*«9 مارس» تطالب الرئيس بالتدخل لوقف تمرير التعديلات بعد موافقة الحكومة * التعديلات تمنح الجامعة حق الاستثمار وإنشاء فروع «أهلية» دون العودة إلى الجامعات أو أندية أعضاء هيئة التدريس، أنهت وزارة التعليم العالى تعديلات قانون تنظيم الجامعات، التى شملت 6 مواد، وأرسلته إلى رئيس الوزراء، ووافق عليه ليأخذ دورته التشريعية المعروفة، رغم رفض عدد كبير من أساتذة الجامعة للتعديلات. ومن أكثر المواد المثيرة للجدل المادة التى تنص على إنهاء عمل الأساتذة الذين لم يقدموا أبحاثا علمية، بعد حصولهم على درجتى الماجستير أو الدكتوراة، وهى المادة التى يصفها أعضاء اللجنة التى أجرت التعديلات بمادة «طرد الكسالى». ومن بين المواد المثيرة أيضًا مادة تحرر الجامعة، ليصبح من حقها استثمار أراضيها ومدرجاتها وهيئات تدريسها فى مشروعات ربحية، بحيث تصبح وحدة إنتاجية هدفها تحقيق أرباح، وهو ما دفع عددا من أساتذة الجامعة للاحتجاج الجماعى حرصا على مكاسبهم، وطلب أعضاء أندية هيئة التدريس مقابلة رئيس الجمهورية، وإرسال مذكرة موقعة من أسماء الأساتذة المعترضين على التعديلات. وقانون تنظيم الجامعات الجديد، المزمع خروجه إلى النور قريبًا، يتجه إلى الاستغناء عن أعضاء هيئة التدريس، الذين لم يحصلوا حتى الآن سوى على درجة الدكتوراة، ولم يستكملوا بعدها البحث العلمى، وكثير من هؤلاء اقترب من سن المعاش وآخرون أحيلوا بالفعل إلى التقاعد دون أن يقدموا بحثا علميا واحدا، لتتم ترقيتهم إلى الدرجة الأعلى. ووافق قسم التشريع بمجلس الدولة على التعديلات، التى وصفتها حركة «9 مارس» بأنها تعديلات غير ضرورية ولا تتطرق لحل المشكلات الأساسية بالجامعات والبحث العلمى، معتبرة إياها بابا جديدا للمزيد من الفساد، الذى تعانى منه الجامعات المصرية، وتضر بالأسس القانونية التى تنظم التعليم الجامعى، وأنها تفتقر إلى الرؤية الملائمة لاستهداف النهوض بعملية التعليم والبحث العلمى. وتحظى تعديلات القانون الجديد بمباركة قيادات الجامعات المختلفة، الذين يؤيدون –وفق المصادر– صحة هذا الاتجاه، موضحين أن هؤلاء الأعضاء لم يعودوا يصلحون للتدريس بالجامعات بعد أن تفرغوا للبيزنس وتركوا الطلاب وتركوا البحث العلمى، ولم ينجحوا فى الحصول على الترقية للدرجة الأعلى، منذ أن حصلوا على الدكتوراة وظلوا «كسالى» لسنوات طويلة حتى تتم إحالتهم للمعاش. وكشفت مصادر أنه قد تتم الإطاحة بالآلاف من أعضاء هيئة التدريس بمختلف الجامعات، خاصة المدرسين بالكليات النظرية، خارج الكليات التى ينتمون إليها، وبالأخص من تمت إحالتهم إلى المعاش، وهم ما زالوا بدرجة «مدرس»، ولم تتم ترقيتهم حتى الآن لدرجة أستاذ أو أستاذ مساعد بعد كل هذه السنوات الطوال. وقالت المصادر إن هؤلاء الأساتذة الذين حصلوا على الدكتوراة بعد كل هذه المدة الطويلة، ومعهم المدرسون الذين تمت إحالتهم للمعاش على سن الستين، ولم تتم ترقية أى منهم لدرجة أستاذ مساعد أو أستاذ، هم أعضاء هيئة تدريس، هم فئة من الفشلة، ولا يجب أن يستمروا فى الجامعات. وأضافت «أن هؤلاء فضلوا الاهتمام أكثر بالدروس الخصوصية، والعمل خارج الكلية فى مكاتب المحاسبة أو المحاماة أو مراكز التدريب الخارجية أو العمل فى البيزنس بعد تعيينهم كمعيدين بالكلية، ولم يهتموا بالبحث