اليوم.. تشريعية الشيوخ تستكمل مناقشة تطبيق القانون المدني على عقود الإيجار    أسعار الأعلاف في بورصة الدواجن اليوم الأحد 12-5-2024    مؤسسة التمويل الدولية توقع اتفاقية مع بنك القاهرة بقيمة 100 مليون دولار    موعد صرف معاشات شهر يونيو 2024 بالزيادة المقررة 15%    مواعيد تسليم وحدات سكن مصر في مدينة القاهرة الجديدة    أسعار السلع التموينية اليوم الأحد 12-5-2024 في محافظة قنا    مروحيات الاحتلال تشن غارات مكثفة على مناطق واسعة شمال قطاع غزة    الدفاعات الأوكرانية تدمر خمس طائرات استطلاع روسية في خيرسون وميكوليف    أمين الأمم المتحدة يجدد دعوته إلى وقف فوري لإطلاق النار في قطاع غزة لأسباب إنسانية    مسئول ليبي يكشف تفاصيل انضمام بلاده إلى دعوى جنوب إفريقيا لدى العدل الدولية    معلومات عن «حكم الراية» في مباراة الأهلي والبلدية.. تنفس الصعداء بسبب كهربا    مدحت عبد الهادي ينصح مدرب الزمالك بهذا التشكيل أمام نهضة بركان    حارس باريس سان جيرمان يعلن الرحيل رسميًا    وزير التعليم يشارك في مناقشة رسالة دكتوراه بجامعة القاهرة عن المدارس التكنولوجية    جدول مواعيد القطار الأسرع في مصر والقطارات المكيفة على خط «القاهرة - أسوان»    وفاة الشاب "يوسف" أصغر مربي نعام في مصر بحادث بطريق شبرا – بنها الحر    مصرع سيدة وابنتها في حادث انقلاب موتوسيكل بترعة في أطفيح    الرئيس السيسي: مصر لديها خطة كبيرة لتطوير مساجد آل البيت والصحابة    حظك اليوم وتوقعات الأبراج 12 مايو 2024: مشاكل ل«الثور» ومكاسب مالية ل«الحوت»    فيلم السرب يواصل تصدر شباك التذاكر.. إيراداته تتجاوز 23 مليون جنيه    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاحد 12-5-2024    «الصحة»: نعمل على تحديث طرق اكتشاف الربو الأكثر انتشارا بين الأطفال    «صحة مطروح» تنظم قافلة طبية مجانية في زاوية العوامة بالضبعة    توقيع بروتوكول تعاون بين محافظة القليوبية وجامعة بنها    «أراد الله أن تظل حصة مصر في حمايته».. عباس شراقي يزف بشرى سارة عن سد النهضة (فيديو)    أسعار الحديد والأسمنت اليوم الأحد 12 مايو 2024.. عز ب 42 ألف جنيه    اليوم .. وزارة الداخلية تُعلن شروط قبول الدفعة العاشرة من معاوني الأمن (تفاصيل)    بطريرك الأقباط الكاثوليك يلتقي كهنة الإيبارشية البطريركية    اليوم.. «تضامن النواب» تناقش موازنة المركز القومي للبحوث الجنائية    60 دقيقة متوسط تأخيرات القطارات بمحافظات الصعيد.. الأحد 12 مايو    رئيس جامعة حلوان يفتتح معرض "الإبداع في التصميم التنفيذي للمنشآت الخشبية الخفيفة"    إسلام بحيري يرد على سبب تسميه مركز "تكوين الفكر العربي" ومطالب إغلاقه    كلمة الرئيس السيسي خلال افتتاح أعمال تطوير مسجد السيدة زينب (فيديو)    ترتيب هدافي الدوري الإنجليزي قبل مباراة مانشستر يونايتد وآرسنال اليوم    الرئيس السيسى من مسجد السيدة زينب: ربنا أكرم مصر بأن تكون الأمان لآل بيت النبى    موعد عيد الأضحى المبارك 1445ه: تفاصيل الإجازة وموعد وقفة عرفات 2024    تحسين مظهر تطبيق واتسآب للأجهزة المحمولة    انطلاق فعاليات الملتقى التوظيفي الأول بجامعة طيبة التكنولوجية.. اليوم    عاجل.. حدث ليلا.. قمع واعتقالات بمظاهرات تل أبيب وغضب في لبنان بسبب عصابة التيكتوكرز    أسعار السمك اليوم الأحد 12-5-2024 في الأسواق المحلية.. كم سعر السمك البلطي اليوم    ما حكم الحج عن المتوفى إذا كان مال