*حزب الله درب عناصر التنظيم.. وحماس تخلصت منها بتصديرها إلى مصر *خطة لتشكيل ميليشيا من ألف مسلح.. ومصادر: «الإخوان» فتحت الأبواب ل«الحرس الثورى» مع تزايد حدة التوتر الإقليمى بين إيران ودول الخليج، بالتزامن مع تقدم جماعة الحوثى، المدعومة من طهران للسيطرة على كل شبر فى اليمن، وإنهاء حكم الرئيس عبد ربه منصور هادى، المدعوم خليجيًا، بالإضافة إلى توجه دولى لإنهاء الخلافات حول الملف النووى الإيرانى، ما يثير مخاوف خليجية، بدأت طهران فى فتح جبهة أخرى داخل سيناء، فى محاولة منها لإضعاف التحالف الإقليمى القوى بين مصر ودول الخليج. وأكدت مصادر جهادية فى سيناء ل«الصباح»، سعى الحرس الثورى الإيرانى لإيجاد موطئ قدم له فى سيناء، عن طريق دعم ميليشيا شيعية موالية لها، بعد ظهورها فى قطاع غزة مؤخرًا، تحت اسم «لواء الصابرين»، المدعوم من حزب الله اللبنانى، مضيفة أن «الحرس الثورى وضع اللبنة الأولى لتأسيس الميليشيا الشيعية فى سيناء، خلال فترة حكم الإخوان، حيث نجح فى ضم شيعة مصريين، وآخرين من سورياوالعراق». وأوضحت أن «عناصر الميليشيا كانت تعانى نقص الخبرة التى تؤهلها لتشكيل تنظيم مؤثر، خاصة مع قلة عددها»، مضيفة أن «الفكرة تراجعت بعد ثورة 30 يونيو، ثم عادت من جديد، مع انتقال قيادات شيعية من قطاع غزة للتمركز فى سيناء، بهدف إحياء فكرة العمل الشيعى المسلح، واجتذاب عناصر شيعية مصرية». ومن جهته، أكد القيادى الجهادى السابق، إبراهيم السوركى، ل«الصباح»، صحة المعلومات المتداولة حول وجود تنظيم شيعى مسلح فى سيناء، مشيرًا إلى أن «بعض سكان رفح الفلسطينية تشيّعوا بدعم من الجمعيات الخيرية الإيرانية العاملة فى قطاع غزة، قبل أن ينتقلوا إلى سيناء فيما بعد، بسبب تضييق حماس عليهم، ضمن محاولاتها لمنع التمدد الشيعى، ومع وصول الأسر الفلسطينية لسيناء، نجحت فى ضم أسر سيناوية إليها، واجتذاب عدد من أبنائها إلى التنظيم المسلح، الذى كان يتعرض للتضييق فى عهد الإخوان، على يد أنصار السلفية الجهادية، بقيادة محمد الظواهرى، شقيق زعيم تنظيم القاعدة. وكشف قيادى منشق عن إحدى الجماعات الإرهابية، رفض ذكر اسمه، عن تنقل هشام سالم، مؤسس لواء الصابرين بين مصر وقطاع غزة، فى بداية العام الماضى، مستغلًا حالة الانفلات التى كانت سائدة خلال حكم الإخوان، وعقب سقوطهم، ونجح خلال تلك الفترة فى تأسيس التنظيم الشيعى داخل سيناء. وأضاف أن «الإخوان» كانوا يتساهلون مع الشيعة، موضحًا «التقى هشام سالم ونائب المرشد محمود عزت، أثناء حكم مرسى، ليطلب وساطته لدى حركة حماس، حتى تخفف الضغوط على جماعته، مؤكدًا وقتها أن هدف الجانبين واحد، وهو مقاومة المحتل الإسرائيلى، ومن وقتها نشأت صداقة بين سالم وقيادات فى مكتب الإرشاد». وأشار إلى أنه «رغم أن الصراع الطائفى الذى نشب داخل القطاع أدى إلى سحب الإخوان دعمها لسالم، لكنه عاد مرة أخرى بدعم من إيران وحزب الله، وأعلن عن وجود تنظيمه صراحة من خلال عرض عسكرى، نظمه لواء الصابرين