العلمى والترقيات لأعلى». وأكدت المصادر أن قانون تنظيم الجامعات يطلق على هؤلاء بالخطأ لقب «أستاذ متفرغ»، لأنهم غير ذلك حيث أحيلوا إلى التقاعد بدرجة مدرس، ولهذا لن يتم ترك هؤلاء بعد وصولهم لسن الستين فى الجامعات مرة أخرى، وسيتم التخلص منهم فى القانون الجديد. وأكد الدكتور خالد سمير، الأستاذ بجامعة عين شمس ومنسق حركة «9 مارس»، أن الحركة جمعت توقيعات 100 من أعضاء هيئة التدريس لرفض تعديلات قانون تنظيم الجامعات، مشيرا إلى أنهم سيطالبون الرئيس عبدالفتاح السيسى بالتدخل لإلغاء التعديلات، لأن هذه التعديلات جزئية وتضر بالصيغة القانونية التى تنظم العمل الجامعى، كما أنها تفتقر إلى الرؤية الكلية التى تستهدف النهوض بعمليات التعليم والبحث فى الجامعات المصرية، فضلًا عن أن إقرار مثل هذه التعديلات يفتح الباب على مصراعيه لمزيد من الفساد، الذى تعانى منه الجامعات بالفعل. وأشار إلى أن الحركة تواصل جمع توقيعات أعضاء هيئة التدريس لإعلان رفضها لتعديلات قانون الجامعات، التى تصفها بالمعيبة وتشكل خطرًا على الجامعات، على أن يتم تسليم العريضة الموقع عليها رسميًا لرئاسة الوزراء. وأكد أحد الأساتذة فى كلية الحقوق جامعة القاهرة، فضل عدم نشر اسمه، أن من أبرز المواد المعترض عليها، المادة التى تتيح للجامعة الاستثمار فى مشروعات خارجية، ليكون من حق الجامعة أن تستثمر مشروعاتها فى أمور سياحية أو إنشاء جامعات خاصة، وهو أمر يفتح للجامعة أبواب الاستثمار، وسيدخلنا فى مجال يبعدنا عن النشاط الأكاديمى والاستفادة من أموال الجامعات فى مجال البحث العلمى. ومن جهتها، قالت الدكتورة ليلى سويف، القيادية بحركة «9 مارس»، إن تعديلات قانون الجامعات الأخيرة، التى وافق عليها قسم التشريع بمجلس الدولة معيبة وتشكل خطرًا على المجتمع الجامعى، ويشوبها الغموض، متسائلة: ما الحاجة للسرعة فى إنهاء تعديل تلك المواد وأخذ موافقة سريعة من رئيس الوزراء عليها؟ وتضيف دكتورة ليلى أن المادة 189 أصبحت تنص على أن «تتصرف الجامعة فى أموالها وتديرها بنفسها، بما فى ذلك المساهمة فى إنشاء ودعم الجامعات الأهلية، أو القيام منفردة أو بالاشتراك مع القطاع الخاص والأهلى، بالمشروعات ذات الطبيعة التعليمية أو البحثية أو الابتكارية، وغيرها من المشروعات الخدمية أو الإنتاجية، من أجل استخدام البحوث التطبيقية والنهوض بالمجتمع، وكذلك توفير موارد ذاتية للجامعة، للنهوض بأغراضها فى التعليم والبحث العلمى والتنمية وخدمة المجتمع، ويخضع التصرف فى أموال الجامعات وإدارتها ونظام حسابات الجامعة لأحكام اللوائح المالية والحسابية، التى تصدر بقرار من الوزير المختص بالتعليم العالى بالتنسيق مع وزير المالية، بعد أخذ رأى الجامعة وموافقة المجلس الأعلى للجامعات»، مؤكدة أن هذا النص يفتح الباب على مصراعيه، كى تستثمر الجامعة أموالها فى مشروعات تتنافى مع الهدف منها، كالمشروعات الإنتاجية. وأكدت سويف: لا يمكن أن أتصور أن تشارك الجامعات الحكومية، التى توفر التعليم بالمجان وفقًا للدستور والقانون، فى إنشاء جامعات خاصة وأهلية تتعارض مصالحها بالضرورة مع الجامعات الحكومية، كما لا يمكن قبول أن تستثمر الجامعة ميزانيتها التى تحصل عليها من الدولة من أموال دافعى الضرائب لتساهم فى إنشاء جامعات