تمكن من السيطرة على مدينتى «مارع» و«تلالين» بعد قتل 40 «داعشيًا» بينهم أمريكى الجنسية لم يجد أهالى سوريا إزاء توغل تنظيم داعش فى كل المدن، وتحوله لآلة قتل تسفك دماء المدنيين قبل العسكريين، سوى خيار المواجهة، ومحاصرة إرهاب «الدواعش» عبر تنظيمات أهلية يعمل جميعها تحت مسمى «نهروان الشام»، وتتشكل من سكان الريف الشمالى بحلب. التنظيم الذى يطمح للعب دور حائط الصد ضد إرهاب داعش، يضم عددًا من كوادر المقاومة الشعبية من أصحاب الخبرات العسكرية السابقة، وعددًا من العسكريين المتقاعدين، والجنود المتخلفين عن الخدمة العسكرية بعد اندلاع الثورة السورية فى 26 فبراير 2011، والعشرات من شباب مدن «مارع» و«إحتيميلات» و«الظاهرية» و «السيد على» و«الحصية».
«الصباح» حصلت على معلومات من مصدر سورى عضو فى لجنة دعم تنظيم نهروان الشام- طلب عدم ذكر اسمه- والذى قال: إن «نهروان الشام» هو اسم تنظيم المجاهدين من ثوار سوريا، والذى تم تكوينه لمواجهة الهجمات التى يتعرض لها السكان على أطراف الريف الشمالى الحلبى. وأضاف المصدر: «نسعى لوقف تقدم تنظيم داعش الذى يحاول التوسع أكثر فى ريف حلب، وعلى الرغم من سأم المواطنين من وقائع الذبح والقتل، قررنا تكوين التنظيم، والذى قوبل برفض شعبى على نطاق واسع فى البداية، فضلاً عن توجيه بعض الاتهامات بأن التنظيم كغيره من التنظيمات الأخرى يحصل على تمويل خارجى من جهات أجنبية، إلا أن مشاوراتنا أسهمت فى الموافقة على تشكيله». وأكد المصدر فى حديثه ل«الصباح»، أنه تم إنشاء لجان لدعم مجاهدى «نهروان الشام»، والتى ترأسها مجموعة من الدعاة والمجاهدين، تولوا مهمة تعريف الأهالى بأهداف التنظيم، وأن المهمة الأساسية له هى القضاء على «داعش» والحماية والدفاع عن الأهل فى ريف حلب الشمالى والشرقى. وقال عضو «نهروان الشام»: «بفضل الله وعونه بدأت المعارك مع «داعش» فى أكثر من بقعة فى حلب، لكن ما أثلج صدور المجاهدين والأهل هو تغير الأوضاع لصالح عناصر «نهروان»، وتمكنهم من الدفاع عن المدن والقرى التى كان يهاجمها تنظيم داعش وهى «مارع» و«إحتيميلات» و«الظاهرية» و«السيد على» و«الحصية». الجدير بالذكر، أن تنظيم «نهروان الشام» يتحرك تحت أمرة القائد مصطفى أبو عدنان، 40 عامًا، وهو أحد المقاتلين العائدين من أفغانستان، وكان قد حصل على التدريبات العسكرية أثناء مشاركته فى الحرب هناك، وينوب عنه فى قيادة التنظيم الشيخ أبو موسى الشامى، وهو أحد أعضاء المقاومة السورية وعضو فى لجنة دعم المجاهدين. كتيبة الشهداء وأشار عضو تنظيم «نهروان الشام»، إلى أنه تم تخصيص كتيبة مخصصة لمواجهة البؤر التى تتمركز فيها قوات داعش الإرهابية، وأن تلك الكتيبة تتكون من مجموعة من الجنود المدربين على العمليات الانتحارية، ويطلق عليهم كتيبة «الشهداء»، نظرًا لكونهم يضحون بأرواحهم من أجل الدفاع عن الأهل والأرض. من ناحية أخرى، ومع تواتر أنباء ظهور تنظيم جهادى جديد فى ظل التطوير السريع للأحداث على الأراضى السورية، أعلن عدد من الحركات والكتائب القتالية عن انضامهم إلى القتال فى صفوف «نهروان الشام». وقال المصدر السورى: «بعد أن لفتت العمليات التى قام بها التنظيم نظر الجميع وأحدثت صدى واسعًا، أعلنت العديد من الكتائب رغبتها فى الانضمام إلينا، ومن هذه الكتائب فيلق الشام الأولى، وحركة جابر الأسدى، وجيش المجاهدين، وحركة نور الدين الزنكى، وحركة حزم، والجبهة الإسلامية، وفيلق الشام الثانى». خطوط الاشتباك وأكد المصدر أن خطوط الاشتباك مع تنظيم «داعش»، تمتد على طول جبهة جبال الريف الشمالى الحلبى بداية من مدينة مارع ودابق وإرشاف، ومرورًا بالجبهة الممتدة من دوديان شمالاً إلى الإحتيمالات وميرغل، مشيرًا إلى أن القتال فى هذه المناطق على أشده. وفى المقابل سيطر تنظيم «نهروان الشام» على مدينتى «مارع» و«تلالين» بعد قتال مع «داعش» أسفر عن مقتل 40 داعشيًا من بينهم فرد يحمل جواز سفر أمريكى، ومقتل 6 من المجاهدين فى صفوف النهروان. كما أكد المصدر، استعداد عناصر «نهروان الشام» للتصدى لحملات داعش، مدركين حجم الخطر الذى ممكن أن ينتج من وقوع هذه القرى فى أيدى تنظيم الدولة الإسلامية.
ويرى الباحث فى شئون الجماعات الإسلامية، والقيادى الإخوانى المنشق سامح عيد، أن ظهور التنظيمات الجهادية فى منطقة الشرق الأوسط هى رغبة قديمة عند دول الغرب، ولطالما سعت إليها العديد من الدول التى تملك أجهزة مخابرات ضخمة. وأضاف عيد، أن مساعى الغرب فى السيطرة على الشرق الأوسط لم تتحقق إلا من خلال التعاون مع قوى الإسلام السياسى الصاعدة فى المنطقة. مشيرًا إلى أن من أشهر الدول التى تمتلك أجهزة مخابراتية ولديها وحدات خاصة على صلة وثيقة بالإخوان والتنظيمات الإرهابية فى الشرق الأوسط هى المخابرات الأمريكية والإنجليزية. وأضاف «عيد»، أن «التنظيم الذى يدعى «نهروان الشام» هو أحد التنظيمات التى ظهرت مؤخرًا فى هيئة مقاومة شعبية، ولكن عند التدقيق فى نوع العمليات التى يقوم بها هذا التنظيم والأسلحة المستخدمة فى هذه العمليات سوف نجد سؤالاً يطرح نفسه من أين يحصل هذه التنظيم على التمويل؟. ومن أين له بهذه المعدات والأسلحة؟، وإذا سلمنا للتمويل الشعبى هل هناك أموال فى سوريا الآن تسمح لأهالى القرى بشراء الأسلحة؟، وإن كانت هناك أموال بهذا الحجم ما هى منافذ بيع هذه الأسلحة؟». وأكد الباحث فى شئون جماعات الإسلام السياسى، أن جميع التنظيمات الإرهابية التى تدعى الجهاد ومن بينهم جماعة الإخوان تربطهم علاقة وثيقة بالحكومات الغربية، التى تستخدمهم مقابل تمويلهم ماديًا وبالأسلحة لتنفيذ مخططاتها فى الشرق الأوسط. وفى السياق ذاته، يقول الدكتور حسن نافعة، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، أن أرض سوريا تشهد ميلاد عشرات التنظيمات الجديدة كل يوم، ولا يستبعد أن يكون تنظيم نهروان وليد أحد التنظيمات الكبرى المعروفة أو حديثة العهد، خاصة وأن الوضع فى الشام يسمح بذلك بعد أن أصبحت أرضًا خصبة لنمو تلك التنظيمات الإرهابية. ويعتقد «نافعة» أن تمويل هذه التنظيمات يأتى من قبل بعض الأجهزة المخابراتية، والتى تسعى دائمًا إلى إثارة التوتر والقلق فى منطقة الشرق الأوسط.