكون أحيانا مرتين شهريا ويتم خلالهما مقابلة اليتيمات ومعرفة مشاكلهن مبدية أسفها من أن نشر الانتهاكات الفردية يسىء للكل وبث "فيديو الضرب على يد مدير الدار بالعصا والأيدى والأرجل بسبب تشغيلهم التلفزيون وفتح الثلاجة دون إذنه " يجرح الصغار أمام زملائهم فى المدرسة ويعرضهم لمشاكل نفسية . وألمحت مشرفة اليتيمات الى وجود شكاوى كيدية أحيانا لأنه بعد التحقيق يتضح كذبها لأسباب أو خلافات شخصية ،ولاترى مانعا فى علم الطفل بخط النجدة واستخدامه عند أى أزمة ولكن مع ضمانات بالحيادية بين الطرفين (أصحاب ومشرفى الدار والنزلاء ) . وأضافت رضا جمعة أنها ترعى نحو 28 يتيمة بالجمعية الخيرية التى تعمل بها منذ سنوات ،أعمارهن من 4 شهور الى 17 سنة و لايتركن الجمعية إلا بعد العمل والزواج لافتة إلى أنها منتسبة لقسم الاجتماع بكلية الآداب بجامعة القاهرة حتى تكون مؤهلة علميا لرعاية اليتيمات بجانب خبرتها العملية . بينما تساءلت حنان على مشرفة بدارأيتام فى مدينة نصر : لماذا لا نشجع الأسر التي حرمت من الإنجاب على تربية هؤلاء الأطفال ؟ .. فبدلا" من إنفاق آلاف الجنيهات على علاج العقم و تلافيا لمشاكل الطلاق و الزواج بأخرى تنجب طفلا ،يمكن كفالة طفل يتيم ليكون الزوجان مع الرسول صلى الله عليه وسلم فى الجنة . وأكدت أن المناخ التربوى الأفضل يتحقق من خلال أسرة بديلة ومتابعتها أما دورالرعاية ، فحتى المثالى منها به تجاوزات ومن الصعب أن يخضع لرقابة حقيقية مستمرة بدليل أنه رغم وجود كاميرات مراقبة داخل دار مكة ،مثلما صرحت وزيرة التضامن الاجتماعى فى مؤتمر صحفى عقب الواقعة ، إلا أن اكتشافها تأخر عاما وتم بناءً على بلاغ من زوجة الجانى . وإتفق معها المحامى أحمد محسن رئيس مجلس ادارة الجمعية المصرية لنشر الوعى القانونى، قائلا إن الرقابة والمتابعة اليومية لكل الدور معا ليست ممكنة عمليا لأن هناك نحو 5 آلاف جمعية ، ولكن يمكن إجراء زيارات دورية والسؤال عن أجواء المكان ومعرفة "كواليسه" من المحيطين به. أقصى عقوبة 7 سنوات وبالنسبة لردع المخالفين ، أوضح المحامى أحمد محسن أن عقوبة الضرب تنقسم الى 3 درجات أولها الضرب باليد وثانيها الضرب بأداة دون إحداث عاهة وفى الحالتين العقوبة من يوم الى 3 سنوات أما الثالثة وهى التورط فى إحداث عاهة بالمجنى عليه ،فتصل عقوبتها الى 7 سنوات لكونها جريمة وليست جنحة . وطالب محسن بتفعيل العقوبة القانونية لردع الاخرين مشيرا الى أن 3 شهور بالسجن تكفى لتأديب الجانى وانه ليس فى حاجة الى التحايل على القانون بإدعاء المرض النفسى لأن عقوبته ليست كبيرة مثل القتل مشيرا الى أن تقرير الطب الشرعى عن الحالة الصحية لأطفال دار مكة (نحو 12 طفلا بينهم 9 إناث و3 ذكور، ما بين 3 و9 سنوات) أثبت وجود إيذاء بدنى على الأطفال الذين تعرضوا للإصابة، وعدم وجود اعتداء جنسى أو تعذيب واقع عليهم. وفيما يتعلق بالدعوى المرفوعة من محام شهيرضد زوجة صاحب الدار باعتبارها متسترة على جريمة ،فقال رئيس الجمعية الحقوقية إنها قد تحاكم أيضا على التسجيل بالفيديو دون علمه كجنحة وفق المادة 309 مكرر من قانون العقوبات وربما تعفى لاعتباره قرينة تفيد التحقيق وانه متاح على مواقع التواصل الاجتماعى. من ضحايا الى جناة وللأسف ،فهؤلاء الأيتام يتحولون أحيانا من مجنى عليهم الى جناة نتيجة ما يتعرضون له من تعذيب وإهانة ،فسبق أن كشفت الادارة المركزية للرعاية الاجتماعية بوزارة التضامن فى مايو الماضى أن قوات الشرطة ألقت القبض على 27 طفلا من أبناء ثلاثة دور أيتام تشرف عليها الوزارة بحوزتهم مخدرات وأسلحة بعد أن كون هؤلاء الاطفال بؤرا إجرامية داخل الدور،وتعدوا على مجالس الادارات المختلفة التى عينتها الوزارة حتى أن المجلس الاخير ترك لهم الدور بعد عمليات التعدى المستمرة عليه ..