تركته لا يكفي؟.. دار الإفتاء تجيب    وزير الرياضة يفتتح أعمال تطوير المدينة الشبابية الدولية بالأقصر    مواعيد مباريات اليوم الأحد 12- 5- 2024 في الدوري الإسباني والقنوات الناقلة    الهدنة بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية قد تبدأ خلال ساعات بشرط وحيد    بطولة العالم للإسكواش 2024| تأهل 4 لاعبين مصريين للجولة الثالثة    «آمنة»: خطة لرفع قدرات الصف الثانى من الموظفين الشباب    ما التحديات والخطورة من زيادة الوزن والسمنة؟    عمرو أديب ل إسلام بحيري: الناس تثق في كلام إبراهيم عيسى أم محمد حسان؟    الصحة تعلق على قرار أسترازينيكا بسحب لقاحاتها من مصر    "الأوقاف" تكشف أسباب قرار منع تصوير الجنازات    ملف رياضة مصراوي.. مذكرة احتجاج الأهلي.. تصريحات مدرب الزمالك.. وفوز الأحمر المثير    يا مرحب بالعيد.. كم يوم باقي على عيد الاضحى 2024    أستاذ لغات وترجمة: إسرائيل تستخدم أفكارا مثلية خلال الرسوم المتحركة للأطفال    حبس سائق السيارة النقل المتسبب في حادث الطريق الدائري 4 أيام على ذمة التحقيقات    إصابة 7 أشخاص إثر انقلاب ميكروباص بمدينة 6 أكتوبر    تفاصيل أكبر عاصفة جيومغناطيسية تضرب الأرض منذ 20 عامًا    علي الدين هلال: الحرب من أصعب القرارات وهي فكرة متأخرة نلجأ لها حال التهديد المباشر للأمن المصري    وزارة الأوقاف تقرر منع تصوير الجنازات داخل وخارج المساجد    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ألطف الكائنات.. مدمنات
نشر في الصباح يوم 21 - 02 - 2015

*خلطات وكريمات تحتوى على مسكنات.. آخر صيحات «كِيف البنات» فى الجامعات
*فتاة: «بحس» بنشوة غريبة كأن دمى كله بيتغير وبيبقى جوايا طاقة مش عادية وأنسى كل همومى
*طالبة: دى مهدئات للأعصاب ومسكنات للآلام بتخلينا مبسوطين شوية وبننسى هموم المذاكرة
*أستاذة علم اجتماع: الأنثى لديها قابلية أكثر للانحراف بسبب تفريق الأسرة بينها وبين الولد
*إخصائى علاج إدمان: استخدام المسكنات بكثرة يسبب الفشل الكلوى والكبدى وارتفاع ضغط الدم
لم تعد صورة «الفتاة المدمنة»، هى تلك التى كنا نراها فى أفلام السينما، ترقص فى صالات الديسكو بهيستيريا، وتشد بين الحين والآخر «شمة هيروين»، ويصرف عليها ببذخ والدها رجل الأعمال أو الموظف المرتشى، فالمدمنة الآن فتاة عادية جدًا، ربما جلستَ بجوارها فى ميكروباص، أو وقفتَ وراءها على سلالم المترو، ولم يعد الإدمان يقتصر على الهيروين والحشيش والبانجو، وغيرها من المخدرات، بل ظهرت مسميات أخرى، خاصة بين أوساط طلاب الجامعة، مثل «الماجيك» و«ماكس نيو» و«حليموفيتش».. فى أسماء لخلطات جديدة، تتكون من أقراص مسكنة ومواد أخرى، تتعاطها الفتيات بدهنها على وجوههن، ويبررن تعاطيها بأنها مواد طبيعية لا ضرر منها، ولم تجرمها الدولة ولا الدين ولا المجتمع.
أغلب تلك الخلطات تتميز بأنها أخف نسبيًّا من المواد التى يتعاطاها الشباب، وأهمها وأشهرها على الإطلاق عبارة عن كريم موضعى يتركب من: «قرنفل، ومياه، و5 كبسولات من عقار كيتوفان»، ثم توضع تلك الخلطة على النار حتى تمام الذوبان، مع إضافة بعض الكريمات إليها حتى يصبح قوامها مثل «الآيس كريم» ويتم وضعها فى صورة كريم على الوجه وحول الرأس، لتصبح حال الفتاة بعدها أكثر هدوءًا، مثلما قالت إحداهن، التى اعتبرت تلك الخلطة: «دى مش مخدرات.. دى حاجات مهدئة للأعصاب وبتسكن الآلام وبتخلينا مبسوطين شوية وبننسى هم المحاضرات والمذاكرة».
