*إنتاج عبوات دون كتابة البيانات عليها للهرب من الرقابة.. والتلاعب فى الأوزان سرى فوجئ «عم محمد» بالبقال التموينى يعطيه زجاجة زيت دون أى بيانات، لا اسم المنتج، ولا المورد، ولا عنوان المصنع، كما طالبه بأن يدفع 9 جنيهات و30 قرشا، رغم أن سعرها ضمن المقررات التموينية هو 8 جنيهات فقط، عندها قرر «عم محمد» ألا يسكت على حقه، فتوجه إلى جمعية حماية المستهلك فى محافظة الغربية، لتقديم شكوى، فتحت الباب للكشف عن سماسرة التلاعب فى الزيوت التموينية. من جهتها، تتبعت «الصباح» مسار الشكوى، التى كشفت عن مافيا لتجارة الزيوت التموينية، تضم مسئولين فى وزارة التموين، وأصحاب شركات حكومية تنتج الزيوت التى تباع ضمنه السلع التموينية، فضلا عن تلاعبها فى الأوزان، فكل زجاجة تقل عن الوزن الحقيقى بنحو 100 جرام، فى محاولة من الشركات لتحقيق أرباح «غير حقيقية»، عن طريق تقليص خسائرها. كانت البداية بتلقى محمود المصرى، رئيس جمعية حماية المستهلك فى الغربية لشكوى «عم محمد»، وبدأ التحقيق فيها، حيث واجهت جمعيته الشركة الحكومية المنتجة للزيت التموينى، والتى رفضت من جانبها أن تمنحه إجابة شافية على سؤاله، «لماذا تبيع زجاجة الزيت بأكثر من السعر الرسمي؟، ودون بيانات عليها؟، وبوزن أقل من المقرر؟»، ثم توجه المصرى إلى مديرية التموين التى داهمت أحد فروع الشركة، وتبين صحة الشكوى التى حملت رقم 1278 بتاريخ 28 يناير الماضى، وتحرر محضر عن الواقعة فى قسم شرطة السنطة. وكشف المحضر، الذى حصلت «الصباح» على نسخة منه، عن تورط أمين فرع الشركة العامة لتجارة الجملة، التابعة ل»القابضة للصناعات الغذائية»، والمملوكة لوزارة التموين، فى الواقعة، وتبين أنه باع 126 صندوق زيت تموينى، داخل كل منه 12زجاجة، إى بإجمالى 1512 زجاجة، بأعلى من السعر الرسمى ب 130 قرشا للزجاجة الواحدة، وفقا لفواتير تحفظت عليها الجهات الرقابية، وذلك بالمخالفة للقانون رقم 163 لسنة 1950، ما حقق للفرع أرباحا غير مشروعة بلغت 1965.6 جنيه فى شهر واحد. وأكد المصرى أن «هذه الأرباح غير المشروعة تتضاعف مع خروج الشركة على سياسية التسعيرة الموحدة فى جميع فروعها»، مشيرا إلى أن المسئولين وأصحاب المصالح فى الشركة يستفيدون على حساب المواطن الفقير، بتحقيق أرباح غير مشروعة، لا يسجلونها فى أرباح الشركة، وأوضح أن شركتين حكوميتين تنتجان زجاجات تموينية غير مدون عليها بيانات، منذ شهر تقريبا، فى تحد لقانون حماية المستهلك، بالإضافة لما يكشفه من نية مبيتة للهروب من الجهات الرقابية التابعة لوزارتى الصحة والتموين. وأضاف أن «عددا من المسئولين فى وزارة التموين متورطون فى هذه الجريمة»، إلا أنه رفض الإفصاح عن أسمائهم، مؤكدا أنهم «يعملون كسماسرة لزيت التموين المدعم، ومنتجات الأخرى، وسيتم فضحهم فى بلاغات رسمية، خلال الأسابيع المقبلة»، كما كشف عن تلقيه الكثير من الشكاوى من بقالين تموينيين تؤكد ارتفاع أسعار بعض السلع التموينية، وعدم تدوين بيانات التصنيع على المنتجات، و»ثبت صحة 90 من تلك الشكاوى»، على حد قوله. وأشار إلى أن المسئولين فى تلك الشركات يستولون على المال العام، ويحملون أعباء للمستهلك، مطالبا بالضرب بعصا من حديد على يد كل من تسول له نفسه للإضرار بالمواطنين والتعدى على المال العام والإضرار بالاقتصاد الوطنى، وعلى الجهات الرقابية ممارسة دورها فى ضبط ورقابة الأسواق، بالإضافة إلى أن تلتزم الحكومة بمعايير الشفافية وطهارة اليد عند اختيارها من يتولون هذه المهمة، حرصا على حقوق المستهلكين البسطاء. من جهته كشف المهندس «س.أ»، أحد العاملين بمعامل التكرير داخل شركة طنطا للزيوت والصابون ل»الصباح»، أن رئيس شركته وبإشراف من رئيس الشركة القابضة للصناعات الغذائية، يتعمد إنقاص وزن زجاجات الزيت بمقادير معينة، تبدأ من 50 جراما للزجاجة وحتى 100 جرام، لتحقيق أرباح غير مسجلة فى أوراق الشركة- وفقا لما هو موضح فى صور المستندات المرفقة بالتحقيق-، مؤكدا أن الزيت يعبأ بطريقة لا تطابق المواصفات الآدمية، والتهرب من كتابة البيانات على زجاجات الزيت. وأكدت تقارير رقابية وبلاغات أن كل العبوات تتراوح بين 850 جراما إلى 900 جرام فقط ويتم احتسابها على أنها كيلو جرام مكتمل ولا يدرى أحد أين تذهب فروق الأوزان، ولحساب من؟. أكد محضر للنيابة العامة بطنطا، يحمل رقم 11572 جنح ثان طنطا، والمقدم ضد مدير عام إنتاج الزيت بالمصنع لمخالفته أحكام المرسوم بقانون 95 لسنة 45 أن مديرية التموين ضبطت 188 صندوق زيت حر، أصناف ماركة «سلاسل» و»زمزم» عبوة كل صندوق 12 زجاجة لسعة 1 لتر، بإجمالى 2256 لتراحيث اعترف الأخير بأنه يتم إنتاج الزيت الحر بتعليمات شفوية من الإدارة. وتم فحص المستندات المتعلقة بجميع مراحل إنتاج الزيت الحر داخل المصنع عن الفترة من 1/1/2013 حتى 31/5/2013، وتبين أن الشركة أنتجت 1943.5 طن زيت حر صنف «سلاسل» و»زمزم» من خامات الزيت المخصص لإنتاج الزيت التموينى المدعم بدون مواصفات صحية على حساب جودة الزيوت ونقص أوزان العبوات، ونتيجة الاعتراف تم تسجيل مخالفة قانونية على الشركة. وقال مستشار وزير التموين، اللواء أحمد عبد التواب، ورئيس المجلس الأعلى لحماية المستهلك، إن الوزارة تتابع هذا الملف بشكل مباشر، لما له من أهمية للحفاظ على المال العام وحمايته من الضياع، كما أنه جار التحقيق حاليا مع المتورطين والسماسرة.