مما يدق ناقوس الخطر بأن كواليس دور الرعاية الحانية قد تفجر قنابل موقوتة فى وجه المجتمع . وهنا قالت سعاد يوسف مديرة دار أيتام بمصر الجديدة ووكيل نقابة الاجتماعيين للموقع إنها أرسلت مؤخرا شكاوى لوزارة التضامن الاجتماعى عن دور أيتام بها تجاوزات والنتيجة فى الغالب كانت إغلاقها ونقل الأطفال لدار اخرى رغم ما يترتب عليه ذلك من أضرار اجتماعية ونفسية للطفل مؤكدة أنه كان من الأجدى سحب الترخيص من المتسبب فى الخطأ وعزله وتعيين مجلس إدارة جديدة دون نقل الأطفال لمكان ربما لم يعتادوا عليه أو بعيدا عن مدارسهم . حظر الترخيص لغير المتخصص وطالبت سعاد يوسف بعدم سماح الوزارة لأى متطوع بإنشاء دار للأيتام أو المسنين إلا اذا كان متخصصا ولديه خبرة سابقة بالمجال وليس مجرد ممول ، ولابد أيضا من إخضاعه للكشف الطبى والنفسى قبل الموافقة له على ممارسة النشاط ،والأهم أن تتم متابعته واذا ثبت التزامه يستمر وان ظهرت شكاوى أو مخالفات يتم ايقافه وعقابه فورا . ولفتت سعاد يوسف الى أن انتشار الفيديو على "الموبايلات" ووصوله للأطفال بث الرعب فى نفوسهم وفى الوقت نفسه جعلهم يشعرون بنعمة وجود مشرفين يراعون الله فيهم ومتبرعين يغدقون الهدايا عليهم ،قائلة "فمثلا هناك طفلة بدار الأيتام التى أشرف عليها، كسرت تلفزيون LCD تبرعت به متطوعة ثمنه 6 آلاف جنيه ولم نعاقبها بينما تم تعذيب أطفال دار مكة لمجرد فتح التلفزيون بدون إذن صاحب الدار" . وشددت على أن تقوم إدارة الرعاية الاجتماعية بالوزارة بالتفتيش المستمر على هذه الدور ولكن ليس مرتين أو 4 مرات سنوياً فقط أو في حالة وصول شكاوى معينة ضد الدار، بل بشكل مكثف ودون إخطار مع التحرك السريع للتصدي للعنف داخل مؤسسات الرعاية والتأكد من عدم تكراره من خلال تفعيل الرقابة على هذه المؤسسات. آليات سريعة للنجدة أما الدكتورة عزة العشماوي، الأمين العام للمجلس القومي للطفولة والأمومة، فدعت الى ضرورة وضع آليات وحلول جديدة تمنع الإساءة للأطفال وتحمي حقوقهم في التمتع بحياة آمنة وطبيعية محذرة من ضعف التعاون بين مؤسسات الدولة ومعظم الجهات المعنية بقضايا الطفولة والإمومة، بل إن كل منها يعمل في جزر منعزلة دون تنسيق وبالتالى قد يحدث تضارب ولا تتحقق نتائج ملموسة وسريعة علي أرض الواقع خاصة عند الاستجابة لاستغاثة الأطفال. وأضافت أنه تم رصد نحو 86 حالة عنف على خط نجدة الطفل 16000، باعتباره أحد آليات الرصد بالمجلس خلال الاسبوع الاول من أغسطس ، أغلبها انتهاكات بدنية يليها عنف لفظى واخيراً اعتداء جنسى مطالبة بجدية التحرك وآليات سريعة لإنقاذ الطفل مشيرة الى أن المجلس شكل لجنة تقصى للحقائق من أعضاء خط نجدة الطفل مع إحدى الجمعيات الأهلية بالعمرانية والتي كشفت أن الأطفال يتعرضون فعليا للإيذاء البدني والنفسي ،و تقدم المجلس ببلاغات للنائب العام ووزيرة التضامن الاجتماعي للتحقيق في الواقعة . ولفتت العشماوى الى وقائع سابقة مثل قضية دارى أيتام السيدة زينب و ليلة القدر مؤكدة أن الإعلام