المركز يحتل دوراً فى مجلس الوزراء وموقعه الإلكترونى معطل.. وخططه على الرفوف «الصباح» داخل مبنى إدارة الأزمات بمجلس الوزراء: لا وجود للاستعدادات.. مشغولون بالانتخابات.. الموظفون إجازة لنصف يوم عمل رئيس قطاع الأزمات: الميزانية المخصصة للجهاز كافية لمواجهة الأزمات.. ووضعنا سيناريوهات بالتعاون مع المحافظات لنجدة المنكوبين القطاع يتبع مجلس الوزراء وأنشئ منذ 6 سنوات بقرار من رئيس الحكومة أستاذ إدارة محلية: 80 فى المائة من المحافظات والوزارات لا تملك مركزًا لإدارة الأزمات خبير أمنى: يجب إعادة النظر فى الجهات المختصة بإدارة الأزمات وتفعيلها رئيس لجنة الكوارث بأكاديمية البحث العلمى: تقارير وخطط التصدى للكوارث موضوعة على الرفوف على بعد أمتار قليلة من ميدان التحرير الذى شهد على ثورتى 25 يناير و30 يونيو، يقع مقر مجلس الوزراء، الذى يضم مركز دعم واتخاذ القرار والذى يتبعه قطاع خاص يسمى ب«إدارة الأزمات والكوارث»، والذى يستقر فى موضعه منذ ما يزيد عن 6 سنوات عقب إنشائه، وهو المسئول بحسب قرار تأسيسه عن إدارة الأزمات والكوارث فى جميع أنحاء مصر، بينما لا يتعدى عدد الموظفين به 25 موظفًا - على حد وصف مصدر مطلع، وعلى الرغم من وجود هذه الإدارة إلا أن بعض المحافظات مثل الإسكندرية وسيناء والصعيد، تتعرض للسيول والكوارث الناجمة عن الإهمال، ما تسبب فى بعض حالات الوفاة. «الصباح» حاولت الإجابة على السؤال بشأن دور قطاع إدارة الأزمات والكوارث؟ وما الحل لتفادى تكرار كارثة الإسكندرية مرة أخرى؟ وما الأسباب التى أدت إلى غرقها؟ الصباح داخل المركز بمجرد وصولك إلى مبنى قطاع إدارة الأزمات القابع داخل مركز دعم وتطوير القرار بجانب مبنى رئاسة الوزراء مباشرة، بعد تخطيك كل الباعة الجائلين المنتشرين بالمنطقة المحيطة، لابد وأن تقابلك كل الأسوار الخرسانية العالية المحيطة بالمبنى، وبعبورك إياها ستجد بوابات الدخول يليها أفراد الأمن ليسألونك عمن تريد مقابلته بالداخل دون ترك بطاقة أو سؤالك عن الهوية، ليصفون لك طريق دخولك إلى قطاع إدارة الأزمات الذى يقع بالطابق الخامس بمبنى مركز دعم واتخاذ القرار. لا تكاد قدميك تتخطى الأبواب الزجاجية الالكترونية للمبنى إلا وستجد جوًا من الهدوء يسود المكان بأكمله وكأنك داخل مستشفى قطاع خاص، يقاطعه فقط صوت القرآن الكريم ومن وقت لآخر أحاديث بعض العاملين بالمبنى الذين بدا عليهم علامات الاستكانة وكأن الوضع مستقر فى المحافظات، لدرجة أثارت فى حفيظتى الشكوك أن هناك بعض القرى على وشك الاختفاء فى البحيرة بفعل السيول أو أن الإسكندرية لا تزال عروس البحر المتوسط. «قطاع إدارة الأزمات والكوارث» مكتوبة على لافتة يستقبلك موظف الاستقبال ليطلب رقم المسئول الذى تود مقابلته، والذى انتظرناه حوالى ربع ساعة حتى رد على أحدهم ليخبرنى أن المسئولة الدكتورة نعايم سعد زغلول، مسئولة العلاقات العامة بالقطاع، منشغلة للغاية فى اجتماع لأن موعد الانتخابات لمحافظات المرحلة الثانية على الأبواب ويستعدون لإقامة لجان لمتابعتها. وعند سؤال الموظف عن الاستعدادات الخاصة بغرق البحيرةوالإسكندرية قال إنه يتم عمل متابعات لها أما عن إغاثة المنكوبين وما إلى ذلك، فقال إنه لا يعلم شىء آخر بخلاف ذلك. وعند زيارة «الصباح» للقطاع عدة مرات