*«أحد ضحايا الريان استرد 3 ملايين جنيه من المالية» *«مفاجأة : 20 حكمًا قضائيًا برد الأموال لأصحابها ومجلس الدولة يحدد إجراءات لحماية خزانة الدولة» *«تركة بالمليارات لقائمة تشمل الريان والسعد وبدير.. والمالية أهملت الممتلكات ليأكلها الصدأ» فى أوراق الحكومة كوارث تستحق محاسبة وزراء وكبار مسئولين فى الدولة، ولا يكفى فيها فقط إقالة الوزير المسئول. ليس غريبًا أن ينصب بعض المصريين على بعض المصريين بأساليب عديدة تستغل حاجتهم، فى مقدمتها أساليب شركات توظيف الأموال من الريان إلى السعد وآخرهم المستريح، لكن المفاجأة أن تتحول الحكومة نفسها إلى ضحية برغبتها. القصص والوقائع التى نذكرها ليست من حكايات ألف ليلة وليلة ولكنها كارثة حقيقية حدثت فى وزارة المالية التى تتولى من خلال جهاز تصفية الحراسات مهمة بيع تركة شركات توظيف الأموال. ولم يكن أحد يتصور أن يكون مصير ممتلكات الريان هو الضياع بين وعود زائفة بإنهاء الملف وبين أحكام قضائية يسعى أصحابها من ضحايا الريان وغيره للبحث عن كل السبل للحصول عليها. البداية كانت عندما تحفظت الدولة فى عام 1988على أموال شركات توظيف الأموال وطلبت سداد أموال المودعين وخلال 27 عامًا لم تتمكن الحكومات من غلق الملف الأخطر الذى يجعلها تقع فى فخ تراكم القضايا والاستيلاء على تلك الممتلكات. «الصباح» تفتح هذا الملف الأخطر حول ممتلكات شركات توظيف الأموال ؟ وهل نجحت الوساطات فى تجميد التصرف فى تلك الأموال لحين خروج أصحابها من السجن. وحصلت «الصباح» على مستندات تكشف قيام أحد ضحايا الريان ممن حصلوا على حكم قضائى رقم 22304 لسنة 124ق استئناف القاهرة ضد النائب العام لاسترداد أمواله لدى شركة الريان بقيمة 2.906مليون جنيه، بالوساطة لدى وزارة المالية لصرف أمواله كاملة رغم أن فتوى مجلس الدولة رقم 39 الصادرة فى 23 يناير 2012 حددت معايير لتنفيذ الأحكام النهائية الصادرة بشأن شركات توظيف الأموال عن طريق جهاز تصفية الحراسات والإجراءات القانونية فى عملية سداد ديون هذه الشركات، وذلك من خلال إجراءات تتضمن استلام أصول شركات توظيف الأموال وبيعها طبقًا للشروط وإجراءات قانون المزايدات والمناقصات الحكومية. وشملت الإجراءات التى حددها مجلس الدولة لحماية الخزانة العامة للدولة نشر الإعلانات اللازمة لدعوة جميع دائنى شركات الريان سواء ممن حصلوا على أحكام قضائية أو غير حاصلين على أحكام للتقدم بالمستندات الدالة على حقوقهم وترتيب أولوية الديون فى السداد. ورغم تلك الإجراءات استطاع أحد الضحايا ويدعى «ع.ب» من تنفيذ الحكم بمفرده واسترد من وزارة المالية كل المبالغ المستحقة لديه بدعوى أن القضية ضد وزير المالية من خلال تقديم مذكرة بذلك فى حين أن لدينا مستندات أخرى تشمل مخاطبات بين وزارة المالية وجهاز تصفية الحراسات أكدت أن حيثيات الحكم تضمنت أنه لا صفة لوزير المالية فى أداء المبلغ المطالب به حيث ثبت للمحكمة على وجه القطع أن الملزم بأداء المبلغ هما النائب العام وأحمد الريان، ومن ثم لم يسع الضحية المذكور لإقامة دعوى مباشرة ضد وزير المالية