*صاحب المبادرة أقنع الجماعة أن الوقت الحالى هو الأنسب للضغط على الدولة *عودة مرسى مع تعهده بعدم الترشح وتحييد الجيش والشرطة والقضاء أهم بنود المبادرة *المبادرة هدفها حماية "الجيل الثالث " من التنظيم.. وتكشف تراجع الرغبة فى المواجهة لدى الجماعة قالت مصادر مطلعة إن المبادرة التى أعلنها الدكتور أمير النجار عضو مجلس الشورى المنحل، للمصالحة بين جماعة الإخوان ونظام الرئيس عبدالفتاح السيسى، خلال الأيام الماضية، خرجت إلى النور بمباركة نائبى المرشد العام خيرت الشاطر والدكتور محمود عزت. وأضافت أن النجار، الذى كان مرشحًا لتولى منصب محافظ الشرقية فى عهد مرسى، طرح المبادرة «القابلة للتفاوض» بعد خروجه من السجن، ضمن مجموعة من قيادات الإخوان، كانت محبوسة على ذمة قضايا تحريض على العنف بالشرقية. وكشف المصادر ل«الصباح» عن تفاصيل المبادرة، مؤكدة أن بنود الوثيقة التى أعدها النجار تدور حول «تحييد دور القضاء والشرطة والقوات المسلحة، وبناء الثقة بين الإخوان والدولة على أساس إطلاق الحريات من جهة الدولة، وإيقاف العمليات النوعية من جهة الجماعة، وتحديد مرحلة انتقالية تعود من خلالها الشرعية، ثم الدعوة لانتخابات رئاسية لا يخوضها مرسى، وانتخاب مجلس نواب واحد مع استبعاد الشخصيات السياسية المؤيدة لثورة «30 يونيو». وعلمت «الصباح» كواليس المبادرة، حيث حصل أمير النجار على موافقة كتابية من خيرت الشاطر ومحمد بديع، بخصوص إعداد الوثيقة، وسر الخطاب الذى حملته خديجة الشاطر من منطقة سجون طرة، إلى النجار قبل الإعلان عن المبادرة، والوساطة التى تلعبها دولة عربية لعقد المصالحة بين الجماعة والنظام السياسى. وقال مصدر مطلع إن النجار صديق شخصى لخيرت الشاطر، ومن الطبيعى أن يسند إليه ملف التصالح مع النظام السياسى، ومنذ تم الإفراج عنه، وهو على اتصال مباشر بعائلة الشاطر. وأضاف المصدر أنه خلال الأيام القليلة الماضية، عقد النجار ندوة فى الشرقية، حضرها عدد من قيادات الجماعة، هم الدكتور حلمى الجزار، والمهندس أحمد اليمانى، ومحمد رشدى، والدكتور ياسر مختار، وآخرين، مؤكدًا أن النجار عرض خلال الندوة خطابًا أرسله إليه خيرت الشاطر مع ابنته خديجة. ويتضمن الخطاب ثلاثة محاور، أولها فتح قنوات اتصال مباشرة وغير مباشرة مع الدولة، وثانيها الاستعانة بأطراف خارجية للوساطة فى حال فشلت عملية الاتصال، وثالثًا الحفاظ على الروح المعنوية لشباب الإخوان وتأهيلهم لتقبل الصلح مع الدولة وقبول الدية، ولم يتطرق النجار بشكل مباشر إلى الحديث عن مبادرته للتصالح، لأن الندوة كانت تهدف إلى جس نبض الإخوان بخصوص ملف التصالح. وأضاف المصدر أنه «بعد أيام من الندوة خرجت المبادرة إلى النور، بعد أن اعتمدها المكتب الإدارى للإخوان الخارج بقيادة الدكتور أحمد عبدالرحمن، وبعد أن توافقت وجهات النظر بينه وبين مسئولى الجماعة محليًا حول ضرورة إجراء المصالحة»، مؤكدًا أنه «ستتم الاستعانة بأطراف خليجية للوساطة بين الإخوان والنظام». وتعليقًا على بنود المبادرة وكواليس تدشينها، قال المهندس طارق