فى قرية المهدية، شمال سيناء، مؤخرًا، بالإضافة لتوزيعه منشورات تحمل توقيع الجماعة الجديدة فى عدة مناطق». وأكد أن «سالم كان خطيبًا دينيًا لا مثيل له، وهى موهبة استغلها كحيلة لدخول مصر من وقت إلى الآخر، لإلقاء خطب فى مساجد مدينة رفح المصرية، خاصة مسجد عباد الرحمن الواقع على الشريط الحدودى، ووقتها عمل على نشر المذهب الشيعى فى الخفاء، بمعاونة قيادات شيعية مصرية، كانت تزور رفح بين الحين والآخر». وأضاف أن القيادى الشيعى كان يلقى دروسًا ومحاضرات داخل المسجد نفسه فى نهاية كل شهر، وخلال فترة قصيرة تمكن من ضم أكثر من 50 شابًا سيناويًا إلى المذهب الشيعى، واستخدمهم فى تأسيس فرع جديد لتنظيم الصابرين داخل مصر، بالإضافة لضم عناصر إيرانية وعراقية قادمة من العراقوسوريا، لتدريب المصريين، إلا أن التنظيم الجديد لم ينفذ أى عملية ضد القوات المصرية، لكنه نفذ عددًا من عمليات الاغتيال التى استهدفت أعضاء فى تنظيم بيت المقدس الإرهابى، ردًا على مجازر تنظيم داعش الإرهابى ضد شيعة العراق. وقبل إخلاء الشريط الحدودى بين مصر والقطاع، لإنشاء منطقة عازلة، كان سالم يتخذ منزلًا مملوكًا لعائلة الجعبرى مسكنًا له هو ومجموعة من الشيعة المصريين، ومع عمليات إخلاء الشريط الحدودى، اختفى تمامًا عن المنطقة، قبل أن يظهر خلال عرض عسكرى فى منطقة الجورة، ثم اختفى نهائيًا، بحسب القيادى المنشق. وعن التنظيم الشيعى المسلح فى سيناء، قال رئيس ائتلاف الدفاع عن آل البيت، علاء السعيد ل«الصباح» إن «هذا الأمر متوقع، لأن المساعى الإيرانية لتشكيل لوبى سياسى عسكرى اتخذت خطوات فعلية خلال الفترة الماضية، وجماعة الصابرين هى تنظيم من ضمن عشرات التنظيمات الشيعية المسلحة الأخرى الموجودة داخل مصر». ومن جهته، أكد الباحث فى شئون الجماعات الإسلامية، هانى الجمل، ل«الصباح»، أن «التمدد الشيعى بدأ مع اختراق جهاز الاستخبارات الإيرانى لمصر، بعد ثورات الربيع العربى، واستغلاله حالة الانفلات الأمنى التى شهدتها البلاد، حيث انتشرت عناصره داخل سيناء فى محاولة لاستمالة الشباب إلى صف الميليشيات الشيعية المسلحة، وهو نفس ما تعمل عليه المخابرات المركزية الأمريكية، التى تسعى لأن تتحول مصر إلى عراق جديد، عن طريق خلق تأجيج صراع طائفى مسلح فيها بين السنة والشيعة، ما يستدعى تدخلًا أجنبيًا». وعن تنظيم «الصابرين» الشيعى، قال الجمل إن «حركة حماس تتعاون مع حزب الله وإيران منذ فترة طويلة، ولا تنكر الحركة هذا التعاون، لكن فى الوقت ذاته لا تسمح بوجود نفوذ للميليشيات المسلحة الشيعية فى القطاع، لأن هذا خطر عليها، وبالتالى كان لا بد من تصديرها إلى سيناء». وفى السياق نفسه، أكدت مصادر مطلعة أن «أغلب الوفود الشيعية المصرية التى تذهب إلى طهران تبحث أمرين، الأول تشكيل كيان سياسى للشيعة يكون معترفًا به من النظام، عبر ممثلين فى البرلمان القادم، والثانى تكوين ميليشيات مسلحة، وهناك مساع ملموسة من جانب الشيعة المصريين لذلك، منذ مقتل