هادفة إلى الربح. وأشار أيضًا إلى الاستعجال فى تعديل المادة 196 من القانون لتنص على أن «تصدر اللائحة التنفيذية لهذا القانون بقرار من رئيس مجلس الوزراء، بناءً على عرض الوزير المختص بالتعليم العالى، وبعد أخذ رأى المجلس الأعلى للجامعات»، بحيث يكتفى بأخذ رأى المجلس الأعلى للجامعات على اللائحة التنفيذية دون اشتراط موافقته، موضحة أن اللائحة التنفيذية لقانون تنظيم الجامعات، يجب أن تصدر بموافقة جميع مجالس الجامعات. من جهته، قال الدكتور هانى الحسينى، الأستاذ بكلية العلوم جامعة القاهرة، إن إحدى مواد القانون صاغها أحد مستشارى وزيرى التعليم العالى لمصلحته الشخصية لانتدابه طوال الوقت بالوزارة، للحفاظ على المزايا المالية التى يحصل عليها، مشيرًا إلى أن التعديلات التى أقرتها وزارة التعليم العالى لا علاقة لها بالمشاكل الحالية للتعليم الجامعى والبحث العلمى. المذبحة المنتظرة أما الشق الثانى من الأزمة فيتعلق بالتسريبات التى يتداولها أعضاء هيئة التدريس بالجامعة، حول قانون التعليم العالى، بعدما أكد الدكتور ماجد القمرى، رئيس جامعة كفر الشيخ ورئيس لجنة إعداد القانون، أنهم سينتهون من صياغة المشروع بالتزامن مع بدء انعقاد جلسات البرلمان القادم، لافتا إلى انشغال اللجنة القانونية المكلفة بصياغة مشروع القانون، فى تعديل قوانين الانتخابات. وأضاف القمرى أنه تم وضع مواد وبنود جديدة فى قانون التعليم العالى تكفل مزيدا من الاستقلال والحريات للجامعات إداريًا وماليًا، موضحًا أن القانون تضمن إمكانية تنوع مصادر دخل الجامعات من خلال التعاون مع مؤسسات الدولة والمجتمع والتعاون مع المؤسسات فى مجالات الصناعة وإمكانية تحويل البحوث لمنتجات، ما يدر مزيدًا من الدخل للجامعات. وأوضح «القمرى» أن مشروع القانون يشمل حرية الفكر والتعبير فى الجامعات، واختيار مجالات التعليم والبحث العلمى فى ضوء الاستراتيجيات الأولية للمجتمع المصرى لتحسين تصنيف الجامعات المصرية، كما يضمن تغيير التشريعات المالية الموجودة فى القانون القديم، لأنها غير ملائمة للقرن ال21، موضحًا أن الهدف الأساسى من القانون هو إعادة هيكلة مؤسسات التعليم العالى. وأشار «القمرى» إلى أن هناك الكثير من الأبواب التى ستتم مناقشتها وصياغتها خلال الفترة المقبلة، من بينها علاقة الجامعة بالمجتمع وعلاقة الجامعة بالعلاقات الدولية، وعملية التأديب، مشيرًا إلى أن قانون المستشفيات الجامعية، الذى تم تشكيل لجنة لمناقشته وتعديله سيدرج كباب ضمن قانون التعليم العالى الجديد، نظرًا لكون المستشفيات الجامعية جزءا من منظومة التعليم العالى. وأشار القمرى إلى أن القانون الجديد يعيد مفهوم الوظيفة الثالثة للجامعات، من ناحية المساهمة داخل المجتمع والتواجد كحل للمشاكل، لافتًا إلى أنه سيساعد على زيادة دخل كل جامعة. وعن غضب بعض أعضاء هيئة التدريس من المقترحات، التى وافق عليها قسم التشريع بمجلس الدولة، أكد الدكتور ماجد القمرى، أن هناك بعض المواد كان لا بد من تعديلها، ومنها المادة 189 الخاصة بالجامعات، حيث كانت بها مشاكل كبيرة، ومنها التضييق على الجامعات، إلا أن المادة بعد التعديل ستسمح بإنشاء الجامعات الأهلية، وتساعد على زيادة موارد الجامعة، وهذا سيوفر الكثير على الدولة من الناحية المالية.