منذ انتشار فيروس إيبولا في غينيا، وارتفاع حصيلة الوفيات الناتجة عنه، دخل قطاع الفندقة في البلاد في غيبوبة يخشى المراقبون أن تعجّل باحتضاره، خصوصا وأنه يعدّ أحد اهم شرايين الاقتصاد الغيني. ومع اقتران صورة غينيا كمركز لظهور الوباء في دول غرب افريقيا، تراجع الاقبال على الفنادق الغينية بنسب مهولة، بلغت ال 95 %، مقارنة بالفترة ذاتها من السنة المنقضية، أي منذ فبراير/ شباط الماضي (تاريخ ظهور إيبولا في غينيا) حتى نهاية يوليو/تموز.. حتى الآن.. حصيلة من الخسائر الاقتصادية لا تقلّ ثقلا عمّا حصده الوباء من أرواح في هذا البلد (406 وفقا للصحة العالمية)، لتبدأ، بالتالي، انعكاساته بالظهور تباعا على أبرز القطاعات الاقتصادية الغينية.
المسؤولون عن القطاع الفندقي في غينيا يؤكدون أن الفنادق الأكثر حظا تسجل في هذه الفترة نسبة امتلاء لا تتجاوز ال 25 بالمئة ، وهي على أية حال نادرة.
مسؤول عن إحدى المؤسسات الفندقية خير عدم الكشف عن إسمه، أدلى بتصريح للاناضول، قدّم من خلاله عملية حسابية لتبيان حالة التدهور التي وصل إليها القطاع: “بشكل ملموس، إذا ما خسر فندق ما 10 زبائن في اليوم، يعادل ذلك خسارة تقدر ب 1100 دولار يوميا كون سعر الغرفة يقارب ال 110 دولار لليلة الواحدة، فيما تصل خسارة بعض الفنادق إلى 3000 دولار يوميا”.
هجرة الزبائن، وأغلبهم من السواح، كبدت مديري الفنادق الغينية خسائر ثقيلة ولم تعد لهؤلاء القدرة على الصمود حجم النفقات المنوطة بعهدتهم (فواتير الكهرباء والماء وأجور الموظفين).
بناء على ذلك، يجبر شح المداخيل مسؤولي الفنادق على التخلي عن بعض الموظفين والعملة كما يذكر ذلك بعميق الأسف بعض من تحدثت إليهم الأناضول.
”غوسان تييري”، مديرة فندق “لو ميال” (العسل)، أحد أكبر المركبات الفندقية الغينية في العاصمة كوناكري، تقول إن “الوضع لا يحتمل” وإنها تشعر “بالصدمة” إزاء الوضع الحالي، “لدينا 30 غرفة شاغرة على 35”، بحسب قولها.
المديرة لا تتردد في إلقاء اللائمة على الحكومة محملة إياها مسؤولية الانهيار.
”المؤسف في الأمر ان الدولة لا تفكر حتى في تخفيض الضرائب فيما نشقى لتسديد أجور العمال ونفقات المولّد الكهربائي الذي يوفر الطاقة. أخشى أني سأضطر لطرد جميع الموظفين في ظرف أسبوع”.
حنق “غوسان” يتقاسمه معها جميع مديري فنادق كوناكري.
”محمد سيلا”، مدير فندق “ميرادور ريزيدينس” بكوناكري لم يعد يدري أين سيولي بوجهه. يقول أن فندقه “دأب على أن يكون مشغولا بالكامل، ولكن منذ ظهور إيبولا، لم يعد السياح يقتربون من المكان”.
”سيلا” يضيف في حسرة: “لم نعد ندري ما يجب القيام به، حتى زبائننا المتعودون على المجيء إلى هنا يمتنعون عن ذلك الآن، لدينا 43 شغورا على 44 غرفة. وحتى الزبونة الوحيدة، وهي من جنوب إفريقيا فهي مضطرة على المكوث لغياب طائرة تقلها”.
ولم يعد “سيلا” يقدر على كتم غضبه إزاء الوضع المزري خصوصا مع تزايد النفقات : “هي معاناة حقيقية، لم يعد بإمكاننا تسديد نفقات الكهرباء فيما يتعين علينا تشغيل مولدين كهربائيين للحفاظ على النظافة وضمان تنوير الفندق، ما يكلفنا مئة من الدولارات كمعدل يومي”.
وعلى غرار السواد الأعظم من مسؤولي الفنادق في غينيا يقر “سيلا” بأنه “مجبر على منح جميع العاملين بالفندق، حتى أرباب الأسر منهم، عطلة مفتوحة” لعجزه عن تسديد أجورهم.
ردة فعل مديري الفنادق، تلك التي تنحو صوب التفكير عن التخلي عن بعض الموظفين والعمال، والمرور إلى القيام بذلك في اغلب الأحيان، لا يجب ان تعمم على الجميع.
مدير فندق “بوتي باتو” (القارب الصغير) يعتبر أنه لا سبيل إلى طرد عماله. بالنسبة إليه، على الرغم من أن “الوضع كارثي (4 غرف فقط مشغولة من أصل 67)، لا يمكننا التخلي عن عمالنا وتركهم على قارعة الطريق، هم أيضا لديهم مسؤوليات نتفهمها ونأخذها بعين الاعتبار.
ما ندر من الفنادق فقط لم تخل من النزلاء، هي غالبا تلك التي يقطنها أفراد المؤسسات الدولية المعتمدة في غينيا أو بعض رجال ونساء الأعمال الذين ظلوا بالبلاد.
”بال كامايان” ينتمي إلى قائمة هذه الفنادق المحظوظة في كوناكري كونه ما يزال يحظى بتبجيل 60 من زبائنه الأوفياء وجميع خبراء “مركز المراقبة و الوقاية من الأمراض” ومقره الرسمي أطلانطا (الولاياتالمتحدةالأمريكية) وبعض الفاعلين في مكافحة فيروس إيبولا.
إيبولا قلب الأوضاع راسا على عقب وأطبقت تداعياته على أنفاس القطاع السياحي في غينيا، فبعد أن سجلت البلاد دخول أكثر من 120 ألف سائح سنويا في العاملين الماضيين، تدل جميع المؤشرات على بعد أرقام هذا العام عن هذا المستوى.
”ستكون لذلك تبعات خطيرة على الاقتصاد الغيني”، بحسب ما أكده مصدر مقرب من وزارة السياحة الغينية للأناضول.
من جانبه، لم يقدم “لاي جونيور كوندي” مدير الديوان الوطني للسياحة في غينيا للأناضول أي حصيلة رسمية عن المداخيل السنوية لقطاعة السياحة في غينيا مبررا ذلك بأن القطاع يمر بفترة “تجديد”...دون إعطاء تفسير إضافي على ذلك، غير أن خبراء اقتصاديين قدروا إيرادات العام الماضي ببضعة عشرات الملايين من الدولارات.
ولعل الوضع لا يحتاج إلى تفسير كبير كون الوباء القاتل الذي انتشر في غينيا موديا بحياة 406 شخصا في البلاد بحسب آخر حصيلة رسمية، لم يترك خيارا للمسؤولين عن القطاع سوى حني ظهورهم للعاصفة، مشاهدتها تمر، وبعد ذلك، سيكون لكل حادث حديث...