عالم المخدرات للأسف يبدو مثل البئر الذى لا نهاية له ، كل يوم يظهر فيه الجديد للذى ينهش في صحة شبابنا ويستنزف مواردنا ، وبمجرد تضييق الخناق علي تجار صنف ما يظهر مخدر آخر ، والرابحون في النهاية هم أعداء هذا الوطن الذي يخسر شبابه أغلى ما يملكون وهو عقولهم ، وبعد أن انتشر " الترامادول " بشكل غريب بين آلاف الشباب وأصبح في متناول الجميع .. ظهر نوع جديد بمثابة التطور الطبيعي له واسمه " الفودو " ، ورغم أنه حديث الظهور إلا أنه ينتشر بسرعة كبيرة بين الشباب ، وهو ما ينبيء بخطر جديد سنحاول التحذير منه في السطور التالية قبل أن يتحول لكارثة .. تحقيق: حواش منتصر محمد المراكبي الكلام السابق أكده التقرير الصادر عن صندوق مكافحة وعلاج الإدمان , فقد تراجع الترامادول إلي المرتبة الثانية والأسواق تتحدث هذه الأيام عن مخدر جديد اسمه " فودو " , ورغم أنه مخصص أصلا لعلاج الحيوانات, فإن المدمنين أصبحوا يقبلون عليه , وتكمن خطورته في تأثيره المدمر علي خلايا المخ, وسيطرته الكاملة علي الجهاز العصبي, وقد تسلل إلي أوساط الشباب في المناطق الراقية مثل المهندسين ومدينة نصر وبعض أحياء الإسكندرية, وتشير الدراسات إلي أنه يتسبب في تليف الكبد والسرطان والوفاة المفاجئة. والأصل التارخي لكلمة فودو، أنه مذهب ديني في غرب أفريقيا ويمارس في أجزاء من منطقة الكاريبي خاصة في هايتي وأجزاء من جنوبالولاياتالمتحدة. وفقا لمعتقد سائد فإن أتباع الفودو يمكن أن يغرسوا دبابيس في دمى تمثل أعداءهم أو يحرقوهم على أمل أن تصيبهم اللعنة، ويقال أن الفودو نوع من أنواع السحر الأسود الذي يقوم أهله باستخدام الأشباح والجن لخدمتهم ، وكلمة فودو بحد ذاتها مشتقة من كلمة فودون والتي تعني الروح ، أما الفودو في المفهوم الإسلامي فهو سحر واستعانة بالشياطين بغرض إلحاق الضرر بالآخرين ، وهو شرك أكبر يخرج صاحبه عن الديانة الإسلامية. وخطورة هذا النوع من المخدرات، أنه شديد التأثير وأقوى من أي مخدر آخر، وذلك حسب كلام " ح . ع " ، وهو طالب يتعاطى مخدر الفودو منذ ما شهر تقريباً ، وأكد أن تأثير هذا المخدر خطير ويختلف عن كل أنواع المخدرات التي تعاطاها قبل ذلك ، ومفعوله قوي ويمتد لنحو 4 أيام، مشيرا في نفس الوقت إلى أنه متوافر والحصول عليه ليس صعبا، فهناك العديد من التجار الصغار الذي يبيعونه في مختلف الأحياء بالقاهرة، ويتميز بأنه ليس "مضروباً "، ولم يتم تصنيع خلطات منه، لكن بالتأكيد ستكون هناك خلطات مغشوشة عندما يزداد الإقبال عليه في الفترة القادمة مثلما حدث مع الترامادول . أما " س .ح " ، 28 سنة، فهو يتعاطى المخدرات منذ ما يقرب من 7 أعوام، وقلل من خطورة انتشار الفودو ، ويؤكد أنه تعاطاه مرتين ولكن هذا النوع من المخدرات لم يعجبه، مؤكدا أنه لن يتعاطاه مرة أخرى، وقال أن هذا النوع من الصعب انتشاره في مصر لأنه غالي الثمن، ويتراوح ثمن الكيس الذي يبلغ حجمه 3 جرام من 200 إلى 400 جنيه ، وهو منتشر فقط بين القادرين ماديا، وبحسب معلوماته فإن طلاب الجامعة لا يقبلون عليه. أما محمد سمير، وهو مدمن يتعاطى الفودو منذ 3 أشهر، فيقول، هذا النوع من المخدرات يصيب الإنسان بحالة من فقدان الوعي، وعدم الإتزان، ولخص حالة الشخص الذي يتعاطى الفودو في جملة "فايق بس مش واعي باللي حواليك"، مؤكدا أنه لا توجد صعوبة في الوصول للفودو، فهو متاح لدى "ديلرات" الحشيش، حيث يباع في أكياس، ويكون مختلف الألوان ، فمنه الأصفر والأحمر والأسود، وذلك حسب قوة تأثيره، كما أنه يوجد منه نكهات بطعم الفراولة والنسكافيه والقهوة والفانيليا، وأكد أن الفودو يتم تعاطيه مع السجائر مثل مخدر الحشيش تماما، وهو في شكله يشبه مخدر البانجو، وكل من يتعاطونة أكدوا أنه أقوى من البودرة، ولذلك فإن بعض مدمني الهيروين تحولوا إلي " الفودو " لأن مفعوله أقوى وأرخص، ولكن مشكلة الفودو أنه أخطر من الحشيش فالجرعة الزائدة منه تؤدي للوفاة مباشرة . ويعلق الدكتور أشرف سليم أستاذ علاج السموم والإدمان بقصر العينى، واستشاري الطب النفسي قائلاً : "الفودو" ليس مخدراً جديدأً ، فهو موجود منذ فترة، لكن أعيد تصنيعه فى شكل جديد وأطلق عليه أسم "فودو"، وعادة تلجأ مافيا المخدرات