*الفيلم تنقل بين 3 أزمنة مختلفة أبرزها وقت الحرب العالمية الثانية وأخفى ميول البطل عن المشاهد للنهاية منذ أيام فقط حصل فيلم «لعبة المحاكاة» أو The Imitation game على جائزة الأوسكار كأفضل نص مقتبس، فى الحفل السنوى السابع والثمانين الذى أقيم على مسرح الدولبى بلوس أنجلوس بالولايات المتحدةالأمريكية. السؤال هو لماذا وكيف حصل الفيلم على هذه الجائزة، وما الذى جعل لجنة التحكيم تختاره دونا عن أفلام أخرى؟، الإجابة تكمن فى تفاصيل الفيلم الذى يدور حول العالم البريطانى الآن تورينج، الذى استطاع فك الشفرة الألمانية إنيجما، أثناء الحرب العالمية الثانية، فساهم فى تغيير نتيجة الحرب، ويسلط الفيلم الضوء على تعسف الحكومة البريطانية فى ذلك الوقت، مع الشواذ جنسيًا.. يلعب بطولة الفيلم، البريطانى بينيدكت كامبرباتش، كيرا نايتلى، ماثيو جوود، الآن ليش، مارك سترونج، ومن إخراج مورتن تيلدم. بعض الأفلام بعد مشاهدتها تشعر بالرضا التام، وأن الفيلم أشبعك فنيًا وبصريًا، وفيلم The Imitation Game هو واحد من تلك الأفلام التى تستحق العديد من الجوائز، وأن يطلق عليه فيلم متكامل، فجميع جوانب الفيلم جاءت مبهرة ومكملة لبعضها البعض. الفيلم يحكى قصة ألان تيورنج عالم الرياضيات الذى يتم اختياره ضمن فريق هدفه هو إيجاد طريقة لفك شفرة الرسائل التى تبثها القيادات النازية لقواتها عن طريق آلة إنيجما التى عجز الجميع عن فك شفرتها، وكانت المفتاح الرئيسى لنجاح هتلر فى حربه، كما أن الفيلم يستعرض شخصية تيورنج غير الاجتماعية، وغير المحبوبة من المحيطين به، وخلافه مع فريقه فى العمل، ومن ثم إصراره على بناء جهاز مقابل يستطيع من خلاله فك لغز آلة الإنيجما. بالرغم من أن أحداث الفيلم كلها تدور حول شخصية ألان تيورنج، إلا أن هناك عدد من المشاهد عرفنا من خلالها خلفيات باقى الأشخاص فى الفيلم وطريقة تفكيرهم وشخصيتهم، بالإضافة إلى ذلك الرسم الجميل لشخصية آلان تيورنج التى برع فيها المؤلف، بجانب رحلة أبطال الفيلم لمحاولة كشف لغز الإنيجما، من خلال عدد من النجاحات والإخفاقات التى جاءت مقنعة وموفقة للغاية. بينيدكت كامبرباتش أو آلان تيورنج فى الفيلم لديه القدرة على أن يكون واحدًا من أفضل الممثلين فى التاريخ إذا استمر على أدائه الذى قدمه فى الفيلم نظرًا لحرصه الشديد على اختياره لأدوار مميزة وتناسب إمكانياته، وهو قدم فى هذا الفيلم أداءً عظيمًا يجعله يدخل المنافسة مع مايكل كيتون وإيدى ريدماين على جائزة الأوسكار هذا العام، حتى وإن لم ينلها، لكنه قدم ما يجعله يترشح للجائزة.. بينيدكت استطاع أن يتعمق فى الشخصية التى قدمها، وإذا رأيته فى مسلسل «Sherlock» ستشعر بأن شيرلوك هولمز يقف أمامك، وستصدقه تمامًا، وإذا رأيته فى «The Imitation Game» حيث شخصية آلان تيورنج تختلف نوعًا ما عن شيرلوك هولمز، وإن كانا يتشاركان فى الذكاء وعلاقاتهما الاجتماعية الضعيفة، إلا أن تيورنج شخص تشعر أنه ضعيف للغاية «غلبان»، وهذا انعكس بشكل رائع من خلال طريقة كلام بينيدكت ونظراته وتعبيرات وجهه. كيرا نايتلى قامت بدور جون كلارك، وهى زميلة ألان تيورنج فى الفريق وخطيبته بعد ذلك، وكيرا من الممثلات التى تقدم أفضل ما عندها عندما تقوم بدور شخصية فى أوائل القرن الماضى، ويساعدها فى ذلك ملامحها البسيطة.. ودور كيرا فى الفيلم هو الشخصية الوحيدة فى الفريق التى يشعر ألان تيورينج بأنها أذكى منه، وهذا يجعله يعتبرها الوحيدة التى تستطيع مساعدته وفهم شخصيته وطريقته، وبالفعل كان كل منهما يكمل الآخر، وأداء كيرا منحها ترشيحًا للأوسكار وهو ترشيح عن استحقاق. سيناريو الفيلم كان جذابًا للغاية فقد استطاع جراهام مور فى أولى تجاربه فى كتابة السيناريو أن يقدم نصًا أقل ما يقال عنه بأنه عبقرى منحه أفضلية الحصول على جائزة الأوسكار، فجراهام قدم درسًا لمنافسيه فى جائزة أفضل سيناريو مقتبس، وكيفية اقتباس قصة شخصية حقيقية وكتابة سيناريو متماسك ومترابط. جراهام مور كان باستطاعته أن يقدم سيناريو جيدًا، ولكنه قرر أن يتحدى نفسه، وأن يلعب على 3 أزمنة مختلفة، فيحكى لنا قصة ألان تيورنج الطفل، والحدث الأهم فى طفولته الذى غير حياته وشخصيته، وزمن الحرب ومحاولة فك شفرة الإنيجما، وفترة ما بعد الحرب وملاحقة القضاء له بسبب ميوله الجنسية.. جراهام كان ينتقل فى ال 3 أزمنة بسلاسة وفى توقيت عبقرى، أما الحوارات فتشد انتباهك وتتذكرها بعد نهاية الفيلم. فيلم يجمع ما بين الدراما الشديدة ورحلة من الغموض تشعر وكأنك جزء منها، بالإضافة إلى كوميديا لذيذة فى بعض المشاهد، وتمثيل مبهر وسيناريو عبقرى، وإخراج ممتاز، بالإضافة إلى تصوير ومونتاج وديكور ممتازين.. فيلم ينصح به بشدة. من المفارقات الغريبة فى الفيلم بحسب ما نشرت المواقع الأمريكية أنه فى آخر أيام التصوير كان بينيدكت كامبرباتش يبكى بشدة وبدون توقف بسبب حبه لشخصية آلان تيورنج، حيث اعترف بأنه وقع فى غرام الشخصية وما تعرض له آلان تيورنج وكيف أثر ذلك عليه. كما اختارت مجلة «Time» بينيدكت كامبرباتش كأفضل أداء تمثيلى فى عام 2014.