*خبراء: سياسات الحكومة خاطئة والاتفاقية مع الاتحاد الأوروبى تغرق السوق المصرية *رشاد عبده: مستشارو الرئيس «أطفال أنابيب» فى الاقتصاد ويجاملهم على حساب البلد أثار إعلان شركة «ديملر» الألمانية المنتجة لسيارة «مرسيدس»، عن انسحابها من مصر مخاوف كبيرة لدى خبراء الاقتصاد، الذين حذروا من أن تؤثر تبعات القرار على مناخ الاقتصاد، خاصة محاولات جذب الشركات العالمية للاستثمار فى مصر. وفيما كشف تقرير لمجلة «فوكس» الأمريكية أن الشركة باعت 4255 سيارة فقط فى مصر خلال 2014، بررت «مرسيدس» قرار انسحابها فى بيان لها، بأنه من المتوقع أن تنخفض الرسوم الجمركية على واردات الأجزاء المستوردة لتجميع السيارات فى مصر. «ديلمر» ليست الأولى التى انسحبت من السوق المصرية، فقد سبقتها شركة «جنرال موتورز» العالمية، التى أعلنت خروجها بعد ما يقرب من 9 سنوات من العمل بمصر، فى الوقت الذى من المفترض أن تبدأ فيه مصلحة الجمارك المصرية استئناف تفعيل اتفاقية الشراكة الأوروبية، لخفض التعريفة على السيارات الواردة من دول الاتحاد الأوروبى إلى 10 فى المائة. وتضم قائمة الشركات العملاقة الراحلة من مصر، «إنتل Intel العالمية»، التى أغلقت مكاتبها العاملة بقطاع التدريب والتطوير الهندسى، وسرحت العاملين، مؤكدة فى بيان لها أن قرارها لا علاقة له بالوضع السياسى فى مصر أو فى أى مكان آخر، حيث يجرى تنفيذ هذا الأمر أيضا فى ميونيخ وبنجالور، فى إطار سياسة عامة تهدف للعمل على تحسين الفعالية الشاملة للشركة وزيادة القدرة التنافسية. ورغم أن الشركة أكدت أنها ستبقى على موظفيها فى القطاعات التى مازالت قائمة فى مصر مثل المبيعات والتسويق، إلا أن إغلاق الشركة لقطاع دعم التدريب والتقنية الهندسية، يعتبر خسارة كبيرة لقطاع التكنولوجيا فى مصر، وفقًا لخبراء. وكانت شركة «ياهوو» أغلقت مكتبها فى القاهرة فى أكتوبر 2013، بعد الإطاحة بالإخوان من الحكم بأشهر قليلة، ما اعتبره مراقبون وقتها أن سببه عدم استقرار الظروف السياسية فى البلاد. وقد قالت الشركة وقتها إن القاهرة كانت سوقًا جيدة بالنسبة ل«ياهوو»، وقد أسسنا فريقًا مجتهدًا ومحترفًا، وسنعرض عليهم تسويات مالية مناسبة لإنهاء خدمتهم وإغلاق مكتبنا هنا، مؤكدة أن الأمر كله لا يتعدى كونه خطة للم شمل مكاتب الشركة فى الشرق الأوسط. وأضاف «ياهوو» فى بيانها أنها فضلت أن يكون لديها مكتبين قويين فى الشرق الأوسط، على أن يكون لها ثلاثة مكاتب ضعيفة، وفى سبيل ذلك تخلت «ياهوو» عن القاهرة لصالح دبى وعمان . وتضم قائمة الشركات العالمية الراحلة عن مصر أيضا، شركة «توماس كوك» الألمانية للسياحة والسفر، التى تعد واحدة من أكبر الشركات السياحية العاملة فى مصر، حيث اتخذت قرارها بوقف النشاط، والرحلات والسائحين، وإظلام الأنوار، ببساطة قررت أن ترحل، ثم قررت أن تعود على استحياء. ورحلت «tui»، شقيقتها الألمانية، فالشركتان اتفقتا على أن السائحين خائفين ولا سبيل لتبديد خوفهم. ومع بدء تطبيق حالة الطوارئ فى 18 أغسطس2013، رحلت على الأقل 8 شركات عالمية كبرى عن البلاد، منها شركة «رويال داتش شل» النفطية العملاقة التى أغلقت أبوابها حرصًا على سلامة عمالها، وقالت إنها ستراقب الوضع، وما زالت تراقب. وأغلقت شركة «باسف» الألمانية العملاقة للكيماويات، أبوابها «بسبب العنف الذى كان يعصف بالبلاد وقتها». وأخيرًا شركة «يلدز» التركية للصناعات الغذائية التى أنهت استثماراتها