أيام حزن مرت بمصر.. جراء السيول العارمة والمنهمرة كالشلال, والتي أخذت في طريقها كل ما قابلها وكل من قابلها.. وكانت قاسية لاترحم, بعد أن عانت بعض المحافظات من مصائب وخسائر في الأرواح والعتاد وأسفرت في النهاية عن تشريد الكثيرين من المواطنين.. كل ذلك في عز البرد الذي تعرضت له البلاد في الأيام الماضية وقامت أجهزة الدولة بمحاولات للانقاذ والاسعاف. أتساءل هنا عن لجنة إدارة الكوارث التابعة لمجلس الوزراء والتي تم تشكيلها منذ سنوات.. أين هي؟ وما هو دورها في هذه الكارثة الطبيعية خاصة بعد أن تم التحذير من حدوث سيول أخري مشابهة وجارفة قد تأخذ ما يقابلها مرة أخري في طريقها؟ هناك جزء من الطمأنينة بوجود المجتمع المدني مستعد لمد يد العون, بقي ان ننتظر الخطة العاجلة التي من المفترض أن تكون لجنة ادارة الكوارث قد درستها واختارتها لمواجهة كارثة السيول مرة أخري, حيث ان عملها مفترض ان يكون قد بدأ خاصة مع التحذير الثاني باحتمال أكيد بحدوث سيول أخري قد تكون أقوي هذه المرة وأكثر انهمارا علي بعض الأماكن, وقد تتسبب بحالة جديدة من تشريد الأهالي.. فهل تكون لجنة إدارة الكوارث علي مستوي المسئولية لتعلن الطوارئ وتجهز الخطة أ في التصدي للسيول القادمة؟ بقي أن يتم إعادة تشكيل هذه اللجنة العامة لإدارة الكوارث, وتطعيمها بموظفين متخصصين, دارسين تتوافر فيهم الأمانة العلمية والخبرة والتخصيص والدراسة العلمية المستمرة والاقتناع بتطوير دائم لاساليب مواجهة الكوارث واليقظة365 يوما في العام! لاعداد دراسة جادة وشاملة لظاهرة السيول التي تهاجم مصير كل بضع سنوات والقيام بالتخطيط السليم للبناء في غير مجري السيول لتجنب اخطارها علي الجميع. ويبقي أمر خطير, مطلوب من لجنة إدارة الكوارث الاستعداد له منذ الآن, وكذلك كل أجهزة الدولة مجتمعة, وهو ظاهرة التغير المناخي ومايترتب عليه من ارتفاع مياه البحر الأبيض المتوسط, مما يهدد دلتا النيل بالغرق وهي كارثة سوف تدمر الأراضي الزراعية وتدفع السكان إلي هجرة جماعية, فالخبراء يقولون انه إذا ما أرتفع منسوب البحر مترا اضافيا فسيؤدي ذلك إلي غرق20% من أراضي الدلتا.. والغريب ان تقريرا حكوميا صدر حديثا حول شواطئ الإسكندرية يتوقع ارتفاع منسوب مياه البحر المتوسط بمقدار30 سنتيمترا بحلول عام2025 وهو ماسيؤدي إلي إغراق200 كيلو متر مربع وسيضطر بدوره إلي نزوح حوالي نصف مليون شخص من الأرض الغارقة!! كل الرجاء ان يدرج التغير المناخي ضمن أولويات الدولة, ويبدأ منذ الآن البحث عن الخبراء الحقيقيين لدراسة هذه الكارثة بحق, ويبدأ الاستعداد لعقد مؤتمرات تدرس وتبحث وتحقق, حتي لايفاجأ الجميع بالكارثة عندما تحدث علي الرغم من هذه التحذيرات التي يعلنها الخبراء لايجاد سبل المواجهة الجادة خاصة ان المهندس والخبير في التربة ممدوح حمزة قد أعلن عن دراسة أعدها لرفع مستوي الشاطئ مترين, مع إنشاء حاجز يمنع في الوقت نفسه المياه من المرور والاملاح من التسرب إلي التربة. بقي ان نستمع بعناية واهتمام لكل متخصص خبير يقدم دراسة واعية جادة للتصدي لمشكلة غرق أراضي دلتا النيل مع ظاهرة التغيير المناخي.. علما أن هذا التحذير سبق وأعلنه الخبراء ولم نسمع عن أي محاولة للبدء في التصدي له.. أو حتي الوثوق في صدقة والخوف من عواقبه!