بصفته منذ صدور الحكم فى 16 / 12/ 2009 حتى تاريخه. المخاطبات التى حصلنا عليها تعكس أحقية جميع المواطنين ممن لديهم مستحقات لدى الريان فى استرداد أموالهم، ولكن ضمن آلية لم تتوافر بعد لبيع جميع الأصول المملوكة للريان ومن ثم تقسيمها على من لديهم حقوق حتى لا تتحمل خزانة الدولة قيمة تلك القضايا. وتضمنت إحدى المخاطبات انه لا تتوافر السيولة الكافية لتنفيذ الحكم نظرًا لعدم استلام بقية الأصول الخاصة بشركات الريان وتنفيذ الحكم يحتاج تسييلًا كافيًا للأصول لسداد المبلغ. كما أن هناك خطابًا من النائب العام رقم 22 بعنوان «سرى» تؤكد أن هناك أحكامًا قضائية واجبة النفاذ بخلاف الحكم المشار إليه، أن الدين المحكوم به سيدخل ضمن الديون المستحقة على شركات الريان وسيتم ترتيبه وفقًا للقواعد المقررة للسداد بالنسبة لدائنى هذه الشركة متى تم الانتهاء من تصفية الأصول. ورغم هذه المخاطبات إلا أن أحد الضحايا كما ذكرنا تمكن من استرداد مستحقاته من الحكومة. مصادر من داخل جهاز تصفية الحراسات المسئول عن إدارة شركات توظيف الأموال أكدت على أن هناك ما لا يقل عن 20 حكمًا قضائيًا مماثلًا بشأن ضحايا شركات توظيف الأموال ويصل إجمالى تعويضاتهم إلى 800 مليون جنيه من بينهم حال مماثلة لمواطن يدعى « أ. ح» ولم تتم تسوية تلك القضية حتى الآن. المصادر قالت إن ملف توظيف الأموال ملف من أخطر الملفات، وبه العديد من الوقائع منذ أسندت تصفيته للجهاز عام 2009 حيث إن هناك عددًا كبيرًا من الممتلكات لم يتم التصرف فيها، ولا يعرف أحد سبب تجميد هذا الملف رغم تعدد القضايا التى ينجح أصحابها فى الحصول على حكم لصالحهم. وأشارت المصادر إلى أنه بالنسبة لشركة أحمد الريان فإن هناك عددًا كبيرًا من المنقولات لم يتم بيعها حتى الآن منها أرض مساحة 300 فدان بالمنطقة الصناعية بأبو رواش تصل قيمتها لملايين الجنيهات من الممكن أن تسهم فى إنهاء عدد كبير من الأحكام التى حصل عليها ممن لديهم مستحقات لدى شركات توظيف الأموال المتحفظ عليها. ونفت المصادر وجود تعدٍ على تلك الأرض حيث قام الجهاز بتأمينها جيدًا لحين صدور قرار بطرحها فى المزاد العلنى. ومن بين تلك القصص التى تدل على إهمال الحكومة وتضارب الاختصاصات، فبجانب العدد الكبير من المقرات المنتشرة فى أماكن أنحاء الجمهورية والمخازن التى بها بضائع هناك فيلا أثرية رقم 62 شارع عين شمس وتتبع ممتلكات الريان التى تم التحفظ عليها تم اتخاذ قرار ببيعها، وتمت بالفعل عملية البيع بقيمة 33مليون جنيه إلا أن المشترى طلب هدمها، وهو ما تم رفضه حيث إنها أثرية، وقام وزير المالية الأسبق ممتاز السعيد بطلب تشكيل لجنة للتأكد من أن الفيلا أثرية إلا أن هيئة الآثار رفضت تشكيل لجنة بدعوى أن المشترى يجب أن يتوجه إليها لسداد رسوم المعاينة، وهو ما لم يتم، وقرر جهاز تصفية الحراسات بعد موافقة الوزير مصادرة 10 فى المائة من قيمة المبلغ الذى سدده المشترى وإلغاء عملية البيع. ونفت المصادر وجود أى مفاوضات حالية مع ورثة الريان لرد تلك الممتلكات حيث إن آخر مرحلة للتفاوض فى هذا الملف كانت