-بقايا المخدرات و «سرنجات » الكيف تنتشر فى أنفاق «الصقيلى » و «الأمير » و «العزبة البيضاء » «الخصوص»، إحدى مدن القليوبية، مدينة شبه عشوائية خالية من أى وجود أمنى دائم، ولذا تحولت شوارعها الضيقة إلى أسواق لتجارة السلاح، خاصة أن المناطق المحيطة بها، وبالذات منطقة «المرج»، تشهد حالة من الانفلات الأمنى غير المسبوق، تساعد فى تسهيل عمليات تهريب السلاح من المدينة، وإليها.
وفضلا عن التجارة، اشتهرت «الخصوص» فى الأعوام الأخيرة بانتشار مصانع الأسلحة، إذ ضبطت الأجهزة الأمنية مؤخرًا عدة ورش مجهزة تعمل فى تصنيع «أفرد الخرطوش»، وألقت القبض على السيد نجيب عبد الرءوف حسن 34 سنة حداد ومقيم فى «عزبة عثمان» التابعة للمدينة، داخل ورشة خاصة به لتصنيع الأسلحة النارية والبيضاء والاتجار فيها وبيعها للعناصر الإجرامية. المشهد فى المدينة التى زارتها «الصباح» مخيف إلى حد ما، فالشوارع غير المرصوفة تحتلها أعداد كبيرة من «التكاتك» والسيارات الكثير بلا لوحات معدنية، وهى لا تعرف نظامًا أو قانونًا، على الأرصفة زحام، وباعة ومحال تحيط بها القمامة المتناثرة فى كل مكان، وهناك أزقة تحجب عنها العمارات المبنية دون تراخيص ضوء النهار، بعضها يبلغ 17 طابقًا ويضم نحو 60 شقة، ويلامس حدود الشارع الذى لا يتجاوز عرضه ثلاثة أمتار. والمدينة بها عدة أنفاق، منها نفق «عثمان» الذى يليه نفق «الصقيلى» ثم يليه نفق «الأمير» ثم نفق «العزبة البيضاء» وأخيرًا نفق «المرج» وتستخدم جميعها فى تهريب السلاح لكونها بعيدة تمامًا عن الرقابة الحكومية، وهو ما اتضح من خلال زيارتنا لهذه الأنفاق، حيث وجدنا بها بقايا مخدرات و«سرنجات» لتعاطى المكيفات. «الصباح» تابعت نفق «المرج» من على بعد أمتار ما يدور داخل تلك الأنفاق التى تشوبها حالة من الحذر المستمر، ورأينا عددًا من متعاطى المخدرات يدخلون النفق، ثم يخرجون منه حاملين بعض الشنط والأجولة والكراتين، والأغلب أنها تحتوى على ممنوعات سواء كانت مخدرات أو أسلحة، بسبب تلفت هؤلاء الأشخاص حولهم عند خروجهم من النفق. لم نكتف بمتابعة هذا النفق، بل تابعنا باقى الأنفاق الموجودة فى «الخصوص»، حيث تتكرر هذا النشاط الإجرامى بشكل أكثر وضوحًا فى نفق «العزبة البيضاء»، الأمر الذى دفعنا إلى زيارة المنطقة فى صباح اليوم التالى للتعرف على طبيعة سكان المنطقة. وبالصدفة التقى محرر «الصباح» بأحد الأشخاص فى الخصوص، وحاول المحرر أن يخلق بينه وبين ذلك الشخص جوا من الألفة ليدلى لها ببعض المعلومات عن أسعار السلاح فى الخصوص، وبدأ المحرر يستدرج ذلك الشخص فى الحوار، فقال له: «لو حد عايز حتة سلاح يلاقى هنا»، فرد الرجل مبتسمًا: «إنت عايزها غربى ولا صينى»، فرد المحرر: «طيب آخد فكرة عن الأسعار الأول»، فقال الشخص: «الحتة (أى قطعة السلاح) الغربى توصل ل 60 أو 70 ألف على حسب إنت عايز خزنتها كام طلقة.. أما الصينى بقه فيوصل ل 45 أو 60 ألف على حسب برضه إنت عايزه كم طلقة، لأن المسدسات الصينية هى تقليد متقن لماركات عالمية زى (الجلوك) وغيره، لكنها غير عملية». «الصباح» التقت أيضًا مع بعض الأهالى الذين أكدوا على الغياب الأمنى الذى تشهده الخصوص هو العامل الرئيسى وراء انتشار تجارة السلاح والمخدرات، ومطالبين بشن حملات أمنية لتطهير المنطقة من تجار الممنوعات، حتى يستطيع الواحد أن يعيش فى حالة من الأمان، فالانفلات الأمنى هو السبب فى كل المشكلات التى تواجه المنطقة، حيث «الكلاشينكوف» هو سيد الموقف! فى شارع «سالم حمادة» المتفرع من شارع «أحمد بليغ» بالخصوص، التقينا أحد المواطنين الذى رفض ذكره اسمه، ولكنه أكد أن «انعزال منطقة الخصوص بعيدًا عن المناطق الأكثر أمنًا بمحافظة القليوبية هو السبب الرئيسى وراء تفاقم تجارة السلاح والمخدرات فى المدينة. ومن جانبه، أكد اللواء مجدى البسيونى- مساعد وزير الداخلية السابق والخبير الأمنى- فى تصريحات خاصة ل «الصباح»، أن النشاط الإجرامى فى مصر فى الوقت الراهن غير مسبوق فى تجارة السلاح، أصبح فى أسلوبه أشد جرما وخطورة مما سبق، فلم يقتصر على تجارة المسدسات والبنادق العادية والخرطوش والفرد الصناعة المحلية، حيث كانت التجارة فى السلاح الآلى فى الماضى لا تشكل نسبة كبيرة لصعوبة الحصول عليها، بالإضافة إلى ارتفاع أسعارها، أما الآن أصبح فى السلاح الآلى يشكل ظاهرة كبيرة، وكذلك الأسلحة المتعدة «الجرينوف» ومتعدد الطلقات و«الآر بى جى».