كتاب «المراجعات» مصدر تشريعهم الأول.. و«ثم اهتديت» و«اتقوا الله» أهم كتبهم.. وراسم النفيس أشهرهم كلما زادت موجات التطرف الدينى، تفاقمت أزمة البعض من ضعاف الإيمان، وضعاف الثقافة، وظهر على السطح كل متشكك فى دينه، فنشهد موجة من التحول بين الأديان، كما حدث فى الآونة الأخيرة بمصر، حيث زاد عدد الملحدين، وزاد عدد المتشيعين. ويقول المؤرخون السنة: إن المذهب الشيعى لم يدخل مصر إلا مع الفتح الفاطمى، فيما يقول مؤرخو الشيعة إن المذهب كان موجودًا قبل الخلافة الفاطمية، لكنه ازدهر فى عهدها، ولكننا الآن أصبحنا أمام مصريين تحولوا من الإسلام والمسيحية إلى التشيع، وباتوا يعرفون باسم «المستبصرون»، ويبالغ البعض فى أعدادهم حتى وصلوا بها إلى 700 ألف شيعى، كما يقول مركز الأبحاث العقائدية التابع لجماعة المستبصرين على موقعه الإليكترونى. و«المستبصر» مصطلح يطلق على من يتحول من أحد الأديان أو المذاهب الإسلامية إلى المذهب الشيعى الاثنا عشرى الجعفرى، «الذى يعمل به أهل بيت النبى من عبادات ومعاملات»، حسب معتقداتهم وعلى حد قولهم. أهم رجالهم هناك أكثر من 60 رجلًا وامرأة مشهورين بين المستبصرين من ديانات ومذاهب وبلدان مختلفة، فنجد منهم السنى واليهودى والمسيحى والكاثوليكى والوهابى، من بلاد مختلفة كأمريكا ومصر واليونان والأردن وغانا واليابان، ومن أشهرهم الشيخ محمد مرعى، الأمين الأنطاكى الحلبى، والذى يعتبر أقدم المستبصرين، فهو مولود بأنطاكية عام 1314م، وكان قاضى القضاة بسوريا، تخرج فى الأزهر وكان يعتنق المذهب الشافعى السنى ثم تحول إلى مذهب «أهل البيت» بعد قراءته عدة كتب، أبرزها «المراجعات»، وألف كتاب «لماذا اخترت المذهب الشيعي»، الذى نال صيتًا واسعًا فى الأوساط العلمية. وكذلك سعيد أيوب المصرى، الذى ولد بالقاهرة عام 1336ه، فى عائلة سنية المذهب، وألف 11 كتابًا بعد اعتناقه المذهب الجعفرى، وكان أشهر كتبه «الطريق إلى المهدى المنتظر»، وتوفى عام 1418ه، أى منذ 18 عامًا. وأيضًا الكاتب الصحفى صالح الوردانى، من أهم الذين تشيعوا لكنه عاد عنها ليس إلى السنة، ولكن دعا إلى إسلام بلا مذاهب، وصياغة خطاب إسلامى جديد، وإجراء دراسات وكتابات مختلفة حولهم، منها «رحلتى من السنة إلى الشيعة»، «الشيعة فى مصر من الإمام علىّ (عليه السلام) حتى الإمام الخمينى»، أهل السنة، شعب الله المختار»، وهاجم فيها جميعًا أهل السنة والجماعة، وبعد أن عاد عن التشيع هاجم الشيعة. يقول الوردانى فى دراسته «الشيعة فى مصر»: إن «الشيعة فى مصر احتفظوا ببعض الأفكار والممارسات المرتبطة بالتشيع بعد إنهاء الحقبة الشيعية، وما زالت هذه الأفكار والممارسات تظهر فى حياة المصريين فى بعض الأحيان، موضحًا أن عادة الإساءة إلى عمر بن الخطاب، رضى الله عنه، وعائشة أم المؤمنين، رضى الله عنها، ما زالت قائمة فى مصر حتى اليوم فيتداول المصريون عبارة «نعم يا عمر!» تعبيرًا عن الغضب والسخط، أو يقول آخرون: «مش حسيبك إلا لما تقول أنا عيشة»! وهى مقابل لسب سنى للشيعة ظهر فى العصر الأيوبى تحمله عبارة «يا ابن الرافضى»، إذ يطلق على الشيعة الروافض. وينتمى إليهم أيضًا، ويعد أحد كوادرهم الدكتور أحمد راسم النفيس، وهو من أشهر المستبصربين فى العصر الحديث. ولد فى المنصورة، وحاصل على بكالوريوس الطب والجراحة، وتحول من المذهب السنى إلى الشيعى الاثنا عشرى، وألف نحو ثلاثين كتابًا. وكذلك أحمد كواسى حنيف، مسيحى ولد عام 1956م فى جزيرة ترينيداد الواقعة فى البحر الكاريبى، ثم هاجر إلى كندا، وحصل على الليسانس فى العلوم السياسية، ثم اعتنق الإسلام، وتحول إلى مذهب «أهل البيت». وما زال يمارس نشاطه حتى الآن فى تبليغ هذا المذهب بين المسلمين السود بكندا. وهناك