«الشيعة المصريون» طائفة لا تنفصل عن نسيج الشعب.. اتفق الناس أو اختلفوا، لا يهم، لأن وجودهم أصبح أمرًا واقعًا لهم ما لبقية الفئات من حقوق، وعليهم ما عليهم من الواجبات. ولأنه لا توجد فئة مكونة من رجال فحسب، فقد كانت طائفة الشيعة خليطًا من الاثنين معًا.. الرجال والنساء. «الصباح» خاضت جولة داخل عالم «سيدات الشيعة» التقتهن.. حاورتهن.. ليكشفن العديد من المفاجآت.. «أم محمد» زوجة وأم ل8 أطفال، تعيش فى كنف زوجها بالشرقية تحولت –بقدرة قادر – من السلفية إلى التشيع، كيف ولماذا؟ تقول «أم محمد» إن كتب السنة كانت سببًا فى تشيعها، فلأنها تعمّقت فى تحصيل العلم على النهج السلفى، فقد اكتشفت -على حد قولها- أخطاءً بالجملة تحت شعار الدين فى كلا المنهجين السلفى والإخوانى، فراحت تبحث فى دأب عن مذهب أكثر اعتدالًا فتحولت إلى «التشيع». رحلة الأعوام الثلاثة تحت لواء التشيع بدأتها «أم محمد» بزيارة جمعية «أهل البيت»، وهناك اعتنقت مذهب الشيعة «الاثنا عشرية»، ومرجعية السيد السيستانى، وانطلقت آخذة على عاتقها مهمة «التبشير الشيعى»، أو الدعوة للتشيع بين جيرانها وأقاربها. رماها أخوها بالكفر.. ومنعها زوجها من دخول «الحسينيات»، أمّا صديقاتها فاتهمنها بالضلال وانطلقت تحذيراتهن من الاستمرار فى طريقها حتى لا تُحشَر مع «الخومينى»، لكنها أصرّت فقاطعها الجميع. حاولت مراراً وتكراراً أن تساعد أولادها على التشيع باقتناع، وظلت تطلعهم على كتب الخومينى، وكل الكتب التى تحث على التشيع باقتناع، وبعد فترة وجيزة نجحت فى إقناع أولادها باعتناق المذهب الشيعى، فصدقوا أنها «عاشت عمرها فى ضلال»، وبدأت تصحبهم خلال ترددها على جمعية أهل البيت. وتضيف أم محمد: «أما زوجى فكان سُنيا عندما علم بتشيعى ظل يهاجمنى لفترة، ولكن بعد ذلك تقبل الأمر ولكن بشروط، كان أهمها ألا أذهب إلى الحسينيات وألا أدعو الغير لاعتناق المذهب الشيعى، وظل زواجنا قائمًا رغم اختلاف المذاهب». وتواصل «أم محمد»: «عقب تشيعى اشتريت كتاب «صلوات فى الإسلام» الذى يحتوى على صلوات الأئمة، فتعرفت على أسماء جديدة لم أكن أعرفها وانشغلت بدعوة الأهل والجيران إلى اعتناق المذهب، حتى أهملت أولادى وأسرتى، كان كل همّى أن أنشر المذهب، وازداد نشاطى يوما بعد الآخر، حتى تعرفتُ على عدد كبير من شيعة بالشرقية، لأكتشف أن حجمنا كبير، فهناك مائة متشيع ظاهرون، بينما قرابة الألف يستخدمون التقية ويظهرون فى المساجد ويصلون صلوات الأئمة». وتضيف: «بدأت أتصل بنساء إيران من العالمات فى المذهب الشيعى، مثل الزهراء الخمينى، أشهر قادة سيدات الشيعة بإيران، والسيدة أم علاء العشرية من أشهر القادة بإيران أيضاً، فهما من أقنعانى بالتزام مرجعية «السيستانى»، وتأثرت بالشيخ على القرانى وحبيب الكاظمى وفاضل المالكى، وأيضا كنت أتواصل مع القيادى مرتضى المهرى، حتى أنتمى للشيعة الاثنا عشرية، مثلما كان عليه الإمام على السيستانى». «أم محمد» سافرَت إلى إيران مرتين وتتمنى أن تذهب إليها مجددًا لزيارة الإمام الرضا، فهناك يعترفون بالمذهب الشيعى على حق -كما تؤكد- وأن كل ما يعلن تشيعه يحصل على مكافأة مالية، أمّا إذا كان المتشيع مصريا فتكون المكافأة أسخى وأكبر. بنبرة يعلوها الزهو والافتخار، تؤكد «أم محمد» أنها أقامت «حسينية» فى منزلها للاحتفال بطقوس الشيعة فى شهرى المحرم ورمضان، مشيرة إلى أنها ومعها رواد «الحسينية» لا يلطمون الخدود فى احتفالات عاشوراء، لكنهم يكتفون ب«الخبط على الأرجل دون لطم الوجه». «فاطمة الشيعية».. اسم تردد كثيرًا نظرًا لكونها أول من رفعت علما مكتوبا عليه اسم الإمام الحسين فى ميدان التحرير، تشيعت منذ 7 سنوات وكان أتباع الفضائيات الشيعية وعلى رأسها قناة الكربلاء، السبب المباشر فى اعتناقها المذهب. تقيم «فاطمة» بمحافظة الأقصر مع زوجها «السنّى» الذى اعترض فى البداية على اعتناقها واتهمها بالكفر، ولكنه استساغ الأمر أمام إصرارها. عملت على نشر التشيع بين بناتها ال7 لتعتنق ثلاث منهن المذهب، بعد أن ساعدتهن على قراءة الكتب الشيعية، وتؤكد أنها لم تسافر إلى إيران قط ولكنها جابت عدة محافظات لنشر المذهب الشيعى. تحكى «فاطمة» ل«الصباح» أنها «تعرضت لكثير من الإهانات، ورغم ذلك لا تشعر بالندم، حيث تفتخر أنها أول من رفعت علما مكتوبا عليه اسم الإمام الحسين فى ميدان التحرير، وتؤدى الصلاة فى مسجد مصطفى محمود ومسجد الحصرى وقامت بالصلاة فى ميدان التحرير مع المتظاهرين، وحضرت تأبين الشيخ حسن شحاتة فى المقطم غير عابئة بتهديدات الإخوان وقتها». وحول دور الجمعيات الشيعية فى خدمة معتنقى المذهب تقول: «تقام بتلك الجمعيات مراسم العزاء وعقد القران، وتقدم الدعم المادى للأسر الشيعية المحتاجة، وإعانات للأرامل والمطلقات والأيتام، وكذلك شراء مقابر للدفن، فدور الشيعة لم يتوقف عند الجمعيات وحسب، بل أيضا نعقد مجالس شيعية بالنوادى حتى نتحدث عن محاسن المذهب». وتكشف عن تقديم جمعيات الشيعة التبرعات العينية والمالية لدار الأورمان وجمعية رسالة والعديد من دور الأيتام، ولكن باسم «فاعل خير» وليس بالأسماء الصريحة للجمعيات. وكانت دروس حين البنا وكتابات سيد قطب كل ما تهتم به «حسناء»، أمّا انتماؤها فكان للجماعة الإسلامية، ولكنها تحولت إلى التشيع منذ 4 أعوام، والسبب يعود إلى الخطايا التى ارتكبها أولاد وأحفاد حسن البنا، وما اقترفوه من التجارة باسم الدين- على حد قولها. تعيش حسناء فى مدينة 6 أكتوبر ولديها 8 أولاد، وزوجها يعمل فى الكويت، ولكنه يعتنق المذهب السنى ولا يعلم بتشيعها، وحذرها أكثر من مرة من مشاهدة قنوات أهل البيت الفضائية وقناة كربلاء والاستماع إلى أحاديث النفيس وقراءة كتب الشيعة ولكنها لم تصغِ إلى حديثه يوماً. تركت حسناء عملها بالبنك العربى الإفريقى، حين علمت إدارة البنك بتشيعها فاضطرت إلى تسوية «معاش مبكر» دون أن تعطى مبررًا لزوجها أو أصدقائها فى العمل. حسناء ظلت تقنع أولادها بدخول فى المذهب الشيعى، ولكن بدون أن يفصحوا عن هذا لوالدهم، وبالفعل اعتنق ثلاثة من أولادها المذهب الشيعى مقتنعين بأن ما فعلوه هو الصواب. وفى إيران التقت «حسناء» بعلماء الشيعة الإمامية، وبعد عودتها للقاهرة بدأت نشاطها فى نشر المذهب الشيعى، وذلك من مسجد الحصرى ب6 أكتوبر، حيث كانت تتحدث مع السيدات على المذهب الشيعى وما فعله الصحابة مع على بن أبى طالب، رضى الله عنه، وأحقيته فى الخلافة عقب سيدنا محمد «صلى الله عليه وسلم». وتضيف حسناء «أن الشيعة أكثر الأشخاص الذين يتعرضون للإهانة، ولكنهم متمسكون بالمذهب على عكس «السنة» الذين يُعرف عنهم أنهم غير متعمقين فى دينهم ولا يعرفون شيئا عنه، ومن السهل تركه فى أى وقت واعتناق مذهب آخر، وأكبر دليل على حديثى ما يحدث الآن فى مصر، من انشقاقات داخل المجتمع الإسلامى». أما «إسراء الدين» فهى أرملة وأم ل4 أولاد، اعتنقت مذهب الشيعة الإمامية، منذ عامين، تسكن بمنطقة التبين، حينما علم أقارب زوجها الراحل بتشيعها أخذوا أولادها فلم يتبق لها منهم سوى أصغرهم الذى لا يتجاوز عمره 5 سنوات. عانت كثيرًا فى الحصول على عمل، فكلما رآها صاحب عمل تصلى على غير هيئة المسلمين، طردها، حتى وجدت الحل فى السفر إلى إيران، وهناك عرضت حالتها عليهم فاعطوها مبلغًا من المال، وحين عادت إلى القاهرة عملت بجمعية أهل البيت، وظلت تحصل على راتب يكفيها هى وابنها. وأكدت أن الشيعة هم أكثر الأشخاص الساعين لفعل الخير ومساعدة المحتاجين، كما أن الجمعية تشارك فى المسيرات والمظاهرات المؤيدة للثورة فى مصر وتقدم المساعدات المادية لجمعيات خيرية بدون ذكر الاسم. ومن جانبه، يحذر الدكتور أحمد كريمة، من انتشار التشيع بين النساء فى مصر، واصفًا الأمر بأنه «كارثة تهدد الأمن الدينى والثقافى»، معتبرًا أن المجتمع يتعامل مع الاختراق الشيعى ببلادة كبيرة والسبب فى ذلك الانشغال بالانقسامات الحادة التى تحدث داخل التيارات الإسلامية، التى جعلت هدفها إعلاء مذاهبها والتعصب على حساب الدعوة الإسلامية الصحيحة مع تهميش مؤسسات الدولة الدينية، وتهميش دور الدعاة السلميين، بمعنى الانصراف عن خطة الواقع والمصالح وحالات الاستقطاب التى تحدث للأسف من جمعيات مشهرة تحت مظلة «محبة أهل البيت» والصحابة واستقطاب السنة للسفر إلى إيران فى مقابل ما أسماه ب«التخدير الوهابى القادم من دول الخليج».