خلال أسبوعين فى أول مرة وفى أعقاب غرق الإسكندرية التى تلاها إقالة محافظها هانى المسيرى، كان من المفترض مقابلة المسئولين بالقطاع للحديث عن دوره فى إدارة تلك الأزمة، إلا أنه تم إخبارنا بأن الموظفين بالقطاع عقدوا لجنة طارئة لمناقشة ومتابعة الانتخابات بمحافظات المرحلة الأولى، كما أنهم غادروا لحصولهم على نصف يوم عمل من أجل الانتخاب. أما عقب غرق البحيرةوالإسكندرية وحدوث تلفيات فادحة ووفيات، عند الذهاب للقطاع تم إخبار محررة الصباح أن المسئولين مشغولين بعمل اجتماعات من أجل متابعة الانتخابات القادمة فى محافظات المرحلة الثانية الأسبوع القادم، وأنه يجب الترتيب لمعاد آخر، وعند السؤال عن دور الجهاز بالنسبة للبحيرة والإسكندرية أخبرنى أحد العاملين بالقطاع بأنهم يقومون بعمل متابعات للأمر فقط. أما اللواء أسامة سنجر، رئيس قطاع إدارة الأزمات بمجلس الوزراء، فقد صرح بأنه تم تشكيل لجنة مركزية برعاية مجلس الوزراء بالتعاون مع الجهات المعنية من وزارة الرى والمحافظات لمواجهة الأمطار الغزيرة والسيول مؤكدًا جاهزية لجنة من الخبراء والمتخصصين وفرق الإنقاذ فجر كل يوم انتظارًا لأى طلبات للإمداد والمساعدة. وأضاف سنجر أنه تم وضع خطط وسيناريوهات متعددة ساهم فيها الخبراء فى الأزمات. وعند سؤاله عن ميزانية القطاع وعدد العاملين به إذا كانوا كافين لمواجهة الأزمات، فقال إنه يوجد ما يكفى من الأموال بالميزانية المخصصة للقطاع، ويوجد لديه عدد كافٍ من العاملين والمتخصصين والخبراء نافيًا أن يكونوا 25 موظفًا فقط ورفض إعطاء أية معلومات دقيقة عن عدد العاملين. الموقع الرسمى معطل أردنا الحصول على معلومات دقيقة بشكل أكبر عن المركز، إلا أن المفاجأة اللافتة للنظر أنك إذا أردت أية معلومات عن قطاع إدارة الأزمات والكوارث بشكل دقيق عن طريق الموقع الرسمى له، فستجد أن الموقع الخاص بالجهة المسئولة عن حل الأزمات والمشكلات والكوارث معطل ولا يعمل، وعند الذهاب للقطاع وعلى الرغم من وجود لافتة كبيرة بالمدخل الخاص بالاستقبال مكتوب عليها عنوان الموقع إلا أنه بسؤال موظف الاستقبال قال إنه يتم إجراء بعض التعديلات وسيعمل مباشرة، على الرغم من أنه معطل منذ أكثر من ثلاثة أسابيع كاملة حاولنا فيها مرارًا وتكرارًا الدخول إليه من عدة أجهزة. تاريخ قطاع الأزمات أنشىء قطاع إدارة الأزمات والكوارث، بناءً على صدور قرار من رئيس مجلس الوزراء وحمل رقم 1537 لسنة 2009، لتشكيل اللجنة القومية لإدارة الأزمات والكوارث والحدّ من أخطارها، وذلك لتفعيل الإطار المؤسسى الوطنى الذى يتماشى مع متطلبات الاستراتيجية الدولية للحدّ من الكوارث فيما يُعرف باسم «المنتدى الوطنى للحدّ من مخاطر الكوارث»، حيث بادرت الحكومة المصرية بالتوقيع على عدد من البروتوكلات والاستراتيجيات الدولية بسبب أن العديد من محافظاتها الساحلية معرضة لخطر ارتفاع منسوب المياه خاصة بمنطقة الدلتا. ومن ضمن تلك الاتفاقيات والاستراتيجيات الدولية، التى حكمت عمل القطاع، الاستراتيجية الدولية للحدّ من الكوارث، وإطار عمل هيوجو (2005 - 2015)، ومبادرة الأممالمتحدة الدولية للحد من الكوارث الطبيعية للعقد (1990 - 1999). ومن المفترض أن يقوم القطاع بعدة مهام، أهمها رفع الوعى المجتمعى من خلال استراتيجية محددة تم