اسيفز اسكلر، الذى ولد فى الولاياتالمتحدة، وهو يهودى، نشأ فى أسرة يهودية، وحصل على ليسانس آداب، ثم التقى بأحد علماء مذهب أهل البيت، وتعرف من خلاله على الدين الإسلامى وقرأ القرآن وتأثر به. أهم كتبهم يتدارس المستبصرون عشرات الكتب، التى ألفها العديد من المتحولين من الديانات المختلفة، فهناك كتاب «ابتلاءات الأمم» لسعيد أيوب المصرى، و«عرفت من هم أهل البيت» لحسينة حسن من اليمن التى كانت تعتنق المذهب الزيدى، و«هبة السماء» لعلى الشيخ، وكان مسيحيًا من العراق، و«شاطئ الحق» لمحمد جان وهبى أبو جودة، وكان مسيحيًا من لبنان، و«انتصار الحق» لعصام العماد من اليمن، وكان وهابيًا. و«المراجعات» كتاب يجب أن يقرأه كل مستبصر، ويعتبر من أقدم كتب المستبصرين، ألفه المتكلم الشيعى عبد الحسين شرف الدين، وجمع فيه المراسلات الحوارية بينه وبين شيخ الأزهر سليم البشرى عن الإمامة، وهى التى أدت إلى تشيعه، وفقًا لما جاء فى المراجعات، غير أن أهل السنة نفوا تشيع الإمام سليم البشرى. ويعتبر الكتاب من أهم الكتب التى صدرت للشيعة فى القرن العشرين، وقد ترجم إلى لغات عديدة، ويقول المستبصرون عنه إنه من أهم الكتب التى ساهمت فى تحولهم إلى المذهب الاثنا عشرى، وجعلهم يعرفون نور الحق والهداية. وكذلك كتاب «ثم اهتديت»، وهو من تأليف محمد التيجانى السماوى، ويشرح فيه تحوله من المذهب السنى المالكى إلى المذهب الشيعى. ويروى فيه عن مرحلة طفولته وقراءته للقرآن وزيارته لبيت الله الحرام وتجوله فى البلدان العربية، وحوارته مع أئمة الشيعة محمد الخوئى ومحمد باقر الصدر، ويدافع عن آراء ومعتقدات الشيعة بعد مقارنتها بالسنة. وهناك أيضًا كتاب «لقد شيعنى الحسين»، لكاتبه إدريس الحسينى، ويحكى فيه تجربته وتحوله من المذهب السنى إلى المذهب الشيعى. ويتضمن الكتاب عدة فصول، وهي: كيف كان تصورى فى التاريخ الإسلامى، ومرحلة التطور والانتقال، وسقطت ورقة التوت، ومن بؤس التاريخ إلى التاريخ البؤس. كما يولى المستبصرون أهمية كبيرة لكتاب «اتقوا الله» لمحمد التيجانى، وهو كتاب يضم حوارات كثيرة مع أهل السنة، ويوضح المفارقات بين السنة ومذهب الاثنا عشرى، ومعظم المستبصرين قد قرأوا هذا الكتاب. تواجدهم على مواقع التواصل للمستبصرين العديد من الصفحات التى تنشر أفكارهم ومعتقداتهم وتتناقش فيها مع العامة، منها صفحة «المستبصرون (السنة الذين انتقلوا إلى التشيع)» وتحمل قرابة 8 آلاف متابع لها، وتقوم بنشر قصص المشاهير ورحلات من تحولوا من ديانات مختلفة إلى التشيع. فنجد حوارًا مع المستبصر المصرى الدكتور عادل أمين، وحوار مع المتشيع الأزهرى علاء عبيد، وغيرهم من جنسيات وبلدان مختلفة. وهناك صفحة «المستبصرون» التى تحمل 15 ألف معجب بها، وتقوم بنشر موضوعات عن علىّ بن أبى طالب، وكثير من الأمور والمعتقدات. كما تم تدشين هاشتاج على موقع تويتر يحمل اسمهم وينشرون عليه آخر أخبارهم وكل ما يتعلق بهم، ناهيك عن مئات الجروبات التى يتواصلون عليها من مختلف بلاد العالم مثل مركز الأبحاث العقائدية، الذى يتيح لك أن تكتب اسمك وبلدك وتفاصيل أخرى ثم تبدأ التواصل مع مستبصرين آخرين من بلدان مختلفة. من جانبه، قال الدكتور محمود عبد الخالق، الأستاذ بجامعة الأزهر وداعية بالأوقاف، إن المد الشيعى الذى يتحدث عنه البعض لا يزيد عدد أعضائه عن أصابع اليد الواحدة. وأضاف أن من يطلق عليهم الشباب المستبصرين من المذهب السنى يعانون أصلا من ضعف نفسى، ولديهم معلومات غير صحيحة، كما يكون لديه نقص من الوعى الدينى، وفى الغالب لا يعرفون شيئًا عن المذهب السنى أو المذهب الشيعى، كما أن فطرة الإسلام الطبيعية التى فطر الله عليها الإنسان تجعله ينفر من المذهب الشيعى بمجرد القراءة عنه.