وأضافت أن «خلطة الكريم» أنسب الطرق بالنسبة لها، لأنها تضعها فى علبة تشبه علب الكريمات المعروفة، وتحتفظ بها فى حقيبتها على اعتبار أنها من أدوات التجميل، وبالتالى لا تسبب لها مشكلات فى المنزل أو الجامعة، ولا تجد صعوبة فى استخدام تلك الخلطة فى أى وقت تشاء.
وتابعت أن هناك بعض المشروبات من شأنها أن تحقق لهن النشوة المطلوبة، عند تناولها بالتزامن مع وجود الكريم على الوجه، على رأسها «هيلزبرج» و«باربيكان» وهى تُباع فى المحال العادية كمشروبات للطاقة، لكنها لا تفى بالغرض عند شرابها بشكل منفرد.
خلطات شديدة نوعًا ما اعتاد على تناولها الشباب، وشاركهن فيها بعض الفتيات، ومنها خلطة «الماجيك» وهو الاسم الذى اختاره عدد من الشباب، كما قال «عمرو أحمد» طالب بكلية التجارة، إنه سمع من أصدقائه أن سبب إطلاق هذا الاسم أنه كان لقب يُطلق على أحد المخترعين والمنفذين للخلطة، وأضاف أنه لم يكن الاسم الوحيد، وهناك أيضًا «ماكس نيو» و«حليموفيتش» وجميعها أسماء شهرة لأصحابها وأصحاب الفكرة.
وشرح عمرو التركيبة، قائلًا إنها مجرد أعشاب طبيعية من مواد مثل «النعناع والحنة والعسل الأسود، يُضاف لها أسيتون الأظافر وقطعة ثلج صغيرة تعمل عند ذوبانها على تجانس الخليط، ثم إضافة بعض المواد الأخرى تُباع لدى العطار، ثم يُعرض الخليط بالكامل لدرجة حرارة فرن عالية لا تقل عن 230 درجة مئوية حتى يتجمد تمامًا ويخرج بعدها ليُوضع فى درجة حرارة الغرفة العادية مدة لا تقل عن يوم كامل، ثم يُقطع لقطع صغيرة ويُلف ويُباع.
وهناك خلطة أخرى يستخدمها الطلاب خلال فترة الامتحانات، بدعوى أنها تساعد على التركيز، وتتكون من مسكنات تُباع فى الصيدليات، بشرط ألا تقل عن ثلاثة أنواع مختلفة، بشرط أن يكون من بينها «فولتارين»، ويتم سحق الكبسولات حتى تصبح مثل البودرة تمامًا، ويضاف لها بعض من مكسبات الطعم والرائحة التى تُباع فى محال العطارة والحلويات حتى يختفى تمامًا طعم المسكن، ثم يتم وضع المسحوق فى قوالب تشبه أشكال الأقراص من جديد، ويعرض لدرجات حرارة عالية، ويخرج من الفرن ليوضع فى الثلاجة مباشرة حتى تمام التماسك، ثم يتم تفريغه من القوالب ويُباع فى صورة أقراص.
وجميعها عقاقير تُباع بمنتهى السهولة وتتناولها عدد كبير من الفتيات، اقتربنا من عالمهن شيئًا فشيئًا، فوراء كل واحدة من المدمنات قصة مختلفة وأسباب قد تراها مناسبة لتعاطى مثل هذه المواد.
الجرعة الأولى
صداع شديد ورغبة فى النوم مع عدم القدرة عليه، كان الشعور الأول الذى سيطر على «ن. أ» عند تناول أول جرعة أو القرص الأول من تركيبة «الماجيك»، وتقول إنها أخذتها بعدما خرجت من امتحان إحدى المواد فى نهاية العام الماضى، أعطاها لها أحد أصدقائها الذى كان يربطه بها بعض مشاعر الإعجاب المتبادل على حد تعبيرها، وقال لها: «ده هيخليكى تنسى المادة بكل اللى حصل فيها»، وأخذ أمامها قرصًا آخر من «الماجيك»، وشعرت وقتها بصداع شديد ورغبة فى النوم لكنها لا تستطع أن تغمض عينيها، بالإضافة لاهتزاز فى القدم والأطراف، وكادت تسقط من شدة الارتعاش، لكن ذلك لم يستمر طويلًا، وبمجرد رجوعها للمنزل نامت نومًا عميقًا، وفى اليوم التالى تناولت قرصًا آخر، وقل الصداع تدريجيًا مع اعتيادها على تناول القرص يوميًا مع صديقها؛ بسبب ثقتها فيه.