قبل وفاة الريان حيث كان قد طلب من وزارة المالية استرداد ممتلكاته، وهو ما تم رفضه، وطلب أن يحصل على فيلا مصادرة بالهرم مقابل حق انتفاع مدى الحياة وهو ما تم رفضه أيضًا. وجاءت بعض التقديرات لإجمالى ممتلكات مجموعة وشركات الريان المتحفظ عليها بنحو 1.7مليار جنيه، بالإضافة إلى ذلك فإن إدارة توظيف الأموال بجهاز تصفية الحراسات لا تقتصر فقط على أموال الريان وإنما على جميع الشركات منها السعد واى سى سنتر المملوكة لعصام بدير، والتى اكتشفت الجهات الحكومية أن بمقرات هذه الشركات العديد من السلع والبضائع والأدوات التى فسدت وتآكلت مع الزمن بسبب طول الفترة وعدم حسم الحكومة الملف منذ سنوات ومنها مخازن ممتلئة بالثلاجات تآكلت من الصدأ ولعب الأطفال وغيرها. وبحسب المصادر فإن الدكتور سمير رضوان وزير المالية الأسبق كان قد وضع آلية ساهمت فى تصريف عدد كبير بلغت قيمته 100مليون جنيه من خلال التعاقد مع بنكى مصر والإسكندرية لإجراء مزادات لصالح جهاز تصفية الحراسات بعمولة تتراوح بين 1 و2 فى المائة لسرعة تصريف تلك العقارات بدلًا من الإجراءات المطولة الخاصة بهيئة الخدمات الحكومية. وأشارت المصادر أن عصام بدير صاحب شركة آى سى سنتر المتحفظ عليها يمتلك 200 فدان بمدينة السادات وحدث عليها تعديات بسبب طول فترة بقائها بدون تسوية. وطالبت المصادر المسئولين بضرورة غلق هذا الملف من خلال تصفية تلك الممتلكات التى فقد عدد كبير منها قيمته خاصة المنقولات والبعض الآخر تم التعدى عليه خاصة فى أعقاب ثورة 25 يناير فضلًا عن ارتفاع قيم التعويضات المنصوص عليها فى الأحكام الصادرة لصالح المواطنين الذين لديهم مستحقات فى تلك الشركات، حيث أكدت المصادر على أن لعدد من الجهات السيادية مستحقات فى تلك الشركات منها الضرائب والتأمينات مما يعد مكسبًا لتلك الجهات إغلاق ملفات شركات توظيف الأموال. وتولت وزارة المالية مسئولية تسوية ملف شركات توظيف الأموال فى أواخر عهد حكومة نظيف، وتاريخ توظيف الأموال وأصحاب شركاتها ملىء أيضا بالأحداث فرجل الأعمال أحمد الريان هو مؤسس شركة الريان، واتهم فى قضية توظيف أموال عام 1989، وأفرج عنه فى أغسطس من عام 2010، بعد 21 سنة قضاها خلف القضبان، فى سجال قانونى وسياسى حول مصير أموال المودعين الذين لجأ الكثير منهم للقضاء لاسترداد أموالهم، فيما اضطرت الدولة لتصفية أعمال الريان للوفاء بهذه الأموال. وكشف بيانات من المدعى العام الاشتراكى وقت اندلاع أزمة شركات توظيف الأموال أن عدد المودعين فى الشركات ال 38 التى أشرف عليها الجهاز وقت التحفظ عليها كان 104 آلاف و724 مودعًا بلغت إيداعاتهم 771 مليونًا و787 ألفًا و136 جنيها رد الجهاز منها 705 ملايين و76 ألفًا و640 جنيهًا بنسبة 91 فى المائة وبينها 18 فى المائة شركة بنسبة 100 فى المائة و16 شركة بنسبة 40.4 فى المائة. ويبقى إهمال الحكومة الذى يعرضها لدفع مبالغ لضحايا توظيف الأموال وكأنها تقول بلسان حالها إنها ترغب فى أن تكون الضحية وتحمل خزانة الدولة بمزيد من الأعباء والعزاء لأموال الشعب. انتظروا الحلقة المقبلة..