*مذكرة المستثمرين تحذر السيسى من هربهم إلى الأسواق المجاورة * التشريعات الاقتصادية أهم الأولويات .. ومطالب بتطبيق نظام الشباك الواحد ودعم المصانع الصغيرة وتنظيم التعامل النقدى لماذا لا يتحرك الاقتصاد المصرى، ولم يجذب السوق استثمارات جديدة منذ مؤتمر شرم الشيخ الاقتصادى؟.. هذا السؤال وإجابته تضمنتهما مذكرة قدمتها جمعية رجال الأعمال للرئيس عبدالفتاح السيسى، لاطلاعه على ما يدور داخل مجتمع الأعمال، وبين المستثمرين، وينقل رؤيتهم لإنعاش الاستثمار، ومتطلباتهم الرئيسية لتحريك عجلة الاقتصاد وتحقيق النمو المطلوب. وتؤكد المذكرة التى حصلت «الصباح» على نسخة منها، والتى شارك فى كتابتها رجال أعمال من مختلف الاتحادات والجمعيات، التى طالبوا فيها الرئيس بالتدخل مباشرة لإنقاذ الاقتصاد المصرى من روتين الحكومة، وتحديدًا ما وصفوه ب «روتين الموظف العام»، الذى قد يدمر حركة الاستثمارات المحلية قبل الأجنبية بحجة التدقيق وتحرى الفساد. كما طالبوا بإعادة هيكلة الجهاز الإدارى للدولة، خاصة التى تتعامل مع المستثمرين وتصدر تراخيص مشروعاتهم. وقال رجل أعمال شهير ل«الصباح» إن المذكرة التى تلقاها رئيس الجمهورية من مجتمع الأعمال خلال الأيام الماضية، شاملة، تشخص الوضع الحالى وتطلع الرئيس على مجريات الأمور والأوضاع الاقتصادية وحركة الاستثمارات المحلية والأجنبية ومدى رضاء المستثمر عن أداء الحكومة. وأضاف أن المذكرة تعتبر شكوى صريحة للرئيس من حكومته، التى تعرقل حركة الاستثمارات وتسىء التعامل مع المستثمر، الذى يمثل العنصر الأول فى تحقيق معدل نمو اقتصادى كبير كما تريد الدولة. وتحظى التشريعات الاقتصادية بنصيب الأسد فى تلك المذكرة، حيث أكد رجال الأعمال أن حركة الاستثمارات المحلية تمر بالكثير من العراقيل نتيجة لعدم توافر المناخ التشريعى الملائم لها بسبب، بطء الإجراءات الحكومية فى استصدار التشريعات المناسبة لمختلف القطاعات، خاصة قانون الثروة المعدنية الذى يمر بولادة متعثرة منذ أكثر من 3 أعوام، مشيرين إلى أن «الحكومة تدعونا للاستثمار فى مصر ولا توضح لنا كيف نتعامل معها». كما تنتقد المذكرة بطء الحكومة فى تطبيق نظام «الشباك الواحد» لإنهاء تراخيص المشروعات للمستثمرين فى مختلف مجالاتهم. وأيضا من أبرز المشكلات التى تحدثت عنها المذكرة أرض الاستثمار الصناعى. وطالبت بضرورة الفصل السريع فى خلافات الوزارات مع بعضها فيما يخص تخصيص الأراضى، التى يتطلب العمل تخصيصها للمستثمرين بنظام حق الانتفاع، والمساواة الكاملة بين المستثمرين ومنحهم التراخيص والموافقات اللازمة لمختلف مشروعاتهم، بحيث يتم تحديد جهة موحدة لإنهاء تلك المشاكل، قبل أن يهرب المستثمرون إلى الأسواق المجاورة. كما حظى ملف المصانع المتعثرة باهتمام رجال الأعمال الذين طالبوا بحله، خاصة أن الحكومة طرحت مبادرة ال500 مليون جنيه أكثر من مرة، لتشكيل صندوق لتمويل تلك المصانع، مشيرين إلى أن الحكومة طرحت سابقًا حزمة تحفيزية بقيمة 500 مليون جنيه قبل عامين لدعم المصانع الصغيرة والمتوسطة، إلا أنها لم تقدمها لتلك المصانع، ولم تجددها فى موازنة العام المالى التالى. وتشمل مطالبات المستثمرين أيضًا تنظيم التعامل بالكاش المصرى، مؤكدين أنه يجب وقف تعامل الشركات والمستثمرين بالكاش ليكون من خلال البنوك والأجهزة المصرفية، مشيرين إلى أن كل العمليات الإرهابية تتم من خلال التعامل بالكاش، وكانت الحكومة وافقت على هذا المقترح سابقًا. ومن جهته قال المهندس محمد السويدى رئيس