وعن تأثير قرص، تقول: «بحس أنى مش فاكرة أى حاجة خالص تزعلنى أو تضايقنى، وبحس أن السعادة كلها حواليا، وأنى مرتاحة وعاوزة العب واضحك ومش بتعب لان ده مش مخدرات، دى مجرد مهدئات للأعصاب». وتضيف: «انفصلت عن صديقى منذ 4 شهور، لكننى لا أزال أتناول الأقراص إلى الآن من خلال أصدقاء هذا الشاب».

يوم مع مدمنة
يوم الفتاة المدمنة يختلف تمامًا عن اليوم العادى لأى بنت، فبحسب ما وصفته إحداهن، فإن اليوم بالنسبة لها مجرد «جرعة» تأخذها فى بداية اليوم، وجرعة أخرى نهايته، فبعد أن تستيقظ وتخرج من المنزل، تذهب إلى الجامعة التى تعتبرها ملاذها الأول، وأول ما تفعله دخول دورة المياه بحجة تصليح «الميكاب» لتقف أمام المرآة وتبدأ فى توزيع «كريم المخدرات» على وجهها أمام غيرها من الفتيات، مطمئنة أن لا واحدة منهن ستلاحظ أن بجوارها فتاة تتناول جرعتها من «المزاج» لتذهب إلى عالم آخر.
بمجرد الخروج من دورة المياه، تستعيد حيويتها، على حد تعبيرها، وتستطيع أن تبدأ اليوم، دون حضور للمحاضرات، وتبرر ذلك بقولها: «أنا دماغى موزونة أدخل أعكنن على نفسى ليه؟»، وسرعان ما تقابل صديقاتها ورفاق رحلة الإدمان، يتبادلن الضحك والنكات، ويخرجن للتنزه إلى أى مكان، ثم فى النهاية تعود إلى المنزل بالتزامن مع وقت انتهاء المحاضرات، لكنها لا تنسى قبل العودة أن تغرق مرة أخرى فى نشوة المخدر، فتوزع الكريم على وجهها ورأسها من جديد، وتبرر ذلك قائلة: «لازم لما ارجع البيت يشوفونى فايقة ورايقة، مينفعش أرجع وأنا مرهقة أو تعبانة من اليوم».
التفاصيل السابقة ليوم الفتاة المدمنة، ربما تتشابه مع أغلب الفتيات المدمنات، إلا أن عددًا منهن حريصات على مستقبلها أكثر، فيتمسكن بحضور المحاضرات وعدم تعاطى أى مخدرات قبل الانتهاء من اليوم الدراسى، وبالتحديد قبل أن تعود مرة أخرى للمنزل، فإحداهن تذهب هى وصديقاتها لمقهى شهير بمنطقة بين السرايات، ولا مانع من تدخين بعض السجائر والشيشة، مع قطعة صغيرة من «التركيبة الخرافية» التى يعتبرنها مفتاح السعادة بالنسبة لهن، ثم العودة للمنزل فى قمة السعادة، ومن ثم الإقبال على استذكار دروسهن دون أية مشاكل.
«أنا مش مدمنة».. قالتها «د. م» طالبة الفرقة الثانية بكلية الآداب، فالإدمان من وجهة نظرها هو تعاطى مواد بعينها مثل «الهيروين، والحشيش، والبانجو» وغيرها من المواد المعروفة لدى الجميع، لكن ما تفعله هى وصاحباتها تناول مركبات وخلطات طبيعية من شأنها أن تهدئ أعصابهن، فيتغير حالهن من الحزن إلى الفرح، ووصفت شعورها بعد تناول تلك الجرعة، قائلة: «بحس بنشوة غريبة كأن دمى كله بيتغير، وبيبقى جوايا طاقة مش عادية، وبنسى كل همومى، وساعات بفكر فى المستقبل كمان» واستكملت: «يبقى إزاى إدمان أو مخدرات، دى مسكنات للهموم مش أكتر» لذلك فهى ليست حرامًا.