العملاقة فى مصر، بسبب «انخفاض مبيعاتها». وأيضًا فقد أكثر من 7 آلاف مصرى كانوا يعملون فى مصانع «إلكترولوكس» السويدية للأجهزة المنزلية وظائفهم، بعد أن حذا هذا المصنع حذو جنرال موتورز وتويوتا وغيره كثيرون. ومن جهته قال منير فخرى عبدالنور، وزير الصناعة والتجارة، إن قرار شركة «مرسيدس» بالانسحاب لا يعنى عدم تنافسية السوق المصرية، مشيرًا إلى أن هناك شركات كبرى مازالت فى مصر حتى الآن، كما أنه يتلقى اتصالات مكثفة من شركات عالمية فى إنتاج السيارات تستهدف دخول السوق المصرية شريطة إصدار حوافز تعوض الأضرار المتوقعة من التخفيضات الجمركية، وفقًا لاتفاقية المشاركة المصرية الأوروبية، التى تصل بالجمارك على السيارات المستوردة من الاتحاد الأوروبى إلى صفر. وأكد الوزير فى تصريحات له أن صناعة السيارات صناعة قاطرة للنمو وتحقق عده فوائد منها نقل التكنولوجيا، وتوفير فرص عمل باعتبارها صناعة كثيفة العمالة، فضلًا عن تعميق التصنيع المحلى من خلال تشجيع صناعات قوية لإنتاج المكونات. من جهته اعتبر حمدى عبدالعزيز رئيس غرفة الصناعات الهندسية باتحاد الصناعات، أن خروج شركة مرسيدس من مصر، يبعث برسالة سلبية عن مناخ الاستثمار، لاسيما وأنه يأتى فى أعقاب المؤتمر الاقتصادى الدولى، الذى عقد بشرم الشيخ الشهر الماضى. وأضاف أن إقدام الشركة على تلك الخطوة يؤكد وجود سياسات حكومية خاطئة وغير رشيدة، من شأنها دفع مزيد من الشركات العالمية إلى أن تنتهج نفس الطريق وتغادر البلاد. وأشار إلى أن شركة مرسيدس يعمل بها ما يقرب من 700 عامل وتشغل نحو 15 مصنعًا مرتبطة بالشركة، وبالتالى سوف تتوقف تلك المصانع ويتم تسريح العمال. وقال عبدالعزيز إن مرسيدس أعلنت منذ عام 2010 أنها ستنسحب من السوق المصرية، إذا استمرت السياسات الحكومية فى زيادة التعريفة الجمركية على مكونات السيارات المستوردة من الخارج. وعن دور الغرفة فى علاج مثل تلك الأزمات، قال إن السوق المصرية يستوعب 850 ألف سيارة سنويًا من مختلف الماركات، وكان متوقعًا أن يرتفع الإنتاج إلى مليون سيارة، إذا استمرت معدلات النمو فى إطارها الطبيعى. وأوضح أن الغرفة أعدت دراسة حول صناعة السيارات فى مصر، وقدمتها للمهندس إبراهيم محلب رئيس الوزراء لحل الأزمات والمشكلات التى تواجه صناعة السيارات، على رأسها خفض الرسوم الجمركية على واردات أجزاء السيارات، وبعض الحوافز التصديرية للمكونات التى تصدرها مصر. فى السياق يرى الدكتور رشاد عبده الخبير الاقتصادى، أن انسحاب «مرسيدس» سببه عدم قدرتها على المنافسة بأسعارها الحالية وسط انخفاض الأسعار الذى سيطرأ على السوق المصرية. وأكد أن اتفاقية الشراكة التى تمت بين مصر وأوروبا، بدأ تأثيرها، لأن مصر جاملت أوروبا ووقعت على الاتفاقية، مع علمها أن ستتسبب فى ضرر بالغ للسوق المصرية، فهى تمنح أوروبا الحق فى تغريق السوق المصرية بكل أشكال وألوان البضائع، إذا من سوف يشترى المنتج المحلى. وأضاف: أقول لا تعتبروا أن المؤتمر الاقتصادى لم يحقق نجاح بعد غلق بعض العلامات التجارية فى مصر، لأن هذا موضوع آخر، فالمؤتمر الاقتصادى ركز على البنية التحتية، وهذا هو الصواب لذلك المؤتمر نجح. وقال «لابد أن يكون حول الرئيس خبراء اقتصاديون بحق، وليس أطفال أنابيب، فالخبرة الاقتصادية تراكمية، ولا يصح أن يجامل الرئيس الشباب والمرأة على حساب مصر، فمستشارينه الاقتصاديين يفتقدون الخبرة الاقتصادية العميقة والتحليل السليم».