أبوالسعد القيادى الإخوانى المنشق ل«الصباح» إن مبادرة أمير النجار لا تختلف عن بقية مبادرات الإخوان، إلا فى الموافقة التى أبداها خيرت الشاطر وقيادات الجماعة عليها، خاصة أنها تمت بمباركته الشاطر شخصيًا، وهذا يعنى أن القيادات داخل السجن بدأت تدرك الموقف بشكل صحيح، بعدما فشل المجلس الثورى الإخوانى وكل الكيانات الإخوانية بالخارج، فى تحقيق الهدف المرجو من تشكيلها، ما يشير وبقوة إلى تمدد نفوذ الإصلاحيين داخل الجماعة، ويهدد قوة الشاطر والقطبيين. وأكد أبوالسعد أن «مشهد المعزول محمد مرسى بالبدلة الزرقاء، أصاب أبناء الجماعة بخيبة أمل كبيرة، وضرب الروح المعنوية فى مقتل، وعليه لن يجد التنظيم صعوبة فى إقناع أبنائه بالتنازل عن مطالبته بالقصاص مقابل الحصول على تعويض قد تدفعه السعودية، لأنها من الدول الداعمة للاستقرار فى المنطقة، خاصة أن الإخوان ساندوا حربها على الحوثيين فى اليمن»، مشيرًا إلى أن الجماعة لم يعد فى مقدورها الاستمرار فى تحمل مزيد من نزيف الموارد المالية والبشرية. واستطرد أبوالسعد أن المفاوضات بين الجماعة والنظام ستكون مباشرة ودون تدخل من أى أطراف خارجية، وستكون على نفس طريقة المراجعات الفكرية، التى قامت بها الجماعة الإسلامية فى منتصف التسعينيات، بمعنى أنه لا مجال لعودة شرعية المعزول، لكن ستكون هناك مرونة فى التعامل مع القيادات داخل السجون، من خلال زيادة عدد الزيارات ونقل المعزول إلى مستشفى السجن ليعامل بذات الطريقة التى يعامل بها الرئيس الأسبق حسنى مبارك. والجدير بالذكر أن مهندس مبادرة الصلح، الدكتور أمير بسام أمير النجار، من مواليد محافظة الشرقية 1964، التحق بالأزهر الشريف وتدرج فى مراحله التعليمية، ثم التحق بكلية الطب وتخرج فيها عام 1986. انضم إلى جماعة الإخوان فى سن مبكرة وانضم إلى فريق الجوالة، لكنه تركها بعد ضغوط أسرته عليه، وبعد تخرجه عمل طبيبًا فى الوحدة الصحية لقرية «العدوة» مسقط رأس الرئيس المعزول، فى الشرقية، ومنها إلى جامعة الأزهر بعدما التحق بسلك التدريس، ثم عاد إلى الجماعة مرة أخرى. وتزوج أمير فى يناير 1988 من ابنة قيادى إخوانى كبير، وتم اعتقاله فى أكثر من مناسبة فى أعوام 87، 89، 91، 94، 97، 98، 2008. وبعد ثورة 30 يونيو ألقى القبض على أمير النجار داخل مستشفى خاصة فى بلبيس، حيث كانت مقر إقامته الدائمة بعد فض اعتصامى رابعة العدوية والنهضة. وكان النجار قد تعرف على الشاطر خلف القضبان، وأصبحا صديقين، فتدرج فى المناصب داخل جماعة الإخوان، حتى أصبح عضو لجنة الإغاثة الإنسانية، ثم مقرر لجنة شئون المعتقلين بلجنة الحريات. وارتفعت أسهم النجار فتم ترشيحه إلى مجلس النواب 3 دورات، كان آخرها عام 2000، إلا أن الحظ لم يحالفه، ودفعت به الجماعة لمجلس الشورى بعد ثورة 25 يناير ونجح هذه المرة، وقد ترددت أنباء وقتها أن مرسى يريد إسناد منصب محافظ الشرقية له، إلا أن علاقته المتوترة بالأهالى لم تكن فى صالحه، حيث كانت بينهم خلافات، على إثر تحرير محاضر ضد بعض السائقين بسبب أزمة «موقف سيارات الشرقية».