سبب إدمان البنات
ربما كانت الظاهرة مثيرة أو غريبة بعض الشىء، الأمر الذى دفعنا للبحث أكثر وراءها، للتعرف على أهم الأسباب التى من شأنها أن تدفع فتاة لتناول مثل هذه المواد، ولاحظنا أن معظم البنات المتعاطيات لديهن مشكلات نفسية أو معاناة ما، أغلبها تتعلق بالجانب العاطفى، فمعظمهن دخلن تجربة ارتباط وانتهت بالفشل، لكن الغريب أو الملاحظ أن معظمهن تعرفن على تعاطى هذه المواد من خلال الشباب الذين كن على علاقة بهم، كما قالت «س. ز»: «كنت على علاقة بشاب منذ كنت فى السنة الأولى الجامعية، وكان يكبرنى بثلاث سنوات، وأخذت منه أكثر من مرة الخلطات السحرية التى كان يأخذها، حتى أصبحت جزءًا أساسيًا من يومنا داخل الجامعة، لكننا انفصلنا وما زلت آخذها حتى الآن، وحاولت الابتعاد عنها لكننى لم أتمكن لأننى أشعر بسعادة عند تناولها، وفى نفس الوقت صحتى لم تتأثر حتى الآن».
بالحديث «ن. ن» عن سبب تناولها لمثل هذه المواد، سارعت بالقول: «إشمعنى الشباب؟» فكل ما كان يسيطر على تفكيرها «لم لا أجرب شيئًا مشروعًا للشباب»، فهى أخت لثلاثة ذكور، وعانت كثيرًا من سوء معاملة والديها مقارنة بإخوتها، فكل شىء مُباح لهم، مُحرم عليها، وهم يخرجون كما يشاءون ويرجعون أيضًا وقتما يشاءون، ويصاحبون أى شخص، رجلًا كان أو فتاة، أما هى، ف«ممنوع»، وأجبرتها أمها يومًا على ترك أرقام تليفونات كل صاحباتها، وكانت تتصل بهن من وقت لآخر لتطمئن على ابنتها منهن، الأمر الذى ترك أثرًا سلبيًا بداخلها، ترتب عليه انفصالها عن كل صديقاتها والانضمام لمجموعة أخرى، أخفت كل معلوماتهن عن أمها، حتى لا تفعل فعلتها ثانية، وقالت إن أجمل الأوقات لديها وقت أن تتناول هذه المواد مع هؤلاء الأصدقاء، بنين وبنات، ويحدث ذلك فى أحد المقاهى العامة، فتشعر وقتها بالحرية وأنها لا تختلف كثيرًا عن إخوتها الذكور.

علم اجتماع
«لا فرق بين ذكر وأنثى فى تعاطى المخدرات، فتعاطى كليهما يعد سلوكًا انحرافيًا لا يميز فى أبعاده من حيث النوع أو الطبقات الاجتماعية» هكذا أوضحت الدكتورة «منال زكريا» أستاذة علم النفس الاجتماعى بكلية الآداب جامعة القاهرة، حيث قالت إن التعاطى، أو الانحراف فى حد ذاته، ينتج عن عوامل شخصية وأخرى اجتماعية، أما العوامل النفسية أو الشخصية فتتمثل فى قابلية البنت أو الولد للاستهواء، وارتفاع معدلات المخاطرة لديهم ورغبتهم فى تجريب كل ما هو جديد، وعدم القدرة على التوافق مع الحياة، أما العوامل الاجتماعية فتتمثل فى وجود بيئة خصبة تسمح وتعطى فرصة للتعاطى داخل الأسرة والمجتمع، كأن يكون المصروف كبيرًا للشاب أو للفتاة، أو أن يصاحب أشخاصًا لديهم قدر عال من الميول الانحرافية، وغيرها، وكلا العاملين، سواء نفسيًا كان أو اجتماعيًا يوجد لدى البنت والولد، وبمجرد أن يتوافر يتحقق الانحراف.
وتضيف «زكريا»: «أما فيما يتعلق بالفتاة على وجه الخصوص، واستغراب المجتمع من تصرف كهذا، فهو أمر غير مبرر؛ لأننا فى وقت ما رأينا الفتاة تدخن الشيشة وأحيانًا سجائر فى المقاهى العامة والبيوت، واستغربنا قليلًا ثم اعتدنا على ذلك، وأصبح هناك قبول اجتماعى للتصرف نفسه، مع الأخذ فى الاعتبار أن الأنثى لديها قابلية أكثر للانحراف، فنحن نربى الذكور على ألا يخافوا من المجتمع، ولا يشعر بالخجل جراء أى تصرف يقوم به، بينما نطلب من الفتاة فى كل خطوة أن تتعقب أثرها دائمًا، وتخجل من معظم تصرفاتها، وكثير من الأمور نسمح بها للذكور ونحرمها على الأناث، فللأسف الأسرة لم تعط فرصة للبنت للتعبير عن نفسها، فالتعبير عن الرأى حماية، ونحن نمنعه عن معظم البنات».