اتحاد الصناعات ل«الصباح» إن هناك خلافات قائمة بين مجموعة من الوزارات، هى السبب الرئيسى فى تعطيل استصدار اللائحة التنفيذية لقانون الاستثمار الجديد، مشيرًا إلى أنه يجب أن تكون هناك جهات موحدة للتعامل مع ملف المستثمرين. وأوضح السويدى أن مطالبنا للرئيس وحكومته، تصب فى صالح الاقتصاد المصرى والصناعة والمنتج الوطنى، مؤكدًا «ليس كل مطالبنا ومناشدتنا تعبر عن مصالح شخصية، فالجميع يعلم أن مصر تمر بحالة إرهاب دينى، وإرهاب اقتصادى، وهذا يتطلب السرعة فى إنجاز المهام التى تتعلق بإنجاز إجراءات المشروعات المختلفة للمستثمرين، وإتاحة الفرصة لصغار المستثمرين، خاصة شباب المشروعات الصغيرة والمتوسطة». وأضاف أنه لابد أن تعدل الحكومة من نفسها، فالموظف العام الذى يعطل بتعطيل الإجراءات يمثل كارثة فى حد ذاته، ويجب على الحكومة أن تنتبه إلى خطورة تعطيل مصنع من الممكن أن يشغل 100 عامل أو حتى 10 عمال. وأكد السويدى أنه بعدما تم الاتفاق بشكل نهائى مع الهيئة العامة للتنمية الصناعية على تخصيص الأراضى للمستثمرين بحق الانتفاع جاء قانون الاستثمار وأوقف هذا الاتفاق، الذى كاد يحل أزمة حقيقية واجهت المستثمرين خلال الأعوام سابقة. وكشف أن الدولة مازالت غير قادرة على إصدار تراخيص المشروعات للمستثمرين، مطالبًا بإسناد تلك المهمة إلى جهات استشارية كبرى محايدة وتحت إشراف الدولة، تكون مهمتها إنجاز تلك التراخيص، مثلما يحدث فى كل دول العالم المختلفة، مطالبا بمحاسبة القطاع العام والجهات الحكومية، مثلما يتم محاسبة القطاع الخاص. السويدى أكد أن أزمة المصانع المتعثرة تم عرضها على الحكومة والبنك المركزى الذى وافق على أن يقدم كل مصنع من المصانع المتعثرة دراسة لإنقاذه كى يرفعه المركزى من القوائم السلبية، ويدعمه بالتمويل فى مقابل رهن أرض المصنع. وأشار إلى أن حوالى 170 مصنعًا حتى الآن تجاوبت، بعد تدخل جهات سيادية عليا من الدولة لحل تلك المشكلة، موضحًا أن الشعور بالبطء فى التقدم الاقتصادى، يرجع إلى أن هناك تشريعات يجب استكمالها، ومنها المتأخر من لائحتى الاستثمار والضرائب مع عدم التسرع فيها، لافتا إلى أن المقاومة الداخلية للإصلاح عنيفة جدا. وطرح اتحاد الصناعات فكرة إنشاء صندوق لإقراض المصانع المتعثرة بنظام المشاركة بدلاً من إقراض البنوك، خاصة أن البنوك تتشدد فى التعامل مع المصانع المتعثرة، وتطلب شروطًا متعددة مثل تقديم ميزانيات رابحة لمدة سنوات سابقة، فى الوقت الذى تعانى فيه المصانع من التوقف أو شبه التوقف والعمل ب20 فى المائة من طاقتها الإنتاجية، وتحظر إقراض المصانع المتعثرة نهائيًا. ويبلغ عدد المصانع المتعثرة فى مصر حوالى 8 آلاف مصنع، إذا مولتها الدولة ستساهم فى تقليل البطالة وتحقيق معدلات نمو سريعة، فهذه المصانع هى «منشآت قائمة بالفعل ولديها خطوط إنتاج وماكينات يأكلها الصدأ يوميًا، وتحتاج فقط إلى قروض قصيرة الأجل»، بحسب الاتحاد. وفى السياق نفسه عرض المهندس حسين صبور رئيس اتحاد الصناعات شكواه ضمن المذكرة، مؤكدًا أن الدولة متمثلة فى الحكومة والأجهزة التنفيذية مازالت لا تحترم تعاقداتها مع المستثمرين، متسائلًا: هل يعقل أن قانون الجنايات المعمول به حاليًا مازال من سلطته حبس المستثمرين؟. وأوضح أن الصناعة مازالت تمر بالكثير من المشكلات التى تعرقل خطط التنمية، ورجال الأعمال يطالبون حاليًا بنفس ما كانوا يطالبون به فى السابق، فلابد على الحكومة أن تعمل برؤية مختلفة تهدف للتطوير السريع حتى لا تورط الرئيس.