*عدلى منصور يخشى الجلوس على مقعد فتحى سرور.. وترشيحات شعبية تضع موسى أمام الجنزورى يؤمن علماء الاجتماع بعدم صحة المقولة التى تعتبر أن «الرجل يصنع مصيره»، لأنهم يثقون بقوة القدر وقدرته على التلاعب بمصير الرجال، وهو مبدأ يمكن اثبات صحته إذا تطرقنا إلى مصير العديد من الأشخاص، الذين وجهوا طاقاتهم فى اتجاه، ثم حملتهم الأقدار إلى الاتجاه الآخر، والأمثلة كثيرة، أبرزها حكاية اللواء محمد نجيب، أول رئيس للجمهورية، وتمتد إلى صوفى أبوطالب رئيس مجلس الشعب، الذى دفعته الأقدار ليصبح قائمًا بأعمال رئيس الجمهورية، عقب اغتيال أنور السادات، وهذه الحالة تحديدًا تدفعنا إلى البحث حول المصير الذى حملته الأيام لكل من شغل مقعد رئيس البرلمان، الذى تجعل منه الدساتير المتعاقبة رئيسًا محتملًا للجمهورية. منذ عودة الحياة البرلمانية والنيابية بعد ثورة 23 يوليو 1952، تنص الدساتير المصرية على أن الرجل الثانى بعد رئيس الجمهورية، هو رئيس مجلس الأمة، الذى أصبح يسمى رئيس مجلس الشعب، بعد دستور 1971، ثم رئيس البرلمان وفق دستور 2014، وبالإضافة إلى ما يتمتع به من سلطات الرقابة والتشريع، يصبح توليه السلطة وجوبيًا، فى حال غياب رئيس الدولة، وهو ما يبرر الصراع السياسى العنيف الذى تشهده الحياة السياسية هذه الأيام بين القوى المتكالبة على تكوين قوائم وتكتلات، للفوز بأكبر عدد من المقاعد البرلمانية، مما يعزز فرصها فى الفوز بالمقعد الأهم داخل البرلمان، وداخل الحياة السياسية بأكملها. الدستور يجعل من رئيس مجلس النواب الرجل الثانى فى الدولة، أو الشريك الفعلى لرئيس الجمهورية فى حكم البلاد، ويتم انتخابه من بين الأعضاء فى الدورة البرلمانية، بحيث تنعقد الجمعية العمومية للمجلس، ويتم من خلالها انتخاب رئيسه. وخلال الفترة من عام 1966 - تاريخ انعقاد أول مجلس نيابى بعد عودة الحياة البرلمانية -، وحتى آخر دورة برلمانية فى عام 2012، تولى رئاسة المجلس 40 شخصية من جميع التوجهات السياسية، منهم من ظل قابضًا على المقعد لأكثر من دورة متتالية، أو تولاه على فترات متباعدة، ومنهم من اختفى عقب دورة واحدة، ويبقى أبرز من شغل هذا المنصب على الإطلاق، الدكتور فتحى سرور، باعتباره الوحيد الذى تمكن من الاحتفاظ بالمقعد لخمس دورات متتالية، من ديسمبر 1990، وحتى قرار المجلس العسكرى بحل برلمان 2010، الذى يصنف باعتباره أهم أسباب ثورة 25 يناير، التى أطاحت بحكم الحزب الوطنى، وصدر قرار الحل وقتها عن المجلس العسكرى، برئاسة المشير محمد حسين طنطاوى، وحمل رقم 3 بين القرارات الصادرة عن المجلس الحاكم. وعقب إجراء انتخابات 2012 فاز حزب الحرية والعدالة، الذراع السياسية لجماعة الإخوان بأغلبية مكنته من ترجيح كفة مرشحه الدكتور محمد سعد الكتاتنى، لتولى رئاسة المجلس، لكنه لم يستمر فى المنصب سوى 6 أشهر، حيث صدر حكم المحكمة الدستورية العليا باعتبار قانون الانتخابات الذى تم بموجبه تشكيل المجلس باطلًا وغير دستورى، وتم حله، وعقب اندلاع ثورة 30 يونيو، انتهت الحال برئيس المجلس الإخوانى بدخول السجن، كمتهم فى عدة قضايا. وبالعودة إلى التاريخ، نجد أن مصير الرجل الثانى فى الدولة، بحكم الدستور، وهو رئيس مجلس النواب كان الأوفر حظًا، مثلما حدث مع الدكتور صوفى أبو طالب، الذى يصنف حتى الآن باعتباره استثناءً لم يتكرر، حيث تولى بموجب الدستور مهام رئيس الجمهورية بالنيابة، وبالعودة لتاريخ الرجل، نجد أنه انتخب كعضو فى المجلس عام 1976 عن دائرة طامية فى الفيوم، وشغل منصب رئيس لجنة التعليم، وفى عام 1978 تولى رئاسة المجلس، بالإضافة إلى رئاسة لجنة تقنين أحكام الشريعة الإسلامية، ثم جاء حادث اغتيال الرئيس السادات فى أكتوبر 1981، فتولى أبو طالب المنصب بالإنابة لمدة 60يومًا، واستمر كرئيس للمجلس بعد انتخاب محمد حسنى مبارك رئيسًا للجمهورية، إلى أن ترك منصبه فى عام 1983. وبعد أبو طالب، تولى المنصب الدكتور رفعت المحجوب، الذى اغتيل، ويتهم البعض الرئيس الأسبق مبارك بالضلوع فى قتله، حسبما جاء فى بلاغ قدمه المحامى سمير صبرى