أما فيما يتعلق بأعراض الانسحاب فهى لا تختلف من ذكر لأنثى، فجميع المواد المخدرة أو المسكنات التى يتناولها الشباب كمخدرات لديها نفس الأعراض الانسحابية تقريبًا، وأهمها: «قلق، غثيان، تعرق، قشعريرة وبرد، إسهال، هلوسة، مشكلات فى التنفس، اضطراب فى النوم، تشنجات ونوبات صراخ وبكاء»، وتؤكد الدكتورة منال زكريا أن أهم شىء هو امتثال هؤلاء للعلاج، وأن يذهبوا للمصحات وللمتخصصين ويطلبون العلاج.

سوق الكيف
الحد الأدنى للقطعة الواحدة 20 جنيهًا، وهى التسعيرة التى اعتمدها كبار الموزعين داخل إحدى الجامعات، حيث أوضح أحدهم أن التوزيع لا يتم داخل الجامعات فقط، بل هناك أيضًا سوق رائجة لهذه البضاعة داخل المعاهد الخاصة، وتصل التسعيرة فى بعض الأحيان لأكثر من 50 جنيهًا، ويتوقف ذلك على الحجم أو الكمية، أما خلطة الكريم فسعرها ثابت 30 جنيهًا لكل 10 جرامات من الخليط، وقال إن كل هذا لا يعد تجارة مخدرات بل هى مساعدات يقدمها الشباب من أجل أصدقائهم لمساعدتهم على التركيز، لكنهم الآن بصدد محاولات لبيع هذه الأنواع خارج نطاق الجامعة، وهم يرون فى ذلك منفعة كبيرة لأنهم بذلك يحمون عددًا كبيرًا من المدمنين ويقدمون لهم نفس أغراض المخدرات بشكل طبيعى وبمكونات لا ضرر منها.

أضرار طبية
هذه الخلطات التى يعتبرها مدمنوها مجرد مسكنات، فى «منتهى الخطورة» وفقًا لما قاله الدكتور «محمود علاء» إخصائى علاج الإدمان، حيث أوضح أن استخدام المسكنات بكثرة، من شأنه أن يسبب العديد من المشكلات الصحية، على رأسها «الفشل الكلوى والكبدى، وارتفاع فى ضغط الدم، واضطرابات الجهاز الهضمى»، أما بالنسبة للبنات فالأمر أخطر وأسوأ بكثير، حيث يتسبب فى اضطرابات الطمث لديهن وربما تأخر الإنجاب بعد الزواج.

الخط الساخن للإدمان
«لا يوجد مسح قومى شامل حتى الآن لحصر نسبة المدمنين فى الجامعات المصرية» هكذا قالت الدكتورة «هالة رمضان» أستاذة علاج الإدمان بالخط الساخن، مضيفة: «للأسف كل الأرقام المتعلقة بنسب المدمنين والمتعاطين بين شباب الجامعة غير دقيقة، ولكنهم الآن فى مرحلة إعداد لها، بعد أن لاحظوا تزايد أعداد المتعاطين من الجنسين داخل الجامعة».
وقالت الدكتورة ليلى عبد الجواد، مديرة الخط الساخن للإدمان، إن عدد المدمنين فى تزايد مستمر، وحدده آخر تقرير صادر عن وزارة الصحة ب7 فى المائة من المجتمع، أى ما يقارب ال5 ملايين مواطن «مدمنين»، حيث استقبل الخط خلال العام الماضى 40 ألفًا و403 حالات إدمان، بينهم 10 آلاف و216 حالة جديدة، ومعظمهم شباب جامعى تتراوح أعمارهم من 19 إلى 25 سنة.
وبمطالعة الدراسة التى أجراها الدكتور أحمد أبو العزايم، رئيس المجلس الإقليمى للصحة النفسية لمنطقة الشرق الاوسط، نجد أنه توصل خلالها إلى أن انتشار الإدمان بين الشباب فى القاهرة بنسبة 87.6 فى المائة فيما تراجعت هذه النسبة خارج القاهرة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.