يفجر القضية ولكن المشكلة أنه بعد الضغط على الجهات المعنية ننسى بسرعة حتى تتكرر الكارثة. إهمال.. المسنين ويبدو أن دور المسنين ليست أفضل حالا حيث نبه محمد السيد محاسب يسكن فى عقار بجوار دار مسنين بشبرا الى أن هناك مظاهر للإهمال وسوء المعاملة بدور رعاية كبار السن تصل إلي حد إهمال مواعيد الأدوية ،وإطعامهم أكل غير آدمي مستنكرا ما قامت به إحدى المرافقات من ضرب نزيله مسنة بالقلم على وجهها لإسكات صراخها ،بل إن هناك شكاوى من سرقة أكل وأموال النزلاء خاصة فى الدور الخاصة التى يدفع النزيل بها حوالى 6 آلاف جنيه سنويا . وكشفت ايمان نبيل متطوعة بدار مسنين بالمطرية كارثة مسكوت عنها من واقع خبرتها بدور مسنين مختلفة حيث قالت بأسى " المسنات فى بعض الدور لايجدن من يعطيهن الدواء فى موعده وأحيانا تحدث اشتباكات بينهن وبين مديرة الدار لمجرد التعبير عن الاستياء من سوء الخدمة وهناك مشرفون يراعون الله ومتطوعون يدخلون السعادة على المسنين لكن الملاحظ أن المسن الذى فقد أولاده أو ليس له أهل يسألون عنه ولايمتلك مالا يغدقه على المحيطين يكون بائسا وحجرته غير نظيفة وقد يصرخ ليجد من يسنده للذهاب إلى دورة المياه أو يستدعى له طبيب الدار إن وجد أساسا . وتعقيبا على ذلك ، دعت سعاد يوسف الأمين العام للنقابة العامة للمهن الاجتماعية إلى إهتمام المفتشين بالجلوس بصفة دورية مع النزلاء بالدور والاستماع لمشاكلهم وعدم الاكتفاء بالاطلاع على الدفاتر والأوراق ، فالمسألة إنسانية قبل أن تكون مالية وإدارية . وأشارت الى وجود دور تستغل الأطفال والمسنين فى التربح و تسىء معاملتهم دون أن يعلم بهم أحد رغم أنها تخرج للمجتمع بلطجية وإرهابيين جدد بدلا من تأهيل مواطنين صالحين لوطنهم . وطالبت يوسف بقيام المفتشين ووفود من منظمات حقوق الانسان بزيارة هذه الدور قبل وقوع الكوارث وليس بعدها مشددة على أهمية قيام وزارة التضامن بدورها في الرقابة على التبرعات وغيرها من موارد ومصارف الجمعيات، إضافة إلى التدقيق في معايير اختيار المشرفين بدور رعاية الأيتام، وتأهيل القائمين على رعاية الأيتام والمسنين وتدريبهم على يد متخصصين في علم الاجتماع وفي الطب النفسي السلوكي والتربوي حتى يصبحوا قادرين على القيام بدورهم. وألمحت الى أن خريجات كليات رياض الأطفال يرفضن العمل مشرفات بحثا عن وظيفة اخرى تحقق لهن مكانة اجتماعية أفضل وبالتالى معظم المشرفات وافدات من المحافظات خاصة من المنوفية للقاهرة بحثا عن عمل يدر عليهن دخلا يساعدهن فى أعباء الحياة ونادرا ما تتقدم متطوعة مسنة أو سيدة مؤهلة تربويا . مشروع الأسرة البديلة وترى وكيل نقابة الاجتماعيين أنه يمكن طرح فكرة الأسرة البديلة بشروط وتطبيقها من خلال مشروع قومى تتبناه كل الجهات المعنية ويخضع لاشراف ومتابعة وزارة التضامن بحيث يراعى عند إصدار تراخيص لجمعيات المسنين أن تجاور اخرى خاصة بالايتام مع ضرورة تكوين الأسر والعائلات البديلة بشكل تطوعى وبعد تقديم ضمانات بأن المتطوعين مؤهلين لمهمة إنسانية راقية هى رسم البسمة على شفاه الصغار والكبار فى مناخ اجتماعى صحى . *يبقى التساؤل: إلى متى تستمرانتهاكات دور رعاية الأيتام والمسنين وهل لابد أن يصل أبناء المجتمع من فاقدى الأهل وكبار السن إلى وسائل الإعلام والجهات المعنية حتى يحظوا بالرعاية والاهتمام والرحمة ويجدوا من يستمع لصرخاتهم المكتومة خلف الأبواب المغلقة ؟.