إلى النائب العام ضد الجماعة الإسلامية، اعتبر فيه أن ادعاءها باغتيال المحجوب ادعاءً للبطولة، مؤكدًا أن لديه أدلة حول تورط مبارك وآخرين فى عملية الاغتيال، أبرزها شهادة اللواء عبد الرحمن العدوى، نائب مدير أمن الرئاسة سابقًا، الذى أكد أن مبارك كان يكره المحجوب، بالإضافة لشهادة الرقيب عبد المعطى محمد، من إدارة مرور الجيزة، الذى قال فى التحقيقات أنه كان يتلقى إشارة بمرور موكب المحجوب، وهو ما يخالف الإجراءات المتبعة فى تأمين مواكب كبار المسئولين، وبينهم موكب رئيس مجلس الشعب. وضم البلاغ أيضا شهادة اللواء خير راغب، مدير الشئون الإدارية لشرطة الحراسات الخاصة، الذى أكد أنه صدر قرار من رئاسة الجمهورية بنقل جميع أفراد طاقم الحراسة الخاص بالمحجوب، وهو الطاقم الذى وصفة الشاهد بأنه كان وفيا لرئيس مجلس الشعب، مع استبدالهم بأفراد آخرين، قبل حادث الاغتيال بفترة قصيرة. وترددت أحاديث كثيرة وزعت اتهامات طالت الكثرين من رجال نظام مبارك، منهم صفوت الشريف، ومنير ثابت، شقيق سوزان مبارك، وحسين سالم، رجل الأعمال المقرب من مبارك، والذين يتهمهم البعض بالمشاركة فى حادث اغتيال «المحجوب»، وفقا لوثائق منسوب صدورها إلى النائب جلال نصار. وتتجه الأنظار دائما إلى الدكتور فتحى سرور، باعتباره رئيس المجلس طوال خمسة دورات برلمانية متتالية، وهى أكبر مدة عرفتها الحياة النيابية فى العالم كله، وليس فى مصر وحدها، ورغم ذلك انتهى به الحال سجينا بتهم التربح واستغلال النفوذ، والمشاركة فى قتل المتظاهرين، وعقب خروجه من السجن، اصبح مضطرا لملازمة منزله، واعتزال الحياة العامة. وبعيدا عن تاريخ المنصب ومصير من شغلوه، يظل مقعد رئيس البرلمان مميزا ببريق يدفع الكثيرين لمحاولة الجلوس عليه، خاصة ونحن على مشارف إجراء الانتخابات البرلمانية، فالقوى السياسية تستعد بقوة للسباق، وعينها على المقعد الأهم فى المجلس، وفى سبيل ذلك، تتشكل جبهات وتنهار تحالفات، ويظل مؤشر الترشحات للمنصب متأرجحًا بين عدة شخصيات تتصاعد أسهمها، وأخرى تهبط، ومن أبرز تلك الأسماء، رئيس الجمهورية السابق، المستشار عدلى منصور، الذى يتولى حاليا رئاسة المحكمة الدستورية العليا، وذلك استنادا إلى خبرته التى دفعت حملات شعبية للمطالبة بترشيحه، ووصل الأمر إلى مطالبة رئيس الجمهورية بتعيينه نائبا ثم رئيسا للبرلمان. ويأتى رئيس لجنة الخمسين، عمرو موسى، كأحد أبرز الأسماء المرشحة لتولى المنصب، استنادا إلى الدور الذى لعبة باقتدار فى إتمام الدستور الحالى، فى ظروف صعبة شهدتها البلاد، وظهرت حملات شعبية تدعم هذا الترشح، مثل حملة «بالأمر.. عمرو»، ويدخل المستشار أحمد الزند رئيس نادى القضاة فى دائرة الترشيحات، بدعم من رجال النظام القديم، وهو ذات الدعم الذى يحظى به أيضا الفريق أحمد شفيق، المرشح رغم تواجده خارج البلاد، وهى ترشيحات يقابلها هو بنفى رغبته فى خوض الانتخابات البرلمانية حتى الآن. وتتسع قائمة المرشحين أيضا لتشمل الدكتور كمال الجنزوى، رئيس الوزراء الأسبق، رغم عدم نجاحه حتى الآن فى تشكيل قائمة وطنية موحدة لخوض الانتخابات، لكن من المؤكد أنه يسعى لتشكيل هذه القائمة، التى أعلن البعض انضمامه لها، مثل أحزاب المصريين الأحرار، والحركة الوطنية، ومصر الحديثة، وجبهة مصر بلدى، والعسكرين المتقاعدين، وجميعهم من الداعمين لترشحيه رئيسا للبرلمان القادم.
ويبقى اسم الفريق سامى عنان، رئيس أركان حرب القوات المسلحة الأسبق، ضمن قائمة المرشحين للمنصب، رغم عدم موافقة لجنة شئون الأحزاب على تأسيس حزبه «مصر العروبة»، لكن يتردد بين المقربين منه أنه أجرى عدة اجتماعات مؤخرا مع عدد من القيادات الحزبية، وممثلين لمختلف التيارات السياسية، مؤكدين أنه اقترب من تشكيل قائمة تحالف، ستكون مفاجئة للوسط السياسى، فى ظل تأخر حسم قائمتى موسى والجنزوى، ولفتت المصادر إلى أن «عنان» سيشكل قائمة تضم 75 فى المائة من الأفراد المستقلين، وشخصيات عامة، وحركات شبابية، ونقابات مهنية، ومنظمات مجتمع مدنى، فى حين تمثل الأحزاب 25 فى المائة من قائمة التحالف.