وضعها بالتعاون مع اليونيسيف، والتكيف مع التغيرات المناخية والحد من الكوارث الناتجة عنها بالتعاون مع البرنامج الإنمائى للأمم المتحدة، وتدريب الأفراد على كيفية إدارة الأزمات والكوارث وهو أيضًا بالتعاون مع الأممالمتحدة. المعلومة اللافتة أن أية معلومات مدققة عن قطاع إدارة الأزمات والكوارث، محلها الموقع الالكترونى للإدارة، الذى سيجده الزائر مُعطلا. يؤكد حمدى عرفة، أستاذ الإدارة المحلية واستشارى التطوير الحضارى، ل«الصباح» أن هناك 34 وزارة و27 محافظة، لا يوجد فى نحو 80 فى المائة من هياكلهم التنظيمية جزء خاص بإدارة الأزمات والكوارث، مضيفًا أن القطاع المتواجد والتابع لرئاسة الوزراء ليس له أية فاعلية من الأساس، خاصة وأن أغلب موظفيه جاءوا بتعيينات صورية، وهم فى الأساس موظفين وليسوا متخصصين فى التصدى للكوارث بحجم ما يحدث فى مصر الآن، بالإضافة إلى أن مفهوم إدارة الأزمة فى مصر يعنى التصرف فور حدوثها وهذا غير صحيح على الإطلاق، لأنه يجب التصدى لها فور توقع حدوث الكارثة. ويضيف عرفة أن القطاع القابع الآن ما هو إلا جهة لا تصدر إلا بيانات قليلة تخص موظفيها فقط، وليست لها أى فاعلية أو دور يذكر بالإضافة إلى حدوث تضارب بينها وبين جهاز التعبئة العامة والإحصاء. وطالب عرفة بإلغاء قطاع إدارة الأزمات، وإنشاء جهة مختصة لإدارة الأزمات والكوارث مكونة من كوادر متخصصة فى جميع المحافظات والوزارات خاصة المستهدفة منها. من جانبه يقول د. مغاورى شحاتة، رئيس لجنة الكوارث بأكاديمية البحث العلمى، إنه يتم سنويًا تقديم العديد من التقارير والخطط للتصدى لحدوث الكوارث إلا أنه يتم «ركنها على الرفوف»، ولا يتم الأخذ بها أو العمل على تنفيذها، إلا بعد حدوث الكارثة ويرى شحاتة أن هانى المسيرى، محافظ الإسكندرية السابق، لم يكن السبب الرئيسى فى المشكلة لأن ما حدث هو نتيجة لتراكمات سنوات طويلة لم يتم خلالها إجراء الصيانة والاستعداد للكارثة. وأضاف شحاتة، أن من بين أبرز الحلول التى تم تقديمها لتخزين المياه فى بيارات، أو تحديث الشبكة الخاصة بالصرف، بالإضافة إلى تزويد المصدات الخاصة بالبحر وغيرها من المشاريع والتقارير التى يتقدم بها الباحثون ولا يتم أخذها فى الاعتبار أو تنفيذها. وحذر رئيس لجنة الكوارث، من وجود مدن أخرى معرضة لكارثة مماثلة لما جرى بالإسكندرية، أهمها مدن البحر الأحمر، وسفاجا وحلايب وشلاتين والقصير، داعيًا إلى تنفيذ خطوات سريعة للتصدى، لأية كوارث قد تصيب تلك المدن. أما اللواء يوسف وصال، الخبير الأمنى فى إدارة الأزمات، أكد أنه كان من ضمن المؤسسين للجنة إدارة الأزمات والكوارث التابعة لرئاسة الوزراء، وكانت تعمل بشكل جيد وفعال ولكن هذا الحال تبدل بعد ثورة 25 يناير، وأصبحت اللجنة غير مفعلة، وتحول العاملون بها إلى مجرد موظفين عاديين غير متخصصين فى إدارة الأزمات. وأكد وصال على ضرورة العمل على محورين كحل سريع لأزمة الإسكندرية، المحور الأول هو إعادة التوازن عن طريق شفط المياه المتواجدة وتعويض أسر الضحايا ومحاولة إعادة الاستقرار إلى الأمور، أما المحور الثانى فهو إعادة النظر فى الجهات المختصة المسئولة عن إدارة الأزمات وتفعيلها خاصة فى المناطق المعرضة للكوارث، والتأكد من استعدادات المطافئ والإسعاف وسيارات شفط المياه وغيره.