إلى هذه الطرق عندما تريد أن تنشر وتروج لنوع مخدر جديد ، وهو أحد أنواع الماريجوانا المصنعة، والماريجوانا شكلها عبارة عن أوراق نباتات جافة يكون أحد مكوناتها المادة الفعالة فى مخدر الحشيش، ولكن بنسبة 8.2 فيقوم تجار المخدارت بجلب الماريجوانا وخلطها بأنواع مخدرات أخرى ولكن تكون مخدرات مصنعة وليست طبيعية، مثل الأقراص المخدرة بجميع أنواعها والتى أشهرها على الإطلاق أقراص"الترمادول" ، ولكن يضاف نسبة كبيرة من الأقراص المخدرة إلى الماريجوانا حتى يشعر المتعاطى بتأثير المخدر فيما يتعطاه، وحتى يعوض نسبة الحشيش، فمخدر الحشيش المادة الفعالة فى تصنيعه تصل إلى 20% فى حين أن الماريجوانا أقل بكثير. ويؤكد سليم أن شعور بعض متعاطيه بحالات تشنج و"هياج" عصبى بسبب تأثير الأقراص المخدرة مثل الترامادول، لأن هناك بعض أنواع من الأقراص المخدرة تصيب المتعاطى بحالة إختناق قالأكسجين لايصل إلى المخ بشكل كاف، فيشعر المتعاطى بأنه اقترب من الموت، وفى أحيان كثيرة يموت متعاطى "الفودو" على الفور بسبب نقص الأكسجين بالمخ، هذا ابالإضافة إلى الأضرار الأخرى وهى إصابة القشرة المخية التى بها مراكز التذكير والتفكير وردود الأفعال السريعة والتركيز ، فتجد مثلا شخص يقود سيارته بعدما تعاطى "الفودو" فيظهر أمام سيارته شخص أخر، فيصدمه وبعد ذلك يضغط على فرامل السيارة، فهنا المخ أرسل الإشارة متأخرة بعد وقوع الحدث، ويتم الكشف عن متعاطي "الفودو" من خلال تحليل البول، ولكن لايظهر مادة أسمها "الفودو"، بل تظهر المادة الداخلة فى تصنيع الحشيش ونسب بعض من الأقراص المخدرة والمهدئة والمسكنة للألم ، و"الفودو" يكون فى شكل بودرة أو أوراق نبات مجففة، وتوجد بعض الولاياتالأمريكية والبلدان الأوربية تسمح بتداولة ولا تعتبره جريمة. اعترفات مدمن سابق ! كشفت إحصائية لصندوق مكافحه وعلاج الإدمان والتعاطي أن المرحله العمريه من21 إلي 30 سنة، هي أكثر المراحل التي يبدأ فيها تعاطي المخدرات ، وذلك لطبيعه المرحله حيث يعاني الشباب في هذا السن من البطاله وعدم القدرة علي تحقيق الذات ، وأشارات الإحصائية إلى أن عقار الترامادول – ومشتقاته التى ظهرت مؤخراً مثل الفودو - جاء في المركز الأول , تلاه مخدر الحشيش، وأوضحت الإحصائية أن 18 ألف مريض تقدموا للعلاج من خلال الخط الساخن خلال سنه 2011 من جميع محافظات الجمهورية. محمد . م، عمره 28 سنة، كان مدمن حشيش، ولكنه تعافى منه ، والمثير للانتباه في حكايته إنها تشبه كثيراً معظم تجارب المدمنين ، يقول : عندما بدأت أدخن الحشيش فى عام 2005 كان معي ثلاثة من زملائى فى العمل، وكان هذا يتم سرا وفى الخفاء، لكن يبدو أن أغلبية الشباب فى مصر كانوا يفعلون ذلك، والآن لا تجمعنى جلسة مع أى صديق سواء كان من أيام الجامعة أو فى العمل إلا ويكون معظم الموجودين قد مروا بتجربة تدخين الحشيش ولو مرة في حياتهم ، وما ألاحظه الآن هو انتشار التجار الذين يبيعون الحشيش ومعظهم شباب ما بين العشرين والخامسة والعشرين، ولم يعد تواجدهم مقتصراً فقط على المناطق العشوائية والشعبية، بل أصبح هناك "ديلرات" بالمناطق الراقية ويقومون بخدمة التوصيل للمنازل أيضا، وكل منطقة لها أسعارها فى البيع، فعندما تذهب "للديلر" فى منطقتة يكون السعر أقل 50 جنيهاً تقريبا عن السعر الذى تشترى به إذا جاء هو إلى منزلك، وهناك "ديلرات" تقوم بتقديم خدمة التوصيل للمنازل مجانا ويكتفى ب"البقشيش" الذى تعطيه له. وتشير د. سامية خضر، أستاذ علم الاجتماع بمركز البحوث الاجتماعية والجنائية، أننا نتقدم خطوة للأمام ونتراجع 10 خطوات للخلف، فمشكلة مصر في تناول قضية المخدرات، هي أننا ليس لدينا خط مستقيم أو خطة نسير عليها وفقا لمنهج وبرنامج مستمر يحقق أهدافه بغض النظر عن المسئول، ولكن المشكلة في تغيير المسئولين فنجد أن كل مسئول يريد أن يضع خطة وبصمة مختلفة عن الآخر, فغياب الخطة الواضحة من جانب المسئولين من ناحية، وعدم وجود منظومة متكاملة لمواجهة مخاطر المخدرات, وتوقف الحملات للحد من خطورتها، كل ذلك يؤدي إلي تفاقم المشكلة ، خاصة مع انشغال الناس بالسياسية، مؤكده أن الحل الوحيد هو اللجوء لأسلوب صارم في التعامل مع المخدرات وتجارها.