القيادى الشيعى حسن شحاتة، ومع عدم استقرار الأوضاع فى سيناء. وأضافت أن «هناك خطة إيرانية بمعاونة حزب الله، لنشر ألف مقاتل شيعى من جنسيات مختلفة، داخل سيناء كدفعة أولى، على أن تضم مصريين ولبنانيين وعراقيين وسوريين، بدعم من رجال أعمال منتمين للمذهب الشيعى داخل مصر،» مشيرة إلى أن «الخطة مرصود لها مبلغ ضخم من جانب أجهزة المخابرات الإيرانية». ومن جهته، قال الخبير الاستراتيجى، اللواء محمود زاهر، إن «التنظيم الشيعى المسلح فى سيناء يعتبر تحركًا إيرانيًا جديدًا داخل المنطقة، بهدف زعزعة الاستقرار فى مصر، فإيران تحاول خلق متنفس لها داخل الشرق الأوسط، عن طريق التمدد الشيعى تارة، وتنفيذ أعمال مخابراتية تارة أخرى، لكن أرى أن تنظيم الصابرين سيكتفى بأعماله داخل قطاع غزة، ولن ينقلها إلى سيناء فى الوقت الراهن، لعدة أسباب، أهمها حملات التطهير التى ينفذها الجيش، ما يجعل العناصر المتطرفة تفكر ألف مرة قبل أن تنضم لمثل هذه الميليشيات، وفى المقابل فإن هناك تحركات على الأرض لتجفيف منابع دعم وتمويل الجماعات المتطرفة، بغلق الأنفاق». وقال الدكتور أحمد المبلغى، رئيس جامعة المذاهب الإسلامية فى طهران، ل«الصباح»، إنه «لا يوجد أى نشاط عسكرى مسلح شيعى داخل مصر، والحديث عن وجود دعم إيرانى لجماعات تخطط لضرب الاستقرار داخل المنطقة غير صحيح، لأن العدو واحد ومعروف لكل العرب، وهو إسرائيل، وعليه لا بد من دعم خيارات المقاومة التى تناضل لتحرير الأرض المحتلة، دون إبداء أهمية للجماعات ومذاهبها، فاستقرار مصر هو استقرار للمنطقة كلها». الجدير بالذكر أن التنظيم الشيعى أعلن عن نفسه منذ فترة وجيزة داخل قطاع غزة، بعد استهداف أنصار تنظيم «داعش» الإرهابى فى غزة لجمعية «يبوس» الخيرية فى مدينة رفح الفلسطينية، بعدما اتهمها التنظيم بأنها جمعية «شيعية»، مؤكدًا أن العملية ضدها تهدف إلى مكافحة نشر المذهب الشيعى فى الأراضى الفلسطينية، حسبما جاء فى بيان رسمى للتنظيم، واتهم البيان أيضًا الجمعية بالحصول على دعم مالى من إيران للعبث فى قطاع غزة، من وراء ستار الجمعيات الخيرية. وأعقب بيان «داعش» الإعلان رسميًا عن تشكيل تنظيم شيعى مسلح، تحت مسمى «جماعة الصابرين» أو «حصن»، الذى أعلن قادته علنًا أنهم يحصلون على تمويلات إيرانية، وأنهم لن يصمتوا تجاه أى اعتداءات من جانب السلفية الجهادية و«داعش» ضدهم، وبحسب ما نشرته منتديات جهادية معادية للوجود الشيعى فى غزة، فإن ميليشيات «الصابرين» الشيعية يترأسها شخص يدعى هشام سالم، الذى يعلن فى تصريحاته منذ الكشف الرسمى عن التنظيم، أنه «لمقاومة الاحتلال الإسرائيلى». وأشارت مصادر إلى أن سالم مشهور منذ فترة طويلة بميوله تجاه إيران وحزب الله، خاصة أنه كان أحد قادة حركة «الجهاد الإسلامى» المدعومة من طهران، موضحة أن حركة «حماس» اعتقلته فى مارس 2013، بتهمة جمع تبرعات وأموال لجمعية خيرية اسمها «الباقيات الصالحات»، أغلقتها الحركة بعدما اتهمتها بنشر التشيّع فى القطاع.